تمويل الوقود الأحفوري يتراجع خلف الإنفاق على مكافحة تلوث الهواء.. للمرة الأولى
محمد عبد السند
- زيادة التمويلات المخصصة لتنقية الهواء، مقارنة بالوقود الأحفوري.
- يُصاب الناس في البلدان الغنية بالاختناق جراء المستويات الخطرة من المواد الملوثة السامة.
- تُصنَّف الجسيمات السامة العالقة في الهواء رابع أكبر مسبب للوفاة عالميًا.
- تنقية الهواء تنقذ الأرواح، وتنمي الاقتصادات وتبطئ وتيرة الأزمة المناخية.
- تسبب تلوث الهواء الخارجي في الوفاة المبكرة لـ4.2 مليون شخص في عام 2019.
تراجع تمويل الوقود الأحفوري خلف الإنفاق على مكافحة التلوث الهوائي في حجم التدفقات المالية التي يتلقاها كل منهما، في إطار الاهتمام المتزايد لحكومات العالم بتنقية الهواء، ومن ثم الحد من تداعياته الجسيمة على الصحة العامة.
ويلتقط الإنسان العادي أكثر من 600 مليون نفس خلال مدة حياته، والأشخاص الذين يتنفسون الهواء الملوث هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الرئة والقلب على المدى الطويل بالإضافة إلى أمراض الصحة العقلية والدماغ مثل الخرف، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي مؤشر إيجابي خلص تقرير حديث إلى أن الحكومات والوكالات ومصارف التنمية أنفقت مساعدات على الهواء النظيف، أكثر من استثماراتها في الوقود الأحفوري للمرة الأولى على الإطلاق.
ومع ذلك ما زالت مشروعات الهواء النظيف تتلقّى أقل من 1% من تمويلات التنمية الدولية، وفق صندوق الهواء النظيف -مبادرة خيرية تهدف إلى مكافحة تلوث الهواء في جميع أنحاء العالم- وفق ما ورد في تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية.
وتُصنَّف الجسيمات السامة العالقة في الهواء رابع أكبر مسبب للوفاة عالميًا، غير أن ناشطي البيئة والمناخ يقولون إن الجهود الرامية للتخلص من تلك الجسيمات تعاني نقصًا حادًا في التمويلات.
ويؤدي ضغط الدم والتدخين والحمية الغذائية -فقط- دورًا أكبر في الوفاة المبكرة للأشخاص.
تنقية الهواء
قالت المديرة التنفيذية لصندوق الهواء النظيف جين بيرستون، إن تنقية الهواء تنقذ الأرواح، وتنمي الاقتصادات وتبطئ وتيرة الأزمة المناخية، مضيفةً: "الهواء النظيف هو الشيء الوحيد الذي سيحقق لك أكبر فائدة إذا شاركت في تمويله".
ووجد التقرير أن المساعدات الدولية والتمويلات المُخصصة للوقود الأحفوري قد لامست ذروتها في عام 2019، مشيرًا إلى أنها هبطت بوتيرة سريعة، وإن كانت ما زالت موجودة.
وفي العام قبل الماضي (2021)، أُنفق نحو 1.5 مليار دولار على مشروعات الوقود الأحفوري مثل بناء محطات الفحم أو خطوط أنابيب الغاز، بتراجع من 11.9 مليار دولار قبل عامين.
التلوث الهوائي
قفز حجم الأموال المُخصصة للتعامل مع معضلة التلوث الهوائي إلى ما إجمالي قيمته 2.3 مليار دولار.
ورغم هذا التحول؛ فقد شكّل الإنفاق على جهود تنقية الهواء ما نسبته 1% فقط من تمويلات التنمية الدولية، و2% من تمويلات المناخ العامة العالمية خلال المدة من 2015 إلى 2021، بحسب التقرير.
وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الهواء النظيف جين بيرستون: "التوجه إيجابي، لكن التمويلات تزداد من قاعدة منخفضة للغاية".
وأضافت: "حجم التمويلات يزيد، لكن ليس بالوتيرة السريعة الكافية".
أفريقيا مظلومة
أشار التقرير إلى أن الأموال لا تُنفَق أيضًا في الأماكن الأكثر استحقاقًا لها، موضحًا أن أفريقيا قد تلقَّت ما نسبته 5% من التمويلات المخصصة لجودة الهواء خلال المدة بين عام 2017 وعام 2021، رغم كون القارة السمراء موطنًا لـ5 من الدول الـ10 الكبرى في مستويات التلوث الهوائي عالميًا.
في غضون ذلك تلقَّت 5 دول آسيوية -الصين والفلبين وبنغلاديش ومنغوليا وباكستان- 85% من حجم التمويلات المذكورة.
ويظل العلماء غير متأكدين من عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم جراء التلوث الهوائي سنويًا، غير أن حصيلة الوفيات جراء التلوث الهوائي الناتج عن حرق الوقود الأحفوري تُقدَّر بالملايين.
وتُضَاف المخصبات الناتجة عن المزارع وغبار الطرق الناجم عن إطارات السيارات إضافة إلى العوامل الطبيعية، إلى أسباب تلك الوفيات.
وفاة 4.2 مليون شخص
تسبّب تلوث الهواء الخارجي الذي كان محور تقرير صندوق الهواء النظيف، في الوفاة المبكرة لـ4.2 مليون شخص في عام 2019، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.
وتحدث معظم الوفيات في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل؛ ففي البلدان الأفريقية والآسيوية، التي تفتقر مناطق واسعة بها إلى الوصول للطاقة الكهربائية، تعاني الحكومات الأمرّين من أجل تحمل الإنفاق على موارد الطاقة النظيفة الأرخص كثيرًا من الكهرباء المولّدة بالوقود الأحفوري.
وتتخذ بعض الدول خطوات كبيرة لتنظيف الهواء؛ فعلى سبيل الهواء أعلنت الصين الحرب ضد التلوث في عام 2014، وانخفضت الجسيمات الدقيقة العالقة في أجوائها بنسبة 40% خلال عقد.
ونتيجة لذلك يمكن لمواطني العاصمة الصينية بكين توقع العيش لمدة أطول بواقع 4 سنوات في المتوسط، وفق تقرير صادر عن مؤشر جودة الهواء للحياة، الذي يصدره معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو الأميركية.
الدول الغنية تختنق
يُصاب الناس في البلدان الغنية -أيضًا- بالاختناق جراء المستويات الخطرة من المواد الملوثة السامة.
ووجد تحقيق استقصائي أجرته غارديان، الأسبوع الماضي، أن ما نسبته 98% من الناس في أوروبا يستنشقون الهواء المليء بالكثير من المواد الملوثة، ما يمثّل خرقًا للمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.
وقالت عالمة الأوبئة في جامعة كوبنهاغن ورئيسة لجنة البيئة في جمعية الجهاز التنفسي الأوروبية زورانا يوفانوفيتش أندرسن: "تكلفة التقاعس عن مكافحة التلوث الهوائي على صحتنا ومجتمعاتنا، والاقتصادات، باهظة جدًا، وغير مقبولة".
وأضافت أندرسن: "حان الوقت لتحويل تلك التكاليف من الأشخاص وقطاع الصحة إلى المتسببين في التلوث".
الطريق إلى الحياد الكربوني
تؤكد وكالة الطاقة الدولية أن خفض الطلب على الوقود الأحفوري بواقع الرُبع بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، سيقلص الانبعاثات بنسبة 35%، قياسًا بأعلى مستوى على الإطلاق المسجّل في العام الماضي (2022).
وارتفعت الانبعاثات الكربونية المنطلقة من قطاع الطاقة العالمي بنسبة 0.9% -تقريبًا- أو ما يعادل 321 مليون طن، لتسجل مستوى قياسيًا عند 36.8 مليار طن خلال عام 2022، بحسب تقرير سابق للوكالة الدولية رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبحلول عام 2050، يستلزم هبوط الطلب على الوقود الأحفوري بنحو 80%، وفق سيناريو الحياد الكربوني 2050، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
كما يتعين انخفاض الطلب العالمي على النفط من 100 مليون برميل يوميًا تقريبًا إلى 77 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2030، و24 مليونًا بحلول عام 2050.
وبالمثل يجب أن يتراجع الطلب على الغاز الطبيعي من 4.150 تريليون متر مكعب في عام 2022 إلى 3.400 تريليون متر مكعب عام 2030، ثم إلى 0.9 تريليون متر مكعب عام 2050.
وبشأن الفحم، يشير سيناريو الحياد الكربوني إلى ضرورة انخفاض الطلب عليه من 5.8 مليار طن من مكافئ الفحم في عام 2022 إلى 3.25 مليار طن بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، قبل تراجعه بوتيرة حادة إلى 0.5 مليار طن من مكافئ الفحم عام 2050.
موضوعات متعلقة..
- انخفاض التلوث النفطي في الكاميرون بمعدل 0.34% خلال عام
- خبيرة تتهم السيارات الكهربائية بالتسبب في تلوث الهواء
- هل يفقد الوقود الأحفوري هيمنته في توليد الكهرباء بسبب الطاقة الشمسية؟.. خبراء يجيبون
اقرأ أيضًا..
- هل يفقد الوقود الأحفوري هيمنته في توليد الكهرباء بسبب الطاقة الشمسية؟.. خبراء يجيبون
- مشروعات طاقة الرياح تواجه معارضة من الأثرياء والبيض (دراسة)
- أنس الحجي: تطوير حقل الدرة مرفوض من إيران.. وهذه هي الأسباب