هل فساد شركة النفط الوطنية النيجيرية محمي بسلطات الرئيس تينوبو؟
أحمد أيوب
- اتهامات تلاحق شركة النفط الوطنية النيجيرية بالفساد
- شركة النفط النيجيرية تقدّم تقارير محاسبية مغلوطة
- مطالب للرئيس النيجيري بالقضاء على الفساد
- الشركة تطالب الحكومة بسداد 6 مليارات دولار
ما تزال شركة النفط الوطنية النيجيرية (NNPC) تواجه اتهامات فساد بالجملة، رغم إعلانها شركة تجارية تستهدف الربح، بعد أن كانت شركة حكومية تسيطر على صناعة النفط محليًا، فضلًا عن التحكم في استيراد وتوزيع المشتقات النفطية في الداخل، وذلك لعقود طويلة مضت.
وجاءت هذه الانتقادات للشركة النيجيرية بعد إعلانها -مؤخرًا- توصّلها لاتفاق مع البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير (Afreximbank) للحصول على قرض طارئ بقيمة 3 مليارات دولار يُسدَّد عن طريق مُبادلة النفط الخام، وفقًا لمقالة لهيئة تحرير موقع بانش (PUNCH) النيجيري، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، في 25 أغسطس/أب (2023).
وأشارت المقالة إلى أن شركة النفط الوطنية النيجيرية -على ما يبدو- لا تنفكّ تمارس دورًا حكوميًا أصيلًا بالنظر إلى أمرين مُهمّين، الأول هو أن الشركة أعلنت أن هذا التمويل يُوجَّه لدعم استقرار سعر صرف العملة المحلية، والثاني هو أن هذا الدور هو اختصاص أصيل للبنك المركزي النيجيري، بل ربما يكون رئيس الدولة بولا تينوبو هو من يمنحها هذه القوة بوصفه متقلدًا منصب شؤون النفط في البلاد.
ووسط سهام الاتهامات بالاحتيال تحاول الشركة النيجيرية إظهار أنها ضحية سياسة دعم الوقود التي لجأت إليها الحكومات النيجيرية المتعاقبة، فقيمة دعم الوقود بلغت 10 مليارات دولار خلال عام 2022 فقط.
ما يزال الفساد جاثمًا
ترى المقالة التي نشرها موقع بانش المحلي أن رائحة الفساد والاحتيال في شركة النفط الوطنية النيجيرية تزكم الأنوف بشهادة تقارير صحف ومؤسسات محلية وعالمية، وطالبت الرئيس النيجيري، بولا تينوبو، بالقضاء على الفساد والانقضاض عليه.
وعلى الرغم من أن الشركة تحولت إلى كيان تجاري ذي مسؤولية محدودة، بعد أن ظلت شركة حكومية عامة لأكثر من نصف قرن، فإن المحللين يرون أن هذا الإجراء لا يعدو كونه ممارسة شكلية.
وفي هذا السياق، تجدُر الإشارة إلى أن شركة النفط الوطنية النيجيرية -التي تأسست عام 1977- ظلت الذراع الحكومية المنظمة والمشرفة على صناعة النفط والغاز، بل إن دورها تخطّى الاختصاص الإشرافي إلى المشاركة في أنشطة النفط المختلفة، مثل الاستكشاف والتسويق والمبيعات، بحسب تحليل لشركة أومابليكس لو فيرم (Omaplax Law Firm).
ونهاية العام الماضي (2022)، أُعلِن تحول شركة النفط الوطنية النيجيرية إلى شركة تجارية بإمكانها استقبال استثمارات خاصة بعد موافقة برلمانية.
وآنذاك، عوّل الكثيرون على هذه الخطوة المُهمة في إتاحة المزيد من الشفافية المالية، فضلًا عن التخلص من الدور المزدوج المُتّسم بتعارض المصالح الذي تؤديه الشركة في صناعة النفط وتوزيعه بالبلد الأفريقي.
هل تحققت الشفافية؟
تُصرّ مقالة موقع "بانش" المحلي على أن هناك صور كثيرة تنفي الوصول إلى مستويات الشفافية المأمولة في أداء شركة النفط الوطنية النيجيرية، مشيرة إلى أن الأمر يتطلب إجراء إصلاح شامل.
وإحدى هذه الممارسات غير الشفافة هي عدم تحديد الكمية الفعلية المستوردة من وقود البنزين، لا سيما أنه من خلال هذه العمليات تحصل الشركة النيجرية -لنفسها- على دعم مالي في مقابلها، مع حرمان الخزانة العامة من الإيرادات.
وفي عام 2022، لم تُجرِ شركة النفط الوطنية أيّ تحويلات مالية، مُدّعية أن الحكومة مَدينة لها بمبلغ 2.8 تريليون نايرا نيجيرية (3.6 مليار دولار)، في وقت تقول فيه لجنة تخصيص الإيرادات النيجيرية، إن الشركة حجبت 8.4 تريليون نايرا عن الخزانة العامة للدولة.
(النايرا النيجيرية = 0.0013 دولارًا أميركيًا)
وفي عام 2020، اكتشفت شركة المحاسبة الدولية "برايس ووترهاوس كوبرز" -أيضًا- استعمال 1.48 مليار دولار لتغطية تكاليف غير موثقة ومدفوعات دعم مكررة وأخطاء محاسبية.
واتهمت هيئة تحرير موقع "بانش" النيجيري بعدم قدرة شركة النفط النيجيرية على إدارة مصافيها الأربع، فهي تتكبد خسائر على الدوام، ولا تُنتج شيئًا، ومع ذلك تبتلع الشركة المليارات مقابل عقود الصيانة الفاشلة.
وقالت، إن احتفاظ الرئيس "تينوبو" بحقيبة وزارة النفط هو أمر غير حكيم، ناصحة إياه بضرورة تعيين إدارة تكنوقراط كفء، والاستغناء عن الإدارة الحالية، والشروع في تحقيقات وعمليات تدقيق محاسبية على نطاق واسع.
ما علاقة القرض بالفساد؟
مع إعلان الشركة النيجيرية توصّلها لاتفاق مع البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وجهت المقالة اتهامات للشركة بأنها تمارس دور السلطات النقدية في البلاد المنوط بها عقد مثل هذه الاتفاقات، في إشارة إلى البنك المركزي النيجيري.
وأشارت إلى أن هذه الصفقة تثير العديد من التساؤلات، خاصة مع إعلان الشركة في بيان لها أن هذا التمويل يدعم الحكومة الفيدرالية في إصلاحاتها المالية والنقدية المستمرة التي تهدف إلى استقرار سوق سعر الصرف، كما أنه لا يُشترط وجود ضمانات سيادية،
وما تزال تفاصيل القرض غير واضحة، لكن هناك تحليلات تُشير إلى أن شركة النفط الوطنية النيجيرية ستسدّد القرض بالنفط الخام وسعر فائدة يتراوح بين 8% و11%، وفقًا لما نشره موقع ذا كابل (The Cable) في 16 أغسطس/أب 2023.
وقالت الشركة، إن تأمين هذا التمويل الطارئ وفقًا لآلية السداد من خلال النفط الخام لا يأتي ضمن مبادلة المنتجات النفطية المُكررة، لكنه عبارة عن نقد يُسلَّم إليها مسبقًا مقابل العوائد الناتجة من كمية محدودة من إنتاج النفط الخام المستقبلي، وفق الموقع الرسمي للشركة.
وأضافت شركة النفط النيجيرية أن القرض يُصرف على دفعات، وفقًا لاحتياجات ومتطلبات الحكومة الفيدرالية.
الشركة تدافع عن نفسها
في مقابل هذه الاتهامات المذكورة سلفًا، ترى شركة النفط الوطنية النيجيرية أنها مُحمّلة بأعباء ثقيلة خلّفتها سياسات الحكومة الخاصة بدعم الوقود والتي تحمّلتها لسنوات طويلة.
وفي مايو/أيار (2023)، قالت، إن حكومة البلاد مَدينة لها بأكثر من 6 مليارات دولار أنفقتها الشركة لدعم أسعار الوقود، وفقًا لما نشرته بلومبرغ.
وآنذاك، صرّح الرئيس التنفيذي للشركة، ميلي كياري، للصحفيين، بأن على الحكومة تسديد 6.1 مليار دولار، مُستحقة للشركة.
وأضاف أنه لا ينبغي للشركة المملوكة للدولة أن تستمر في تحمّل عبء الحفاظ على مستويات أسعار الوقود، والإبقاء عليها عند معدلات قليلة للغاية.
وتقول شركة النفط الوطنية النيجيرية، إنها تنفق 400 مليار نايرا (867 مليون دولار) شهريًا على دعم أسعار البنزين.
وجاءت هذه التصريحات بعد يوم واحد من قرار الرئيس النيجيري بإلغاء دعم الوقود الذي كلّف الحكومة أكثر من 10 مليارات دولار خلال عام (2022) فقط.
تجدُر الإشارة إلى أن عملية تكرير النفط الخام النيجيري تجري في أوروبا، وتستورد البلاد مرة أخرى البنزين، ما يزيد من تكلفته عند شرائه من محطات التزود بالوقود، ولهذا لجأت الحكومات النيجيرية المتعاقبة إلى تقديم الدعم للوقود، وفقًا لما نشره موقع أوفشور تكنولوجي (Offshore Technology)، في 31 مايو/أيار (2023).
موضوعات متعلقة..
-
إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يربك الأسواق السوداء للمشتقات النفطية
-
إنتاج النفط في نيجيريا يهبط إلى أدنى مستوى في 32 عامًا
-
أسعار الوقود في نيجيريا تقفز 400% بعد ساعات من فوز الرئيس
اقرأ أيضًا..
-
النفط الروسي يدفع الهند إلى المطالبة بخصومات من دولتين عربيتين
-
غاز حقل الجافورة السعودي يدعم صناعة البتروكيماويات وتصدير النفط (تقرير)
-
مصفاة الدقم العمانية.. أحد أكبر مشروعات التكرير في الشرق الأوسط (تقرير)