الطاقة النظيفة في الصين تواصل "ثورتها الهائلة" بدعم من المناطق النائية (تقرير)
نوار صبح
- الصين سترفع قدرة مصادر الطاقة المتجددة إلى نحو 3.9 تيراواط بحلول 2030
- الدفعة الأولى من المشروعات تركز بصورة كبيرة على صحاري الصين
- الشركات تتعرّض لضغوط بسبب التكاليف المتقلبة وارتفاع أسعار الفائدة والمنافسة الشرسة
- قواعد الطاقة الصحراوية ستدعم الطلب المحلي على الموردين الصينيين لمعدات الطاقة المتجددة
تسير الطاقة النظيفة في الصين على المسار الصحيح، لمضاعفة قدراتها بموجب إستراتيجية الرئيس الصيني شي جين بينغ، التي تقوم على استغلال المناطق النائية في إنشاء مشروعات خضراء ضخمة.
يأتي ذلك وسط تشجيع الدول المشاركة في قمة المناخ كوب 28 على مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة 3 مرات هذا العقد، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن دلائل نمو الطاقة النظيفة في الصين ما تشهده صحراء كوبوكي من انتشار صفوف من مئات الألواح الشمسية تغطي المساحات القاحلة في منطقة منغوليا الداخلية، على بعد نحو 500 كيلومتر من العاصمة بكين، وفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ (Bloomberg).
ثورة صينية في الطاقة النظيفة
تمثّل الألواح الشمسية، التي يجري تركيبها في صحراء كوبوكي، نواة مشروع للطاقة النظيفة يوفّر ما يكفي من الكهرباء لـ1.1 مليون منزل، ويشكّل هذا الموقع الضخم مجرد جزء صغير من خطة الرئيس الصيني شي جين بينغ، لتحقيق أكبر عملية نشر لقدرات الطاقة التي صنعها الإنسان على الإطلاق.
وتهدف الصين -أكبر مصدر للتلوث في العالم- إلى بناء ما يعادل 225 قاعدة إضافية من قواعد الطاقة المتجددة الضخمة هذه عبر مساحات شاسعة من المناطق الداخلية للبلاد، بحلول نهاية هذا العقد.
ويرى المحللون في ذلك حملة تبشّر بإحداث ثورة في قطاع الطاقة، بهدف الحد من طلب الصين على الوقود الأحفوري، وتقليص اعتمادها على واردات الطاقة، وتوجيه أكبر ملوث في العالم نحو مسار ممكن للتخلص من انبعاثات غازات الدفيئة.
وسيبلغ إجمالي قواعد الطاقة النظيفة في الصين -عند اكتمالها- 455 غيغاواط من توربينات الرياح والألواح الشمسية.
وتُعدّ هذه قدرة توليد طاقة نظيفة أكبر مما هو متاح حاليًا في أي دولة خارج الصين، وتساوي تقريبًا حجم شبكة الكهرباء بأكملها، بما في ذلك محطات الفحم والمفاعلات النووية في الهند، ثالث أكبر نظام في العالم.
وقال محلل الطاقة المقيم في شنغهاي لدى شركة تريفيوم تشاينا، كوزيمو ريس: "إنه أمر مذهل.. لا يوجد شيء في التاريخ يمكنك مقارنة هذا به".
ولم يُكشَف سوى عن القليل من التفاصيل بشأن التطورات الصحراء الصينية منذ أن أوضح الرئيس شي رؤيته للإستراتيجية في خطاب ألقاه عام 2021.
وكشف تحليل لوكالة بلومبرغ عن إطلاق مشروعات جديدة ضخمة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما وضع الصين على المسار الصحيح، للوصول إلى أرقام قياسية هذا العام تتجاوز بكثير اعتمادها العالمي للطاقة الخضراء.
ويجري توفير الكثير من الطاقة النظيفة في الصين، إذ يمكن للبلاد أن تصل إلى ذروة الانبعاثات قبل وقت طويل من الموعد النهائي المحدد لها في عام 2030، ما يمنح الكوكب فرصة أفضل للسيطرة على درجات الحرارة العالمية.
ويُعد ذلك مثالًا واضحًا على دفع رئيس قمة المناخ كوب 28، سلطان الجابر، أكثر من 200 دولة لاستغلال قمة الأمم المتحدة للمناخ التي ستفتتح في مدينة دبي، هذا الأسبوع، للالتزام بمضاعفة توليد الكهرباء المتجددة 3 مرات خلال هذا العقد.
وحثّ الجابر الدول المشاركة في قمة المناخ على العمل على رفع الإجمالي العالمي إلى 11 تيراواط.
زيادة قدرة مصادر الطاقة النظيفة في الصين
أفاد مركز الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس، في تقرير الأسبوع الماضي، بأن الصين ستزيد قدرة مصادر الطاقة المتجددة إلى نحو 3.9 تيراواط بحلول عام 2030، أي أكثر من 3 أضعاف الكمية في عام 2022.
وكشفت الجهود المبذولة لتقييم إستراتيجية الصحراء عن تفاصيل نحو 90 غيغاواط من أصل 97 غيغاواط المخطط لها، التي جرت إضافتها في الدفعة الأولى من المشروعات، ومن المقرر تركيبها جميعًا بحلول نهاية هذا العام.
وبدءًا من أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تم الانتهاء من نحو ثلث السعة ويجري بناء النصف الآخر.
ويشير المراقبون إلى أن المطورين في البلاد يسارعون في نهاية العام للوفاء بالمواعيد النهائية للبناء.
وبالنسبة إلى حجم صغير من السعة، لا توجد حتى الآن علامة واضحة على أن العمل قد بدأ، وفقًا لمركز الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.
في المقابل، تواجه بعض المشروعات التي خُطّط لها على عجل بعد إعلان الرئيس شي، تحديات من جانب السلطات المحلية المعنية باستعمال الأراضي أو البيئة، بما في ذلك مشروع تطوير في منغوليا الداخلية الذي اتُّهم بإتلاف الغابات.
سرعة إنشاء لافتة
من جهة ثانية، فإن السرعة التي يجري بها نشر المشروعات دفعت العديد من المحللين إلى رفع تقديراتهم لاعتماد مصادر الطاقة المتجددة هذا العام.
وستركب الصين أكثر من 300 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في عام 2023، أي ما يقرب من ضعف الحجم في العام السابق، وفقًا لتوقعات مركز الأبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس. وكان الإجمالي العالمي بأكمله في عام 2022 هو 338 غيغاواط.
وقال رئيس أبحاث الطاقة الصينية في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، ميشال ميدان: "تعتمد الصين على قواعد الرياح والطاقة الشمسية الكبيرة هذه لتؤدي دورًا رئيسًا في نظام الطاقة الجديد لديها".
وتركز الدفعة الأولى من المشروعات بصفة كبيرة على صحاري الصين، بما في ذلك صحراء جوبي في الشمال وتاكلا ماكان في الغرب.
وستساعد قواعد الطاقة الصحراوية في دعم الطلب المحلي على الموردين الصينيين لمعدات الطاقة المتجددة، الذين يواجهون قيودًا تجارية أو تدقيقًا متزايدًا في أسواق التصدير، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الذرية: المغرب في مقدمة الدول النووية المحتملة
- الرئيس التنفيذي لأكوا باور: محطة شمسية ضخمة بمشروع نيوم.. وهذه خططنا لمصر والمغرب (حوار)
- أنس الحجي: المضائق المائية تؤدي دورًا مهمًا في إمدادات النفط والغاز.. وهذه أبرزها