أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا تتفاقم بسبب ديون إسكوم
بلغت نحو 23.5 مليار دولار
أحمد أيوب
تتفاقم أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا بسبب تراكم الديون المُستحقة على شركة "إسكوم" -مُنظم قطاع الكهرباء الحكومي في جنوب أفريقيا- وهو ما يتسبّب في عدم القدرة على تدبير الأموال الكافية لأعمال صيانة المحطات وإحلالها وتجديدها، في المقابل هناك ديون كثيرة مُستحقَّة لإسكوم لدى جهات حكومية أخرى تسعى إلى تحصيلها.
وتُقِر حكومة جنوب أفريقيا بأن مزود خدمات قطاع الكهرباء في البلد الأفريقي ينتظر تحصيل مستحقاته المالية لدى العديد من البلديات المحلية التي تتخطى 3 مليارات دولار، بحسب ما نشرته وكالة رويترز، يوم الأحد 20 أغسطس/آب.
وتسعى "إسكوم" إلى تحصيل هذه المبالغ لاستعمالها في سداد ديونها الكبيرة التي تحول دون تطوير المحطات التابعة لها، وهو ما يُعد أحد أسباب تكرار انقطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا من بين عوامل أخرى، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ديون متراكمة
تسعى شركة الكهرباء في جنوب أفريقيا لتحصيل مستحقاتها المالية لدى عدد من الجهات الحكومية؛ لمساعدتها في سداد ديونها؛ فالشركة أيضًا مثقلة بديون مُربكة.
وتبلغ قيمة ديون إسكوم 439 مليار راند (23.6 مليار دولار)، وفي المقابل تعاني الشركة أزمات مالية خانقة؛ فهي غير قادرة على توليد دخل عالٍ لتغطية تكاليف التشغيل وخدمة الدين، بحسب ما نشرته وكالة بلومبرغ، في 23 يونيو/حزيران 2023.
وأعلنت وزارة الخزانة في جنوب أفريقيا، في 22 فبراير/شباط 2023، خطة لدعم أغلب ديون الشركة الحكومية.
وتشمل خطة وزارة الخزانة دفع ديون إسكوم المستحقة في السنوات الـ3 المقبلة وتحمُّل قروضها المستقبلية، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ووافقت الحكومة، في فبراير/شباط (2022)، على منح إسكوم 3 دفعات مالية سنوية يبلغ مجموعها 184 مليار راند حتى مارس/آذار 2026؛ لسداد الديون المستحقة عليها وتغطية تكاليف الفائدة، وهي خطوة تهدف إلى حماية استدامة قطاع الكهرباء في جنوب أفريقيا.
للشركة مستحقات كذلك
تتركز الاستحقاقات المالية المتأخرة لصالح شركة الكهرباء الجنوب أفريقية لدى مجموعة من الجهات الحكومية مثل البلديات المحلية التي تعتمد على إسكوم في تزويد المناطق التابعة لها بالكهرباء.
وقال وزير الكهرباء في جنوب أفريقيا كغوسينتشو راموكغوبا، إن "إسكوم" تزوّد 238 بلدية بالكهرباء، مُضيفًا أن أكبر 20 بلدية منها تدين بـ48.9 مليار راند أو 77% من إجمالي الديون المُتأخرة.
(الدولار الأميركي = 19.06 راندًا جنوب أفريقي)
وأضاف أن الديون المُستحقة لصالح شركة "إسكوم" مزود خدمات الكهرباء الحكومي على البلديات المحلية بلغت أكثر من 63.2 مليار راند جنوب أفريقي (3.33 مليار دولار)، وهي قيم عالية إذا ما نظرنا إلى الأزمات التي تتعرض لها الشركة بسبب أعباء الديون المستحقة عليها.
ويبدو أن قيمة هذه المديونية تتزايد بصورة كبيرة؛ ما يُهدد بالمزيد من إجراءات قطع التيار الكهربائي لمدة أطول في جميع أنحاء البلاد، بحسب وزير الكهرباء في جنوب أفريقيا.
وفي هذا الصدد، قال "راموكغوبا" إن قيمة الدين المستحقة لـ"إسكوم" ارتفعت بواقع 4.7 مليار راند منذ مطلع العام الجاري (2023).
المزيد من الأعباء
قال وزير الكهرباء في جنوب أفريقيا إن هذه الأعباء تزيد من ديون "إسكوم" وتُقوّض قدرتها على ضخ استثمارات في مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع، وهو ما يزيد من معاناة الأسر بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر.
وأضاف أن البلديات في جنوب إفريقيا لا تمتلك الآن هذه الأموال؛ ما يضطر الشركة إلى التخلي عن أعمال الصيانة وإجراءات الإحلال للأصول مثل المحولات والمحطات الفرعية، ما يتسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن القرى المحلية لأسابيع.
وأوضح أنه وفقًا للمعطيات الحالية؛ فإنه من المتوقع أن تزداد معدلات ديون البلديات بصورة أكبر خلال الأوقات المقبلة.
وتابع أن "إسكوم" مُثقلة بعبء ديون هائل يجبرها على السير في اتجاه متوازن بين تخصيص الأموال اللازمة لأعمال الصيانة المنتظمة وتخصيص النفقات الرأسمالية لمحطات الكهرباء المُتقادمة العاملة بالفحم.
وأشار إلى أن قدرة مرافق الشركة لنقل الكهرباء محدودة؛ ما يحد من قدرتها على نقل الكهرباء المتولدة من مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وخصصت حكومة جنوب أفريقيا ما يصل إلى 210 مليارات راند لتحديث شبكات النقل.
وقال وزير الكهرباء إن حكومة بلاده تبحث آليات لحل أزمة ديون البلديات وتدرس التمويل من مختلف الوسائل لتحديث البنية التحتية للتوزيع، لكنه لم يحدد جدولًا زمنيًا.
آثار تراكم الديون
أكد مسؤولو شركة إسكوم عدم قدرتها على تدبير الأموال اللازمة لأعمال الصيانة وتحديث المحطات، وهو ما أدى إلى ضعف قدرتها على توليد الكهرباء؛ ما تسبّب في أعطال كثيرة بمحطات الكهرباء التي تعمل بالفحم.
ونتيجة لذلك، تُعرض الشركة جنوب أفريقيا لانقطاع الكهرباء بصفة مستمرة منذ عام 2008؛ وذلك لعدم قدرة محطات الكهرباء القديمة والمتهالكة على توليد كميات وفيرة من الكهرباء للوفاء بالطلب المتنامي على الكهرباء
تجدر الإشارة إلى أن "إسكوم" هي أكبر شركة حكومية لتوليد الكهرباء وتوزيعها في جنوب أفريقيا، والمسؤولة عن إمداد ما يزيد على 90% من إجمالي الكهرباء في عموم البلاد.
وساءت أوضاع الكهرباء في جنوب أفريقيا إلى الحد الذي دفع مسؤولًا كبيرًا في الشركة الحكومية إلى التحذير من وصول معدلات انقطاع التيار الكهربائي إلى مستويات غير مسبوقة خلال الشتاء المقبل، بحسب ما نشرته وكالة رويترز في 18 مايو/أيار 2022.
وتأثر الاقتصاد القومي لجنوب أفريقيا جراء انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة؛ إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% في العام الماضي (2022).
موضوعات متعلقة..
- شبكة الكهرباء في جنوب أفريقيا تترنّح.. والانهيار التام مستبعد
- مستحقات مرفق الكهرباء في جنوب أفريقيا لدى موزمبيق تقارب 58 مليون دولار
- جنوب أفريقيا تقطع الكهرباء عن قنصلية نيجيريا لعدم سدادها الفواتير
اقرأ أيضًا..
- تعديلات ضرائب النفط والغاز.. سلاح روسيا لترويض عجز الموازنة (مقال)
- 6 مشاهد مؤثرة في أسواق الطاقة العالمية.. منها تزايد نفوذ أوبك+ (تقرير)
- خبراء: قطاع النفط والغاز في لبنان ينتظر انفراجة قريبة.. وهذه أبرز التحديات