تحول الطاقة في دول آسيان أمام تحديات التمويل.. هل يستمر الفحم؟ (تقرير)
نوار صبح
- تمويل مشروعات إزالة الكربون في جنوب شرق آسيا يتخذ 3 أشكال
- إجمالي السندات والقروض الخضراء لأعضاء آسيان بلغ 12.8 مليار دولار في 2022
- الاستثمارات العالمية في تقنيات الطاقة وصلت إلى 1.3 تريليون دولار في 2022
- العديد من مشروعات تحول الطاقة المطروحة لم تتجاوز عتبة الجدارة المصرفية
يمر تحول الطاقة في دول آسيان بمرحلة حرجة، إذ أكّد باحثون أن الأمر بات يستدعي دعمًا ماليًا متزايدًا، وإلا فإن المستهدفات المناخية لتلك الدول ستكون على المحك خلال العقود المقبلة.
وتحتاج رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، موطن النمو السكاني السريع والاقتصادات المتنوعة، إلى المزيد من التمويل لتحقيق أهدافها المتعلقة بتحول الطاقة، ويُعدّ التمويل المختلط أمرًا أساسيًا، إذ يُتوقّع أن يتضاعف الطلب على الطاقة في المنطقة 3 مرات بحلول عام 2050 مقارنة بمستوى عام 2020.
وتواجه المنطقة تحديات كبيرة في تحقيق المزيج الصحيح من التمويليْن العام والخاص، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
تحول الطاقة في دول آسيان
قالت كبيرة باحثي معهد دراسات الطاقة في جامعة سنغافورة الوطنية، كيم جيونغ وون، إن تمويل مشروعات إزالة الكربون في جنوب شرق آسيا يتخذ 3 أشكال:
الأول: المساعدة الإنمائية الرسمية الثنائية أو المتعددة الأطراف، أو التمويل العام الدولي لمكافحة تغير المناخ، حسبما نشرته وكالة آرغوس ميديا (argusmedia) في 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
الثاني: التمويل المناخي المحلي العام أو الخاص، الذي يستلزم الإنفاق الحكومي والمنتجات المالية مثل السندات والقروض الخضراء.
الثالث: الاستثمار الخاص الذي يتكوّن من الاستثمار الأجنبي المباشر أو الاستثمار المحلي.
وأوضحت وون، أن دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) تلقت ما قيمته 2.24 مليار دولار من المساعدات الإنمائية الرسمية بين عامي 2012 و2021 لمشروعات توليد الكهرباء من المصادر المتجددة.
وحصلت إندونيسيا وفيتنام على الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات، بحصة بلغت 44% و34% على التوالي.
وبلغ إجمالي السندات والقروض الخضراء لأعضاء "آسيان" 12.8 مليار دولار في عام 2022، مع وصول المبالغ التراكمية بين عامي 2016 و2022 إلى 50.6 مليار دولار.
وقد ذهب ما يقرب من 80% من هذه الأموال إلى المباني الخضراء والطاقة.
ووصلت الاستثمارات العالمية في تقنيات الطاقة إلى 1.3 تريليون دولار في عام 2022، وفقًا لحسابات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، وهناك حاجة إلى استثمارات إضافية بقيمة 4.4 تريليون دولار سنويًا، لمواصلة تطوير تقنيات الطاقة المتجددة لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.
ويصل هذا المبلغ في جنوب شرق آسيا إلى 6 تريليونات دولار بحلول عام 2050، حسبما قاله مدير العلاقات الخارجية في هيئة سوق الطاقة في سنغافورة، جوناثان جوه.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج الاقتصادات النامية في جنوب شرق آسيا إلى كميات كبيرة من الاستثمارات الخاصة لتحقيق أهدافها المتعلقة بتحول الطاقة.
بدورها، قالت رئيسة البنية التحتية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة برايس ووترهاوس كوبرز في سنغافورة، جينيفر تاي: إن التمويل المختلط يمكن أن يسمح بذلك إذا جرى تنظيم المساعدة الإنمائية الرسمية والتمويل الحكومي وتمويل القطاع الخاص بطريقة تدعم استثمارات القطاع الخاص في قطاع الطاقة المتجددة.
التمويل الخاص بعيد المنال
في حديثه عن تحول الطاقة في دول آسيان، قال المدير الإداري لهيئة النقد في سنغافورة، رافي مينون: "إن تلقي استثمارات خاصة يمثل تحديًا حاليًا، إذ إن العديد من مشروعات تحول الطاقة المطروحة للدراسة لم تتجاوز عتبة الجدارة المصرفية، ما يعني أن التمويل الخاص بعيد المنال".
وأصبح العديد من محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أوروبا قديمًا، ما يجعل التخلص التدريجي منها أسهل، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
من جانبها، قالت رئيسة البنية التحتية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة برايس ووترهاوس كوبرز في سنغافورة، جينيفر تاي: "بالمقارنة، في رابطة دول جنوب شرق آسيا، لدينا أسطول صغير جدًا من محطات الكهرباء العاملة بالفحم، على الرغم من أن الكثير من التمويل الخاص ذهب إلى الطاقة المتجددة".
وأشارت إلى أنه "لا يوجد أي تمويل تقريبًا، باستثناء آلية تحول الطاقة التي أنشأها بنك التنمية الآسيوي"، وأضافت: "تتجه إلى التخلص التدريجي من الفحم"، حسبما نشرته وكالة آرغوس ميديا (argusmedia) في 27 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وأكدت أنه "بالنسبة إلى الدول النامية، فإن أمن الطاقة سيحظى بالأولوية، وسيجري تبنّي الخيار الأكثر جدوى اقتصاديًا وبأسعار معقولة لدفع النمو الاقتصادي".
وقال رافي مينون، إن التمويل المختلط ضروري، "لأنه يلخص الطريقة التي يمكن أن تعمل بها الشراكات بين القطاعين العام والخاص".
وقالت جينيفر تاي: "تُعدّ المساعدة الإنمائية الرسمية مهمة في المناطق التي لا تتلقى تمويلًا من القطاع الخاص، إذ ينطلق المشروع قبل أن ترغب أموال القطاع الخاص في الدخول".
وأوضح مينون، أن المساعدة الإنمائية الرسمية تساعد على إزالة مخاطر المشروعات، "إذ إنك تحتاج إلى طبقة من التمويل الميسر لخفض التكلفة الإجمالية لرأس المال، حتى يتمكن التمويل الخاص من الدخول".
وألمحت جينيفر تاي إلى أن أموال المساعدة الإنمائية الرسمية في قطاع توليد الكهرباء من المصادر المتجددة في دول "آسيان" لن تزيد على الأرجح، لأن هذه الأموال ليست مخصصة لهذه المنطقة فقط.
وأضافت أن مساعدات التنمية الرسمية متعددة الأطراف من المرجح أن تعطي الأولوية للدول الأقل نموًا خارج "آسيان".
وقال كبير متخصصي الطاقة في بنك التنمية الآسيوي، أرتشيتراندي بريامبودو، إنه من الصعب توفير التمويل الميسر لهذه الأنواع من البلدان، لأنها وصلت إلى الدخل المرتفع أو المتوسط.
وأوضح أن ما يزال أمام اتفاقيات شراء الكهرباء، بالنسبة إلى المحطات العاملة بالفحم، بضعة أعوام قبل انتهاء صلاحيتها، "لذلك إذا لم يكن هناك حافز لإعادة هيكلة اتفاقيات شراء الكهرباء هذه، فسوف تستمر هذه المحطات في العمل".
وقال مينون، إن "من الأمور المهمة بالنسبة إلى قدرة الشركات المالية على دعم التخلص من الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وجود مسارات قطاعية أكثر وضوحًا تحددها الحكومة"، مستشهدًا بالخطة التفصيلية لتحول الطاقة في ماليزيا.
وتُعدّ المسارات التي حددتها وكالة الطاقة الدولية مهمة، "لأن المؤسسات المالية تحتاج إلى الرجوع إليها، وتحديد ما إذا كانت على مسار يتوافق مع أهداف الحياد الكربوني، كي لا تواجه مخاطر تتعلق بالسمعة والمشروع".
وقال مينون: "إنه في عملية التخلص التدريجي من الفحم، على سبيل المثال، تحتاج إلى الوضوح بشأن ما إذا كان سيجري بناء محطات جديدة للفحم عند تقاعد محطة الفحم مبكرًا".
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في السعودية.. إمكانات كبيرة للنمو مع صعوبة توطين الوظائف (دراسة)
- مقترح أوروبي قد يضع صادرات الغاز الجزائري في ورطة
- أنس الحجي: استحواذ شيفرون على "هيس" هدفه غايانا.. ولهذه الأسباب قد يتدخل الجيش الأميركي