تعهدات خفض الانبعاثات العالمية لا تكفي لتحقيق الأهداف المناخية (تقرير)
نوار صبح
أظهر تقرير حديث أن تعهدات خفض الانبعاثات العالمية التي أقرّها كثير من دول العالم لا تكفي لتحقيق الأهداف المناخية.
يأتي هذا رغم أن 177 دولة حدّثت مساهماتها المحددة وطنيًا لخفض الانبعاثات بدءًا من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب تقرير "تمويل الطاقة الخضراء لعام 2023" الصادر عن شركة ديلويت (Deloitte)، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم.
ومن بين هذه الدول، اختارت 107 دول تمثّل أكثر من 80% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية أهدافًا أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات.
وتشمل هذه الدول مصادر الانبعاثات التاريخية أو الاقتصادات المتقدمة، والمصادر المستقبلية المحتملة أو البلدان الناشئة، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الرغم من أن إجراءات الإبلاغ الخاصة باتفاق باريس للمناخ إلزامية للدول الموقّعة، فإن تحقيق أهدافه ليس كذلك، ومن ثم، فإن الاتفاق غير ملزم فعليًا.
لهذا السبب، تُعدّ المساهمات المحددة وطنيًا، فضلًا عن الأهداف الملزمة للحياد الكربوني، أساسية لتأمين الأهداف المناخية ضد موجات النمو والأزمات، وخصوصًا عندما يصبح دعم الوقود الأحفوري جذابًا من الناحية السياسية.
تداعيات أزمة أسعار الطاقة الأخيرة
أجبرت أزمة أسعار الطاقة الأخيرة الحكومات على وضع خطط دعم واسعة النطاق لحماية المستهلكين، الذين وقعوا في فخ اعتمادهم على الوقود الأحفوري باهظ الثمن بشكل متزايد.
وإلى جانب تعزيز دعم الوقود الأحفوري بشكل مؤقت، أدت أزمة أسعار الطاقة إلى حدوث نقلة نوعية، إذ وضعت أمن الطاقة والتبعيات الإستراتيجية على رأس جدول أعمال صنّاع السياسات.
وقد أدى هذا -إلى جانب الارتفاع الحاد في أسعار الوقود الأحفوري- لتقليص الفجوة في الجاذبية الاقتصادية بين الوقود الأحفوري والتقنيات الخضراء.
وقبل أزمة الطاقة، كان التخطيط للنمو الاقتصادي يتمحور، إلى حدّ كبير، حول التوسع في استهلاك الوقود الأحفوري.
مصادر الطاقة النظيفة
تبرز مصادر الطاقة النظيفة نموذج نمو بديلًا قابلًا للتطبيق، وحتى لو كانت انبعاثات غازات الدفيئة والتنمية الاقتصادية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا في الماضي، فقد تمكنت بعض الاقتصادات المتقدمة، على مدى العقود القليلة الماضية، من الفصل بين نموها الاقتصادي وانبعاثات غازات الدفيئة.
وتتمثل الأسباب الرئيسة لهذا في انخفاض كثافة الكربون بمزيج الطاقة لدى هذه الاقتصادات، بالإضافة إلى الفصل بين استعمال الطاقة والنمو الاقتصادي.
وأصبحت مصادر الطاقة النظيفة، ولا سيما المتجددة، جذابة بشكل متزايد، فهي لا تجاري الوقود الأحفوري من حيث التكاليف، بل إنها توفر درجة أكبر من الاستقلال الإستراتيجي.
وينطبق هذا تحديدًا على البلدان التي تضررت تاريخيًا بشدة من صدمات إمدادات الوقود الأحفوري، بحسب تقرير "تمويل الطاقة الخضراء لعام 2023" الصادر عن شركة ديلويت (Deloitte)، أكبر شركة خدمات مهنية في العالم.
تعهدات خفض الانبعاثات العالمية
تقود الاقتصادات المتقدمة وأميركا اللاتينية ودول آسيا والمحيط الهادئ -إلى حدّ كبير- السباق نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وعلى النقيض من ذلك، تُظهر المناطق الناشئة والنامية، وخصوصًا أفريقيا والصين والشرق الأوسط وروسيا وجنوب آسيا، تعهدات أضعف، ومواعيد نهائية متأخرة، أو التزامات أقلّ.
وإذا تُرِكت دون رادع، فإن البصمة المناخية لهذه الاقتصادات المزدهرة يمكن أن تتصاعد، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
من ناحيتها، تستهدف الهند، على سبيل المثال، تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070، وعند هذه النقطة يمكن أن تستضيف 16% من سكان العالم، وتكون قريبة من تجاوز الاقتصاد الأميركي.
لذلك، على الرغم من التقدم السياسي الكبير، يجب تقديم المزيد من تعهدات خفض الانبعاثات العالمية؛ للمساعدة في تحقيق الأهداف المناخية.
وتوفر التقنيات الخضراء الصاعدة، والوعود المناخية الكبيرة، الأرضية للبناء المستمر لشبكة عالمية من السياسات والتحولات المناخية.
وضمن تعهدات خفض الانبعاثات العالمية، تصدر الحكومات والشركات إستراتيجيات ذات أهداف ومسارات ومخططات استثمارية، وتُنَفَّذ تدابير تسعير الانبعاثات تدريجيًا على مستوى العالم، لتحفيز التحول إلى الطاقة النظيفة.
ولن تغطي مثل هذه التدابير سوى نحو 23% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية في عام 2023، رغم أنها تتزايد بسرعة، وفقًا للبنك الدولي.
تجدر الإشارة إلى أن إجمالي الإيرادات من تسعير الانبعاثات زاد 6 أضعاف من عام 2016 إلى عام 2022، ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار ثاني أكسيد الكربون.
اقرأ أيضًا..
- 6 وزراء ومسؤولين يكتبون لـ"الطاقة" بمناسبة قمة المناخ (ملف خاص)
- كوب 28 فرصة حاسمة للتحول النظيف (مقال)
- أنس الحجي: المضائق المائية تؤدي دورًا مهمًا في إمدادات النفط والغاز.. وهذه أبرزها (صوت)