تحول الطاقة في أذربيجان ينتعش بدعم من الإمارات والسعودية (تقرير)

تمهد وفرة مصادر الطاقة المتجددة الطريق أمام تحوّل الطاقة في أذربيجان سعيًا لتنويع موارد الاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وخفض انبعاثاته الملوثة للبيئة.

لا تقتصر أهمية تحول الطاقة فحسب على استدامة الموارد والحفاظ على البيئة، بل تتخطاها حاملة إمكان تصدير الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في أذربيجان إلى أوروبا.

ورغم كونها مصدرًا كبيرًا للنفط والغاز، تسعى الدولة الواقعة في غرب آسيا إلى تعزيز الاستفادة من الطاقة المتجددة؛ تنفيذًا لسياسة أمن الطاقة الموضوعة تحت قيادة رئيس البلاد إلهام علييف.

وتقدّر وزارة الاقتصاد إجمالي إمكانات الطاقة المتجددة في أذربيجان (برًا وبحرًا)، عند 292 غيغاواط، بحسب تقرير نشرته صحيفة "أذر نيوز" المحلية (azernews)، والذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

مسار تحول الطاقة في أذربيجان

تحمل أذربيجان إمكانات هائلة للطاقة المتحدة، فضلًا عن كونها واحدة من كبار منتجي النفط والغاز الطبيعي، ويُشكّل إنتاج الهيدروكربونات الركيزة الأساسية للاقتصاد وعائدات خزينة الدولة.

يقول تقرير أعدّته وزارة الاقتصاد، إن الإمكانات الاقتصادية للطاقة المتجددة في أذربيجان، تُقدَّر بـ27 غيغاواط، مقسّمة بين 3 آلاف ميغاواط لطاقة الرياح و23 ألف ميغاواط للطاقة الشمسية و380 ميغاواط للطاقة الحيوية و520 ميغاواط للأنهار الجبلية.

وانطلاقًا من وفرة الموارد، وضعت أذربيجان هدف زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء المحلي إلى 30% بحلول عام 2030، من أجل زيادة إنتاج الكهرباء النظيفة وخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة تغير المناخ.

يحظى تحول الطاقة في أذربيجان بدعم عالمي، وخاصة من البنك الدولي الذي يدعم تطلعات باكو لزيادة إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة ونظيفة.

وكشف تقرير للبنك الدولي أن أذربيجان قادرة على تسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

يقوم البنك الدولي بدور واضح في مساندة البلدان النامية لخفض انبعاثات الكربون، لتمكينها من بناء اقتصادات تكون خضراء وقادرة على الصمود وشاملة للجميع، بحسب موقعه الرسمي.

وبحسب تقرير للبنك، فتحوّل الطاقة في أذربيجان يأتي اتّساقًا مع الالتزامات الدولية، ومنها خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، واتفاق باريس للمناخ الذي يدعو لاتخاذ إجراءات طموحة تحافظ على ارتفاع درجة الحرارة دون 1.5 درجة مئوية.

يقول المدير الإقليمي لمنطقة جنوب القوقاز في البنك الدولي، سيبستيان مولينوس: "بدءًا من الآن، وباستعمال الموارد العامة وعائدات صادرات الوقود الأحفوري، يمكن لأذربيجان رسم مسار جديد نحو مستقبل أكثر اخضرارًا ونظافة.. البنك الدولي على استعداد لدعم أذربيجان على طول الطريق".

دعم سعودي - إماراتي

في إطار خطط تحول الطاقة في أذربيجان، تخطط البلاد لإنتاج 3 غيغاواط من طاقة الرياح، و1 غيغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2027، على أن تُصدر 80% من الكهرباء المنتجة إلى دول الجوار مثل إيران وجورجيا وصولًا إلى أوروبا، وفق تقرير أعدّته مؤسسة الأبحاث الأميركية "جيمس تاون"، والذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وفي هذا الصدد، أعلنت شركة مصدر الإماراتية، قرب موعد تشغيل محطة قاراداغ للطاقة الشمسية في أذربيجان بقدرة 230 ميغاواط، بتكلفة تبلغ نحو 200 مليون دولار، من المتوقع أن تنتج المحطة 500 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، وهو ما يعني توفير 110 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، وخفض انبعاثات الكربون بأكثر من 200 ألف طن سنويًا، وتزويد 110 آلاف منزل بالكهرباء.

تقول مديرة فريق التطوير والاستثمار بشركة مصدر في أذربيجان، مريم راشد المزروعي، إن الشركة تنفّذ العديد من المشروعات بالتعاون مع وزارة الطاقة بالبلاد.

كما وقّعت الشركة الإماراتية مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة الأذربيجانية، بهدف دعم استعمال مصادر الطاقة المتجددة، وتقديم الحلول المتكاملة للاستفادة من طاقة الرياح البحرية وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وخفض الكربون واستعماله وتخزينه.

يُشار إلى أن شركة مصدر الإماراتية أعلنت في يونيو/حزيران 2022 توقيع اتفاقيات مع وزارة الطاقة في أذربيجان لتطوير مشروعات متجددة، بقدرة إجمالية تبلغ 4 آلاف ميغاواط، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".

كما أبرمت شركة أكوا باور السعودية اتفاقية لإقامة مزرعة رياح بقدرة 240 ميغاواط في عام 2020.

يحمل المشروع القدرة على توليد مليار كيلوواط/ساعة سنويًا، وهو ما سيوفر 220 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، وسيحمي البيئة من 400 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، وسيوفر الكهرباء لـ300 ألف منزل.

تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 300 مليون دولار، وستموّله بالكامل استثمارات أجنبية.

يُعَدّ مشروع طاقة الرياح هو الأول والأكبر من نوعه باستثمارات أجنبية في أذربيجان، ومن المتوقع أن يُسهم بنحو 3.7% من إجمالي سعة شبكة الكهرباء، بحلول الربع الأخير من هذا العام (2023)، ليُسهِم في إنارة 300 ألف وحدة سكنية.

تُعدّ شركة أكوا باور السعودية، من أكثر شركات الطاقة المتجددة نشاطًا بأذربيجان، وفي فبراير/شباط 2023، أبرمت 4 اتفاقيات جديدة.

كما وقّعت السعودية، في مايو/أيار (2023)، مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون المشترك في قطاعات النفط، والبتروكيماويات، والغاز، والكهرباء، والطاقة المتجددة، واحتجاز الكربون ونقله وتخزينه.

تصدير الكهرباء

بعد تحقيقها عائدات ضخمة من صادرات الغاز إلى أوروبا بعد الحرب الروسية الأوكرانية في العام الماضي (2022)، تستهدف أذربيجان إحراز خطوة أكبر لتصدير الكهرباء النظيفة.

وتحولت أذربيجان من دولة مستوردة للكهرباء إلى مصدّرة، وعلى مدار السنوات الـ10 الماضية، ارتفع حجم الكهرباء المصدّرة بنحو 4.5 ضعفًا، بحسب تقرير سابق لصحيفة "أذر نيوز".

وقال رئيس البلاد إلهام علييف يوم 21 يوليو/تموز الجاري: "بنهاية هذا العام (2023)، من المقرر تشغيل أول محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.. أبرمنا مذكرات تفاهم وعقودًا لتوليد 10 غيغاواط من الكهرباء، وإذا نُفِّذ نصف تلك المذكرات، فستتوافر لدينا كهرباء تغطي مساحة شاسعة من أوروبا.. نعم، سيكون الموقف متبادل النفع".

وفي 17 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي (2022)، أبرمت أذربيجان وجورجيا ورومانيا والمجر اتفاقية شراكة إستراتيجية لإقامة ممر كهرباء يمتدّ من منطقة القوقاز إلى أوروبا.

تضمَّن الاتفاق بناء خط كهرباء تحت سطح البحر الأسود، بقدرة 1000 ميغاواط، وبطول 1195 كيلومترًا.

موضوعات متعلقة..

• الطاقة المتجددة في أذربيجان.. آفاق واعدة لتأمين احتياجات أوروبا (تقرير)
• صادرات الغاز الأذربيجاني تتجاوز 7 مليارات دولار في 5 أشهر
• صادرات الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا تسجل 21 مليار متر مكعب خلال عامين

اقرأ أيضًا..

• بنغلاديش تقترض لسداد ديون الطاقة.. وتهديد يواجه مستحقات قطر وعُمان
• مصافي تكرير النفط في الجزائر.. 6 منشآت تحقق الاكتفاء الذاتي (إنفوغرافيك)
• تقنية مذهلة.. توربينات تحت الماء تولد كهرباء 3 أضعاف الطريقة العادية (فيديو)