مستشار وزير الطاقة الجزائري: ثروة ضخمة في غار جبيلات.. وهذه تطورات احتياطيات المعادن (حوار)
الجزائر - عماد الدين شريف
يُعد منجم غار جبيلات أحد أهم مشروعات قطاع المعادن في الجزائر، الذي يشهد نشاطًا متزايدًا في شتى أنحاء البلاد المترامية الأطراف، وأسفر هذا النشاط عن تحقيق نجاحات ضخمة في دعم الاقتصاد الوطني بكميات وفيرة من المعادن المهمة.
ويقول مستشار وزير الطاقة والمناجم الجزائري مسعود حوفاني، إن الأعمال في هذا القطاع تسير وفق إستراتيجية وطنية تعتمد على محاور مهمة، موضحًا أن مشروعات التعدين الحالية تسهم في استخراج مئات آلاف الأطنان من المعادن المتنوعة كالفوسفات وخام الحديد والصلب والزنك والرصاص وغيرها.
ويكشف حوفاني في حوار أجرته معه منصة الطاقة المتخصصة أرقامًا مهمة في إنتاج المعادن في الجزائر من المناجم المختلفة، وفي مقدمتها منجم غار جبيلات الذي كشفت دراسة توافرَه على احتياط يُقدَّر بـ3 مليارات طن من خام الحديد، من بينها 1.75 مليار طن من الاحتياطيات القابلة للاستغلال.
ويتحدث المستشار مسعود حوفاني في هذا الحوار عن مجموعة من التفاصيل المهمة بالقطاع المنجمي في الجزائر، كاشفًا أرقامًا تتعلّق بأهم المشروعات الهيكلية للقطاع، في مجال الإنتاج، وحجم الاستثمارات، وعدد الوظائف التي يوفرها، فضلًا عن تفاصيل تخص الإستراتيجية الجزائرية التي تتبنّاها وزارة الطاقة للتطوير القطاع وتحويل الإنتاج المنجمي إلى أحد أهم ركائز الاقتصاد.. فإلى الحوار:
كيف ترى واقع القطاع المنجمي في الجزائر؟
للقطاع المنجمي في الجزائر أهمية كبيرة ترجمته إستراتيجية وطنية أخذت بالحسبان مجموعة من المحاور، أولها: البحث والاستكشاف، فخلال المدة من 2021 الى 2023، حققت الجزائر 26 مشروعًا للبحث المنجمي على مستوى 27 ولاية، تخصّ أساسًا استكشاف 9 مواد منجمية الأكثر ضرورية للاقتصاد الوطني، من بينها مجموعة من المعادن التي كانت تستورد من الخارج، والتي تدخل ضمن الدورة الصناعية للبلاد.
أمّا المحور الثاني، فيتعلّق بتحسين الخارطة الجيولوجية للجزائر؛ تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد المجيد تبون، خاصة ما تعلّق بما يُعرف بالالتزامات الـ54، التي أكد من خلالها أهمية تطوير قطاع المناجم في الجزائر.
ويخصّ المحور الثالث إطلاق المشروعات الفعلية، للاستفادة من جميع مقومات البلاد وامكاناتها في هذا المجال؛ تحقيقًا لتطوير الاقتصاد الوطني وتنويعه.
ما مكانة منجم غار جبيلات في هذه الإستراتيجية؟
يعدّ منجم الحديد في غار جبيلات بولاية تندوف أحد أهم المشروعات الإستراتيجية لتطوير القطاع، وهو يمتد على مساحة إجمالية تُقدَّر بـ50 ألف هكتار.
وكشفت الدراسة المنجَزة في المنطقة الأولى المسماة "غار جبيلات غرب"، على مساحة تمتد على 5000 هكتار، توافره على احتياط يُقدَّر بـ3 مليارات طن من خام الحديد، من بينها 1.75 مليار طن من الاحتياطيات القابلة للاستغلال وفق للمعايير الدولية المعمول بها في القطاع المنجمي.
وتؤكد هذه الأرقام -جليًا- أهمية المنجم للاقتصاد الوطني، لاسيما أنّ إنتاج 12 مليون طن من حديد الصلب المقرر هدفًا لسنة 2025 يتطلب توفير 20 مليون طن من خام الحديد (4 ملايين طن من مركز الحديد، 6 ملايين طن من المكورات...).
أمّا الهدف المبرمج لآفاق سنة 2040، فهو بلوغ إنتاج ما يفوق 40 مليون طن من خام الحديد من هذا المنجم، خاصة بعد تأسيس مشروع خط سكة الحديد بالشراكة مع المجمع الصيني.
مشروع منجم غار جبيلات يوفّر -أيضًا- 5000 وظيفة مباشرة ونحو 20 ألف وظيفة غير مباشرة، أمّا تكاليف الاستثمار، حسب الأرقام الأولى، فتتراوح ما بين 7 و10 مليارات دولار.
أطلقت وزارة الطاقة والمناجم مشروعات أخرى.. أرجو إلقاء الضوء عليها.
نعم، من بين المشروعات الهيكلية ذات البعد الإستراتيجي للاقتصاد والقطاع المنجمي يوجد -أيضًا- مشروع استغلال الفوسفات في منطقة بلاد الهدبة بولاية تبسة، لإنتاج 10 ملايين طن من خام الفوسفات، ينتج منه 6 ملايين طن من مركز الفوسفات، يمكن ـن تنتج منه بعد عمليات التحويل 4 ملايين طن من الأسمدة الفلاحية.
هذا المشروع يوفر 4000 وظيفة مباشرة، فضلًا عمّا يزيد عن 14 ألف وظيفة أخرى غير مباشرة، كما يسهم فعليًا في إنعاش منطقة شرق البلاد وتنميتها، وتحسين أداء 4 ولايات من الناحية الاقتصادية.
يضاف إلى هذا مشروع آخر، هو استغلال الفوسفات في منطقة العوينات في إطار شراكة جزائرية-جزائرية ما بين مجمع سونارام ومجمع أسميدال، يوجّه أساسًا لإنتاج المواد الخاصة بتغذية الحيوانات والنباتات، كما تخطط وزارة الطاقة والمناجم.
بالإضافة إلى كل هذه المشروعات، نخطط لإعادة تهيئة خط سكة الحديد الرابط بين منطقة بلاد الهدبة في ولاية تبسة بولاية عنابة، وكذلك مشروع توسيع مناء عنابة بتسهيل عمليات تصدير هذه المنتجات نحو الخارج، إذ تقوم الإستراتيجية الوطنية لتطوير القطاع على إعطاء الأولوية لنشاط تحويل المعادن المستخرجة في الجزائر، بدلًا من تصديرها في شكلها الخام.
ماذا عن مشروع منجم واد أميزور؟
منجم إنتاج الزنك والرصاص لواد أميزور يعدّ مشروعًا في غاية الأهمية، خاصة أنّ معظم المناجم التي تنتج هذه المعادن توقفت عن الإنتاج، كما هو الشأن بالنسبة لمنجم العابد، أو خرزة يوسف، للعديد من الأسباب، بعضها مرتبط بانخفاض الاحتياط، أو ظهور إشكالات تتعلّق بوجود المياه، كما هو الشأن بالنسبة لمنجم خرزة يوسف بمنطقة عين أزال في ولاية سطيف.
كما يعدّ منجم واد أميزور، الذي تُقدَّر تكلفة استثماره بـ400 مليون دولار، من بين المناجم العشرة الأولى في العالم لإنتاج الزنك والرصاص، إذ تكشف الدراسات المنجَزة بالشراكة مع الشريك الأسترالي "تيرامين" أنّ الاحتياطات المتوافرة تُقدَّر بـ54 مليون طن، من بينها 34 مليون طن خام اقتصادي موجَّه للإنتاج، يمنح البلاد إنتاجًا يُقدّر بـ170 ألف طن من الزنك المركّز سنويًا، و30 ألف طن من الرصاص المركز سنويًا.
وانطلاقًا من هذه الأرقام، فإنّ استغلال هذا المشروع يسهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني وتنمية الاقتصاد في المنطقة، بالإضافة إلى تمركز الجزائر على المستوى الدولي في إنتاج مادة الزنك، لا سيما أنه مطلوب بكثرة في العديد من أنواع الصناعات، على غرار قطاع الصناعة الميكانيكية، والترصيص، وصناعة البطاريات؛ الأمر الذي يدفع أسعاره إلى الارتفاع، إذ بلغت أسعار الزنك 2400 دولار للطن، كما بلغ سعر طن الرصاص 2200 دولار، وهو مرشّح لتسجيل أسعار أعلى في ظل ارتفاع الطلب على هذه المعادن.
أين وصل إنجاز المشروع؟
أنهينا -حاليًا- جميع الدراسات الاقتصادية، التقنية والفنية، وكذلك البيئية، التي أُنجزت بالتعاون مع شركات متخصصة عالمية تحت الإشراف التقني وبالتنسيق مع الشريك الأسترالي "تيرامين"، تحضيرًا لإطلاق المشروع قريبًا؛ ما يفتح المجال للجزائر للتحوّل إلى مورّد مهم لهذا النوع من المعادن ذات البعد الاستراتيجي، خاصة بعد توقّف نشاط العديد من المناجم التي تنتج الزنك والرصاص في القارة الأوروبية.
وتقوم الإستراتيجية الوطنية، بالموازاة مع هذا، على عمليات تحويل المعادن المستخرجة عوضًا عن تصدير المنتجات في شكلها الخام، والمحادثات جارية مع شريك الجزائر "ترامين" لإنشاء مصنع بهذا الخصوص، ومن ثم توفير المادة الأولية للمصنع الموجود بمنطقة الغزوات (ولاية تلمسان في غرب البلاد) لرفع القدرات الإنتاجية لها إلى نحو 70 ألف طن، بالإضافة إلى تشجيع الشركات الوطنية الموجودة في المنطقة أساسًا للاستثمار في الميدان، من خلال توفير المواد الأولية لها.
وفيما يلي، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة، السيرة الذاتية لمستشار وزير الطاقة والمناجم الجزائري مسعود حوفاني:
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: السيارات الكهربائية مكلفة في الصيانة والتأمين.. وهدف أنصارها المال فقط (صوت)
- العقوبات الغربية ضد النفط الروسي تعيد رسم خريطة الخام عالميًا (مقال)
- أبرز أرقام الطلب على الذهب عالميًا في الربع الثاني من 2023 (إنفوغرافيك)