سعة طاقة الرياح البحرية المضافة في أوروبا تتباطأ في النصف الأول من 2023
محمد عبد السند
- تتركز أكثر من نصف سعة طاقة الرياح البحرية في أوروبا في هولندا
- تحتاج الحكومات إلى ضبط أسعار المزادات بهدف تغطية التضخم
- يستهدف الاتحاد الأوروبي بناء سعة رياح بحرية قدرها 11 غيغاواط في المتوسط سنويًا حتى نهاية 2030
- نجح قطاع طاقة الرياح في أوروبا في تركيب مشروعات بسعة 19 غيغاواط خلال العام الماضي
شهدت سعة طاقة الرياح البحرية المضافة في أوروبا تراجعًا ملحوظًا خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الجاري (2023)، ما يدق جرس إنذار للقائمين على تلك الصناعة المتجددة، وينبّههم إلى ضرورة إعادة النظر في اللوائح التنظيمية الحالية، والاستعاضة عنها بأخرى تُسهم في تدفق الاستثمارات على هذا القطاع الحيوي.
وتُوصي هيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي "ويند يوروب" الحكومات الأوروبية بتذليل الصعاب أمام المستثمرين عبر تيسير تدابير منح التراخيص، ودعم خطط الاستثمار في سلاسل إمدادات طاقة الرياح إلى أوروبا، بالإضافة إلى خطط نشر طاقة الرياح في المصانع والمواني وغيرها.
وفي مؤشر باعث على القلق، لامست سعة طاقة الرياح البحرية المضافة في أوروبا خلال النصف الأول من العام الجاري (2023) 2.1 غيغاواط، ما يُسهم في الوصول بسعة الرياح البحرية التراكمية في القارة العجوز إلى 32 غيغاواط، وفق ما أورده موقع "إنرجي لايف نيوز" Energy Life News.
سعة لا تكفي
تنخفض سعة طاقة الرياح البحرية المضافة في أوروبا خلال المدة المذكورة إلى ما دون المعدل الضروري، لتحقيق أهداف الطاقة والمناخ في أوروبا، وفق مؤسسة "ويند يوروب" (wind europe).
وتتركز أكثر من نصف سعة طاقة الرياح البحرية في أوروبا في هولندا، في حين يُوزع الجزء المتبقي بين المملكة المتحدة وألمانيا والنرويج.
ويستهدف الاتحاد الأوروبي بناء سعة رياح بحرية قدرها 11 غيغاواط في المتوسط سنويًا حتى نهاية العقد الجاري (2030).
وبينما تشير التوقعات إلى تزايد النشاط في سعة طاقة الرياح البحرية في أوروبا خلال النصف الثاني من العقد الجاري، يبقى الزخم الحالي دون المستوى المنشود.
تحديات قائمة
يقول الخبراء، إن تراجع وتيرة التقدم ينشأ من التحديات التي واجهها القطاع خلال العام الماضي (2022)، في حين قاد عدم اليقين التنظيمي الناتج عن التدخلات الحكومية المفاجئة في أسواق الطاقة إلى تأخيرات في القرارات ذات الصلة بالاستثمار.
وما تزال أوروبا بحاجة ماسة إلى إصلاح لوائحها التنظيمية المتعلقة بمنح التراخيص وتصميم السوق، من أجل تقديم دراسات الجدوى اللازمة لتلك الاستثمارات، وفق ما نشره موقع "ري نيوز.بي آي زاد" reNEW.BIZ.
وقالت "ويند يوروب"، إن الخطة الصناعية الخضراء وقانون الصناعة حيادية الكربون اللذين اقترحهما الاتحاد الأوروبي "يشوبهما القصور" في هذا الخصوص.
كما أشارت هيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي إلى أن تصميم المزادات يبرز قضية أخرى، موضحة أنه يتعيّن على الحكومات ضبط التكلفة، وتجنب منح ما يُطلق عليه العطاءات السلبية غير المحددة بسعر.
وفي هذا الصدد، تحتاج الحكومات إلى ضبط أسعار المزادات، بهدف تغطية التضخم خلال المدة الواقعة بين المزاد والشراء الفعلي للمعدات والأجهزة.
الرسم البياني أدناه -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح سعة طاقة الرياح البرية والبحرية حسب المنطقة:
أسعار التوربينات مرتفعة
زادت تكاليف توربينات الرياح البحرية بنسبة تصل إلى 40% خلال العامين الماضيين (2021 و2022)، وإذا لم تنتبه حكومات الدول إلى هذا الأمر وتتداركه بسرعة، فستخاطر بفقدان المشروعات، بحسب ما قالته "ويند يوروب".
واستشهدت المؤسسة بالقرار الذي اتخذته عملاقة الطاقة السويدية فاتنفول بوقف مشروع طاقة الرياح البحرية "بوريس" في المملكة المتحدة.
وقالت "ويند يوروب": "لا يتعيّن على الحكومات أن تقع فريسة للعطاءات السلبية غير المحددة بسعر، التي تطالب المطورين بدفع أكبر قدر ممكن من الأموال للتمتع بميزة بناء مزرعة رياح بحرية".
وأوضحت: "من بين طاقة الرياح البحرية الممنوحة في مزادات حتى الآن هذا العام (2023) والبالغة سعتها 12 غيغاواط، مُنحت 60% عبر عطاءات سلبية غير محددة بسقف أسعار".
وتابعت المؤسسة: "لكن المبالغ التي يقدمها المطورون ضخمة.. أعلى من 1.5 مليار يورو لكل غيغاواط في ألمانيا".
وواصلت: "يضيف هذا كثيرّا إلى تكاليف بناء مزرعة الرياح، وسيتعين على المطورين في النهاية تمرير تلك التكاليف إلى مستهلكي الكهرباء و/أو سلسلة الإمدادات، وكلاهما يكافح -الآن- فعليًا".
غياب الاستثمارات في 2022
لفتت مؤسسة "ويند يوروب" إلى أنه لم تكن هناك استثمارات جديدة على الإطلاق في العام الماضي (2022)، في طاقة الرياح البحرية في أوروبا.
وأوضحت أن قرارات الاستثمار النهائي تأخرت جراء مستويات التضخم الصاروخية التي رفعت بدورها تكاليف المشروعات، إلى جانب قلق المستثمرين من التدخلات الحكومية المتكررة في أسواق الكهرباء.
لكن العام الجاري (2023) شهد تحسنًا ملحوظًا، مع وصول 6 مشروعات إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي، بقيمة استثمارية إجمالية لامست 15 مليار يورو، وسعة جديدة قدرها 5 غيغاواط.
(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)
سعة الرياح في 2022
نجح قطاع طاقة الرياح في أوروبا في تركيب مشروعات سعة 19 غيغاواط خلال العام الماضي (2022)، وفق تقديرات هيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي "ويند يوروب".
ويزيد هذا المعدل بنسبة 40% عن حجم السعة المضافة من طاقة الرياح في أوروبا خلال العام السابق (2021)، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
واستأثرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بـ16 غيغاواط من حجم السعة المضافة خلال عام 2022، في حين أسهمت دول أوروبية غير أعضاء في الاتحاد بالنسبة المتبقية (3 غيغاواط).
ويبلغ عدد الدول الأوروبية 44 دولة، ليست كلها أعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي تقتصر عضويته على 27 دولة فقط حتى الآن.
ورغم تزايد معدلات نمو قطاع طاقة الرياح في أوروبا خلال العام الماضي (2022) بنسبة 40%، فإنها ما تزال أقلّ من الأهداف الطموحة التي وضعها التكتل للقطاع بحلول نهاية العقد الجاري (2030).
إلى جانب ذلك، واجه القطاع تراجعًا في حجم استثمارات بناء مزارع الرياح الجديدة وتركيب التوربينات الإضافية خلال عام 2022، وهو ما يُعزى إلى ارتفاع معدلات التضخم و التدخلات الحكومية غير المقيدة في أسواق الكهرباء الأوروبية.
وينصح خبراء طاقة الرياح الحكومات بضرورة استحداث آليات غير تقليدية لاستعادة ثقة المستثمرين، وتمكينهم من التوسع في هذا القطاع الذي لا غنى عنه لضمان أمن الطاقة الأوروبي، فضلًا عن إسهامه في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق خطط الحياد الكربوني بحلول أواسط القرن الحالي (2050).
موضوعات متعلقة..
- ألمانيا تقود انتعاشة طاقة الرياح في أوروبا خلال 2022
- أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا يثير جدلًا أوروبيًا
- دول البلطيق تتعهد بزيادة سعة طاقة الرياح البحرية إلى 20 غيغاواط بحلول 2030
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط سلعة إستراتيجية وسياسية.. والسعودية المدير الفعلي
- محلل: استعمال النفط في السعودية لتوليد الكهرباء قد يرفع أسعاره فوق 80 دولارًا
- حقل الغوار.. ماذا تعرف عن صمام أمان إنتاج النفط في السعودية؟ (تقرير)