هل يؤثر حقل الدرة في علاقات السعودية وإيران؟ (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران تمتلك 5 حقول نفطية فيما بينها.
- • حقل الدُرّة/آرش للغاز كان محل نزاع بين إيران والكويت والسعودية في العقود الأخيرة.
- • منذ عام 1960 حتى الآن تجري إيران والكويت محادثات بشأن حقل الدُرّة/آرش.
- • جميع المعنيين يحاولون التوصل إلى اتفاق ودي بشأن حقل الدُرّة/آرش للغاز.
- • قد نشهد زيادة في استخراج السعودية والكويت من حقل آرش؛ نظرًا إلى استمرار العقوبات.
- • جميع الأطراف المعنية قد تستفيد من التعاون والتطوير التعاوني لحقل الدُرّة/آرش.
تشترك إيران وجيرانها الجنوبيون في العديد من حقول النفط والغاز؛ ومن بينها حقل الدرة؛ إذ توجد لدى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران 5 حقول نفطية.
بالإضافة إلى ذلك، تشترك قطر وإيران في حقل بارس الجنوبي، وهو الحقل المشترك الأكثر أهمية لإيران.
ويتمثّل هذا التعاون في قطاع النفط والغاز بين إيران وجيرانها الجنوبيين في الحقول المشتركة هذه.
الخلاف بشأن حقل الدرة/آرش
كان الخلاف بين الكويت وإيران بشأن حقل نفط بحري له تداعيات جيوسياسية مهمة. وكان حقل الدرة/آرش للغاز محل نزاع بين إيران والكويت والمملكة العربية السعودية في العقود الأخيرة.
وتؤكد إيران من جهة، والكويت والمملكة العربية السعودية من جهة أخرى، باستمرار، أنه يحق لها استغلال هذا الحقل. وأدى التوتر المتزايد في العلاقات الإيرانية السعودية خلال السنوات الأخيرة إلى تفاقم هذه الخلافات.
وصرّح وزير النفط والشؤون الاقتصادية والاستثمار الكويتي سعد البراك، في بيان، بأن حقل الدرة/آرش للغاز يُعَد ثروة طبيعية للكويت والسعودية، وحتى إعادة ترسيم الحدود البحرية لا يوجد لأي طرف ثالث أي حقوق فيها.
تجدر الإشارة إلى أن حقل الغاز هذا، الذي يشار إليه بالعربية بـ"الدرة"، أصبح محل نزاع منذ عام 1960 بشأن تحديد حصص إيران والكويت وإقرار السيادة على الحدود البحرية لهذين البلدين.
وتجري إيران والكويت محادثات بشأن حقل الدرة/آرش منذ عام 1960. ولا تزال هذه المحادثات مستمرة حتى الآن. ويُعَد ترسيم الحدود بين مياه الجرف القاري للبلدين المصدر الرئيس للخلاف.
قبل الثورة الإيرانية عام 1979، استُعمِل القانون الدولي لترسيم الحدود البحرية لإيران، ولا تزال جمهورية إيران الإسلامية ملتزمة بهذه اللوائح حتى اليوم.
ويضع هذا الترسيم نحو 40% من مباني حقل الدرة/آرش للغاز داخل الأراضي الإيرانية.
رغم ذلك، تؤكد الكويت حدودًا جديدة تشمل حقل الدرة/آرش بأكمله داخل المنطقة العازلة بين الكويت والمملكة العربية السعودية، بناء على الدراسة الزلزالية التي أجرتها شركة شل.
ردًا على تأكيدات وزير النفط الكويتي، قال مصدر بوزارة الخارجية السعودية الآن إن السعودية والكويت تشتركان في ملكية حقل الدرة/آرش للغاز وتطلبان من إيران بدء محادثات بشأن هذا الموضوع.
وتظهر هذه التأكيدات أن المطالب والادعاءات المتعلقة بهذه المنطقة لا تزال قيد المناقشة، وأن جميع المعنيين يحاولون التوصل إلى اتفاق ودي.
وهذا يؤكد أهمية المحادثات الجارية والجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة عادلة لجميع الأطراف. وكانت المملكة العربية السعودية والكويت قد دعتا إيران في السابق إلى الدخول في مفاوضات لترسيم الحدود الشرقية لهذه المنطقة البحرية المشتركة، وأكدتا حقهما في تطوير حقل الغاز هذا.
في وقت سابق، صرح وزير الطاقة السعودي: "سنواصل تطوير هذا الحقل. وقد أصدرنا بيانًا عامًا مشتركًا وشجعنا إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات في حال المطالبة بحصة في هذا الحقل؛ لأن هذه القضية لا تزال مطبًّا معلقًا".
وأضاف أن "السعودية والكويت على استعداد للعمل سويًا في أي مفاوضات؛ لأن لديهما مصالح مشتركة في هذه الموارد".
الموقف الإيراني
تزعم وسائل الإعلام الإيرانية وبعض المسؤولين الإيرانيين أن حقل الدرة/آرش للنفط والغاز يُعَد أحد الحقول الإستراتيجية الإيرانية غير المطورة والمشتركة مع المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية.
وتمتد منشآت حقل آرش في المياه الإيرانية والمنطقة المحايدة وصولًا إلى حقل الدرة الذي كان قيد الإنتاج منذ عام 1975 في الكويت.
وفقًا لهذا الترسيم؛ فإن ما يقرب من 40% من بُنى النفط والغاز الموجودة في حقل آرش يقع في المياه الإيرانية.
منذ سنوات، حفرت شركة النفط الوطنية الإيرانية بئرًا استكشافية (البئر رقم 1 آرش) لتحديد الاحتياطيات الموجودة، وموقع هذه البئر قريب من الخط الحدودي المقبول للبلاد.
إضافة إلى ذلك، على مدى السنوات الـ12 الماضية، حدّدت الكويت خطًا حدوديًا جديدًا بناءً على المسح الزلزالي الذي أجرته شركة شل للبلاد، الذي يضع الهيكل الكامل لحقل آرش داخل الجانب العربي من الحقل. ومع ذلك، لم تقبل إيران هذه الحدود قط.
القيود المفروضة على النفط والغاز في إيران
يعتقد العديد من المعلقين أن القيود العديدة المفروضة على النفط والغاز في إيران لها علاقة بالتباطؤ في استعمال البلاد لمواردها من النفط والغاز.
وقد شدّد أمين سرّ لجنة البيئة والطاقة التابعة لغرفة التجارة الدولية في إيران، نارسي غربان، على هذه القضية؛ حيث كتب في رسالة لنشرة تادول التجارية: "عندما ننظر إلى قطاع الطاقة في البلاد، نفهم أن تأثير العقوبات يبلغ مئات المليارات من الدولارات سنويًا".
وأضاف: "ربما كانت هناك شركات صغيرة بارعة في التكنولوجيا مستعدة للعمل مع إيران طوال مدة العقوبات".
ولا يوجد خيار آخر سوى رفع العقوبات إذا كانت هذه الشركات -لأي سبب من الأسباب- غير مستعدة للعمل مع إيران. وبسبب النفوذ الأميركي، قد تكون الشركات الكبرى حذرة من التعامل مع إيران.
العلاقة بين الرياض وطهران
يمثّل الخلاف الأخير بين إيران والسعودية والكويت، بشأن حقل الدرة/آرش، القضية الأولى التي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي في العلاقة بين طهران والرياض.
في الأشهر الأخيرة، سارت العلاقات بين طهران والرياض على طريق التطبيع بوساطة صينية. وبعد بضعة أشهر من التواصل الجيد والتقدم، يجب على الجانب الإيراني التعامل مع هذا الوضع بدقة والتأكد من عدم تأثيره في علاقات إيران مع المملكة العربية السعودية.
وبحسب بعض المحللين الإيرانيين، لا ينبغي للجانب الإيراني أن يكون متشائمًا في هذا الشأن. ربما كان التحسن الأخير في العلاقات بين إيران والسعودية هو سبب اهتمام وسائل الإعلام الكويتية بقضية حقل غاز آرش.
ولا ينبغي أن تُؤخذ هذه القضية على محمل شخصي ولا أن تدع الدول الأخرى تستفيد من الوضع إذا لم تكن تريد أن ترى علاقات طهران والرياض تتحسن.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، أبرز المعلومات عن حقل الدرة المشترك:
وبدلًا من إشراك وسائل الإعلام، يجب التعامل مع هذا الأمر من خلال القنوات الدبلوماسية، ويُعَد اتفاقًا يتضمّن حقوًلا مشتركة مفيدًا لدول المنطقة؛ لأن الاستثمار في بعض هذه الحقول قد تباطأ بسبب قضايا الملكية.
ومن ثم، قد يُسهِّل الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران الاستثمار في احتياطيات النفط والغاز المشتركة وتسوية نزاعات الملكية.
ولولا فرض عقوبات على إيران، لكانت البلاد قادرة على بدء تطوير الحقول المشتركة مع المملكة العربية السعودية من خلال تأمين التمويل المطلوب والتكنولوجيا المتطورة.
في غضون ذلك، قد نشهد زيادة في استخراج السعودية والكويت من حقل الدرة/آرش؛ نظرًا إلى استمرار العقوبات وعدم التزام حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بتعزيز القدرة الإنتاجية في هذه المناطق.
في الختام، توضح الخلافات بشأن حقل الدرة/آرش الصعوبات والتعقيدات المرتبطة بموارد النفط والغاز المشتركة إقليميًا. ويقع اللوم جزئيًا على العقوبات التي أبطأت الاستثمار والابتكار التكنولوجي في عرقلة قدرة إيران على تسخير ثرواتها من النفط والغاز.
وعلى الرغم من تحسن العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية؛ فإن هناك المزيد من العمل الذي يتعين أداؤه لتسوية النزاع حول حقل الدرة/آرش؛ بما في ذلك اتخاذ قرار بشأن الحدود البحرية والتقسيم العادل للحصص.
وقد يستفيد جميع الأطراف المعنية من التعاون والتطوير التعاوني لحقل الدرة/آرش؛ ما سيساعد أيضًا على استقرار إمدادات الطاقة في المنطقة.
وعلى الرغم من التوترات الدولية والمصالح المتباينة؛ فلا يزال التوصل إلى اتفاق شامل يشكل عقبة كبيرة.
ويتطلّب إطلاق الإمكانات الكاملة لموارد النفط والغاز المشتركة في المنطقة تواصلًا مستمرًا وجهودًا دبلوماسية ورغبة صادقة في تطوير الحلول التي تعود بالفائدة على جميع الأطراف.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- اتفاق سعودي كويتي على استغلال حقل الدرة في المنطقة المقسومة
- 3 دول تتنافس عليه.. هل يصبح تطوير حقل الدرة طريقًا للريادة بالخليج العربي؟ (تقرير)
- حقل الدرة.. إيران تتفاوض مع الكويت والسعودية لحل الأزمة
اقرأ أيضًا..
- سلطنة عمان وقطر تتصدران أكبر 5 صفقات غاز مسال عالمية في يونيو
- محور غاز جديد بين الجزائر وإيطاليا وليبيا.. هل ينجح؟
- إنتاج الهيدروجين من الفحم الأسترالي "فاشل اقتصاديًا".. نتائج صادمة لتقرير عالمي