مسؤول: برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر يواجه تحديات التمويل.. وهذا موقف "سولار 1000" (حوار)
الجزائر:عماد الدين شريف
يُنظر إلى برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر على أنه أحد المشروعات العملاقة التي قد تمكّن البلاد من تنفيذ رؤيتها الهادفة إلى خفض الانبعاثات والتوسع في مبيعات الغاز وأداء دور حيوي في سوق الهيدروجين المستقبلي.
وكشف المدير العام لمجمع الطاقات الخضراء الجزائر، يايسي بوخالفة، في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة أبرز التحديات التي تواجه برنامج الجزائر للتحوّل الطاقي بحلول آفاق 2035.
وأوضح المسؤول الجزائري أبزر الشروط الواجب توفرها في مجال الاستثمار والتمويل، وعرض موقف أهم مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر، المتمثلين في مشروع سونلغاز إنتاج 2000 ميغاواط، و"سولار 1000".
وإلى نص الحوار:
بداية، هل لك أن تعطينا فكرة عن مجمع الطاقات الخضراء الجزائر ودوره؟
يعدّ مجمع الطاقات الخضراء الجزائر تكتلًا يضم كل المؤسسات الناشطة بمجال الطاقة المتجددة في الجزائر، وأنشئ عام 2017 تزامنًا مع إطلاق وزارة الطاقة مشروع 4050 ميغاواط، الذي لم يمنح الأهمية للشركات المحلية، الأمر الذي عَدَّته الأخيرة نوعًا من الإقصاء.
وكان من الضروري التوجّه إلى خلق هذا النوع من التكتل الذي انطلق بـ 12 عضوًا لتنظيم النشاط وتوصيل صوت الشركات المتخصصة للسلطات العمومية المعنية، خاصة الوزارات الوصية على غرار وزارة الطاقة والمناجم، ووزارة البيئة والطاقات المتجددة، والتحوّل إلى "قوة اقتراح" ترافق جهات إصدار القرار في رسم البرامج والمخططات الوطنية، والدفاع عن مصالح المؤسسات والاقتصاد الوطني.
ويضم التكتل حاليًا 44 عضوًا دون أدنى تفريق بين القطاعين العام والخاص، بل حتى الشركات الأجنبية الناشطة في الجزائر، كما لا يقتصر المجمع على الشركات فحسب، إذ إنّ 7 أعضاء يمثّلون قطاع البحث العلمي من الجامعات ومراكز البحث، تضمن وجود تكامل بين أعضاء التجمع بين من يقوم بدور التكوين وشركات أخرى ناشطة في مجال التركيب والإنتاج وغيرها.
أعلنت الجزائر خطة طموحة لإنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2035، ما هي التحديات وشروط تنفيذه؟
لا بد من الإشارة أولًا إلى أنّ أحد أهداف برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر تقليص استعمال الغاز الطبيعي بصفته مصدرًا أساسًا لإنتاج الكهرباء، ومن ثم توفير كميات كبيرة من الغاز بغرض توجيهه إلى التصدير.
بناءً على هذا، أصبح الاستثمار في الطاقة المتجددة في الجزائر حتمية وليس خيارًا، إلّا أنّ أحد أهم الشروط الواجب توفرها لإنجاح البرنامج، وضع الأسس والأرضية لإطلاق صناعة محلية ترافق المشروعات، وتوفر التجهيزات الخاصة به.
لذا أرى أن برنامج 15 ألف ميغاواط يستدعي الاستثمار في كل سلسلة القيم، وإنشاء ما يشبه نسيجًا وطنيًا يتفاعل من خلاله كل الأطراف.
هل هذا الأمر يعني منح الأولوية للشركات المحلية؟
بالطبع.. لأنّ هذا البرنامج الطموح لا يقتصر على إنتاج 15 ألف ميغاواط من الكهرباء فقط، بل نقل التكنولوجيا والتحكم فيها، وكذلك توفير فرص عمل خلال 25 سنة على الأقلّ، وعلى هذا الأساس، فإنّ تركيب المحطة هذه المرحلة الأخيرة في المشروع، ما يفرض توفير التجهيزات كالألواح الشمسية محليًا، بالإضافة إلى الخلايا الشمسية التي تعدّ المكون الأساس للألواح.
ماذا عن قضية تمويل برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر؟
تلقّينا الضمانات من الجهات المسؤولة لتمويلات المخصصة للمشروعات الأولية، لا سيما 2000 ميغاواط وكذلك 1000 ميغاواط، إلّا أنه أضحى من الضروري إيجاد مصادر جديدة لتمويل برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر، وبدائل عن النفقات التي تخصصها الخزينة العمومية سنويًا لهذا النوع من المشروعات، خاصة أنّها ترتبط بالإيرادات الوطنية المتعلقة بتقلبات أسعار النفط.
ومن هذا المنطلق، فإنّ تقليص التأثير يمرّ عبر فتح المجال للمؤسسات والمصارف والمستثمرين للقيام بأدوار التمويل، بما في ذلك المتعاملين الخواص والعموميين، ما يضمن استدامة لتنفيذ مشروع الطاقة المتجددة في الجزائر على أرض الواقع.
نشهد حاليًا تحركات جادة لبدء تنفيذ مشروع 2000 ميغاواط، كيف سيشكّل دعمًا للاقتصاد الوطني؟
كما أشرنا، فإنّ برنامج الطاقة المتجددة في الجزائر، خاصة الشمسية منه، يهدف إلى تقليص استعمال الغاز الطبيعي مثل مصر، لإنتاج الكهرباء، أمّا بالنسبة لهذا المشروع، فإنّه من المقرر توفير 600 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا مقابل إنتاج كل 1000 ميغاواط، ومن ثم فإنّ تنفيذ المشروع ودخول حيز التشغيل يحقق مكاسب من الغاز الطبيعي تُقدَّر بـ1.2 مليار متر مكعب، الموجّه لإنتاج الكهرباء.
إلاّ أنّ هذا الأمر سيكون تدريجيًا، حتى إتمام تنفيذ الحجم الإجمالي لإنتاج 2000 ميغاواط بحلول النصف الثاني من عام 2025، يضاف إلى هذا المشروع الآخر لإنتاج 1000 ميغاواط إضافية من الطاقات الشمسية الذي يُعرف باسم "سولار 1000"، والذي سيسهم هو الآخر في استعمال الغاز بصفته موردًا لإنتاج الكهرباء، إذ سينظّم عمليات فتح الأظرف خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، إيذانًا بدخول المراحل المقبلة.
رافَقَ انتقال مسؤولية تنفيذ مشروع "سولار 1000" من شركة "شمس" إلى سونلغاز مؤخرًا تأويلات كثيرة، ما هي قراءتكم للموضوع؟
أنشئت شركة "شمس" بالشراكة بين كل من مجمعي سوناطراك وسونلغاز، 50% لكل منهما، وقد انتقل مشروع "سولار 1000" منها إلى الشركة الجديدة "سونلغاز للطاقات المتجددة" التي كانت في السابق تُعرف بـ "SKTM" سونلغاز للكهرباء والطاقات المتجددة، وكانت مكلفة بتسيير واستغلال المحطات العاملة بالديزل والطاقات المتجددة، وتحوَّل دورها الآن حصرًا إلى الطاقات المتجددة.
وأعتقد أنّ الأمر تنظيمي، ومن ثم أرجّح تغيّر دور "شمس" للاستثمار في مجالات أخرى للطاقات المتجددة، كما هو الشأن بالنسبة لطاقة الرياح، مثلًا، خاصة في ظل غياب المؤسسات الناشطة بهذا المجال، رغم الإمكانات المتوفرة، بالإضافة إلى الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، والتحضير للمراحل المقبلة.
بعض المتعاملين انتقدوا كراسة شروط مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر، كونها غير محفزة للمشركات المحلية، ما رأيكم؟
حقيقة، كان هذا الأمر واقعًا في بداية العام الحالي، إذ كانت الشركات المحلية تواجه الإقصاء، ولكن من خلال التحاور مع الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وزارة الطاقة والمناجم ومجمع سونلغاز جرى تدارك الأمر، وفتح المجال للشركات الجزائرية للمشاركة في مختلف المشروعات المقترحة، إمّا بمفردها أو في إطار الشراكة.
هل كان السبب وراء الإقصاء عدم توفر الشروط في المؤسسات المحلية؟
أعتقد ان الخلل كان يرجع في السابق إلى عدم إشراك التكتلات والمنظمات المهنية، كمجمع الطاقات الخضراء، عند وضع الأطر القانونية والتنظيمية، كما هو الشأن بالنسبة لدفتر الشروط (كراسة الشروط)، وهنا يبرز دور مجمعنا المترجم من خلال اللقاءات المنظمة منذ عام 2020 في سياق إزالة العراقيل الموجودة، والعمل على واقع المؤسسات الناشطة حقيقةً في الميدان.
وتُوّجت اللقاءات بأخذ اقتراحاتنا بالحسبان، عبر إدماج المؤسسات الجزائرية في تجسيد هذا النوع من المشروعات، ما تؤكده المشاركة الكبيرة في مشروع 2000 ميغاواط.
ما هي أهم الشروط التي تشكّل عائقًا؟
دفتر الشروط كان ينص على معايير معينة يفرض توفرها في الشركات المقدمة لملف المشاركة، أبرزها توفر 40 ميغاواط، بينما تتراوح قدرات المؤسسات الجزائرية ما بين 12 و15 ميغاواط، ومن ثم خفض هذا المعيار من 40 إلى 25 ميغاواط بالنسبة للشركات المحلية أو في إطار الشراكة، بالموازاة مع فسح المجال لمشاركة المؤسسات التي تملك قدرات إنتاجية أو هياكل لتجهيز المحطات، وهو ما جعل الشركة العمومية "كوسيدار" تحصل على بعض حصص المشروعات الخاصة ببرنامج 2000 ميغاواط، رغم أنها متخصصة أساسًا في الأعمال العمومية.
وانعكس التغيير الذي طرأ في دفتر الشروط في كون ثلث حصص المشروع سيُنَفذ من قبل الشركات الجزائرية، أو ضمن الشراكة، ومن ثم تحقيق الأهداف المتعلّقة بنقل التكنولوجيا، خاصة أنّ الأطر القانونية تجعل الألواح الشمسية المصنوعة محليًا في مستوى الألواح المستوردة نفسه، بعدد النقاط في التقييم التقني، وفي هذا الشأن، فإنّ المشروع ينتج 80 ميغاواط سينجز بألواح شمسية جزائرية الصنع 100%.
موضوعات متعلقة..
- بالأرقام.. الطاقة المتجددة في الجزائر تدعم خطط زيادة صادرات الغاز (خاص)
- الطاقة المتجددة في الجزائر.. 6 أرقام عن أبرز التطورات (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- تخزين النفط السعودي يُنهي معاناة بنغلاديش لتأمين احتياجات المصافي (صور)
- موعد انتهاء قطع الكهرباء في مصر.. وتخفيف مرتقب (خاص)
- ما علاقة الغاز المسال الأميركي بالسياسة؟ أنس الحجي يجيب
نحن شركة نعمل في مجال الطاقة المتجددة وعندنا مجموعة من الباحثين الذين يتقنون العمل الجماعي وتبادل الافكار.