مضيق هرمز.. 5 تساؤلات عن أهميته لتجارة النفط والغاز وتهديدات إغلاقه
ينقل أكثر من ربع تجارة النفط بحرًا
وحدة أبحاث الطاقة
- يتحكم مضيق هرمز في مرور ربع النفط المنقول بحرًا وخمس تجارة الغاز المسال
- لماذا تعدّ السعودية والإمارات الوحيدتين القادرتين على تجاوز المضيق؟
- أغلب النفط الخام والمكثفات المتدفقة عبر مضيق هرمز يتجه إلى آسيا
- الولايات المتحدة استوردت 700 ألف برميل نفط خليجي من المضيق في 2022
عادةً ما تتوالى التحليلات بشأن مضيق هرمز مع كل اضطراب أمني وسياسي يقع في منطقة الشرق الأوسط تكون إيران طرفًا فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، نظرًا لأهميته الكبرى في حركة تجارة النفط والغاز العالمية.
ورغم أن هذا المضيق ليس الممر الوحيد للنفط في العالم، فإنه ما يزال الأهم عالميًا؛ بالنظر إلى حجم تدفقات النفط الخام والمكثفات التي تمرّ عبره، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبلغ متوسط تدفقات النفط عبر المضيق في عام 2022، قرابة 21 مليون برميل يوميًا، أو ما يعادل 21% من الاستهلاك العالمي للسوائل النفطية (99.6 مليون برميل يوميًا)، بحسب تقرير حديث صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وظلت تدفقات النفط عبر مضيق هرمز ثابتة نسبيًا خلال النصف الأول من عام 2023، مقارنة بالمدة نفسها من عام 2022، إذ أدت زيادة شحنات المنتجات النفطية إلى تعويض الانخفاضات في تدفقات النفط الخام والمكثفات جزئيًا.
ما مشكلات مضيق هرمز وغيره من المضائق؟
يربط مضيق هرمز -يقع بين سلطنة عمان وإيران- بين الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب؛ ما يجعله محط أنظار تجّار النفط الإقليميين والدوليين بصورة كبيرة.
ويبلغ عرض المضيق 50 كيلومترًا، بينما يبلغ عمق المياه فيه 60 مترًا، أمّا عرض ممرَّي الدخول والخروج منه فيبلغ 10.5 كيلومترًا، تستوعب 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميًا، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وعادة ما تكون المضائق المائية شديدة الحساسية لأيّ اضطرابات أمنية أو جيوسياسية، سرعان ما تنعكس آثارها في شكل أزمات عبور للسفن أو تأخّرها لأيام أو أكثر، بحسب ما ترصده وحدة أبحاث الطاقة دوريًا.
لهذا السبب، تصنّف المضائق مناطق اختناق على طول الطرق البحرية العالمية، لها أهمية قصوى لضمان أمن الطاقة العالمي، إذ يمكن أن تتسبب إعاقة تدفقات النفط عن المرور عبر ممر رئيس -ولو بشكل مؤقت- في تأخيرات كبيرة بالإمدادات وزيادة تكاليف الشحن، ما ينعكس على زيادة أسعار الطاقة العالمية،
وعلى الرغم من إمكان التحايل على معظم نقاط الاختناق أو المضائق، باستعمال طرق بحرية أخرى، فإنها غالبًا ما تؤدي إلى زيادة وقت العبور بصورة كبيرة، كما أن بعض الممرات ليس له بدائل عملية.
لماذا لا تستطيع إيران إغلاق المضيق؟
عادة ما يكثر الحديث عن احتمالات إغلاق مضيق هرمز -من قبل إيران تحديدًا- مع كل توتر يحدث في المنطقة، إلّا أن هذه الأحاديث يغلب عليها الطابع الدعائي والإعلامي أكثر مما تسمح به معطيات الواقع التي تبدو أكبر من قدرات إيران في إغلاقه، بحسب خبير اقتصادات الطاقة ومستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي.
وأشار الحجي في حلقة مخصصة من برنامج أنسيات الطاقة عن هذا الموضوع، إلى أن مضيق هرمز يتّسم بالسعة، إذ يبلغ عرض أضيق نقطة تمرّ منها السفن 33 كيلومترًا، كما أن أغلب ممراته تقع في سلطنة عمان.
استنادًا إلى ذلك، استبعد الحجي مسألة إقدام إيران على غلق المضيق في أيّ وقت؛ لأن إرسال قوّاتها البحرية إلى المضيق سيعني -بالضرورة- احتلال سلطنة عمان عبر السيطرة على المياه العمانية، وهذا أمر سيؤدي إلى عواقب وخيمة على إيران والمنطقة.
كما سيكون لذلك تداعيات عالمية واسعة بالنظر إلى حجم تدفقات النفط الخام والمنتجات النفطية التي تمر عبر المضيق يوميًا، ويبلغ متوسطها 20 مليون برميل يوميًا.
ورغم استبعاد الحجي قيام إيران بغلق المضيق، فإن بعض الفاعلين غير الحكوميين التابعين لها أصبح لديهم قدرة على إثارة التوترات حول المضيق، كما أن تطورات التقنيات في الأعوام الأخيرة مكّنت فئات ومجموعات صغيرة من الشبان الصغار من القدرة على القيام بأعمال تخريبية باستثمارات ضئيلة في الطائرات المسيرة الصغيرة، على سبيل المثال.
ما حجم تدفقات النفط والغاز عبر المضيق؟
يكتسب مضيق هرمز أهميته من حجم التدفقات النفطية التي تمرّ عبره من الشرق الأوسط إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا، إذ ارتفعت أحجام النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية العابرة بمقدار 2.4 مليون برميل يوميًا بين عامي 2020 و2022، مع تعافي الطلب على النفط بعد الانكماش الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا.
وشهد النصف الأول من عام 2023 انخفاضًا في شحنات النفط الخام والمكثفات المارة عبر المضيق، بسبب تخفيضات الإنتاج الطوعية التي ينفّذها أعضاء تحالف أوبك+ منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ورغم ذلك، فقد شكّلت التدفقات النفطية عبر مضيق هرمز في عام 2022 وخلال النصف الأول من عام 2023 أكثر من ربع إجمالي النفط العالمي المنقول بحرًا.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور تدفقات النفط عبر مضيق هرمز مقارنة بحجم تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا في 6 أعوام، حتى النصف الأول من 2023:
وبلغ إجمالي التدفقات النفطية (شاملة النفط الخام والمكثفات والمنتجات النفطية) العابرة لمضيق هرمز قرابة 20.8 مليون برميل يوميًا في عام 2022، بينما بلغ حجمها 20.5 مليون برميل يوميًا خلال النصف الأول من عام 2023 فقط.
ووصل إجمالي تدفقات النفط الخام والمكثفات المارة من المضيق إلى 15.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022، بينما بلغ 14.7 مليون برميل يوميًا خلال النصف الأول من عام 2023.
أمّا بالنسبة لتدفقات المنتجات النفطية، فقد بلغت 5.6 مليون برميل يوميًا خلال 2022، بينما وصلت إلى 5.8 مليون برميل يوميًا في النصف الأول من العام الجاري، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وبلغ إجمالي تجارة النفط العالمية المنقول بحرًا قرابة 75.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022، بينما بلغت 76.3 مليون برميل يوميًا في النصف الأول من عام 2023.
كما بلغ إجمالي الاستهلاك العالمي للنفط والسوائل 99.6 مليون برميل يوميًا خلال العام الماضي، في حين ارتفع هذا الإجمالي إلى متوسط 100.3 مليون برميل يوميًا في النصف الأول من عام 2023.
ولا يتحكم مضيق هرمز في مرور ربع تجارة النفط العالمية المنقولة بحرًا فحسب، بل يتحكم -أيضًا- في مرور خُمس تجارة الغاز المسال العالمية، إذ بلغ إجمالي تدفقات الغاز المسال العابرة للمضيق قرابة 10.3 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال عام 2022، ارتفعت إلى 10.8 مليار قدم مكعبة يوميًا خلال النصف الأول من عام 2023.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور إجمالي تدفقات الغاز المسال عبر مضيق هرمز خلال المدة من 2018 إلى 2023 :
ما الدول القادرة على تجاوز اضطراباته؟
رغم صعوبة تجاوز مضيق هرمز بالنسبة لأغلب دول الشرق الأوسط، فإن السعودية والإمارات هما الدولتان الوحيدتان اللتان لديهما القدرة على الالتفاف حول المضيق وتجاوزه اضطراباته؛ لامتلاكهما خطوط أنابيب عاملة تمكّنهما من ذلك.
وتدير شركة أرامكو السعودية -على سبيل المثال- خط أنابيب (شرق-غرب) الذي تبلغ طاقته في نقل النفط الخام قرابة 5 ملايين برميل يوميًا، وُسِّعَت -مؤقتًا- إلى 7 ملايين برميل يوميًا عام 2019، عندما حولت الشركة بعض خطوط أنابيب سوائل الغاز الطبيعي إلى خطوط مهيأة لنقل النفط الخام.
ويمتد الأمر نفسه إلى الإمارات التي تربط حقولها النفطية البرية بمحطة الفجيرة للتصدير الواقعة على خليج عمان عبر خط أنابيب تبلغ طاقته 1.5 مليون برميل يوميًا.
وافتتحت إيران عام 2021 خط أنابيب غورية جاسك "Goreh-Jask" بطاقة 0.3 مليون برميل يوميًا، مرفق به محطة تصدير على خليج عمان، لكنها استعملته في نقل شحنة وحيدة يوليو/تموز 2021، ولم تستعمله منذ ذلك الوقت مرة أخرى.
وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن هناك 3.5 مليون برميل يوميًا من قدرة خطوط الأنابيب غير المستعملة يمكن أن تكون قادرة على تجاوز أيّ اضطرابات قد تؤدي إلى انقطاع الإمدادات عبر مضيق هرمز.
ما حجم النفط السعودي المتدفق عبر المضيق؟
تنقل السعودية كميات كبيرة من النفط الخام والمكثفات عبر مضيق هرمز أكبر من أيّ دولة أخرى، ويُصدّر معظمها إلى دول أخرى، بحسب بيانات منصة فورتيكسا (Vortexa) المتخصصة في تتبّع حركة ناقلات النفط والغاز عالميًا.
وتشير هذه البيانات إلى عبور 0.5 مليون برميل يوميًا، في عام 2022، من المواني السعودية في الخليج العربي إلى المواني السعودية في البحر الأحمر عبر المضيق.
وترجّح تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية توجُّه 82% من تدفقات النفط الخام والمكثفات العابرة لمضيق هرمز إلى الأسواق الآسيوية في عام 2022.
وكانت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أكبر الوجهات الرئيسة للنفط الخام الذي يتحرك عبر مضيق هرمز إلى آسيا، لتستحوذ هذه الدول مجتمعة على 67% من إجمالي تدفقات الخام والمكثفات عبر المضيق في عام 2022 وحتى النصف الأول من عام 2023.
كما أظهر جانب آخر من بيانات عام 2022، استيراد الولايات المتحدة قرابة 0.7 مليون برميل يوميًا من النفط الخام والمكثفات من دول الخليج عبر مضيق هرمز، ما يمثّل 11% من واردات النفط الخام والمكثفات الأميركية و3% من استهلاك السوائل النفطية في الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام من دول الخليج قد انخفضت بمقدار النصف منذ عام 2018، مع زيادة الإنتاج المحلي.
موضوعات متعلقة..
- أسواق النفط تحبس أنفاسها بعد هجوم أصفهان.. هل تغلق إيران مضيق هرمز؟
- البحرية الأميركية تحبط محاولة إيران الاستيلاء على ناقلتي نفط قرب مضيق هرمز
- مضيق هرمز.. 7 تساؤلات عن دوره في سوق النفط العالمية
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي في مصر يحقق نتائج مبشّرة
- سبب إغلاق مصفاة الخرطوم السودانية وموعد التشغيل (خاص)
- قمة المناخ كوب 28 تحتضن منطقة زرقاء وأخرى خضراء.. ماذا تعرف عنهما؟
- السعودية تؤدي دورًا رياديًا في الحوار العالمي لاحتجاز الكربون (مقال)