سقف سعر النفط الروسي يفشل في أهدافه.. ومطالب بمحاكمة جنائية
نوار صبح
- موسكو ما تزال تجني المليارات من صادراتها الرئيسة التي يمكنها استعمالها لإطالة أمد الحرب
- السقف السعري كلّف الكرملين 84 مليار دولار من عائدات التصدير العام الماضي
- تأثير سقف السعر كان محدودًا بسبب عدم كفاية الرقابة والتنفيذ
- المستهلكون الأوروبيون قد يستعملون منتجات الخام الروسي دون عِلم
فشل سقف سعر النفط الروسي الذي حدّدته الدول الغربية -للحدّ من عائدات موسكو نتيجة شنّها حربها على أوكرانيا- في تحقيق أهدافه الكاملة بعد عام من الاتفاق على تحديد هذا السقف؛ ما دفع كييف إلى تجديد المناشدات لحلفائها إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
ويكشف تحليل جديد صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف، أن الالتفاف على العقوبات، والثغرات الكبيرة، والتحايل واسع النطاق، يعني أن عائدات النفط ما تزال تملأ خزانة الحرب في موسكو.
تجدر الإشارة إلى أن دول مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي فرضت سقف سعر النفط الروسي بمقدار 60 دولارًا للبرميل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، محاولةً للحفاظ على استقرار إمدادات النفط عالميًا مع استنزاف خزانة الكرملين، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويشير التحايل واسع النطاق والثغرات الهائلة وتجارة الوقود المستمرة رغم وجود سقف سعر النفط الروسي إلى أن موسكو ما تزال تجني المليارات من صادراتها الرئيسة التي يمكنها استعمالها لإطالة أمد الحرب، حسب مجلة بوليتيكو يوروب (Politico Europe).
تأثير سقف سعر النفط الروسي
طوال العام الماضي، كلّفت خطة سقف سعر النفط الروسي الكرملين 34 مليار يورو (36.84 مليار دولار) من عائدات التصدير، أي ما يعادل نحو شهرين من الأرباح هذا العام، وفقًا للتحليل الجديد الصادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (سي آر إي إيه) الذي اطّلعت عليه مجلة بوليتيكو يوروب (Politico Europe).
ويُعدّ هذا أقلّ بكثير مما كان يأمله واضعوا القوانين، وكان التأثير ملموسًا بوضوح في النصف الأول من عام 2023، قبل أن يبدأ في التلاشي، إذ يباع النفط الروسي بأكثر من حدّ الـ60 دولارًا.
وقال المشرف على عمل مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف في أوروبا وروسيا، إسحاق ليفي: "إن فشل الدول الغربية في القضاء على ثغرات العقوبات أدى إلى أن يكون تأثير سقف سعر النفط الروسي محدودًا، بسبب عدم كفاية الرقابة والتنفيذ".
ويعود هذا النقص جزئيًا إلى تجاهل التجّار سقف السعر، حسبما يذكر التقرير، إذ يباع النفط الروسي مقابل 70 دولارًا للبرميل تقريبًا.
ووجد الباحثون أن نحو 48% من شحنات النفط الروسي نُقلَت بناقلات مملوكة أو مؤمن عليها في دول مجموعة الـ7 والاتحاد الأوروبي؛ من الناحية النظرية، وينبغي تطبيق سقف السعر على هذه السفن، التي تشكّل الغالبية العظمى من الأسطول العالمي.
ومن الناحية العملية، استُهدِفَ عدد قليل من المشغّلين، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، أدت "ثغرة التكرير" إلى تقويض الجهود الغربية، وتقوم دول مثل الهند بشراء كميات ضخمة من الخام الروسي بسعر رخيص، وتقوم بمعالجته، ثم بيعه لأيّ شخص يريده، دون قيود.
ويعني ذلك أن المستهلكين الأوروبيين قد يستعملون، دون عِلم، البنزين والديزل ووقود الطائرات المنتج من الخام الروسي، لتمويل القوات المسلحة الروسية في الوقت نفسه.
وزادت نيودلهي وارداتها من النفط الروسي بنسبة 134% خلال العام الماضي، وهو ما يمثّل قرابة نصف تجارة النفط الخام الروسي المنقول بحرًا.
في الوقت نفسه، ارتفعت الصادرات الهندية من منتجات الوقود إلى الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، ورغم أن ذلك لا يعدّ انتهاكًا لعقوبات الاتحاد الأوروبي من الناحية الفنية، فإن أوكرانيا دعت بروكسل إلى حظر مبيعات الطرف الثالث هذا.
ولم تتهم الحكومات الغربية سوى عدد قليل من الأفراد بعدم الالتزام بالقوانين، ومن النادر إجراء تحقيقات في المخالفات المزعومة.
من ناحيتها، استهزأت روسيا بالحظر علنًا، في حين يسعى أسطول الظل من الناقلات القديمة إلى إخفاء المصدر الحقيقي لإمداداتها.
مدى التقيد بسقف السعر
قال المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أوليغ أوستينكو: "هذه النتائج ليست مفاجئة، فقد صُمِّم سقف سعر النفط الروسي بشكل جيد للغاية، ولكن الجزء الأضعف كان دائمًا هو التنفيذ".
وأضاف: "عندما طُرحت القوانين قبل عام، كانت هناك حالة من الذعر تقريبًا في السوق الروسية، وكان هناك انخفاض كبير في إيراداتها، لكنهم كانوا يحاولون العثور على جميع الثغرات المتاحة، وفي النهاية وجدوها".
ويدعو أوستينكو الآن إلى محاكمة جنائية لأيّ شخص يثبت تورّطه في التحايل على القيود المفروضة على الطاقة الروسية، حسب تصريحاته إلى مجلة بوليتيكو يوروب.
وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، إن التأثير المحدود لسقف سعر النفط الروسي "مخيّب للآمال"، ولكنه "ليس مفاجئًا تمامًا".
وتابع الدبلوماسي أن هذه النتائج يجب أن تشجع الآن "المزيد من التفكير بشأن ما يمكننا القيام به لخفض أسعار النفط"، في إشارة إلى سدّ الثغرات، ومنع التحايل، مع الأخذ في الحسبان أنه لن يكون محكمًا بنسبة 100%.
اقرأ أيضًا..
- 4 معلومات عن قطاع النفط في اليمن.. أبرزها الاحتياطيات والإنتاج (رسوم بيانية)
- موعد انتهاء قطع الكهرباء في مصر.. وتخفيف مرتقب (خاص)
- ما علاقة الغاز المسال الأميركي بالسياسة؟ أنس الحجي يجيب