نفطتقارير النفطرئيسية

صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي يشتعل بإعلان أميركي

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • أمريكا توسّع حدودها في الجرف القاري بالقطب الشمالي
  • الاحتباس الحراري يمهّد الطريق أمام استغلال إمكانات القطب الشمالي
  • تسرّع أميركا وتيرة جهودها لتأمين إمداداتها من المعادن الضرورية
  • يمتد أكثر من نصف الجرف القاري الأميركي - 520400 كيلومتر مربع - شمال ألاسكا باتجاه المحيط المتجمد الشمالي
  • الولايات المتحدة ستحتاج إلى ترسيم حدود بحرية في المستقبل مع كندا وجزر البهاما واليابان

أطلقت أميركا -على ما يبدو- إشارة بدء صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي، بعد أن أعلنت توسيع حدودها في تلك المنطقة الإستراتيجية التي تتجه إليها أنظار القوى الكبرى، لاقتناص ثرواتها التي تُقدَّر بترليونات الدولارات.

وأسهمت التغيرات المناخية بزيادة شهية القوى الكبرى في المنطقة بعد ذوبان الجليد؛ فخلال العقود الـ4 الماضية، تناقصت مساحة وحجم الجليد في القطب الشمالي بنسبة 35 %، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويتوقع العلماء بأن يصبح القطب الشمالي خاليًا من الجليد قبل أواسط القرن الحالي (2050) بقليل، إذ بدأت مساحات واسعة من المياه تتكشف، وبدأ معها إمكان التنقيب والملاحة عبر تلك الممرات.

وبينما يُعدّ تطورًا خطيرًا في صراع الثروات المعدنية بالقطب الشمالي، وسّعت أميركا سيطرتها على قاع المحيط بواقع مساحة تماثل ضعف مساحة ولاية كاليفورنيا؛ ما يؤمّن حقوقها في قاع البحار الذي من المحتمل أن يكون غنيًا بالموارد الطبيعية، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ.

ويأتي صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي في وقت تسرّع فيه واشنطن مساعيها الرامية لحماية إمدادات المعادن الضرورية للتقنيات النظيفة المستقبلية.

الجرف القاري الموسع

يغطي ما يُطلق عليه الجرف القاري الموسّع قرابة مليون كيلومتر مربع، يقع معظمها في القطب الشمالي وبحر بيرينغ، بمنطقة تحظى بأهمية إستراتيجية، تزعم كند وروسيا بأحقّيتهما في أماكن عليها.

وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية حدود الجرف القاري في القطب الشمالي والمحيط والهادي وخليج المكسيك، ويرسم إعلان واشنطن -الذي طال انتظاره والصادر هذا الأسبوع- الحدود الخارجية للجرف القاري الأميركي، ممثّلة في الأراضي البحرية التابعة للولايات المتحدة تحت سطح البحر.

وبموجب القانون الدولي، تمتلك الدول حقوقًا اقتصادية في الموارد الطبيعية على-وأسفل- قاع البحر على أساس حدود الجرف القاري لكل منها، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

المحيط القطبي
المحيط القطبي -الصورة من thoughtco

صفقة ضخمة

قالت مديرة المعهد القطبي في مركز ويلسون بواشنطن ريبيكا بينكوس: "إنها صفقة ضخمة، نظرًا لكونها مساحة شاسعة من الأراضي".

وتابعت: "إنها تتعلق بالسيادة الأميركية على قاع البحر، وإذا كانت هناك أنشطة تعدين، أو عقود تأجير النفط والغاز، أو خطوط كهرباء، ومن ثم تعلن أميركا حدودها الخاصة في الجرف القاري الموسّع، وستفرض سيادتها على تلك الحدود".

غير أن وزارة الخارجية الأميركية أعلنت أن التطور الأخير "يتعلق بالجغرافيا، وليس له علاقة بالموارد،" مشيرة إلى أن الولايات المتحدة، مثل الدول كافة، لديها اهتمام كبير بمعرفة نطاق حدودها في الجرف القاري الموسّع، حتى يتسنى لها ممارسة حقوقها السيادية عيها، وفق ما ورد في بيان وزارة الخارجية.

وأشار البيان إلى الحاجة لرسم مزيد من الخرائط، وتنفيذ المزيد من الأنشطة الاستكشافية لفهم النظم الإيكولوجية، والتنوع الحيوي والموائل والموارد في تلك المناطق.

وبينما لا تتضح نوعية المعادن التي يمكن استغلالها، يأتي الإعلان الأميركي بمثابة إطلاق شرارة أولى بصراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي، في حين تسعى واشنطن لتعزيز وصولها إلى المعادن الحيوية في المنطقة.

وتبرز أهمية تلك المعادن الحيوية في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية ومشروعات الطاقة المتجددة، وهي الصناعات التي طالما تصفها إدارة جو بايدن بالضرورية للأمن القومي الأميركي.

في غضون ذلك، هناك مطالبات متزايدة بضرورة حماية البيئة الهشة في القطب الشمالي، التي تبرز المنطقة الأسرع احترارًا على كوكب الأرض، بينما فتحت التغيرات المناخية المنطقة على مصراعيها أمام التطويرات المحتملة.

موارد ضخمة

لعل ما يغذّي صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي هو احتواء الجرف القاري الأميركي على 50 نوعًا من المعادن الصلبة، من بينها الليثيوم و التيلوريوم، و16 من المعادن الأرضية النادرة، وفق ما أعلنه أستاذ القانون البحري في كلية الحرب البحرية الأميركية جيمس كراسكا، بمقالة كتبها مؤخرًا.

وأوضح أن الإعلان الأميركي الأخير "يسلّط الضوء على المصالح الإستراتيجية الأميركية بتأمين تلك المعادن الصلبة في قاع البحر وباطن الأرض، والتي تقع أحيانًا- على بُعد أميال من الشاطئ"، في تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ووفق تقييم أجرته هيئة المسح الجيولوجي الأميركي في عام 2008، تحوي الدائرة القطبية الشمالية قرابة 90 مليار برميل من النفط غير المكتشف، و1.670 تريليون قدم مكعبة من الغاز، إلى جانب المعادن الحيوية، مثل النيكل والماس والزنك والمعادن النادرة اللازمة لتحول الطاقة.

سفينة كندية تبحر في مياه القطب الشمالي
سفينة كندية تبحر في مياه القطب الشمالي -الصورة من cntraveler

قانون البحار

تنظّم اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي لم تصدّق عليها الولايات المتحدة حتى الآن، المناطق البحرية حول البلدان.

وتجيز الاتفاقية للدول الحصول على أيّ موارد في البحر أو قاعه داخل ما يسمى بمناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي يمكن أن تمتد حتى 200 ميل بحري قبالة الساحل.

بل يمكن حتى لتلك الدول المطالبة بحقوق اقتصادية في الموارد الموجودة في قاع البحر أو تحته، حيث يمتد جرفها القاري، وإن لم يكن داخل عمود الماء.

روسيا والدنمارك وكندا

انتظرت روسيا والدنمارك وكندا سنوات كي تُراجع مطالباتها المتداخلة في قاع البحر القطبي الشمالي من قبل لجنة حدود الجرف القاري، وهي مجموعة تدعمها الأمم المتحدة، وكانت روسيا أول من حصل على حكم في وقت سابق من هذا العام (2023).

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة ستحتاج إلى ترسيم حدود بحرية في المستقبل مع كندا وجزر البهاما واليابان، حيث تتداخل مطالباتها في هذا الخصوص.

وأضافت أن الولايات المتحدة تستعمل القواعد نفسها لتحديد جرفها القاري الممتد كما هو الحال في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي قالت، إن إدارة بايدن تدعم الانضمام إليها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق