كيف توازن شل عمان بين مشروعات الوقود الأحفوري والطاقة النظيفة؟
الشركة توسّع أنشطتها في البلد الخليجي
أحمد أيوب
لا تقتصر شركة شل عمان على تطوير أنشطتها بقطاعي النفط والغاز فقط في البلد الخليجي، بل تعمل على التوسع في مجالات الطاقة النظيفة، وأهمها الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، وهذا يطرح تساؤلًا مُهمًا حول مدى نجاح عملاقة صناعة النفط العالمي في تحقيق توازن بين صناعة الوقود التقليدي من النفط والغاز، وبين مجالات الوقود النظيف الذي أصبح اتجاهًا عالميًا.
وتُحقق الشركة انتشارًا كبيرًا بجميع مجالات الطاقة في سلطنة عمان، إذ تمتلك مشروعات بالشراكة مع كيانات أخرى وأعمال خاصة بها في مجالات البحث والتطوير والاستكشاف والإنتاج، فضلًا عن قطاع التجارة والبيع بالتجزئة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وإلى جانب اهتمامها الخاص بقطاع الهيدروجين الأخضر، تتجه شل عمان بقوة إلى الاستثمار في إنتاج الغاز المسال الاصطناعي، متوقعة أن يلقى هذا الوقود رواجًا كبيرا في السوق الأوروبية خلال الأعوام المقبلة، بحسب ما نشره موقع ذا إنرجي يير (The Energy Year)، نقلًا عن رئيس شركة شل في عُمان، وليد هادي.
شل وقطاع الهيدروكربونات في عُمان
تعمل شل عُمان من خلال شركة تنمية نفط عُمان (Petroleum Development Oman)، بشكل مُتزامن على زيادة إنتاج النفط، وفي الوقت ذاته تُكثِّف نشاطها لإزالة الكربون منه.
وتتوقع الشركة أن تظل صناعة النفط بمثابة حجر الأساس للاقتصاد العُماني خلال المستقبل المنظور، بحسب ما ذكره نائب أول الرئيس، رئيس شركة شل في عمان، وليد هادي.
وفي مجال الغاز الطبيعي، تعمل الشركة على تعميق تعاونها مع الحكومة العُمانية من خلال "الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال"، وتتوقع أن تُحقق الشركة أعلى عائد بمجال الغاز الطبيعي في سلطنة عمان حتى عام 2030.
وقال هادي: "بدأنا مُؤخرًا العمل على تطوير الغاز في المربع 10، وهو أول مشروع يُشَغَّل مباشرة لشركة شل في سلطنة عُمان، كما تُكثف الشركة أنشطة استكشاف المزيد من إمكانات الغاز".
وتعمل الشركة على إنتاج الهيدروكربونات منخفضة الكربون في إطار دعمها لجهود عُمان بالتحول إلى الطاقة النظيفة.
وفي هذا الصدد، قال رئيس شركة شل عمان، إن الشركة تعمل كذلك على تطوير العديد من سلاسل القيمة الخاصة بالطاقة مُنخفضة الكربون لدعم مستهدفات البلاد للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وفي مجال التكرير والتسويق، تعمل شركة شل العمانية للتسويق -وهي شركة مُدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية- على طرح عروض لمنتجات منخفضة الكربون، لا سيما في قطاع النقل.
شل عُمان والغاز الطبيعي
قال "هادي"، إنه في يناير/كانون الثاني من العام الجاري 2023، وقّعت شل عمان اتفاقية مع "الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال"، وهي بمثابة صفقة طويلة الأجل لتزويدهم بـ800 ألف طن سنويًا من الغاز الطببعي لمدة 10 سنوات، بدءًا من عام 2025.
وتابع: "على الرغم من أن عُمان قد لا تكون لاعبًا دوليًا كبيرًا في مجال الغاز الطبيعي المسال، فإنها تتمتع ببنية تحتية عالمية في هذا القطاع، كما أن لها حضورًا تنافسيًا في السوق العالمية، كونها موردًا موثوقًا به".
واستطرد: "نوع العلاقات التي أقامتها سلطنة عمان على مرّ السنين، لا سيما في الشرق الأقصى، ونهجها في تنويع أسواقها بأوروبا وتركيا والصين، يجعلها دولة ذات ميزة نسبية في هذا المجال".
مربع 10
في غضون ذلك، تطرَّق "هادي" إلى مربع 10، الذي وصفه بأنه مشروع خاص للغاية بالنسبة لشركة شل عمان، قائلًا: "كنّا نديرُه بالتعاون مع شركة أوكيو وشركاء آخرين، إلّا أنه أول عمل في عمان نقوم بتشغيله بشكل مباشر".
وأضاف: "وقّعنا الاتفاقيات الخاصة بالمشروع في ديسمبر/كانون الأول من عام 2021، وفي يناير/كانون الثاني 2023، وتمكنّا من بدء الإنتاج، بعد حفر جميع الآبار المحددة للمرحلة الأولية".
وتابع: "نتوقع أن نصل إلى مستويات إنتاج 500 مليون قدم مكعبة (14.2 مليون متر مكعب) يوميًا بحلول مطلع عام 2024، مع توفير الغاز المنتج إلى شبكة الغاز الخاصة بشركة أوكيو العمانية، ما يُسهم في تغذية الصناعات المحلية ومنشآت التصدير".
واستطرد رئيس شركة شل عمان: "نعتقد أن عُمان لديها فرص نمو في مجال الغاز الطبيعي، لأن البلد بحاجة إليه، ولأننا نرى قاعدة موارد جذابة ما تزال داخل مربع 10".
الغاز الاصطناعي
وقّعت الشركة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري 2023 مذكرة تفاهم مع الحكومية العُمانية؛ لاختيار البلد الخليجي، كونها أول دولة في العالم تسعى شل لإنتاج الغاز الاصطناعي -مُنخفض الكربون- فيها على نطاق تجاري.
وأجرت شل عددًا من التجارب حول العالم لتطوير تكنولوجيا الغاز الاصطناعي، وتأمل أن تتمكن من بناء أول محطة لإنتاج هذا الوقود في عُمان.
كما يتطلع العديد من البلدان عملاء الغاز إلى اقتناء الغاز المسال الاصطناعي بوصفه وسيلة ممكنة لإزالة الكربون من قطاعات الكهرباء والصناعة، لأنه يوفر تكاليف إعادة استعمال البنى التحتية للإنتاج أو محطات الاستقبال أو خطوط الأنابيب، وجميع هذه البنى التحتية موجودة في عمان.
وقال رئيس شل عمان: "نتوقع أن يتحقق أعلى طلب على الغاز المسال الاصطناعي من أوروبا والشرق الأقصى، وفي النهاية، ومع تطور التكنولوجيا وانخفاض تكاليف الإنتاج، يمكن أن يصبح هذا الوقود جزءًا من مزيج الطاقة السائد في العالم، خلال مدة قصيرة".
ويعدّ إنتاج الغاز الطبيعي المسال الاصطناعي أكثر تكلفة من استخراج الغاز الطبيعي، لذلك، فإن إنشاء إطار عمل تنظيمي يتضمن عددًا من الحوافز لهذا القطاع، يمثّل أمرًا ضروريًا لضمان الجدوى التجارية لهذا المنتج.
شل ومشروعات الطاقة النظيفة
-
الهيدروجين الأخضر
أشار رئيس شل عمان إلى أن الشركة انضمت مؤخرًا إلى "تحالف الهيدروجين الأخضر في عمان"، كما أنها تعمل على إنتاج الهيدروجين الأزرق في نطاق واسع.
وأوضح "هادي" أنه خلال العام الجاري 2023، استحوذت شل عمان على حصة تُقدَّر بـ35% في تحالف عُمان للطاقة الخضراء، الذي يُطور أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في البلاد، ولدى الشركة اهتمام خاص بهذا المشروع.
وقال: "إن الإعلان -من قبل الحكومة- عن تأسيس شركة هيدروجين عُمان "هايدروم" في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022، وكذلك منح البلد الخليجي العديد من التراخيص لمشروعات الهيدروجين الخضراء، يُظهر نية الحكومة للنهوض بهذا القطاع، وتحقيق مُستهدفاتها لتصبح مركزًا محوريًا للهيدروجين الأخضر في المنطقة".
وعلى صعيد البنية التحتية لمشروعات الهيدروجين الأخضر، فإن وزارة الطاقة والمعادن العُمانية تعمل على قدم وساق لضمان تشييد بينة تحتية يمكن الوثوق بها لدعم مشروعات هذا الوقود النظيف، وتشمل هذه الجهود إنتاج المياه العذبة وممرات خدمات وأنظمة نقل الكهرباء وتكامل الشبكة وخيارات النقل.
وحول قدرة الهيدروجين الأخضر على أن يكون بديلًا منافسًا حاليًا في السوق العُمانية، قال "هادي"، إن الأمر يتطلب المزيد من الجهد والتطوير قبل أن يصبح الوقود النظيف ذا تكلفة تنافسية، وإثبات نفسه كونه بديلًا تجاريًا.
وأضاف: "نتوقع أن تُسهم التكنولوجيا ووفورات الإنتاج في خفض تكاليف الإنتاج بشكل منهجي خلال المُدة المتبقية من هذا العقد".
-
الطاقة الشمسية:
أطلقت شل عمان خلال عام 2021 مشروع "قبس"، وهو محطة طاقة شمسية بقدرة 25 ميغاواط في ولاية صحار، لدعم مفهوم الاستدامة في ميناء صحار والمنطقة الحرة.
وقال رئيس الشركة، يوجد العديد من مشروعات الطاقة الشمسية المهمة قيد التشغيل في سلطنة عمان.
-
نشاط شل في إزالة الكربون
أكد "هادي" أن نشاط احتجاز الكربون وتخزينه سيؤدي دورًا مهمًا في مستقبل البلاد، لافتًا إلى أن هذا يعتمد على كيفية استعمال ثاني أكسيد الكربون الذي يعدّ موردًا له قيمة في عدد من التطبيقات مثل عمليات الاستكشاف وإنتاج الغاز المسال الاصطناعي، إلى جانب استعماله في الأنشطة الصناعية.
وأضاف: "في هذا الصدد، وقّعنا اتفاقية -في مايو/أيار (2022)- مع شركة "تنمية نفط عمان" للتعاون في تقييم جوانب إعادة حقن وتخزين ثاني أكسيد الكربون، ويشمل ذلك المسائل الفنية، والإطار الزمني للمشروع، والتكلفة".
وأضاف: "نحن متحمسون لهذا التعاون بسبب تنوع الخزانات في محفظة شركة تنمية نفط عمان، ومن جانبنا، بإمكاننا نقل التكنولوجيا والمعرفة التي تراكمت لدينا حول هذه الأمور".
وأشار إلى أن احتجاز الكربون وتخزينه يمثّل ركيزة أساسية لسلاسل القيمة في وقود الهيدروجين الأزرق، ويمكن أن يساعد في تسريع التحول من الهيدروجين الرمادي إلى الهيدروجين الأخضر.
وأضاف أن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه هي تقنية معقدة، وتتطلب رأس مال كثيفًا، كما تواجهها تحديات كبرى.
موضوعات متعلقة..
- صفقات جديدة لزيادة صادرات الغاز العماني.. وشل تبدأ الإنتاج من حقل مبروك
- اتفاق وشيك بين سلطنة عمان مع شل وتوتال لتطوير مشروع غاز جديد
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان.. طريق للريادة العالمية (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- أسواق الغاز العالمية.. حقائق الإنتاج والاستهلاك وخرائط الصادرات والواردات (رسوم بيانية)
- هل يتدفق الغاز الجزائري إلى المغرب من جديد؟.. تصريحات رسمية تثير الجدل
- صحيفة: أرامكو السعودية توقع صفقة ضخمة بـ10 مليارات دولار