احتجاز الكربون وتخزينه عنصر رئيس لنجاح الهند في تحقيق الحياد الكربوني (تقرير)
مع صعوبة التخلص من الفحم في توليد الكهرباء
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
تُعدّ تقنية احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله ذات أهمية وضرورة لدولة الهند التي تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070، مع كونها ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة عالميًا.
ويؤكد تقرير حديث لمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) أن تحقيق طموحات حيادية الكربون في الهند البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة يتطلب تحولًا كاملًا وعادلًا لجميع قطاعاتها، بحكم أنها تُعدّ ثالث أكبر متسبّب في الانبعاثات الكربونية، وضمن الأكثر عرضة للتغيرات المناخية.
ويرى أن الهند تستطيع تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070، في حالة نجاحها بالابتعاد عن استعمال محطات الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، وهو ما يُعدّ أمرًا صعب التطبيق لعقود؛ ما يتطلب حاجة البلاد إلى نشر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
نمو مطّرد لاستهلاك الطاقة
يوضح كابسارك أن مستويات الانبعاثات الكربونية للهند ارتفعت بشكل مطّرد، مع زيادة استهلاك الطاقة خلال العقد الماضي، قبل أن تتراجع بوتيرة طفيفة في عام 2020، مع تطبيق إغلاقات لمواجهة جائحة كورونا.
وتشير توقعات شركة النفط البريطانية بي بي إلى أن استهلاك الطاقة في الهند قد يرتفع بأكثر من الضعف بحلول عام 2050، وسط تحقيق نمو سنوي ما بين 2.5% و2.7% في المتوسط، مع استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري، خصوصًا الفحم والنفط، في توفير احتياجات البلاد من الطاقة.
ورغم سعي الهند إلى تنويع مصادر الطاقة لديها من خلال استعمال المصادر المتجددة والهيدروجين، فإن التقرير يتوقع استمرار هيمنة الوقود الأحفوري على مزيج الطاقة خلال العقود المقبلة، ليلبي احتياجات الصناعات الثقيلة المعتمدة على الفحم.
ومع صعوبة انتقال الهند بصورة كلّية إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة، يؤكد كابسارك أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي الأكثر أهمية في الوقت الراهن، لتحقيق التنمية المستدامة للبلاد.
جهود الهند في نشر احتجاز الكربون
في 2022، أعلنت الهند مسودة تتضمن خريطة طريق لاحتجاز الكربون وتخزينه لشركات التنقيب والإنتاج، لتعبّر عن أهمية تلك التقنية في تحقيق الحياد الكربوني.
وتضمّنت المسودة كذلك التركيز على تقنية الاستخلاص المعزز للنفط من الحقول الناضجة، مع التركيز على إنتاج المواد الكيميائية والوقود.
ومنذ عام 2015، تركّز الهند على أبحاث احتجاز الكربون وتخزينه، مع إجراء بحوث وأعمال تطوير بالتعاون مع الدول الأخرى من أجل تحديد أفضل التقنيات في ذلك المجال والقيمة المضافة للكربون.
وبحسب التقرير، يحظى التقاط الكربون في الهند بأولوية منذ عام 2018، مع مشاركتها في منصة لتسريع نشر هذه التقنية متعددة الأطراف، التي من خلالها بدأت سبل التعاون الأميركي الهندي في هذا الصدد.
كما تتطلع البلاد إلى نشر تقنية احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله في صناعات الحديد والصلب والأسمنت الأكثر اعتمادًا على الفحم في الوقت الراهن.
ورغم المخاوف المتعلقة باحتجاز الكربون والخاصة بالتخزين الجيولوجي لثاني أكسيد الكربون مع التكاليف المرتفعة وعدم اليقين، فإن العديد من الشركات تُبدي اهتمامها بمجالات البحث والتطوير.
ودعا التقرير الحكومة الهندية إلى ترجمة جميع المشروعات والمبادرات التي تتضمنها مجالات البحث والتطوير، لمنظومة بيئية متطورة تعمل على دعم عمليات احتجاز الكربون وتخزينه، إذ يعتمد نشر تلك التقنية على السياسات الحكومية التي تشجع استعمالها.
الصناعات الثقيلة
في السياق ذاته، تسعى الحكومة الهندية إلى الحصول على مساعدة تقنيّة عالمية للقطاع الصناعي في البلاد؛ بهدف العمل على الحدّ من زيادة انبعاثاته الكربونية، وهو ما تمثَّل في دعوة وزارة النفط الهندية، خلال سبتمبر/أيلول 2022، الشركات الهندية والعالمية إلى إبداء الرغبة للمشاركة في تقنيات احتجاز الكربون لغازات مداخن الأفران المستعملة في محطات الاحتراق.
وجاء ذلك بهدف تمكين الصناعات الثقيلة التي تعتمد على الوقود الأحفوري من القيام باحتجاز الكربون من المصدر وحقنه في الخزانات الجيولوجية أو تحويله لأسمدة للاستعمالات الصناعية.
وتوصّل التقرير إلى أن مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله، التي تضمنتها الجهود البحثية، ما زالت في مرحلة التجربة، ولكنها تعدّ واعدة.
ويؤكد أن تطبيق سياسات تشجيعية لشركات القطاعين العام والخاص في الهند من شأنه أن يوفر دفعة قوية لتكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه.
ووفقًا للتقرير، تستطيع الهند احتلال مركز رائد على خريطة الحدّ من الانبعاثات الكربونية من خلال تبنّيها للسياسات والمبادرات والأطر التقنية الصحيحة؛ ما يؤدي بدوره إلى اقتراب البلاد من تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
ويستعرض الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، الانبعاثات الكربونية في الهند من توليد الكهرباء بين عامي 2012 و2030:
موضوعات متعلقة..
- هل حلم تحقيق الحياد الكربوني في الهند ممكن أم مستحيل؟ (تقرير)
- التغيرات المناخية في الهند ترفع أسعار الطماطم 400%.. وتتجاوز الغاز
- الطاقة المتجددة في الهند تنتعش بصفقة جديدة.. ما دور قطر؟
اقرأ أيضًا..
- إدارة معلومات الطاقة ترفع توقعات أسعار النفط في 2023 و2024
- واردات الكويت من الغاز المسال تنتعش بـ6 شحنات جديدة
- أكثر الدول اعتمادًا على الفحم عالميًا.. دولة أفريقية في الصدارة (إنفوغرافيك)