الأردن يلغي اتفاقية تنقيب عن النفط بعد 13 عامًا من توقيعها.. ما القصة؟
المملكة تحافظ على حقوقها دون أن تتحمل أي خسائر
ياسر نصر
أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قرارًا ملكيًا بالمصادقة على قانون إلغاء قانون التصديق على اتفاقية المشاركة في الإنتاج للاستكشاف عن النفط وتقييم اكتشافه وتطويره وإنتاجه بين سلطة المصادر الطبيعية في المملكة، وشركة أمونايت للطاقة إنترناشونال إنكربوريشن الكندية، في منطقة الجفر ووسط الأردن لسنة 2023.
جاء ذلك ضمن مجموعة من القوانين التي صادق عليها الملك، مساء أمس السبت 12 أغسطس/آب، ليسدل الستار بذلك على قصة الشركة الكندية والاتفاق السابق معها، الذي لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي، بعد نحو 13 عامًا من توقيعه؛ لعدم التزام "أمونيات" ببنود التعاقد.
كانت لجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس الأعيان، قد أقرّت يوم الخميس 3 أغسطس/آب، مشروع قانون إلغاء قانون التصديق على الاتفاق مع أمونايت.
وجاء إلغاء اتفاقية التنقيب عن النفط في الأردن من قبل مجلس الأعيان، بعد نحو 10 أيام من قرار لجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس النواب بالتصديق على قانون بإلغاء الاتفاقية.
يشار إلى أن مجلسَي النواب والأعيان يمارسان الصلاحيات نفسها فيما يتعلق بالتشريع، إذ يحقّ للمجلسين قبول أو رفض أو تعديل أيٍّ مـن مشروعات القوانين، ولإقرار أو رفض أيّ مشروع قانون لا بدّ أن يوافق المجلسان عليه معًا.
أسباب إلغاء اتفاقية أمونيات
قال رئيس لجنة الطاقة في مجلس الأعيان المهندس مالك الكباريتي، إن قرار اللجنة جاء بعد الاطّلاع على الأسباب الموجبة لقرار إلغاء التصديق على الاتفاقية، التي جاءت نظرًا لعدم التزام شركة أمونايت للطاقة بتنفيذ التزاماتها التعاقدية.
وأشار إلى أنه، حسب بنود الاتفاقية المبرمة معها للتنقيب عن النفط في منطقة الجفر ووسط الأردن، يشكّل عدم التزام الشركة الكندية خرقًا ماديًا أساسيًا لبنود الاتفاقية.
يأتي مشروع إلغاء قانون التصديق على الاتفاقية كذلك بعد أكثر من 6 سنوات من موافقة مجلس الوزراء الأردني في 8 فبراير/شباط (2017) على إلغاء الاتفاقية استنادًا لأحكام المادة (32) منها.
يشار إلى أنه جرى تصديق الاتفاقية ونشرها في الجريدة الرسمية في عام 2015، أي بعد عامين من توقيعها، ونحو 5 سنوات من توقيع مذكرات التفاهم لتنفيذ المشروع.
ودعا رئيس لجنة الطاقة النيابية، طلال النسور، مؤخرًا إلى ضرورة التحقق من جدّية الشركات الراغبة بالتنقيب عن النفط في الأردن بمنتهى معايير الدقة، من خلال خبراتها السابقة في هذا المجال.
وكان وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة قد قدّم، خلال اجتماع لجنة الطاقة في مجلس النواب التي أقرّت إلغاء الاتفاقية مؤخرًا، ملخصًا عن حيثيات مشروع قانون الغاء قانون التصديق على اتفاقية أمونايت.
وأوضح الخرابشة أن الشركة، وبعد تاريخ نفاذ الاتفاقية بصدورها بالجريدة الرسمية في 2 يونيو/حزيران 2015، لم تقم بتنفيذ أيّ من التزاماتها التعاقدية، على الرغم من متابعة مطالبة وزارة الطاقة للشركة بضرورة الالتزام بنصوص الاتفاقية، إذ علّلت الشركة عدم قدرتها على الالتزام بالسير في الاتفاقية بتذبذب أسعار النفط.
تفاصيل الاتفاقية
هدفت الاتفاقية الموقّعة مع الشركة الكندية في 2023 إلى التنقيب النفط والغاز الطبيعي، في إطار مسعى الحكومة لتأمين مصادر محلية للطاقة والترويج لاستغلال مصادر النفط المحتملة في منطقة الجفر ووسط الأردن وتطويرها.
وكان من المقرر أن تتمّ خطة التنقيب عن النفط، وفق بيانات سابقة لسلطة المصادر الطبيعية، على مرحلتين، تتضمن المرحلة الأولى حفر بئرين استكشافيتين، بحيث يجري الوصول إلى الطبقات العميقة وتقييم التراكيب في المنطقة، تقوم خلالها شركة أماونت بإنفاق ما لا يقلّ عن 5 ملايين دولار.
كما تتضمن المرحلة الثانية حفر بئرين وإجراء مسوحات زلزالية في المنطقة وفي حال إثبات وجود النفط والغاز ستنفق الشركة بحدّ أدنى 7 ملايين دولار، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ونصّت الاتفاقية على أن الحدود الدنيا لبرنامج العمل خلال المرحلة الاستكشافية الأولى مدّتها عامان فقط، ما يشمل حفر بئر ضحلة لعمق يصل إلى تحت طبقة الدبيدب من العصر الأردوفيشي العلوي، وحفر بئر لعمق 300 متر تحت طبقة الدبيدب من العصر الأردوفيشي العلوي، وإعادة معالجة لـ200 كيلومتر طولي من المسوحات الزلزالية ثنائية الأبعاد.
وحددت الاتفاقية مدة العمل خلال المرحلة الاستكشافية الثانية عامًا واحدًا فقط، ويشمل حفر بئر ضحلة لعمق يصل إلى تحت طبقة الدبيدب من العصر الأردوفيشي العلوي، وحفر بئر عميقة لعمق 300 متر تحت طبقة الدبيدب من العصر الأردوفيشي العلوي، وإجراء مسوحات زلزالية ثنائية الأبعاد لما مجموعه 200 كيلومتر طولي، أو ما يعادله من المسوحات الزلزالية ثلاثية الأبعاد.
وكان من المقرر أن يقوم الأردن بالتعاون مع الشركة الكندية حال استكشاف النفط والوصول لمستوى إنتاجي يبلغ 2000 برميل يوميًا لمدة شهر، بإجراء نقاشات من أجل تأسيس شركة مشغّلة للمشروع.
وأشارت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية السابقة، هالة زواتي، إلى أن شركة أمونايت الكندية كان لديها عام 2010 اهتمام بالتنقيب عن النفط في منطقة الجفر، ووقّعت مذكرة تفاهم مع هيئة المصادر الطبيعية في ذلك الوقت.
وقالت في تصريحات سابقة، إنه بعد عام ونصف وُقِّعَت الاتفاقية في عام 2013، وأحيلت إلى مجلس النواب، الذي أقرّها في عام 2015، مضيفةً: "المستثمر خلال سنوات التأخير فقدَ اهتمامه بالانتظار، وكانت أسعار النفط وقتها مرتفعة، أمّا في عام 2015، فقد تراجعت الأسعار، وفقدَ المستثمر اهتمامه بالمشروع".
وكان من المفترض أن تدفع الشركة غرامة مليون دينار (1.41 مليار دولار)، وهو ما لم تلتزم به، وعملت وزارة الطاقة على إلغاء الاتفاقية، وصدرت موافقة مجلس الوزراء على الإلغاء في عام 2017، وأُرسِلَت لمجلس النواب لإصدار قانون الإلغاء.
التنقيب عن النفط في الأردن
يأتي إلغاء الاتفاقية مع الشركة الكندية من قبل لجنة الطاقة في مجلس الأعيان، تمهيدًا لطرحها في جلسة مجلس الأعيان المقبلة من أجل اتخاذ قرار الإلغاء، ليكون بذلك قد مرّ بآخر قناة للنقاش، بعد ذلك يُصدَّق على القرار من ملك الأردن عبدالله الثاني، وفقًا لما كشفه مصدر من وزارة الطاقة في تصريحات خاصة لمنصة الطاقة المتخصصة.
وتعدّ منطقة الجفر التي كانت من المفترض أن تعمل بها الشركة الكندية واحدة من أهم المناطق الواعدة للتنقيب عن النفط في الأردن، إذ طرحت وزارة الطاقة مؤخرًا عطاءً لحفر بئر نفطية في شرق المنطقة.
ودعت وزارة الطاقة، بحسب إعلان العطاء، المقاولين الأردنيين المصنّفين لدى دائرة العطاءات الحكومية في مجال الأشغال المتخصصة اختصاص حفر الآبار بالفئة الأولى، وبموجب شهادة تصنيف سارية المفعول صادرة عن دائرة العطاءات الحكومية، لمراجعة قسم العطاءات في وزارة الطاقة، لتقديم العروض.
ويتضمّن العمل حفر بئر نفطية في منطقة الجفر، على بُعد 70 كيلومترًا شرق مدينة الجفر، إلى عمق يصل نحو 1500 متر، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
كما تعدّ منطقة الجفر واحدة من بين 12 منطقة حددتها المملكة للتنقيب عن النفط في الأردن، إذ تحتوي المنطقة الواقعة في جنوب شرق الأردن على 7 آبار، وتبلغ مساحة المنطقة نحو 10.662 ألف كيلومتر مربع، وتتوافر فيها مسوحات زلزالية ثنائية الأبعاد بطول 2.118 ألف كيلومتر.
وتشمل المناطق الـ12 للتنقيب عن النفط والغاز في الأردن مصادر تقليدية وغير التقليدية، منها منطقتان للتطوير، وهما منطقة حقل حمزة ومنطقة السرحان التطويرية، وتتضمّن المناطق الاستكشافية المفتوحة للتنقيب عن النفط في الأردن كلًا من الأزرق، والسرحان الاستكشافية، والسرحان التطويرية، والجفر، وغرب الصفاوي، والبحر الميت، والمرتفعات الشمالية، والبترا، ورم.
*تم تحديث هذا التقرير بتاريخ الأحد 13 أغسطس/آب 2023، لإضافة قرار المصادقة الملكية.
موضوعات متعلقة..
- التنقيب عن النفط في الأردن يشهد تطورات جديدة
- التنقيب عن النفط في الأردن يترقب صفقة تحالف تقوده السعودية
اقرأ أيضًا..
- انقطاع الكهرباء في مصر.. ما حقيقة مساهمات الطاقة المتجددة وهل فشلت؟
- هبوط حاد في حجم اكتشافات النفط والغاز خلال النصف الأول من 2023 (تقرير)
- مصافي تكرير النفط في الجزائر.. 6 منشآت تحقق الاكتفاء الذاتي (إنفوغرافيك)