طاقة الشمس والرياح تخذل الأميركيين في الشتاء وتعرضهم للوفاة
محمد عبد السند
- يتزايد اعتماد الولايات المتحدة على طاقة الشمس والرياح لتوليد الكهرباء النظيفة
- جهود المناخ في أميركا تعرّض حياة المواطنين للخطر
- تتسبب العواصف الشتوية التي تضرب الولايات المتحدة الأميركية في انقطاع التيار الكهربائي
- أغلقت تكساس محطات الكهرباء العاملة بالفحم حتى عند تراجع إنتاجية طاقة الشمس والرياح
- هناك مزيد من مصادر الطاقة الموثوقة القادرة على إتاحة إمدادات كهرباء مستمرة
خيّبت طاقة الشمس والرياح -التي تسابق الولايات المتحدة الأميركية الزمن لتعظيم سعتها- توقعات الكثيرين، بعد أن فشلت في إتاحة كهرباء كافية خلال موجات الطقس الشتوي المتطرف.
ولعل المفارقة الغريبة تتمثل في أن المساعي التي يبذلها صُنّاع القرار في أميركا لمكافحة التغيرات المناخية، أصبحت –ذاتها- هي العامل المهدد لأرواح ملايين الأشخاص؛ نتيجة عدم كفاية الكهرباء النظيفة اللازمة للتدفئة خلال الشتاء، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويبرُز توجّه قوي رسمي داخل أميركا للتحول إلى الطاقة المتجددة والاستعاضة بها عن الوقود الأحفوري الملوث للبيئة، في إطار خطط أوسع لتحقيق الحياد الكربوني وتعزيز أمن الطاقة في أكبر اقتصاد على ظهر الكوكب.
اندفاع "مجنون"
تتسبب العواصف الشتوية التي تضرب الولايات المتحدة -حاليًا- في انقطاع التيار الكهربائي؛ ما يجعل حياة الملايين من الأشخاص عُرضة للخطر، وفق ما نشرته صحيفة يو إس إيه توداي (USA Today) الأميركية.
لكن هذا الواقع الكئيب نتيجة غير مقصودة، وإن كانت متوقعة، للاندفاع الأميركي "المجنون" نحو أهداف الحياد الكربوني، والتي تحاول الحكومات والمرافق جاهدة تحقيقه عبر استبدال طاقة الشمس والرياح بمصادر توليد الكهرباء الموثوقة، حسب تعبير الصحيفة.
غير أن توربينات الرياح تتجمد، والألواح الشمسية غالبًا لا تلتقط أشعة الشمس الكافية خلال ظروف الطقس الشتوي.
ولذا فإنه حتى لو نجحت الولايات المتحدة في بناء المزيد من طاقة الشمس والرياح، فلن تقدر على الوثوق بها لإتاحة إمدادات كافية من الكهرباء في أسوأ الظروف المناخية.
ويأتي النقص في إمدادات الكهرباء النظيفة المولدة بطاقة الشمس والرياح في ظرف بالغ الحساسية، يتعطش خلاله المواطنون للحصول على التدفئة في منازلهم.
ومع ذلك، ستصبح تلك الأزمة أكثر شيوعًا وأشد إيلامًا مع تناقص إنتاج سعة طاقة الشمس والرياح في أميركا بفعل الشتاء القارس.
البرد والسحب
ضربت عواصف ثلجية شديدة أجزاء كبيرة من الولايات المتحدة الأميركية وكندا خلال الأسابيع الأخيرة، نتج عنها انقطاعات متكررة بالتيار الكهربائي في المناطق الممتدة من الساحل الشرقي إلى الغرب الأوسط العلوي وما وراءه.
ونجم انقطاع الكهرباء في تلك المناطق عن انهيار خطوط توزيع الكهرباء، غير أنه في مناطق أخرى، قاد الهبوط الحاد في درجات الحرارة وتكاثف السحب إلى توقّف توليد الكهرباء تمامًا من طاقة الشمس والرياح؛ ما يجعل من الصعب مواصلة تزويد المنازل بالكهرباء والتدفئة.
وفي ولاية تكساس، جددت السلطات المحلية دعوتها للسكان المحليين بترشيد استهلاك الكهرباء خلال العواصف الأخيرة منعًا لانقطاع الكهرباء، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُعدّ هذا اعترافًا ضمنيًا بأن الشبكة الرئيسة في الولاية التي تعتمد –جزئيَا- على طاقة الشمس والرياح، عاجزة عن مواكبة الطلب المتنامي على الكهرباء عند انخفاض درجات الحرارة؛ ما يظهر بوضوح في هبوط إمدادات الكهرباء المولدة من هذين المصدرين النظيفين إلى ما دون مستوياتها الطبيعية بكثير.
وفي معرض اندفاعها لتقليص الانبعاثات الكربونية، أغلقت تكساس محطات الكهرباء العاملة بالفحم، حتى عند تراجع إنتاجية طاقة الشمس والرياح.
سيناريو 2021 القاتل
حدثت العواصف الثلجية الكارثية آخر مرة خلال عام 2021، حينما لقي 210 من سكان تكساس حتفهم خلال انقطاع الكهرباء الناجم عن العواصف الشتوية.
لكن لحسن الحظ، لم يشهد العام الحالي (2024) حالات وفيات نتيجة الطقس المتطرف في الولاية؛ نظرًا لعدم شدة تلك الأعاصير مقارنة بسابقتها في عام 2021.
ومع ذلك؛ فإنه نظرًا لأن تكساس تبني مزيدًا من محطات الشمس والرياح في العامين الماضيين، فإن الخطر المهدد لحياة الأشخاص سيبقى ماثلًا نتيجة انقطاع الكهرباء.
السيناريو يتكرر في هاواي
تعلم السلطات في ولاية هاواي يقينًا أن طاقة الشمس والرياح لا يمكنها إتاحة إمدادات كافية من الكهرباء اللازمة لتشغيل المنازل؛ إذ تسببت الأمطار الشتوية مؤخرًا في تعطيل مولدين اثنين للكهرباء، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
كما يعني تكاثر السحب الكثيفة والرياح الخفيفة عدم القدرة على توليد كهرباء كافية لتعويض الفارق؛ ما دفع شركة هاوايان إلكتريك (Hawaiian Electric) إلى إصدار أوامرها بقطع الكهرباء بشكل متواصل.
ومن شبه المؤكد أن غلق محطة الفحم في جزيرة أواهو في عام 2022 قد أسهم كثيرًا في أزمة الكهرباء في هاواي التي تواصل المضي قدمًا نحو تحقيق هدفها المتمثل في الوصول إلى توليد الكهرباء المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2045.
أهداف عدائية
ينبغي أن يكون انقطاع الكهرباء في الشتاء رسالة تحذيرية لصُنّاع السياسات الذين يعرّضون حياة مواطنيهم للخطر عبر مواصلتهم تنفيذ خططهم العدائية الرامية لتعزيز سعة الطاقة المتجددة في الولايات الأميركية.
فعلى سبيل المثال، سنّت حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر قانونًا لتوليد الكهرباء النظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2040، وهو ما يتطلب بناء عشرات الآلاف من توربينات الرياح غير الموثوقة لإنجاز هذا الهدف، مع غلق أكثر محطات الطاقة موثوقية في الولاية.
ومن المرجح أن يُترجم هذا إلى كوارث خلال العواصف الشتوية، بل وحتى خلال موجات الطقس الحار.
وتبرز شرائح عمرية معينة، لا سيما المسنّين والمرضى، عُرضة للخطر عند انقطاع التيار الكهربائي لفترات مطوّلة؛ بسبب حاجة هؤلاء إلى التدفئة المستمرة.
وعلى خطى ميشيغان، تسير واشنطن دي سي وبورتريكو إلى جانب 23 ولاية أخرى حددت مستهدفًا لتوليد الكهرباء بنسبة 100% من المصادر المتجددة، وهو ما يطالب به الرئيس بايدن في كل الفعاليات ذات الصلة.
موضوعات متعلقة..
- توليد الكهرباء في أميركا يترقب زيادة قوية بفضل الطاقة الشمسية
- توليد الكهرباء بطاقة الرياح يسجل أعلى مستوياته في أميركا (تقرير)
- انخفاض توليد الكهرباء بالفحم في أميركا يهدد إنتاج المناجم (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي المُهرَّب.. كيف أوصلته تركيا إلى أوروبا واستفادت منه أميركا؟
- أكبر حقل نفط في قطر ينتعش بـ6 مليارات دولار
- مصر تترقب نجاح اكتشاف غاز باحتياطيات 10 تريليونات قدم مكعبة