أين ذهبت إيرادات النفط في نيجيريا؟.. اتهامات بتبديد 15.2 مليار دولار
أسماء السعداوي
تشكّل إيرادات النفط في نيجيريا موردًا رئيسًا لخزينة الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وأيضًا صاحبة أكبر احتياطيات نفطية بالقارة السمراء.
ومؤخرًا، شهد القطاع تدهورًا حادًا كان آخر ملامحه ظهور وقائع فساد مالي، وهروب الشركات العالمية ومنها إيني (ENI) الإيطالية، وتفشّي أزمة سرقة النفط، وخاصة في منطقة دلتا نهر النيجر الغنية، وفق ما طالعته منصة الطاقة.
وكُشف النقاب عن آخر تلك الفضائح مع إعلان منظمة "مشروع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمساءلة" رفْعها دعوى قضائية ضد رئيس نيجيريا بولا تينوبو، بحسب البيان الصحفي الذي نشرته المنظمة عبر موقعها الرسمي.
وتتهم المنظمة غير الحكومية الرئيس بالفشل في إجراء تحقيق بالانتهاكات الجسيمة والمصير المجهول الذي آلت إليه إيرادات النفط بقيمة 15 مليار دولار أميركي، بالإضافة إلى 249 مليون دولار كانت مخصصة من الميزانية لإصلاح المصافي، وذلك خلال المدة بين عامي 2020 و2021.
وأطلق تينوبو الذي تولّى مقاليد السلطة في شهر مايو/أيار المنصرم (2023) حزمة إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، بهدف تخفيف عبء الديون المتراكمة على كاهل الدولة، بدأها برفع أسعار الوقود، معللًا ذلك بارتفاع أسعار النفط العالمية وتراجع قيمة العملة.
تبديد إيرادات النفط في نيجيريا
تقول منظمة "مشروع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمساءلة"، إن الدعوى التي رفعتها أمام المحكمة العليا يوم الجمعة الماضية 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تهدف إلى الحصول على أمر قضائي لتوجيه وإجبار الرئيس تينوبو على التحقيق في المزاعم بشأن تبديد إيرادات النفط في نيجيريا.
كما تستهدف إصدار أمر من المحكمة لإجبار الرئيس على توجيه أجهزة مكافحة الفساد للتحقيق في مزاعم بالفساد تطول شركة تنمية النفط النيجيرية المحدودة، وهيئة تنظيم النفط النيجيرية، والشركات المملوكة للدولة، واستعمال تلك الإيرادات المُستردة لتعزيز رفاهية المواطنين.
بحسب البيان، لم تُسدد وكالات حكومية، من بينها شركة تنمية النفط وهيئة تنظيم النفط، إيرادات بقيمة 13.591 مليون دولار و8.251 مليار دولار على الترتيب، للخزينة العامة.
ويضيف: "لم تُسدد شركة تنمية النفط النيجيرية المحدودة وهيئة تنظيم النفط النيجيرية أكثر من 70% من تلك الأموال العامة، ولذلك يجب التحقيق معهما من أجل استعادة أموال الشعب المفقودة كاملةً".
كما يشير البيان إلى إنفاق الشركات المملوكة للدولة والتابعة 6.931 مليار دولار نيابة عن الحكومة الاتحادية، دون تخصيص من الجمعية الوطنية (البرلمان).
وحصلت شركة تنمية النفط الوطنية النيجيرية على قرض قيمته 3 مليارات دولار عام 2012، لتسوية مدفوعات دعم مسوّقي النفط، إلّا أنه لم ترد إفصاحات بشأن القرض وحجم الدعم والمستفيدين.
ودُفع مبلغ بقيمة 9.73 مليار نايرا (12.167 مليار دولار) إلى شركة النفط هي قيمة إيرادات نقل النفط عبر الأنابيب، إلّا أن تلك الأموال لم تُسدَّد للحكومة الاتحادية، كما لم تخضع للحساب الدقيق.
(النايرا النيجيرية = 0.0013 دولارًا أميركيًا).
ولم تدفع هيئة تنظيم النفط أيضًا في عام 2021 مبلغ 7.61 مليون دولار، هي حصيلة بيع النفط في نيجيريا إلى الحكومة.
وبين عامي 2020 و2021، أُنْفِق نحو 200 مليار نايرا (249 مليون دولار) لإعادة تأهيل مصافي تكرير النفط، إلّا أنه لم تدخل أيٌّ من المصافي حيز التشغيل في 2021.
وجاءت الاتهامات في تقرير أصدرته مبادرة الشفافية بالصناعات الاستخراجية عام 2021، التي تكون نيجيريا عضوًا فيها.
وتستهدف المبادرة تعزيز دور المساءلة الحكومية عن استعمال ثروات الموارد الطبيعية، من خلال إرساء مجموعة من المعايير الدولية المتعلقة بشفافية الإيرادات.
وفي هذا الإطار، يوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- احتياطيات النفط المؤكدة في نيجيريا حتى عام 2022:
حق دستوري
أكدت منظمة "مشروع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمساءلة" أن ضمان العدالة والمساءلة في تلك المزاعم الخطيرة هو حق مشروع للمواطنين، ومن شأنها أن تُنهي إفلات الجناة من العقاب، وضمان العدالة لضحايا الفساد.
وتشدد على أن اتهامات الفساد تُقوّض مسيرة التنمية الاقتصادية، وتدفع أغلبية المواطنين نحو دائرة الفقر، وتحرمهم من الفرص.
ودون توجيه الرئيس وإلزامه بالوصول إلى الحقيقة والجناة المشتبه بهم "سيواصلون الاستمتاع بالإفلات من عقوبات جرائمهم وثمارها"، حسب البيان.
كما تقول، إن سنوات طويلة من مزاعم الفساد وسوء الإدارة فيما يتعلق بإنفاق إيرادات النفط في نيجيريا وإفلات الجناة من العقاب، قد قوّضت ثقة المواطنين في الحكومة "على المستويات كلها".
وبحسب المنظمة، فالاتهامات تشير إلى انتهاك خطير لبنود الدستور النيجيري المعدل في عام 1999، وقوانين مكافحة الفساد، والتزامات البلاد تجاه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
ووفق نصّ الدعوى، تتحمل حكومة الرئيس تينوبو واجبًا دستوريًا لضمان الشفافية والمساءلة فيما يخص الإنفاق على الثروة النفطية للبلاد.
ولذلك، تسعى المنظمة لإصدار أمر قضائي لتوجيه وإجبار الرئيس تينوبو على وضع آليات المحاسبة والشفافية بقطاع النفط في نيجيريا.
واستشهدت في ذلك بمواد الدستور التي تحمّل الحكومة مسؤولية التخلص من ممارسات الفساد وإساءة استغلال السلطة، وتأمين أقصى قدر من الرفاهية والحرية والسعادة لكل المواطنين على أساس العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص، وتسخير الموارد وتوزيعها لخدمة الصالح العام.
موضوعات متعلقة..
- خسائر سرقة النفط في نيجيريا تسجل 4.8 مليار دولار في 2021
- إيني الإيطالية تلحق بركب الهاربين من قطاع النفط في نيجيريا
- غارات جوية لمحاربة سرقة النفط في نيجيريا
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. تكلفة نقل الهيدروجين "صادمة".. وهذه تفاصيل أول دراسة من نوعها
- السعودية وروسيا تمددان الخفض الطوعي لإنتاج النفط وتصديره حتى نهاية 2023
- أكثر الدول حرقًا للغاز الطبيعي عالميًا.. 4 بلدان عربية بالقائمة (إنفوغرافيك)
- سوق خدمات تخزين النفط والغاز العالمية تلامس 1.53 مليار دولار بحلول 2030