هل تتأثر أسواق النفط العالمية حال رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا؟.. تقرير يجيب
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- توقعات بتأثير ضئيل لرفع العقوبات على إيران وفنزويلا في أسواق النفط
- غزو أوكرانيا أعاد مفاوضات رفع العقوبات إلى الواجهة من جديد
- إيران تعمل على زيادة إنتاجها وصادراتها، وفنزويلا تكافح
- احتياطيات النفط في فنزويلا وإيران ضمن الأكبر عالميًا
يتزايد الحديث -مؤخرًا- عن مدى تأثير رفع العقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا في أسواق النفط العالمية، وسط تكهنات بمفاوضات جارية تهدف إلى ذلك، مع النظر إلى الدولتين بأنهما بديل النفط الروسي إلى الدول الغربية.
وتوصّل تقرير حديث صادر عن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا لن يكون له تأثير كبير في سوق النفط على المدى القصير.
وأرجع رأيه إلى أن إيران تعمل بالفعل على زيادة إنتاجها وصادراتها، ورغم أن رفع العقوبات قد يسرّع من تلك الخطوات، فإن قيود الإنتاج المفروضة بموجب اتفاق تحالف أوبك+ قد تجعل هناك تباطؤًا في رفع العقوبات عن طهران.
وفي حالة فنزويلا، فإنها بوجود العقوبات أو عدمها، تمتلك إمكانات نمو محدودة للإنتاج، ما يعني عدم حدوث تأثير كبير في أسواق النفط العالمية، لكن رفع العقوبات قد يؤدي إلى استقرار السوق المحلية.
وتوقّع التقرير أن تشهد فنزويلا زيادة في إنتاجها النفطي تصل إلى 500 ألف برميل يوميًا فقط خلال الأعوام الـ7 المقبلة، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تحديات تواجه إيران وفنزويلا
يوضح كابسارك أن رفع الولايات المتحدة للعقوبات عن إيران وفنزويلا يحتاج إلى موافقة الكونغرس الأميركي والحصول على تأييدٍ كافٍ لقرار الرئيس جو بايدن، وهو ما يعدّ حلًا معقّدًا ومهمة صعبة نتيجة تباين مصالح الأطراف.
كما تحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة الدول الأخرى التي تفرض عقوبات على إيران، وفي الوقت نفسه يتعين على طهران إجراء مفاوضات مع كل عضو في مجموعة (5+1) -الدول الـ5 دائمة العضوية في مجلس الأمن (أميركا وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين) إضافة إلى ألمانيا- قبل رفع العقوبات.
ومن التحديات -كذلك- أن رفع العقوبات، يتطلب المزيد من الوقت والمال لإعادة بناء الطاقة الإنتاجية لإيران وفنزويلا، وفق التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وعلى سبيل المثال، نقل تقرير كابسارك عن الخبير الاقتصادي الفنزويلي البارز لتورو هاردي، أن فنزويلا تحتاج إلى ما بين 7 إلى 8 سنوات -على أقلّ تقدير مع ضخ استثمارات بقيمة 250 مليار دولار- للعودة إلى مستويات إنتاج عام 1997، وهو ما يعادل 3.5 مليون برميل يوميًا، قرب الذروة التاريخية المسجلة عام 1970 عند 3.8 مليونًا.
ورغم أن إيران تمتلك القدرة الفنية لزيادة الإنتاج إلى 7 ملايين برميل يوميًا في غضون عامين إلى 3 أعوام إذا توافرت الاستثمارات، فإن التوترات القائمة مع الولايات المتحدة لا تُظهر أيّ علامات حتى الآن على إحراز تقدُّم.
وبحسب التقرير، تسببت العلاقات الوثيقة بين إيران وروسيا في تقليل إمكان التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول رفع العقوبات.
وفي السياق ذاته، يشير التقرير إلى ضرورة النظر لموقف إيران مع تحالف أوبك+، فمن الصعب أن تقبل طهران أيّ قيود على الإنتاج حتى يعود لمستويات ما قبل العقوبات.
وفي ظل العقوبات المفروضة على الدولتين، كان لكل منهما أداء مختلف في مواجهتها، إذ تمكنت إيران من الحفاظ على استقرار إنتاجها وتصدير الخام إلى مستهلكين جدد.
بينما واجهت فنزويلا أضرارًا كبيرة في بنيتها التحتية، ولذلك من المتوقع بطء في استعادة إنتاجها النفطي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
لماذا يُنظر إلى إيران وفنزويلا بصفتهما بديلًا؟
رصد التقرير بعض الأسباب التي دفعت أسواق النفط العالمية للنظر إلى النفط الإيراني والفنزويلي بصفتهما بدائل للخام الروسي في ظل العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وهو ما أعاد النقاشات حول إمكان تخفيف العقوبات المفروضة.
وجاء في مقدمتها، اختلافات التوقعات قصيرة الأجل حول أسعار النفط، الناتجة عن مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبطء تعافي الاقتصاد الصيني، بالإضافة إلى الأحداث الجيوسياسية.
ويرى كابسارك أن اختلافات توقعات أسواق النفط العالمية بشأن أسعار الخام تلقي بظلالها على التوقعات المستقبلية للطلب، وهو الأمر الذي يؤثّر في التخطيط الإستراتيجي لكل من المورّدين والمستهلكين.
ومع شعور المنتجين بالقلق حول استقرار أسواق النفط العالمية، اتجه تحالف أوبك+ إلى تمديد خفض إنتاج الخام حتى نهاية عام 2024.
وفي الوقت ذاته، تتجه أنظار المستهلكين إلى إجراءات الحفاظ على أسعار النفط عند مستويات منخفضة على المدى القريب، في ظل إسراع بعضهم إلى إعادة ملء المخزونات النفطية.
ومع الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية وفرض عقوبات على موسكو، الذي جاء بالتزامن مع حدوث تضخم وزيادة الطلب على النفط بصورة أسرع من المتوقع بعد جائحة فيروس كورونا، نتج عنه زيادة أسعار الوقود لمستويات تاريخية العام الماضي.
وبناءً على ما سبق، دفعت الأزمة التي شهدتها أسواق النفط العالمية إلى وجود محادثات بشأن تخفيف العقوبات عن فنزويلا وإيران.
ورغم ذلك، كان هناك تردد أميركي في إعادة النظر بالعقوبات المفروضة، لأن الأمر يتطلب موافقة الكونغرس، لكن انخفاض الأسعار مع بداية 2023 أدى إلى تراجع تلك الضغوط حول تخفيف العقوبات.
ويرى التقرير أن ذلك يقلل من احتمال رفع العقوبات عن إيران وفنزويلا، لكن ما زالت الفكرة قائمة مع إمكان تعرُّض أسواق النفط العالمية إلى ارتفاع في الأسعار.
أرقام عن النفط في إيران وفنزويلا
تمتلك فنزويلا احتياطيات من النفط تبلغ 303.2 مليار برميل بنهاية العام الماضي (2022)، وهو أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، وفق بيانات منظمة أوبك.
كما تمتلك إيران احتياطيات نفطية مؤكدة تبلغ 208.6 مليار برميل، وهو ما يؤكد أن الدولتين تمتلكان إمكانات تساعدهما على إنتاج النفط بمعدلات أعلى بصورة كبيرة عن مستوياتها الراهنة.
ويرصد الرسم التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، أكثر الدول المالكة لاحتياطيات النفط عالميًا، وفق بيانات أوبك:
ومع ذلك، تراجعَ إنتاج فنزويلا من النفط بشكل كبير إلى 723 ألف برميل يوميًا خلال العام الماضي، مقابل نحو 3.52 مليون برميل يوميًا في عام 1997.
كما انخفض إنتاج إيران من النفط خلال العام الماضي إلى 3.82 مليون برميل يوميًا، وهو معدل أقلّ بمقدار 1.03 مليون برميل يوميًا مقارنة بالإنتاج المحقق عام 2017 والبالغ 4.85 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ سبعينيات القرن الماضي.
يشار إلى أن ذروة إنتاج النفط الإيراني شهدها عام 1974، حينما بلغت 6.06 مليون برميل يوميًا، وفق الأرقام التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وتعدّ العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي السبب الرئيس في تراجع الإنتاج النفطي بصورة كبيرة في إيران وفنزويلا.
موضوعات متعلقة..
- وكالة الطاقة الدولية تثبّت تقديرات الطلب على النفط.. وتتوقع فائضًا في المعروض خلال 2024
- أسواق النفط العالمية تشهد تقلبات قوية وسط ارتفاع الإمدادات من أفريقيا
- صادرات النفط الإيراني تنتعش في أغسطس.. هل رُفعت العقوبات الأميركية سرًا؟
اقرأ أيضًا..
- قطاع الكهرباء في الأردن خلال 2022.. طفرة ضخمة بقيادة الطاقة المتجددة (3 رسومات)
- أنس الحجي: إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يُنهي التهريب.. وهؤلاء هم ضحاياه
- طريق بديل لقناة السويس.. أول شحنة غاز مسال تصل وجهتها النهائية