دعم الطاقة في الجزائر يقترب من 56 مليار دولار
الجزائر - عماد الدين شريف
تتجه النفقات العمومية الموجهة لدعم الطاقة في الجزائر خلال العام الحالي نحو تحقيق مستويات مرتفعة، محافظة على الوتيرة المتصاعدة المسجلة في السابق.
ويشكّل هذا الأمر أعباءً إضافية على الحكومة والخزينة العمومية، على الرغم من تبنيها توجهات رامية إلى تقليص الاستهلاك المحلي وتعويض المصادر التقليدية "الغاز الطبيعي" بالبدائل المتاحة في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.
ويؤكّد ارتفاع النفقات العمومية الجزائرية على الطاقة -حسب الأرقام الرسمية- أهمية تفعيل الخطوات المتعلّقة بمراجعة سياسة الدعم لتسعير المواد الطاقوية (الكهرباء، والغاز، والوقود) التي تجعل السعر الجزائري من بين الأرخص في العالم، والمضي في المراحل العملية لتعويض الدعم الموجود في السعر بدعم شرائح وفئات معينة من المجتمع، بناء على معايير وضوابط محددة.
تكلفة دعم الطاقة في الجزائر
كشفت الوثيقة الكاملة لبيان السياسة العامة للحكومة -التي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منها- عن توقعات بتعدّي مستوى نفقات دعم الطاقة في الجزائر -بالنسبة إلى الإعانات غير المباشرة فقط- في نهاية العام الحالي 4.9 تريليون دينار جزائري، تتحملها خزينة الدولة.
(الدولار الأميركي = 136.86 دينارًا جزائريًا)
وتشير وثيقة الوزارة الأولى إلى أنّ الإعانات غير المباشرة لأسعار الوقود والكهرباء والغاز الطبيعي قفزت من 2.6 تريليون دينار جزائري في سنة 2021 إلى 5.4 تريليون دينار جزائري في سنة 2022، وهو ما يعادل 38.7 مليار دولار، تُحتسب على أساس مستوى متوسط سعر البرميل بـ103.6 دولارًا أميركيًا للبرميل.
أما الإعانات المباشرة وغير المباشرة إجمالًا فإنّها مرشحة إلى أن تتعدى مع نهاية العام الجاري 7.6 تريليون دينار جزائري (55.54 مليار دولار أميركي)، وهي نفقات تعادل 22.58% من الناتج الداخلي الخام الوطني، مواصلة تحقيق المؤشرات نفسها على الرغم من إجراءات الترشيد وآليات ضبط استهلاك الطاقة، إذ بلغت نفقات دعم الطاقة في الجزائر خلال 2022 ما يفوق 8 تريليونات دينار (58.4 مليار دولار أميركي)، أي ما يفوق 25% من الناتج الداخلي الخام.
الطابع الاجتماعي "مكفول دستوريًا"
على الرغم من وطأة تكاليف دعم الطاقة في الجزائر على خزينة الدولة فإنّ العدول عن هذا المسار أو التخلي عنه بالجملة غير ممكن إلا من بوابة مراجعة أسلوب الدعم، من منطلق أن الطابع الاجتماعي للدولة مكفول بنصوص الدستور، وبالتالي وجب ضمان مجموعة المعايير للمحافظة على شريحة واسعة من المجتمع.
وقد أكدت وثيقة السياسة العامة للحكومة، في سياق تطرقها إلى ملف "التحويلات الاجتماعية" (دعم الأسعار)، هذا المبدأ، وعدّته وسيلة تُسهم على نطاق أوسع في الحفاظ على المستوى المعيشي للمواطن، والحفاظ على القدرة الشرائية له، في حين يبقى مشروع التوجه نحو الدعم الموجه بدلًا من الدعم العام، حسب تصريح أخير لوزير المالية الجزائر، لعزيز فايد، قائمًا في انتظار وضع اللمسات الأخيرة للبطاقة الوطنية للمواطنين والأسر المعنية بالدعم.
151 مليار دينار لربط المناطق المعزولة
تتواصل جهود الدولة في ربط ما تبقى من مناطق البلاد، بما فيها النائية، بشبكة الكهرباء والغاز والمياه، ويكلّف هذا مبالغ كبيرة، تتوقع الحكومة أن تصل في عام 2023 إلى 151 مليار دينار، أي بزيادة تُقدر بـ44% مقارنة مع العام الماضي حين بلغت 105 مليارات دينار.
وذكرت وثيقة السياسة العامة للحكومة أن ربط مسكن واحد بالكهرباء والغاز في المناطق النائية يكلّف الدولة 1.5 مليون دينار جزائري في شمال البلاد، وأكثر من مليوني دينار بالنسبة إلى المناطق الأخرى.
وعلى الرغم من هذا فإنّ تنفيذ مشروعات الربط مستمرة، من منطلق أن الحكومة الجزائرية أولت أهمية بالغة لربط المناطق المعزولة، إذ تم ربط ما يقارب 79 ألف منزل بالكهرباء، وما يزيد على 276 ألف منزل بالغاز الطبيعي، منذ 2020.
وفي المقابل، أشارت أرقام بيان السياسة الحكومية إلى أنّه من المرجح أن تتراجع قيمة الصادرات نهاية السنة 2023 إلى 52.8 مليار دولار مقارنة بعام 2022، ويعود هذا التراجع إلى انخفاض أسعار النفط الذي شهد سعره المتوسط تراجعًا من 104 دولارات للبرميل في عام 2022، إلى 85 دولارًا للبرميل العام الحالي.
ويُضاف إلى ذلك مؤشرات بارتفاع الواردات، لتصل إلى 41.5 مليار دولار عند نهاية العام الحالي، مقابل 39 مليار دولار سُجلت في عام 2022، وعلى الرغم من ذلك، سيبقى رصيد الميزان التجاري إيجابيًا هذا العام، مسجلًا فائضًا في حدود 11.3 مليار دولار.
العمل على جبهات لتقليص الاستهلاك
علّل الخبير في مجال الطاقة أحمد طرطار، تواصل دعم الطاقة في الجزائر من قبل خزينة الدولة بضرورة المواد الطاقوية المختلفة للمواطنين، سواء تعلّق الأمر بالكهرباء والغاز أو حتى الوقود، الأمر الذي جعل جهود الدولة الجزائرية لا تنحصر في إيصال هذه الأنواع من خدمات الطاقة فحسب، وإنما بذل جهود مضاعفة من خلال تحمل جزء كبير من أعباء تكاليفها في صورة دعم الأسعار على الصعيد المحلي.
وقال طرطار -في تصريحه إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إنّ آلية دعم الطاقة في الجزائر تؤدي بالضرورة إلى تحديد التسعيرات إداريًا، بصرف النظر عن تقلبات على مستوى البورصات الدولية، ما يحافظ على استقرار هذه الأسعار في السوق الداخلية، بصفتها أحد مكاسب الصبغة الاجتماعية للدولة الجزائرية، على غرار منتجات أساسية أخرى تحظى بالدعم نفسه من الخزينة العمومية.
ومن الناحية المقابلة، فإنّ تحديد هذه الأسعار المدعمة يمكن أن تكون لها انعكاسات سلبية، تترجم أحيانًا في صورة تبذير استهلاكها، ما دفع سلطات البلاد إلى التركيز في عملها على الجوانب المرتبطة بالتوعية والتحسيس لترشيد الاستهلاك والاقتصاد فيه، في سياق حماية هذه الموارد، خاصة في ظل ارتفاع النفقات لتوسيع الشبكة الوطنية للكهرباء والغاز، لاتساع رقعة البلاد من جهة، والارتفاع المستمر في عدد السكان.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة الشمسية في العراق تترقب مشروعًا ضخمًا بشراكة صينية
- قيمة أسواق الكربون العالمية قد تتجاوز 800 مليار دولار في 2023
- هل حققت المقاطعة النفطية في 1973 أهدافها؟ أنس الحجي يجيب
الأخ الكريم
نشكركم على المتابعة، ونود تأكيد صحة الرقم وفق بيانات حكومية رسمية
خالص التحية
ارجو التصحيح لأن 56 مليار دولار اكثر من نصف ميزاية الدولة