محطات الغاز المسال الأميركية الجديدة تصطدم بمخاطر أوروبية (تحليل)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عزالدين
- التوسع في بناء قدرات التصدير الأميركية يحمل مخاطر عالية.
- الطلب الأوروبي على الغاز قد ينخفض أدنى من 400 مليار متر مكعب.
- حلول تسريع الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة قد تنقذ أوروبا.
- قدرات التصدير الأميركية قد تزيد بنسبة 76% على الطلب الأوروبي.
- سياسة تنويع واردات الغاز المسال في أوروبا تُشكِّل خطرًا إضافيًا على أميركا.
تزايد عدد محطات الغاز المسال الأميركية المقترحة للإنشاء خلال السنوات المقبلة، بصورة واسعة قد تمكن الولايات المتحدة من الاحتفاظ بالمركز الأول بصفتها أكبر مصدر لهذا الوقود عالميًا حتى نهاية العقد على الأقل.
ورغم ما تعنيه زيادة قدرة تصدير الغاز المسال في الولايات المتحدة من مؤشرات إيجابية ومنافع اقتصادية؛ فإن التوسع المفرط في بناء القدرات قد يُواجه بمخاطر ضعف الطلب الأوروبي على الغاز في المديين المتوسط والطويل واتجاه القارة إلى تنويع الإمدادات، بحسب تحليل حديث حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه.
وتعتمد أغلب محطات الغاز المسال الأميركية الجديدة على التصدير لأوروبا المتعطشة للغاز منذ الحرب الأوكرانية لسد فجوة الإمدادات الروسية التي انخفضت بصورة حادة بعد غزو أوكرانيا.
وأسهم الانخفاض الحاد للغاز الروسي إلى أوروبا خلال العام الأول من الحرب إلى زيادة طلبها على الغاز المسال الأميركي بصورة واسعة إلى حد استحواذها على 64% من إجمالي الصادرات الأميركية في عام 2022، واستمر الأمر في 2023.
محطات الغاز المسال الأميركية المقترحة
تواصل الولايات المتحدة بناء المزيد من محطات الغاز المسال بغرض التصدير استنادًا إلى حسابات مستقبلية تتعلق بتلبية متطلبات أمن الطاقة الأوروبي الذي لن يعود للغاز الروسي بسهولة حتى لو انتهت الحرب.
وتمتلك أميركا حاليًا 7 محطات عاملة في تسييل الغاز الطبيعي وتصديره للخارج، إضافة إلى 5 مشروعات قيد الإنشاء، وأكثر من 15 محطة مراحل التخطيط والدراسة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وحذر التقرير التحليلي الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، من الاستناد إلى حجة أمن الطاقة الأوروبي في بناء مزيد من محطات الغاز المسال الأميركية دون حساب لمخاطر انخفاض الطلب الأوروبي وحدوث تخمة في المعروض تخفض الأسعار وتعصف باقتصادات المشروعات.
وانخفض الطلب الأوروبي على الغاز بالفعل عام 2023، ليسجل مستويات أقل من التوقعات، وسط تقديرات بانخفاضه بصورة أكبر من ذلك بحلول عام 2030، بسبب زيادة نشر مصادر الطاقة المتجددة وبرامج كفاءة الطاقة وترشيد الاستهلاك.
ويشير تحليل قدرات محطات الغاز المسال الأميركية -تحت الإنشاء- إلى أن قدرة التصدير الأميركية قد تتجاوز الطلب الأوروبي المتوقع بنسبة 76% بحلول عام 2030.
وتخطط الولايات المتحدة لتشغيل 5 مشروعات أو توسعات لتصدير الغاز المسال -قيد الإنشاء حاليًا- بقدرة إجمالية تصل إلى 9.7 مليار قدم مكعبة يوميًا، خلال السنوات الـ3 المقبلة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تغيرات الطلب الأوروبي على الغاز
زاد إدراك قادة أوروبا أهمية تسريع نشر مصادر الطاقة المتجددة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وصدمة انقطاع إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب والتي كانت تمثل 41% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي قبل الحرب (2021).
ولم تمر أشهر على الحرب، حتى أطلقت المفوضية الأوروبية (مايو/أيار 2022) خطة الطاقة المتجددة المعروفة باسم " REPowerEU"، لمساعدة دول الاتحاد على تنويع إمدادات الطاقة.
وأدى تنفيذ خطة الطاقة المتجددة وبرامج كفاءة الطاقة وترشيد الطلب إلى انخفاض الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي بصورة كبيرة خلال عامي 2022 و2023.
وانخفض الطلب الأوروبي على الغاز إلى 488 مليار متر مكعب في عام 2022، ثم إلى 443 مليار متر مكعب عام 2023، مقارنة بنحو 559 مليار متر مكعب في عام 2021، بحسب بيانات معهد اقتصادات الطاقة.
وتشمل هذه البيانات، الطلب في دول الاتحاد الأوروبي الـ27، إضافة إلى تركيا والمملكة المتحدة والنرويج، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويتوقّع معهد اقتصادات الطاقة أن ينخفض الطلب الأوروبي على الغاز في عام 2030 إلى أدنى من 400 مليار متر مكعب، إذا استمر نجاح سياسات وبرامج الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة؛ ما قد يعرّض محطات الغاز المسال الأميركية المعتمدة على التصدير لأوروبا لمخاطر مستقبلية.
يوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا تاريخيًا:
مخاطر تنويع الواردات الأوروبية
رغم زيادة اعتماد أوروبا على واردات الغاز المسال الأميركية؛ فإنها ما زالت تستورد كميات أخرى من دول عديدة من باب المنافسات السعرية وتنويع الإمدادات.
واستوردت أوروبا الغاز المسال في عام 2023، من 10 دول أخرى غير الولايات المتحدة، وهي قطر وروسيا والجزائر ونيجيريا ومصر وترينيداد وتوباغو والنرويج وأنغولا وبيرو وإسبانيا، إلى جانب صادرات أقل من دول أخرى، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وزادت واردات أوروبا من الغاز المسال خلال العامين الماضيين مقارنة بعام 2021، إلا أنها كانت في 2023 أقل من التوقعات؛ حيث استقرت عند 167 مليار متر مكعب دون تغير عن عام 2022، في حين استوردت في عام 2021 نحو 105 مليارات متر مكعب، بحسب بيانات شركة كبلر المتخصصة في تتبع ناقلات النفط والغاز عالميًا.
ويشير اعتماد أوروبا على تنويع واردات الغاز المسال إلى احتمالات قد تعرض محطات الغاز المسال الأميركية الجديدة لمخاطر مستقبلية محتملة بسبب كثرة المتنافسين على التوريد لأوروبا.
وتعد الولايات المتحدة -حاليًا- أكبر مورد للغاز المسال إلى أوروبا؛ إذ زادت حصتها في التوريد من 28% في 2021 إلى 43% في 2022، ثم إلى 46% في عام 2023.
قدرات التصدير الأميركية 2030
ارتفعت أحجام صادرات الغاز المسال الأميركية إلى أوروبا بنسبة 7% في عام 2023، مقارنة بعام 2022، وبافتراض معدل الارتفاع نفسه خلال السنوات التالية؛ فقد تصل الصادرات الأميركية إلى أوروبا لنحو 123 مليار متر مكعب في عام 2030، مع تدبير باقي الاحتياجات من الدول الأخرى في إطار سياسة تنويع الإمدادات.
ومع الأخذ في الحسبان محطات الغاز المسال الأميركية الجديدة تحت الإنشاء حاليًا؛ فيمكن للقدرة التصديرية للولايات المتحدة أن تصل إلى 173 مليون طن سنويًا (238 مليار متر مكعب) من الغاز المسال.
ويزيد هذا الرقم بنسبة 76% عن الطلب الأوروبي المتوقع على الغاز المسال، الذي يقدر بنحو 98 مليون طن سنويًا (135 مليار متر مكعب) بحلول عام 2030، بحسب تقديرات معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
وفي حالة بناء جميع محطات الغاز المسال الأميركية المقترحة؛ فمن المتوقع ارتفاع القدرة التصديرية للولايات المتحدة إلى 337 مليون طن سنويًا، أو ما يعادل 465 مليار متر مكعب بحلول عام 2030.
وفي هذه الحالة، ستتجاوز قدرة التصدير الأميركية للغاز المسال إجمالي الطلب الأوروبي على الغاز عمومًا (الطبيعي والمسال)، والبالغ 284 مليون طن أو 392 مليار متر مكعب، بحسب التحليل.
موضوعات متعلقة..
- محطات الغاز المسال الأميركية تستقبل شحنات قياسية
- محطات الغاز المسال الأميركية تصطدم بقيود سياسة التجارة الحرة (تقرير)
- صادرات الغاز المسال الأميركية قد ترتفع 22% بحلول 2025 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أكثر الدول المنتجة للنفط في العالم العربي خلال 2023 (تقرير)
- واردات إيطاليا من الغاز المسال في خطر رغم شحنات 3 دول عربية
- إيرادات صادرات الطاقة الروسية تواصل الانخفاض.. و8 دول عربية ضمن المستوردين
- وكالة الطاقة الدولية: مصادر الهيدروجين الأخضر ستظل باهظة الثمن.. وتفاؤل ألمانيا في غير محله