رئيسيةالتغير المناخيتقارير التغير المناخي

تلوث الهواء في أفريقيا.. صناعة النفط والفحم تفاقم الأزمة (دراسة)

محمد عبد السند

يَنتُج تلوث الهواء في أفريقيا من مصادر وأنماط مختلفة نظرًا للظروف الاجتماعية والاقتصادية المتفاوتة بين البلدان والمدن في القارة السمراء التي يصل عدد سكانها إلى قرابة مليار و 421 مليون نسمة.

فعلى سبيل المثال، تنطلق من أنشطة استغلال النفط الخام في نيجيريا انبعاثات الكربون الأسود، لا سيما التلوث بالجسيمات الدقيقة، كما ينطلق من أنشطة تعدين الفحم، وتوليد الكهرباء بالوقود الأحفوري مستويات مرتفعة من انبعاثات غازات الدفيئة، وثاني أكسيد النيتروجين في جمهورية جنوب أفريقيا، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكان أفريقيا ليصل إلى 2.5 مليار نسمة -تقريبًا- بحلول أواسط القرن الحالي (2050)؛ ما سيرفع معه مستويات الطلب على الطاقة، ومركبات النقل، وجميعها من مصادر تلوث الهواء في أفريقيا.

وعلاوة على ذلك، تشهد أفريقيا تسارعًا في مظاهر التوسع الحضري والتصنيعي واستعمال وسائل النقل، وبالنسبة لبعض مناطق القارة، تتراجع جودة الهواء بسرعة منذ عام 1970، أو حتى قبل ذلك.

وفي ضوء هذه الأوضاع، أظهرت نتائج دراسة بحثية حديثة نشرتها دورية نيتشر جيوساينس (Nature Geoscience) العلمية أن حرق مصادر الوقود الأحفوري لأغراض الطهي والتدفئة والإضاءة، إلى جانب استغلال النفط الخام وصناعات تعدين الفحم، والمركبات القديمة التي تُشحن من أوروبا، تسبّب تدهورًا حادًا لجودة الهواء في البلدان الأفريقية.

تمويل ضئيل

قالت الدراسة، إن مستويات تركيز الجسيمات في الكثير من المدن الأفريقية تزيد -حاليًا- بواقع يتراوح من 5 إلى 10 مرات عن المستويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، متوقعةً أن تتفاقم الأوضاع مع النمو السكاني المطّرد، وتسارع وتيرة النشاط التصنيعي.

وأشارت الدراسة إلى أنه رغم كون نصيب الفرد الحالي من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في القارة السمراء لا يتخطى خُمس المتوسط العالمي، فإن تلك الانبعاثات قد ترتفع ارتفاعًا ملحوظًا دون اتخاذ تدابير رقابية؛ ما يفاقم تلوث الهواء في أفريقيا.

وأوضحت الدراسة، التي أعدّها باحثون من جامعة برمنغهام، وجامعة كمبريدج، وإمبريال كوليدج لندن، وجامعة جنوب شرق كينيا، والمركز الأفريقي للهواء النظيف، أنه لم يُفعَل سوى القليل جدًا لمكافحة تلوث الهواء في أفريقيا، مشيرةً إلى أن التمويل العالمي الممنوح للتلوث الهوائي المُخصص لبلدان القارة في الوقت الراهن لا تتجاوز نسبته 0.01%.

وقال أحد المؤلفين المشاركين للدراسة، ويُدعى فرانسيس بوب: "تلوث الهواء في أفريقيا يتسبب في مشكلات صحية معقدة، وأحيانًا قاتلة"، في تصريحات لوسائل الإعلام رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

انبعاثات تنطلق من محطة كهرباء في جنوب أفريقيا
انبعاثات تنطلق من محطة كهرباء في جنوب أفريقيا - الصورة من industriall

مُعضلة عالمية

أضاف بوب: "إذا لم يكن هذا سببًا منطقيًا كافيًا لمواجهة تلك المشكلة، فإن تلوث الهواء في أفريقيا لا يمثّل معضلة للأشخاص الذين يعيشون في القارة السمراء فحسب، بل للعالم بأسره -أيضًا-؛ إذ إنه يقوّض قدرة الجميع على الوفاء بالأهداف المناخية العالمية، ومكافحة الطوارئ المناخية".

وبالنظر إلى تلك الحالة، يطالب بوب وزملاؤه بالتعاون العاجل في مراقبة جودة الهواء باستمرار عبر شبكة من أجهزة الاستشعار؛ بهدف بناء صورة تفصيلية لأنواع تلوث الهواء في أفريقيا، ومتابعة التقدم والاستثمارات التي تُضَخ في الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح والمياه، لسدّ مستويات الطلب المتنامي على الكهرباء في عموم أفريقيا، والتي من المتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2040.

كما أشار الباحثون إلى ضرورة الإسراع في تحسين أسلوب إدارة النفايات الصلبة؛ بهدف منع إلقاء النفايات وحرقها، وتحسين إعادة استعمالها، وإعادة تدويرها ومعدلات استردادها، إلى جانب ضخ الاستثمارات في التقنيات صديقة البيئة لضمان قدرة الدول الأفريقية على النمو اقتصاديًا، مع تجنّب استعمال التقنيات الملوثة للبيئة في الشمال العالمي.

منجم فحم في أفريقيا
منجم فحم في أفريقيا - الصورة منbusinesslive

تطوير البنية التحتية

قال الباحثون، إنه من الضروري دفع التحسينات في البنية التحتية؛ بهدف كبح الانبعاثات الكربونية المنطلقة من قطاع النقل، وتحسين النقل العام، وتبنّي معايير انبعاثات أعلى جودة لسيارات الوقود الأحفوري.

وفي هذا السياق، قال المؤلف المشارك للدراسة، ويُدعى غابرييل أوكيللو: "تلوث الهواء في أفريقيا قضية معقّدة، ومتعددة الأوجه، ولها مصادر وأنماط مختلفة داخل المجتمع"، في تصريحات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف أوكيللو: "ينبغي التحفيز على هذا الهدف عبر زيادة الاستثمارات في التدخلات التي تكافح تلوث الهواء في أفريقيا".

وتابع: "أفريقيا لديها فرصة ذهبية لتسخير إرادتها السياسية المتنامية واستغلال شريحتها السكانية من الشباب لتسريع الإجراءات المتخذة لتنفيذ المقترحات الواردة في دراستنا البحثية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق