قبل كوب 28.. خبراء يرصدون عقبات تحرم الدول النامية من التمويلات المناخية
داليا الهمشري
مع قرب انعقاد قمة المناخ كوب 28 في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، تواجه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عددًا من العقبات التي تحرمها من تلقي التمويلات المناخية.
وأبرز المشاركون في الندوة -التي نظّمها معهد حوكمة الموارد الطبيعية، الخميس (31 أغسطس/آب 2023)- أبرز التحديات التي تواجه دول المنطقة في الحصول على التمويلات الدولية لدعم مشروعات انتقال الطاقة ومواجهة أخطار التغيرات المناخية.
وتمثل هذه الندوة، التي أدارتها مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية لوري هابتايان، الحلقة الرابعة من سلسلة ندوات عبر الإنترنت بعنوان "انتقال الطاقة والطريق إلى مؤتمر الأطراف كوب 28".
وتغطي سلسلة الندوات المكونة من 8 حلقات، موضوعات تتراوح بين مناقشة الدور المحتمل لقمة المناخ كوب 28 في دفع عملية انتقال عادل للطاقة عالميًا، وخصائص وشروط الانتقال العادل للطاقة، ودور الهيدروجين الأخضر في تحول الطاقة.
تفاوت في حجم التمويل
سلّطت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية لوري هابتايان، الضوء على تدني النسب التي حصلت عليها دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تمويلات التغيرات المناخية، مقارنةً بمناطق أخرى مثل دول شرق آسيا وجزر المحيط الهادئ.
وأوضحت لوري هابتايان أن هذه الدول قد نجحت في الحصول على تمويلات بقيمة 293 مليار دولار، مقارنةً بنحو 16 مليار دولار فقط لدول منطقة الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن هذا يمثل فجوة كبيرة للغاية في حجم التمويل قبل كوب 28.
كما أبرزت وجود تفاوت في حجم التمويل حتى بين دول منطقة الشرق الأوسط، موضحة أن المغرب ومصر وتونس تُعَد أكثر الدول حصولًا على التمويلات المناخية، بينما لم تحصل بعض الدول على تمويل مناخي على الإطلاق.
من جانبها، أشارت أخصائية تمويل المناخ بالمعهد العالي للنمو الأخضر هالة الحموي، إلى أن تعريف التمويل المناخي -وفقًا للجنة الدائمة المعنية بالتمويل المُنبثقة عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي- في تقريرها لعام 2014، هو تمويل الإجراءات المناخية سواء من تخفيف الانبعاثات الكربونية أو التكيف مع التغيرات المناخية.
ولفتت هالة الحموي -خلال كلمتها في الندوة التي حضرتها منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن المشكلة في هذا التعريف أنه لا يحدد مصادر التمويل المناخي.
المبادئ الأساسية
قالت الحموي إن التمويل المناخي الدولي يعتمد على المصادر المالية التي توفرها الدول المتقدمة إلى الدول النامية بناءً على مبادئ تتعلق بالتمويل المناخي، مشيرة إلى أن هذه المبادئ منبثقة عن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغير المناخي لعام 1992، واتفاق باريس عام 2016.
وأضافت الحموي أن هناك مبدأين مهمين للتمويل المناخي، الأول ينص على ضرورة أن توفر الدول المتقدمة الموارد المالية لمساعدة الدول النامية، وذلك للوفاء بالتزاماتها المناخية، ويوجه التمويل سواء لإجراءات التكيف أو التخفيف للتغيرات المناخية.
وتابعت هالة الحموي أن هذا المبدأ يُعَد إلزاميًا وأخلاقيًا أكثر مما هو قانوني؛ بحيث إنه لا توجد عقوبات إذا لم يتم الوفاء به، خاصة مع اقتراب كوب 28.
واستطردت أن المبدأ الثاني يتمثل في العدالة والمسؤولية المشتركة والمتباينة في مواجهة تغير المناخ، مبرزة أهمية هذا المبدأ؛ لأنه يحقق الإنصاف للبلدان النامية المتأثرة بالتغير المناخي أكثر من كونها مؤثرة.
وأوضحت أن الدول المتقدمة عليها أن تدفع الثمن كونها من أسهمت بشكل أكبر منذ الثورة الصناعية في حدوث أزمة تغير المناخ.
التمويل المناخي المحلي
أبرزت أخصائية تمويل المناخ بالمعهد العالي للنمو الأخضر هالة الحموي، أن التمويل المناخي يمكن أن يكون محليًا يُوفر من ميزانية الدولة أو بمساهمات الأفراد أو القطاع الخاص.
وأكدت، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، أهمية التمويل المحلي في تسريع عملية تحول الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وأشارت الحموي إلى أن عملية تحول الطاقة تتطلب تكنولوجيا حديثة وإنشاء بنية تحتية مناسبة لمصادر الطاقة النظيفة، وبناء قدرات بشرية قادرة على التعامل مع هذه التطورات، ومن ثم تُعَد عملية انتقال الطاقة مُكلفة للغاية وقد تصل إلى تريليونات الدولارات.
وسلّطت الضوء على تقرير وكالة الطاقة الدولية الذي يشير إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة قد بلغ 1.7 دولارًا مقابل 1.1 دولارًا في الوقود الأحفوري، مؤكدة أن هذا يمثل مؤشرًا جيدًا للغاية لعملية تحول الطاقة شريطة توافر التمويل اللازم، ولا سيما قبل كوب 28.
معايير للتنفيذ والمراقبة
أوضحت الحموي أنه بعد فشل الدول الكبرى في الوفاء بتعهداتها بدفع 100 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ في الدول النامية، يجب أن تتضمن مفاوضات قمة المناخ كوب 28 وضع آلية للتنفيذ ومراقبة الأهداف القادمة، وكيفية توزيع أموال التعهدات بين الدول.
وحول تفعيل صندوق الخسائر والأضرار الذي أُقر خلال قمة المناخ السابقة كوب 27، أشارت الحموي إلى ضرورة وضع آليات واضحة لتحديد ما يمكن اعتباره خسائر وأضرارًا، وكيفية تعويضها -خلال كوب 28- دون مساومات.
بدوره، لفت المحلل الاقتصادي والمتخصص في التمويل المناخي والباحث بكلية إدارة الأعمال بجامعة إدنبرة عبدالرحيم عصاب -خلال كلمته في الندوة- إلى أنه يمكن تقسيم مصادر التمويل بين القطاعين العام والخاص.
وأبرز عبدالرحيم عصاب أن هناك عدة جهات تمويل دولية مهمة أبرزها صندوق المناخ الأخضر، موضحًا أنه يُعد أحد أكبر صناديق التمويل، ويهدف إلى دعم جهود البلدان النامية في الاستجابة للتحديات المناخية.
وأفاد بأنه يمكن للدول -كذلك- أن تتعامل مع الدول المانحة مباشرةً، وأن تتلقى تمويلات ثنائية مُصممة خصيصًا لمشروعات أو احتياجات مُحددة.
وقال إنه على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاستمرار في الاستثمار في بناء قدراتها على مستوى البنية التحتية، والقدرات البشرية القادر على تشغيل المشروعات، وتبسيط السياسات.
كما دعا دول المنطقة إلى البحث الدائم عن فرص تعاون، ولا سيما على المستوى الإقليمي، لافتًا إلى أن التعاون بين دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط محدود للغاية فيما يتعلق بمكافحة أخطار التغير المناخي.
وطالب الدول المانحة بمزيد من التعرف على خصائص دول المنطقة، وتصميم أدوات مالية وفقًا لاحتياجات، وإمكانات كل دولة على حدة، وابتكار آليات تمويل جديدة لمساعدة الدول النامية على المضي قدمًا في مواجهة الأخطار.
موضوعات متعلقة..
- خبيرة مصرية: قمة المناخ كوب 28 قد تفشل.. وهذه هي الأسباب
- قمة المناخ كوب 28 تطلق خطة عملها للمياه
- انتقادات مشاركة صناعة النفط والغاز في كوب 28.. مخاوف مشروعة أم رفض غير مبرر؟
اقرأ أيضًا..
- واردات الهند من النفط الروسي تهبط في أغسطس.. ما دور صادرات الخليج؟
- زيادة استثمارات الطاقة النظيفة في الدول النامية تصطدم بـ3 تحديات (تقرير)
- بالأرقام.. توقف إنتاج النفط في الغابون يهدد دولة شرق أوسطية
- إنتاج النفط الأميركي يرتفع 207 آلاف برميل يوميًا في يونيو