خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني للغاز يواجه غضبًا روسيًا محتملًا
عشق آباد تخطط للاستفادة من الطلب الأوروبي المرتفع
حياة حسين
- تكلفة مشروع خط أنابيب الغاز ترانس قزوين تتجاوز ملياري دولار
- بناء المشروع يضمن وصول 20 مليار متر مكعب إلى أوروبا سنويًا
- مشكلات تغير المناخ ستصعِّب بناء المشروع إذا تأخّر بناؤه
- روسيا تخشى على حصتها السوقية من مشروع تركمانستان
يواجه مشروع بناء خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني للغاز، الذي تأمل "عشق آباد" أن يكون وسيلتها لوصول غازها إلى أوروبا العطشة، مشكلات عديدة، أصعبها التمويل، وغضب روسي محتمل من أن تحلّ حليفتها مكانها.
وتبحث أوروبا عن خطوط إمداد جديدة منذ أن بدأت أزمة طاقة تاريخية بسبب غزو أوكرانيا، وفرض عقوبات غربية على روسيا، التي كانت مصدرًا رئيسًا للغاز في القارة، في حين تسابق تركمانستان الزمن للاستفادة من هذا الطلب.
وقد يؤدي بطء مد خطوط أنابيب غاز لأوروبا، في الدولة التي تحتلّ المركز الرابع عالميًا في حجم الاحتياطي لديها من هذا الوقود، إلى خسارة المنافسة مع الدول المنتجة الأخرى، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، اليوم الإثنين 31 يوليو/تموز 2023.
وغزت موسكو كييف في أواخر فبراير/شباط 2022، وكثّفت الدول الغربية عقوباتها على روسيا، ما أدى إلى ارتباك كبير في أسواق الطاقة العالمية وارتفاعات قياسية للأسعار، كانت أوروبا أكبر ضحاياها، كون الدولة المعتدية من كبار المنتجين للنفط والغاز والفحم، ومصدرًا رئيسًا لاحتياجات القارة العجوز من الغاز، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
حشد التمويل
تبحث تركمانستان حشد الدعم التمويلي لبناء خط أنابيب ترانس قزوين -المعروف أيضًا بخط أنابيب الغاز عبر بحر قزوين- وهو المشروع الذي ظهر إلى العلن في 2007، رغم استمرار وجود بدائل أقلّ تكلفة.
وقالت وزارة الخارجية في بيان نادر مطلع شهر يوليو/تموز الجاري: "لا وجود لأيّ عوامل سياسية أو اقتصادية تقف عائقًا في سبيل تدشين خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني، ولكن التمويل وحده السبب".
وكون تركمانستان تقع في آسيا، فإنها في وضع جيد يؤهلها لأن تصبح واحدة من أسرع أسواق الغاز في العالم نموًا.
غير أن رهان تركمانستان يجب أن يكون على أوروبا، حيث لا وجود لمناطق عديدة تحتاج إلى كميات كبيرة من الغاز خارج دول الاتحاد، والذي يسعى للتخلص من الاعتماد على روسيا بعد غزوها أوكرانيا.
وترتبط تركمانستان بعلاقات قوية مع روسيا حتى الآن، في وقت تضعف فيه علاقتها بالغرب، ولا وجود لأيّ اتصالات بين بروكسل وعشق آباد تمهّد لأن تصبح الدولة الآسيوية مُصدّرًا للغاز إلى أوروبا مستقبلًا، وفق مسؤول أوروبي رسمي.
وحال بناء خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني للغاز، فإنه سيزوّد أوروبا بنحو 30 مليار متر مكعب سنويًا، وهي كمية تعادل احتياجات دولة مثل إيطاليا في 6 أشهر.
تكلفة مشروع خط أنابيب ترانس قزوين
تُقدَّر التكلفة الاستثمارية لمشروع خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني بأكثر من ملياري دولار أميركي، كما أن بناءه قد يستغرق عدّة سنوات.
وكان لرئيس أذربيجان إلهام علييف تصريح مُحبِط بشأن المشروع، مؤخرًا، إذ قال: "إن السؤال المهم هو من سيموّل بناء خط الأنابيب، فالمصارف الأوروبية مترددة بوصفه مشروع وقود أحفوري ضخمًا".
وحتى الآن، هناك مشروع خط أنابيب واحد لنقل الغاز من دول منطقة بحر قزوين الغنية بمصادر الوقود إلى أوروبا، وهو ممر الغاز الجنوبي "ذا ساوثرن غاز كوريدور"، والذي يبدأ في أذربيجان ويمرّ بتركيا واليونان وينتهي في إيطاليا.
ورغم أن أذربيجان عرضت نقل غاز عشق آباد في خط الأنابيب الوحيد الممتد بين أوروبا ومنطقة بحر قزوين، فإنها أكدت نيّتها عدم المشاركة في بناء خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني.
وقال نائب رئيس شركة النفط المملوكة للدولة في أذربيجان فيتالي بايلاربايوف، إن حقلي الغاز في منطقة بحر قزوين يقعان على مسافة قريبة من شبكة خط الأنابيب الموجودة، وتطويرهما لا يحتاج لمدّ خطوط الأنابيب في البحر.
وتبدو محادثات التعاون بين أوروبا وتركمانستان بشأن الطاقة بطيئة، مقارنةً بتحركات القارة مع دول أخرى.
فرغم زيارة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى عشق آباد مؤخرًا، التي استهدفت تعزيز العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة، فإنه حتى الآن لم تُبرَم أيّ صفقات إمداد بودابست بالغاز.
مصادر للغاز
عززت أوروبا علاقاتها بمصدّري الغاز المتوقعين مثل أميركا وقطر، إضافة إلى إسرائيل، التي تستعد لبناء خط أنابيب في منطقة شرق المتوسط لتصدير الغاز إلى بروكسل.
وقال خبير أمن الطاقة في المملكة المتحدة، جون روبرت: "إن المشكلة الأساسية التي تقف في طريق تصدير الغاز التركمانستاني إلى أوروبا هي عدم وجود اتصالات بين المسؤولين في الجانبين.. من الملاحظ أن هذا المشروع لا يُناقش إلّا كل 10 سنوات، لذلك يجب أن تعثر عشق آباد على مشترين من أوروبا".
ويرى أنه في الوقت الذي ترتفع فيه تكلفة بناء خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني للغاز، هناك مشروع بديل منخفض التكلفة، التي تتراوح بين 400 مليون دولار أميركي و600 مليون دولار أميركي، ويمكن أن يعمل خلال أشهر على تصدير غاز عشق آباد.
وتقوم شركة أميركية بالمشروع، إذ تطور وصلة خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأذربيجان بطول 78 كيلومترًا في بحر قزوين.
غير أن أيّ تطوّر بشأن إمداد تركمانستان أوروبا بالغاز مستقبلًا، يعني وقف عشرات العلاقات مع روسيا، والتي انخفضت تدفّقات غازها عبر الأنابيب الممتدة إلى بروكسل لمستويات محدودة جدًا لا تتعدى الكسور العشرية.
كما أنه من المحتمل أن تغضب موسكو من محاولات تركمانستان الحليفة لها لملء الفراغ الذي تركه غازها في أوروبا.
حذر واجب
قال باحث الطاقة المستقل في باكو، إلهام شعبان، إن تركمانستان تحتاج للتعامل بحذر مع مسألة تصدير الغاز إلى أوربا، حتى لا تتضرر علاقتها بروسيا.
ورغم نصّ اتفاقية مُبرمة في 2018 على أن أيّ مشروع مرتقب بناؤه في بحر قزوين يتطلب موافقة كل من أذربيجان وتركمانستان فقط، فإنه من غير المستبعد أن تحاول روسيا ضرب مشروع خط أنابيب ترانس قزوين التركمانستاني المستهدف بناؤه، لمنع الصادرات وحماية حصّتها السوقية من الغاز.
ويرى بعض المحللين -رغم كل المشكلات التي تواجه المشروع- أن عامل السرعة هو الأهم الذي على تركمانستان العمل عليه، لأن المدة الزمنية المتاحة لإمكانات بناء مثل هذا المشروع لا تتجاوز 20 عامًا، بسبب الاتجاه العالمي بعيدًا عن الوقود الأحفوري لعلاج تغير المناخ.
موضوعات متعلقة..
- تركيا تقترب من صفقة لبيع غاز تركمانستان إلى أوروبا (تحديث)
-
مسؤولة: مستقبل الطاقة في أوروبا يحتاج لتنويع الإمدادات.. وطوينا صفحة روسيا
-
انخفاض أسعار الغاز في أوروبا رغم هبوط الإمدادات من روسيا والنرويج
اقرأ أيضًا..
- أدنوك الإماراتية تعتمد خطة لتسريع خفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني
-
مصافي تكرير النفط في الجزائر.. 6 منشآت تحقق الاكتفاء الذاتي (إنفوغرافيك)