يعاني قطاع الغاز المسال في باكستان أزمة حادة في توفير الإمدادات، إذ أدى تراجع الواردات -التي ارتفعت أسعارها بصورة جنونية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية- إلى قطع الكهرباء بصورة متكررة وعلى نطاق واسع، ما تسبب في إلحاق أضرار بالغة داخل قطاع الصناعة، وأثار غضب المواطنين أيضًا.
وفي هذا الصدد، طلبت شركة باكستان للغاز المسال المملوكة للدولة، من الشركات تقديم عروض لتزويدها بإجمالي 6 شحنات من الغاز الطبيعي المسال، خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من العام الجاري (2023).
ويصل إجمالي الشحنات المطلوبة إلى 140 ألف مليون متر مكعب، وفق عمليات التسليم خارج السفينة في ميناء الوصول، ومن المتوقع إغلاق الباب أمام تلك العروض في 20 يونيو/حزيران الجاري، بحسب تقرير نشرته منصة إل إن جي برايم (lngprime)، الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وحددت الدولة 6 مواعيد لتسليم شحنات الغاز المسال في 5-6 أكتوبر/تشرين الأول، و20-21 أكتوبر/تشرين الأول، و31 أكتوبر/تشرين الأول، و7-8 ديسمبر/كانون الأول، و13-14 ديسمبر/كانون الأول، و24-25 ديسمبر/كانون الأول.
تفاصيل العطاءات الجديدة
سيسلّم الفائزون المحتملون بالعطاء الشحنات إلى محطة الاستيراد التابعة لشركة "باكستان غاز بورت" في ميناء قاسم بكراتشي، أو محطة إنجرو للغاز المسال.
وكانت باكستان قد طرحت عطاءً آخر اليوم الثلاثاء (13 يونيو/حزيران)، لتوريد 3 شحنات بأسعار السوق الفورية، وستتسلمها في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط (2024).
وتحددت مواعيد التسليم في 3-4 يناير/كانون الثاني، و28-29 يناير/كانون الثاني، و23-24 فبراير/شباط من العام المقبل، ومن المقرر إغلاق المناقصة في 14 يوليو/تموز المقبل.
لم تطرح شركة باكستان للغاز المسال أي عطاءات منذ أغسطس/آب من العام الماضي (2022).
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، قالت الشركة إنها لم تتلق أي عروض لدخول عطاءات لتوريد 72 شحنة من الغاز المسال.
كما لم تتلقَ في يوليو/تموز 2022 عروضًا للمشاركة في عطاء لتزويدها بـ10 شحنات بأسعار السوق الفورية.
وتسبّب ارتفاع أسعار الغاز المسال بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وتهافت الدول للشراء -خاصة أوروبا التي استحوذت على معظم الشحنات الفورية المتاحة- في وضع باكستان أمام خيار مرير، وهو الشراء بأسعار السوق الفورية المرتفعة.
وتعاني البلاد المثقلة بالديون تراجع احتياطي العملات الأجنبية، الذي لا يكفي لسداد فاتورة الواردات، ما يقيّد قدرة وزارة الطاقة على استيراد كميات أكبر من الغاز المسال، وبيعه مدعومًا إلى قطاعات توليد الكهرباء والمنازل والأسمدة.
دور قطر وسلطنة عمان
تبرز قطر وسلطنة عمان بصفتهما الأقرب للفوز بالمنافسة، في ظل علاقتهما القوية مع باكستان، إذ تُعدان أحد مصادر إمدادات الغاز الموثوقة إلى إسلام آباد.
وتأتي معظم إمدادات الغاز المسال في باكستان من قطر، إذ وقّعت شركة قطر للطاقة -في فبراير/شباط من عام 2021- اتفاقية مدتها 10 سنوات مع شركة النفط الحكومية الباكستانية، لتزويد البلد الآسيوي بنحو 3 ملايين طن سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.
وفي فبراير/شباط 2016، أبرمت "قطر غاز" اتفاقية مدتها 15 عامًا، لتزويد شركة النفط الباكستانية الحكومية بـ3.75 مليون طن سنويًا من الغاز المسال.
وبموجب الاتفاقيتين، تحصل باكستان على ما إجماليه 6.75 مليون طن سنويًا من الغاز المسال من قطر.
وكانت مصادر باكستانية مطلعة كشفت في فبراير/شباط 2023، عن أن قطر وافقت على شراء حصص في شركة تنمية النفط والغاز المحدودة (أو جي دي سي إل) -أكبر مستكشف للنفط والغاز في باكستان- وشركة البترول الباكستانية المحدودة (بي بي إل)، حسبما ذكر موقع إم إم نيوز المحلي في تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال العام المنصرم 2022، وصلت شحنات من الغاز المسال العماني إلى باكستان، بحسب تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك".
وفي 14 فبراير/شباط من عام 2018، وافق مجلس الوزراء على توقيع اتفاقية بين حكومتي سلطنة عمان وباكستان، لتزويد الأخيرة بالغاز المسال.
صفقة مع أذربيجان
من جهة أخرى، وافقت باكستان اليوم الأربعاء 14 يونيو/حزيران على إطار عمل لاتفاقية شراء الغاز المسال مع أذربيجان، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
لم تشترِ باكستان أيّ شحنات فورية من الغاز الطبيعي المسال لمدة عام تقريبًا، بعد ارتفاع الأسعار العالمية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتراجعت أسعار الغاز المسال في آسيا هذا العام من مستويات قياسية بلغت 70 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أغسطس/آب 2022، وتُتَداوَل الآن دون 10 دولارات.
واضطرت البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 220 مليون نسمة، إلى فرض انقطاع طويل في التيار الكهربائي بسبب نقص الغاز، الذي تستعمله باكستان لتزويد عديد من محطات الطاقة لديها بالوقود.
وأدت الأزمة الحادة في ميزان المدفوعات إلى عدم قدرة باكستان على المنافسة في سوق الغاز المسال ذي الأسعار المرتفعة، بعد أن انخفضت الاحتياطيات الأجنبية للمصرف المركزي بحيث لم تكد تغطي شهرًا من الواردات الخاضعة للرقابة.
وجاءت الموافقة على صفقة الغاز المسال في اجتماع لجنة التنسيق الاقتصادي بوزارة المالية الباكستانية، الذي أعطى الضوء الأخضر لـ "الاتفاقية بين شركة باكستان للغاز الطبيعي المسال المحدودة وشركة النفط الأذربيجانية (سوكار)".
وكان وزير النفط الباكستاني مصدق مالك قد أكد أمس الثلاثاء أن أذربيجان ستورّد شحنة غاز مسال واحدة كل شهر، بسعر أرخص من السوق.
شح إمدادات الغاز المسال في باكستان
تعاني باكستان عجزًا حادًا في تلبية الطلب المحلي، وسط مساعٍ حكومية لترشيد الاستهلاك في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها الدولة صاحبة الـ232 مليون نسمة، والتي تحتل المركز الـ21 عالميًا في استهلاك الغاز الطبيعي، وتعتمد على الغاز لتوليد الكهرباء بنسبة 35% على الأقل.
وانخفضت واردات باكستان من الغاز المسال بنسبة 17% خلال عام 2022 المنصرم، في أدنى مستوى للواردات منذ 5 سنوات، بجسب بيانات شركة كبلر المختصة بتحليل البيانات.
وتسبَّب تراجع الواردات في انخفاض قدرات محطات توليد الكهرباء العاملة بالغاز بنسبة 4.4%، خلال 11 شهرًا انتهت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بحسب بيانات مركز إمبر المتخصص بأبحاث الطاقة.
وفي سياق متصل، تسبّبت شركة إيني الإيطالية في حرج شديد للحكومة الباكستانية، إذ أعلنت في شهر فبراير/شباط 2023 عدم القدرة على توريد شحنة غاز مسال كان متفقًا على توريدها خلال هذا الشهر.
وتلتزم إيني الإيطالية بتوريد 780 ألف طن سنويًا من الغاز، بموجب اتفاق مدته 15 عامًا أبرمته في 2017 مع شركة الغاز الباكستانية المملوكة للحكومة، وفقَا لتقرير وكالة أرغوس ميديا الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- مشتريات الغاز المسال في باكستان تثير أزمة.. واتهامات بإهدار 45 مليون دولار
- إعلان أول منشأة لتخزين الغاز المسال في باكستان
- الغاز المسال في باكستان.. طرح مناقصة جديدة للشراء من السوق الفورية
اقرأ أيضًا..
- 5 دول خليجية تدعم رئاسة الإمارات قمة المناخ.. وتوجه 7 رسائل
- شركة ألمانية تطلب شراء كل إنتاج الجزائر من الهيدروجين
- 5 دول تهبط بإنتاج أوبك النفطي 464 ألف برميل يوميًا في مايو