التلوث في غرب البلقان يتسارع.. خروج عن النص وصمت رسمي (تقرير)
أسماء السعداوي
تشهد معدلات التلوث في غرب البلقان زيادة ضخمة، إذ تجاوزت المستويات المقررة في عام 2022 المنصرم، وهو ما يُنذر بعواقب كارثية على البيئة، وأهداف خفض الانبعاثات لمكافحة تغير المناخ.
وكشفت شبكة "بانك ووتش" الأوروبية المعنية بوقف المشروعات الاستثمارية الضارة الممولة من الشعب أو تغييرها، في آخر تقاريرها، النقاب عن ارتفاع غير مسبوق في معدلات التلوث المميتة الناتجة عن محطات الكهرباء العاملة بالفحم في دول غرب البلقان خلال عام 2022، مقارنة بالعام السابق له (2021).
وسجلت انبعاثات 3 ملوثات مُقننة هي ثاني أكسيد الكبريت والغبار وأكاسيد النيتروجين زيادة مهولة، كما تجاوزت معدلات أكاسيد النيتروجين الحد الإجمالي للمنطقة للمرة الأولى، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
معدلات التلوث في غرب البلقان
تسعى أوروبا لخفض انبعاثات الملوثات المسببة للاحتباس الحراري لمكافحة تغير المناخ، وكذلك خفض الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري، لصالح الطاقة المتجددة.
وفي المقابل، انتهجت دول غرب البلقان -ألبانيا والبوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا الشمالية والجبل الأسود وصربيا- نهجًا مغايرًا بزيادة اعتمادها على الفحم لتوليد الكهرباء.
وعلى مدار 5 سنوات منذ تطبيق قواعد الحد من التلوث بموجب معاهدة مجتمع الطاقة، ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت الناتجة عن محطات توليد الكهرباء من الفحم في البوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا الشمالية وصربيا، بمقدار 5.6 مرة عن المستويات المقررة.
كما ارتفعت انبعاثات الغبار خلال عام 2022 على أساس سنوي، إذ تضاعفت 1.8 مرة عن المستويات المسموح بها.
وتجاوزت انبعاثات أكاسيد النيتروجين الحدود القصوى الإجمالية لتلك الدول، نتيجة لنقص الاستثمارات في خفض التلوث وزيادة الانبعاثات والقيود الصارمة التي تفرضها الخطط الوطنية لخفض الانبعاثات.
وللمرة الأولى منذ تطبيق قواعد الحد من التلوث، سجلت مدينة بيتولا في مقدونيا الشمالية خلال 2022 أعلى معدلات لانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت والغبار في المنطقة، وتضاعفت تلك الانبعاثات مقارنة بمستويات عام 2021.
وبلغ حجم انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في بيتولا الصربية، 111 ألفًا و408 أطنان، بزيادة 17 ضعفًا عن المسموح به، كما تجاوزت المدينة الحد الإجمالي لانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت، في كل دول المنطقة.
لم يحدد التقرير مسببات تلك الزيادة الكارثية، لكنه أشار إلى أن استعمال نوع مختلف من الفحم ربما يكون أحد الأسباب.
كما واصلت مدينتا أوجليجيفيك في البوسنة والهرسك وكوستولاك الصربية انتهاك حدود انبعاثات أكاسيد الكبريت، رغم امتلاكها الأدوات التي تمكنها من إزالة الكبريت.
وكانت انبعاثات الغبار في محطة كهرباء جاكو بالبوسنة والهرسك مرتفعة على نحو يُنذر بالخطر في 2022، بزيادة 12 ضعفًا عن المستويات المسموح بها.
وما زاد من معدلات التلوث في غرب البلقان هو انتهاك محطات الكهرباء العاملة بالفحم أحد الالتزامات التي بموجبها يكون عليها تقليل عدد ساعات عملها.
ومنذ أواخر عام 2020، تعمل محطة بلييفليا في الجبل الأسود بصورة غير قانونية وتتجاوز ساعات التشغيل المسموح لها بها، والبالغة 20 ألف ساعة، بدءًا من الأول من يناير/كانون الثاني من عام 2018.
وانضمت إليها في 2022، محطات توزلا 4 وكاكاني في البوسنة والهرسك ومحطة كهرباء مورافا في صربيا.
تخاذل رسمي
سعيًا لخفض معدلات التلوث في غرب البلقان، قررت أمانة مجتمع الطاقة، فتح عدد من قضايا تسوية النزاعات مع البوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود.
وفي يونيو/حزيران من هذا العام، قدّم معهد الطاقة المتجددة وتنظيم البيئة وشبكة "بانك ووتش" شكوى بشأن تشغيل محطة مورافا الصربية.
وبنهاية شهر يونيو/حزيران، اضطرت كل دول غرب البلقان إلى تقديم خططها الوطنية للطاقة والمناخ لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري بحلول عام 2030، وهو ما قد يتضمن خططًا لإغلاق محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
ويقول الناشط بحملة مناهضة التلوث في "بانك وووتش"، دافور بيهشيفسكي، إن مستويات التلوث في غرب البلقان غير مقبولة، مناشدًا حكومات المنطقة السيطرة على الوضع وعدم السماح لمحطات الكهرباء بفرض قواعدها الخاصة.
وأضاف أن الحاجة إلى خفض التلوث وتعزيز كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة المستدامة، أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، كما يجب القيام بذلك بوتيرة مضاعفة الآن، لتعويض التراخي في السنوات الماضية.
كما أشارت منسقة شؤون الطاقة في شبكة "بانك ووتش" إيوانا سيوتا، إلى أنه على الرغم من أن محطات الفحم المتقادمة لا يمكن الاعتماد عليها بصورة متزايدة حاليًا فإن أزمة الطاقة صرفت انتباه الحكومات ومرافق الكهرباء عن التحول إلى الطاقة المستدامة.
وأشارت إلى أن "إغلاق المحطات العاملة بالفحم وليس امتثالها للقواعد الموضوعة هو السيناريو الأكثر احتمالًا"، داعية جميع دول البلقان، إلى الكشف عن خططها الوطنية المتعلقة بالطاقة والمناخ.
وكانت دول البوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا الشمال وصربيا، قد وضعت خططًا وطنية لخفض الانبعاثات للمدة بين عامي 2018 و2027، بموجب معاهدة مجتمع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- 6 دول تهدد تحول الطاقة في أوروبا.. ألم تتعلم الدرس الروسي؟
- الطاقة الشمسية في كوسوفو تترقب مشروعًا جديدًا يدعم تخليها عن الفحم
- سعة محطات الكهرباء العاملة بالفحم تتراجع عالميًا.. الصين تغرد خارج السرب (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع تسارع نمو الطلب العالمي على الكهرباء في 2024
- الغاز المسال القطري والأميركي يواجه "حربًا مُبكرة".. ما علاقة كوب 28؟
- انقطاع الكهرباء في مصر بشكل غير مسبوق.. هل الغاز السبب؟