استكشاف النفط والغاز في أوروبا.. تحديات أمام بريطانيا وفرص خارج بحر الشمال (تقرير)
الرهان على اكتشافات قبرص وتركيا ورومانيا حتى 2030
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- تمديد الضريبة الاستثنائية حتى 2028 يحبط المنتجين في بريطانيا
- النرويج تسجل طفرة في تراخيص مشروعات النفط والغاز الجديدة
- أغلب المشروعات التي تراهن عليها أوروبا خارج دول بحر الشمال الرئيسة
- قبرص تمتلك 14 تريليون قدم مكعبة من الغاز لم تطوّر بعد
- اكتشافات تركيا ورومانيا تلفت الانتباه إلى البحر الأسود
يواجه استكشاف النفط والغاز في أوروبا تحديات مالية في المملكة المتحدة، وفرصًا في النرويج وقبرص ورومانيا وتركيا، إلى جانب أجزاء من بحر الشمال التابعة لهولندا وألمانيا.
وكشفت الحرب الأوكرانية عن مدى حاجة أوروبا إلى النفط والغاز في المستقبل القريب، مع صعود مسائل أمن الطاقة إلى جدول الأعمال الأوروبي، لكن موارد القارة العجوز لن تكون كافية لتلبية الطلب المستمر، وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث "وود ماكنزي".
ويواجه استكشاف النفط والغاز في أوروبا معضلة الموازنة بين الطلب المتزايد على مصادر الطاقة التقليدية، ومسار انتقال الطاقة الذي يشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة تسريعه بالنسبة للدول الأعضاء، وفقًا لما ترصده وحدة أبحاث الطاقة بصورة دورية.
ويختلف منح التراخيص الجديدة لاستكشاف النفط والغاز في أوروبا بين الدول من حيث التوسع أو التقييد، لأسباب مختلفة، من بينها حجم الضغوط السياسية التي تمارس ضد مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة في إطار خطط خفض الانبعاثات.
عوائق بريطانيا وفرص النرويج
تشهد النرويج -على سبيل المثال- طفرة قياسية بعدد تراخيص استكشاف النفط والغاز في أوروبا؛ ما قد يمكّنها من تطوير مواردها المتبقية في بحر الشمال وغيره.
بينما يواجه المشغّلون في المملكة المتحدة عوائق سياسية ومالية، قد لا تمكّن البلاد من تطوير جميع مواردها المتبقية في بحر الشمال تحديدًا، وفقًا لتحليل وود ماكنزي.
وشهدت الشهور الـ12 الماضية سلسلة تقلبات مختلفة بالنسبة لقطاع الاستكشاف والإنتاج في مناطق بحر الشمال التابعة للمملكة المتحدة، إذ حققت الشركات أرباحًا ضخمة، لكنها قوبلت بتغييرات مالية مقيدة، خاصة سياسة الضرائب الاستثنائية على شركات النفط والغاز.
وتحتاج المملكة المتحدة إلى استمرار زيادة استكشاف النفط والغاز لخفض الاعتماد على الواردات، إذ كانت البلاد مستوردًا صافيًا للنفط والغاز منذ أوائل القرن الـ21، وتستورد حاليًا 50% من استهلاكها.
ومن المتوقع استمرار مسار خفض واردات المملكة المتحدة من النفط والغاز في المستقبل عبر زيادة الإنتاج المحلي، لمواكبة نمو الطلب محليًا وتجاوزه للعرض المتوقع حتى في سيناريو انتقال الطاقة الذي تبقى فيه درجة الحرارة العالمية أقل من 1.5درجة مئوية.
احتياطيات بريطانيا في بحر الشمال
تضم حقول بحر الشمال التابعة للمملكة المتحدة احتياطيات مؤكدة تصل إلى 5 مليارات برميل نفط مكافئ، إضافة إلى 5 مليارات برميل أخرى يُحتمل إضافتها من سلسلة مشروعات لم تصل بعد إلى قرار الاستثمار النهائي، فضلًا عن أحجام أخرى من الموارد لم يُعثر عليها بعد.
ويمثّل هذا الحجم المتواضع من الاحتياطيات المتبقية للمملكة المتحدة رقمًا صغيرًا في معادلة الاحتياطيات العالمية الضخمة للنفط والغاز، إلّا أن موارد المملكة تتميز بكثافة انبعاثات أقلّ نسبيًا من غيرها، ما يرجّح تقدّمها في أولويات المنتجين.
ورغم هذه الميزة، فإن السياسات المالية الحالية في المملكة المتحدة تجاه قطاع النفط والغاز ما زالت متشددة، ما قد يصعب من احتمالات تطوير هذه الموارد، ويجعلها غير مؤكدة بالنسبة للمطورين والمنتجين.
وعوضت الحكومة البريطانية تأثيرات ضريبية الأرباح الاستثنائية على شركات الطاقة المفروضة في مايو/أيار 2022، عبر مخصصات تستهدف تحفيز الاستثمار في المشروعات الجديدة وتعزيز أمن الطاقة في البلاد، إلّا أنه سرعان ما تبخرت آثارها المتوقعة بالنسبة للمنتجين، مع إعلان الحكومة تغييرات مالية وضريبية كبيرة ضد الشركات في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وشملت هذه التغيرات زيادة الضريبة الاستثنائية على شركات النفط والغاز في المملكة المتحدة بنسبة 10% إلى 35%، مع تمديدها حتى نهاية مارس/آذار 2028، وفقًا لوزارة المالية البريطانية.
ويشعر الفاعلون في صناعة النفط والغاز البريطانية بصدمة من هذه التغييرات، كما يترقبون نتائج الانتخابات المقبلة التي قد تأتي بحكومة جديدة تضيف مزيدًا من الأعباء، وترسّخ حالة عدم اليقين السائدة، ما قد يعوق تطوير الموارد المتبقية لدى البلاد.
الرهان على قبرص وتركيا ورومانيا
على الجانب الآخر، هناك احتياج للبحث عن مناطق مناسبة لاستكشاف النفط والغاز في أوروبا، مع توقّف حقل غرونينغن العملاق في هولندا عن الإنتاج، وتزايد مخاطر أمن الطاقة بسبب الاضطرابات الإقليمية والعالمية.
وتمتلك قبرص أكثر من 14 تريليون قدم مكعبة من الغاز المكتشف شرق البحر المتوسط، لكن هذه الموارد لم تُطوَّر بعد.
كما تقع المشروعات الرئيسة الأخرى خارج دول بحر الشمال الأساسية (النرويج، والمملكة المتحدة والدنمارك) في البحر الأسود، لا سيما في رومانيا وتركيا، بينما تقع مشروعات أخرى في الأجزاء الهولندية والألمانية من بحر الشمال.
ويعدّ حقل صقاريا العملاق المملوك للدولة في تركيا جديرًا بالملاحظة بصورة خاصة، فقد انتقل من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة التشغيل في غضون أقلّ من 3 سنوات فقط، وفقًا لتحليل وود ماكنزي.
وأبلغت شركة النفط التركية الحكومية "تباو" عن وجود 25 تريليون قدم مكعبة من الغاز في حقولها في المياه العميقة بالبحر الأسود (تعادل 710 مليار برميل نفط مكافئ).
تقديرات وود ماكنزي للإنتاج 2030
تقدّر وود ماكنزي حجم الإنتاج المشترك للمشروعات الأوروبية سالفة الذكر بما يصل إلى 1.2 مليار قدم مكعبة يوميًا (215 ألف برميل نفط مكافئ) بحلول عام 2030.
كما يُتوقع أن يصل إنتاج هذه المشروعات جميعها إلى الذروة عند 5 مليارات قدم مكعبة يوميًا (أكثر من 900 ألف برميل نفط مكافئ)، إذا أضيف إليها جميع الموارد المحتملة في الإقليم.
ورغم ذلك، فليس هناك ضمانات بأن يوجّه كل هذا الغاز لصالح الاستهلاك في أوروبا، مع وجود احتمالات قوية بتحويل الغاز المنتج من الحقول القبرصية إلى غاز مسال للتصدير على سبيل المثال.
إضافة إلى ذلك، سيواجه استكشاف النفط والغاز في أوروبا شروطًا مشددة لخفض انبعاثات الكربون، ما قد يجعل معيار كثافة الكربون مفتاحًا لقرارات الاستثمار الجديدة في جميع أنحاء القارة.
ويخطط مشغّلو حقل غاز " N05-A" في أجزاء بحر الشمال التابعة لهولندا، لتشغيل عملياتهم عبر طاقة الرياح البحرية في إطار حلول خفض الانبعاثات من صناعة المنبع (الاستكشاف والإنتاج)، وسط توقعات بأن ينتشر هذا الاتجاه بين شركات النفط والغاز في أوروبا والعالم خلال السنوات المقبلة.
موضوعات متعلقة..
- وقف تراخيص النفط والغاز في بريطانيا.. لماذا فات أوانه ولم يعد مجديًا؟
- أكبر مشروع غاز في رومانيا يُبشر بنتائج واعدة لأوروبا.. هل يتراجع دور تركيا؟
- قبرص تستعد لتصدير الغاز إلى أوروبا بحلول عام 2027
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: على دول الخليج زيادة استثمارات النفط والغاز.. ويحذر من ابتلاع "الطُعم" (صوت)
- "الساعدي": نقل الهيدروجين إلى أوروبا سيكون أفضلية لدول المغرب العربي.. وهذه أبرز المخاطر (حوار)
- تطورات تجارة الغاز المسال العالمية.. رقم قياسي ولاعبون جدد (تقرير)