تمويل الفحم في آسيا يعرض بنوك الهند وإندونيسيا لانتقادات مناخية (تقرير)
15 من 30 بنكًَا آسيويًا تموّل مشروعات الفحم
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- 15 بنكًا في آسيا لا تستبعد تمويل الفحم أو لديهم قيود ضعيفة
- أكبر المصارف في الهند وإندونيسيا ما زالت تموّل الفحم بطرق مختلفة
- معظم البنوك يتجنّب تمويل مشروعات بعينها، ويلجأ لإقراض الشركات
- ثلث قروض بنك الدولة الهندي يذهب للقطاعات كثيفة الكربون
- تمويل محطات الفحم خارج الشبكة ثغرة في التزامات الحكومة المناخية
يتعرض تمويل الفحم في آسيا لانتقادات واسعة من قبل نشطاء المناخ والمنظمات البيئية المناهضة لاستعمال الوقود الأسود في توليد الكهرباء عالميًا.
وأظهر تقرير تحليلي حديث -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- أن عددًا من البنوك الآسيوية الكبرى ما زال مستمرًا في تمويل مشروعات محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وجاءت أكبر بنوك الهند وإندونيسيا على رأس قائمة المصارف المتهمة بزيادة تمويل الفحم في آسيا، ما يتناقض مع خطط وتعهدات كبرى الاقتصادات الآسيوية بالتحول عن الوقود الأحفوري.
السياسة التمويلية في 30 بنكًا آسيويًا
تتبَّع التقرير الصادر عن منظمة بنك تراك البيئية، ومقرّها هولندا (banktrack)، تمويل الفحم في آسيا عبر تحليل السياسة التمويلية لـ30 بنكًا آسيويًا تصل قيمة أصولها المجمعة أكثر من 8 تريليونات دولار.
وتقع هذه البنوك في الهند وإندونيسيا واليابان وماليزيا والفلبين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند، وأغلبها يمارس تمويل الفحم في آسيا بدرجات وصور متفاوتة، حسب التقرير.
وتمّ تقييم البنوك المشار إليها عبر مجموعة معايير تشمل تحليل سياسات التمويل بشأن مشروعات الفحم وخطط توسّع الشركات، ومدى تطبيق المصارف للمعايير البيئية بشأن تعدين الفحم ومحطات الكهرباء العاملة بالفحم.
كما يشمل تحليل إستراتيجيات المصارف المستقبلية بشأن تحول الطاقة، وما إذا كانت تتبنّى التخلص التدريجي من تمويل الفحم في آسيا، واستبعاد الفحم المعدني ضمن أهدافها أم لا، بحسب منهجية التحليل التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
نصف البنوك لا تستبعد تمويل الفحم
أظهر نتائج التقرير أن نصف البنوك الآسيوية محل الدراسة ليس لديه قيود على تمويل الفحم في آسيا، بينما يتبنّى النصف الآخر قيودًا ضعيفة يمكن الالتفاف حولها.
وشملت قائمة البنوك التي ليس لديها قيود على تمويل مشروعات الفحم في آسيا، 3 بنوك في كل دولة من اليابان وإندونيسيا والهند، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وشملت المصارف الآسيوية التي لديها قيود ضعيفة على تمويل الفحم في آسيا أكبر 3 بنوك في سنغافورة، بحسب تقرير بنك تراك.
ويشير هذا التحليل إلى أن سياسة البنوك الآسيوية ما زالت تترك الباب مفتوحًا لمواصلة الاستثمار في مشروعات الفحم الموصوم بكونه أكثر مصادر الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة والمناخ.
وليست البنوك الآسيوية وحدها من يموّل مشروعات الفحم الجديدة في العالم، إذ ما تزال المصارف الأميركية والأوروبية تستثمر في الفحم عبر طرق تمويل غامضة أو غير خاضعة للرقابة نسبيًا، ومن أبرزها: باركليز، وسيتي، وستاندرد تشارترد، ودويتشه بنك.
تمويل الفحم في الهند
يبتعد أغلب المصارف الآسيوية عن تمويل مشروعات محددة، وبدلًا من ذلك تقوم بتيسير القروض والتسهيلات الائتمانية أو الاكتتاب في الشركات التي تقف وراء المشروعات.
ويؤدي الممولون المحليون والإقليميون وشركات الأسهم الخاصة غير المدرجة في الأسواق المالية دورًا متزايدًا بتمويل الفحم في آسيا، بحسب التقرير.
فعلى سبيل المثال، تمثّل قروض المؤسسات المالية الوطنية أكثر من 93% من القروض الحاصلة على الموافقة أو التفويض لمنحها إلى مشروعات محطات الكهرباء العاملة بالفحم في الهند.
وما تزال البنوك المملوكة للحكومة، بما في ذلك بنك الدولة الهندي (State Bank of India)، المقرض الرئيس لمحطات الكهرباء الخاصة العاملة بالفحم.
وتتراوح قروض بنك الدولة الهندي للقطاعات كثيفة الكربون، بما في ذلك الفحم من 25% إلى 35% من إجمالي التمويلات التي يمنحها سنويًا، بحسب تقديرات وكالة موديز للتصنيف الائتماني.
وتشير دراسة استقصائية، أجراها بنك الاحتياطي الهندي أو البنك المركزي (Reserve Bank of India)، إلى أن غالبية البنوك الهندية لم تربط إفصاحاتها المالية المتصلة بالمناخ بأيّ إطار مقبول دوليًا.
تمويل الفحم في إندونيسيا
تمتد الظاهرة نفسها إلى إندونيسيا، حيث تستمر أكبر المصارف في البلاد في تمويل مشروعات الفحم عبر 3 طرق، الأولى تختص بتمويل محطات الفحم الأسيرة، أي محطات خارج الشبكة.
كما تقوم بتمويل الأنشطة الصناعية المرتبطة باستعمال الفحم في عمليات صهر المعادن، مع تجنّب تمويل مشروعات بعينها، واللجوء إلى إقراض الشركات المسؤولة عن المشروعات أو الاكتتاب في أسهمها، بحسب التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وزادت سعة محطات الكهرباء الأسيرة العاملة بالفحم في إندونيسيا 8 مرات خلال العقد الماضي، لتقفز من 1.4 غيغاواط عام 2013، إلى 10.8 غيغاواط في عام 2023.
وتركّز الحكومة الإندونيسية إستراتيجيتها في التخلص التدريجي من الفحم على المشروعات داخل الشبكة، ما يشير إلى ثغرة تضرب التزاماتها المناخية، وتمثّل بابًا خلفيًا لاستهلاك الفحم بصورة واسعة في البلاد، بالنظر إلى حجم هذه المحطات من إجمالي محطات التوليد.
وتمثّل محطات الفحم الأسيرة، أو خارج الشبكة، 25% من إجمالي السعة التشغيلية في إندونيسيا، كما تستحوذ على 50% من إضافات السعة الجديدة المقترحة حتى يوليو/تموز 2023، حسب مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور.
انخفاض تمويل الفحم خارج الصين
انخفض تمويل الفحم خارج الصين إلى 544 مليون دولار فقط خلال عام 2022، وهو أدنى مستوى في 12 عامًا، بحسب تقرير صادر عن موقع كربون برايف المتخصص (carbon brief).
وخلص التقرير- الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن كل دولار واحد ذهب لمشروع فحم جديد وصل إلى الإغلاق المالي خارج الصين في عام 2022، قابله توقُّف 14 دولارًا أخرى كانت مخصصة لإقراض مشروعات مقترحة سابقًا.
وبلغ تمويل الفحم لأغراض توليد الكهرباء ذروته، إلى 38 مليار دولار في عام 2017، أي ما يزيد 70 مرة عن حجم تمويلاته في عام 2022، الذي يروَّج عنه أنه عام عودة الفحم.
يوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور تمويل محطات التوليد بالفحم في العالم خلال 14 عامًا، باستثناء الصين:
وما زالت المؤسسات المالية الرئيسة (العامة والخاصة) تحتفظ بتمويلات مخصصة لبناء محطات توليد جديدة عاملة بالفحم بقيمة 17.8 مليار دولار، وأغلبها مخصص من قبل مصارف ومؤسسات مالية في الصين.
وحصلت مشروعات مقترحة بسعة 56.7 غيغاواط في فيتنام على موافقات تمويلية بقيمة 6.4 مليار دولار ستُضخ خلال السنوات المقبلة، بينما حصلت مشروعات أخرى في الهند على تمويلات بقيمة 4.2 مليار دولار.
كما حصلت مشروعات أخرى لبناء محطات توليد بالفحم في كمبوديا على موافقة البنوك لتمويلها بقيمة 1.3 مليار دولار، وكذلك الحال في بنغلاديش التي حصلت مشروعاتها المقترحة على تمويلات بقيمة مليار دولار، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- ما هو الفحم؟.. 10 محاور تسرد قصة حياة الوقود المنبوذ بيئيًا (تقرير)
- مناهضو الفحم في أستراليا يحاصرون أكبر ميناء لتصديره.. والحكومة تعتقلهم
- نشطاء المناخ ينتقدون أكبر بنك ألماني في تشديد تمويل الفحم دون النفط والغاز
اقرأ أيضًا..
- مضيق باب المندب.. لماذا يتصارعون حوله وما أهميته لتجارة النفط والغاز؟ (تقرير)
- احتياطيات النفط والغاز الصخري في ليبيا.. ما حجمها وأين توجد؟ (خريطة)
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي ترتفع 239 مليون متر مكعب (رسم بياني)
- خلافات جديدة في محادثات تغير المناخ.. وتقرير يكشف موقف السعودية