وضعت مصر خطة طموحة للاستحواذ على حصة من سوق تجارة الهيدروجين الأخضر عالميًا، مستفيدة في ذلك من الموارد الطبيعية التي تمتلكها، وأيضًا موقعها الإستراتيجي بين قارات أوروبا وأفريقيا وآسيا.
وقال وزير الكهرباء، محمد شاكر، إن إستراتيجية الطاقة تُحَدَّث حاليًا حتى عام 2040، في ضوء التطورات العالمية والمتغيرات الجديدة التي تتضمن انخفاض تكاليف التكنولوجيات الحديثة والتطور الهائل في تكنولوجيا تخزين الكهرباء، مع استبعاد خيار توليد الكهرباء من الفحم واستبدال تلك القدرات المخططة بأخرى من الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى استعمال الهيدروجين الأخضر.
وأضاف -وفق بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- خلال مشاركته في مؤتمر للطاقة، أنه من المتوقع أن ينمو الهيدروجين الأخضر بسرعة في السنوات القادمة بصفته مُسرِّعًا رئيسًا محتملًا لانتقال الطاقة ومساعدًا على إزالة الكربون في الصعيد العالمي بنطاق أوسع.
وأشار إلى حرص بلاده على التوجيه بإعداد إستراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون بوصفه مصدرًا واعدًا للطاقة في المستقبل القريب.
وكشف اتخاذ العديد من الإجراءات لتطوير الهيدرجين، إذ أُعلِن الإطار العام للإستراتيجية خلال قمة المناخ كوب 27 (COP 27) التي انعقدت في شهر نوفمبر/تشرين الأول 2022 بمدينة شرم الشيخ.
إستراتيجية الهيدروجين في مصر
أشار وزير الكهرباء إلى أن إستراتيجية الهيدروجين في مصر تستهدف أن تصبح البلاد واحدة من روّاد العالم في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، اعتمادًا على الخبرات والابتكارات العالمية الرائدة في إنتاج وتصدير الهيدروجين ومشتقاته، وموارد الطاقة المتجددة والموقع الإستراتيجي لمصر.
وقال، إن الإستراتيجية تتضمن هدفًا طموحًا لمشاركة مصر بما يمثّل 5-8% من السوق التجارية العالمية للهيدروجين الأخضر، مضيفًا أن الإستراتيجية في طور الإكمال، تمهيدًا لعرضها على المجلس الوطني للهيدروجين واعتمادها من المجلس الأعلى للطاقة في وقت قريب.
وأوضح أنه في سياق متوازٍ مع إعداد إستراتيجية الهيدروجين في مصر، يجري التعاون مع شركات القطاع الخاص لتطوير مشروعات الهيدروجين، إذ تمّ حتى الآن توقيع 23 مذكرة تفاهم مع شركات دولية كبرى لتنفيذ مشروعات في مجال الهيدروجين الأخضر.
كما وُقِّعَت على هامش قمة المناخ الأخيرة اتفاقيات إطارية للهيدروجين الأخضر مع 9 تحالفات وشركات ممن وقّعوا مذكرات التفاهم للبدء في تنفيذ مشروعات تجريبية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
ونجحت مشروعات الهيدروجين في مصر خلال العام الماضي (2022) في استقطاب استثمارات ضخمة، وضعت القاهرة في المرتبة الثانية عالميًا والأولى إقليميًا من حيث الاستثمارات الأجنبية التأسيسية المباشرة، بحسب شركة الأبحاث "إف دي آي إنسايت".
وبلغ حجم استثمارات الهيدروجين المعلَنة نحو 107 مليارات دولار، مستحوذة على نحو 40% من إجمالي الاستثمارات المعلنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتمكّنت مصر في 2022 من تأمين 19 استثمارًا من شركات تعمل على تطوير الهيدروجين الأخضر، وتَركَّز أغلب هذه المشروعات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وشرح وزير الكهرباء الجدوى الاقتصادية للهيدروجين الأخضر في مصر، مشيرًا إلى أن بلاده ستنتج الهيدروجين الأخضر الأقلّ تكلفة في العالم، بدءًا من 268 دولارًا أميركيًا/كغم في عام 2035،إلى نحو 170 دولارًا أميركيًا/كغم بحلول عام 2050.
وأوضح أن القاهرة تستهدف إنتاج كميات من الهيدروجين الأخضر تصل إلى 15 مليون طن سنويًا بحلول 2030، بالإضافة إلى 58 مليون طن سنويًا في 2040، وسيكون متاحًا للتصدير سنويًا نحو 38 مليون طن، وهو ما يمثّل 5% من سوق التجارة الهيدروجين عالميًا، ما يتطلب قدرات من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030 تُقدَّر بنحو 19 غيغاواط، وعام 2040 نحو 72 غيغاواط.
الطاقة المتجددة في مصر
أكد وزير الكهرباء أن الدولة المصرية أيقنت أهمية الطاقة المتجددة ودورها في تنويع مصادر الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة، إذ أنشأت هيئة تنمية واستعمال الطاقة لتعظيم الاستفادة من المصادر المتجددة.
وأضاف، خلال كلمته في فعاليات المؤتمر الذي يُعقد تحت عنوان "الطاقة الخضراء.. استثمار المستقبل"، أنه في إطار الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة المتجددة وُضِعَت عام 2016 إستراتيجية للطاقة في مصر حتى عام 2035، تتضمن تعظيم مشاركة قدرات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، لتصل نسبتها إلى 42% عام 2035، بالإضافة إلي تعظيم إجراءات كفاءة الطاقة بهدف ترشيد الاستهلاك في كل القطاعات بنسبة 18%.
وأكد شاكر أن إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر اتّسقت مع إستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) والأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة، وهو ما يؤكد تحول مصر إلى الطاقة النظيفة، من خلال تعجيل المدى الزمني لتحقيق هدف الوصول بمساهمة توليد الكهرباء، لتصل إلى 42% من مزيج التوليد بحلول عام 2030، بدلًا من 2035.
وأشار إلى تحديث الإسهامات المحددة وطنيًا في يونيو/حزيران 2023، استنادًا إلى برنامج نوفي الذي يستهدف إيقاف وتكهين وحدات توليد الكهرباء الحرارية ذات الكفاءة المنخفضة، بقدرة إجمالية 5 غيغاواط واستبدال محطات طاقة متجددة بها بقدرة 10 غيغاواط، بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 10 مليار دولار تُنَفَّذ من خلال القطاع الخاص، فضلًا عن الاستثمارات اللازمة لتعزيز شبكة نقل الكهرباء.
ولفت إلى أنه بناءً على التوجيهات الصادرة بالحصول على عروض من الشركات المتخصصة لتنفيذ مشروعات الرياح ضمن نطاق واسع وبقدرات كبيرة لخفض استهلاك الغاز الطبيعي، وبناءً على البيانات التحليلية للرياح من برنامج أطلس الرياح العالمي، أُعِدَّت دراسة تحليلية، إذ جرى التوصل إلى سعر شراء كيلوواط/ساعة من طاقة الرياح بسعر 2.4 سنتًا، على أن تكون نسبة سداد مقابل شراء الطاقة المنتجة، أي 25% من شعر الشراء بالجنيه المصري- 75% من سعر الشراء بالعملة الأجنبية.
وتطرّق وزير الكهرباء إلى الربط الكهربائي مع أوروبا عبر إيطاليا، موضحًا أنه يجري تنفيذ مشروع طاقة رياح بالشراكة مع الشركة المصرية لنقل الكهرباء بقدرة 3000 ميغاواط، وستُنفّذ نسبة الشراكة بعد إتمام الدراسة.
وأكد أن هناك العديد من العوائد الاقتصادية من الربط مع أوروبا، أبرزها زيادة حصيلة العملة الأجنبية من عائد نقل الكهرباء إلى أوروبا، إلى جانب أمن الطاقة، إذ يعدّ خط الربط البحري من أهم وأكبر مشروعات التعاون مع أوروبا، وهو ما يعزز دور مصر بصفتها محورًا للطاقة في المنطقة.
قطاع النفط المصري
في فعاليات المؤتمر نفسه، أكد وزير البترول المصري المهندس طارق الملا أن تحقيق أمن الطاقة يعتمد على تنويع مزيج الطاقة، خاصة أن مصر لديها إمكانات كبيرة من مصادر الطاقة المختلفة، مثل الطاقة الشمسية، والرياح، وغيرها من المصادر غير التقليدية.
وأوضح أن قطاع النفط المصري يسير وفق خريطة طريق واضحة لتحقيق أهدافه الإستراتيجية دون أن يغفل مسؤوليته تجاه أحد أهم القضايا المصيرية، وهي قضية تغير المناخ وتحول الطاقة، والتي باتت تشكّل أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية حاليًا.
وأضاف أن القطاع شرع في تنفيذ مشروعات ومبادرات مختلفة لخفض وإزالة الكربون من مختلف عمليات صناعة النفط والغاز، بالإضافة إلى البدء بتنفيذ العديد من مشروعات الطاقة الخضراء.
ولفت إلى أن قطاع النفط المصري أصدر خريطة طريق شرم الشيخ لخفض انبعاثات غاز الميثان، في ضوء إعلان انضمام مصر إلى التعهد العالمي للميثان في المسار المعنى بالنفط والغاز، كما وقّع القطاع اتفاقية تطوير مشترك لمشروع إنتاج الميثانول الأخضر، الذي يعدّ الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط.
وأكد أن الهيدروجين ومشتقاته يعدّ ركيزة أساسية ضمن ركائز إستراتيجية قطاع النفط لخفض الكربون، وأن مصر تمتلك العديد من المقومات للاستفادة من إمكاناتها في مجال الهيدروجين، وأنه في سبيل تحقيق ذلك، أصدر رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخرًا قرارًا بإنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته بهدف توحيد جهود الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويضمن تنافسيتها على المستويين الدولي والإقليمي.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين الأخضر في مصر يجذب اهتمام شركات يابانية
- سكاتك النرويجية تكشف تطورات مشروعات الهيدروجين في مصر (خاص)
اقرأ أيضًا..
- أوبك تتوقع وصول الطلب على النفط إلى 116 مليون برميل يوميًا بحلول 2045
- الغاز المسال في أفريقيا على رأس خطط أدنوك الإماراتية للتوسع عالميًا
- تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية دون قتل الأسماك.. تقنية جديدة