ضعف الاستثمار في شبكات نقل الكهرباء يعوق تحول الطاقة
إلغاء كثير من مشروعات الطاقة المتجددة
حياة حسين
- احتجاجات بملابس السباحة ضد رئيس الوزراء البريطاني لتطوير الشبكات
- تنفيذ خُمس طلبات مشروعات الطاقة المتجددة في أميركا للربط مع الشبكات في 2022
- مستثمر يلغي مشروع طاقة متجددة بسبب تكلفة الربط مع الشبكة الإضافية
- تراجع الإنفاق الاستثماري على الشبكات منذ عام 2017
يزيد إقبال العالم على الطاقة المتجددة بوصفها طاقة المستقبل، ووسيلة للخلاص من أزمة تغير المناخ وكوارثه الطبيعية، لكن عدم تطوير شبكات نقل الكهرباء بما يتناسب مع نقلها -في ظل ارتفاع عدد المشروعات- يشكّل مشكلة أساسية قد تكون عائقًا كبيرًا أمام هذا الخلاص، ما يعني أنها قد تكون استثمارات خاسرة في بعض الأوقات، وفي حالات أخرى مُكلفة، ما يخفض جاذبيتها، وقد تصل إلى حدّ عزوف المستثمرين عنها.
وكشف تقرير تحليلي عن مشكلة عدم تطوير شبكات الكهرباء بما يتلاءم مع الحاجة لزيادة مشروعات الطاقة المتجددة، موضحًا أن وكالة الطاقة المتجددة الدولية "آيرينا" قدّرت احتياجات تطوير الشبكات السنوية حتى عام 2030 بنحو 550 مليار دولار، بحسب ما نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز"، يوم الأحد 11 يونيو/حزيران 2023.
كما قدّرت مفوضة الطاقة الأوروبية احتياجات تأهيل شبكات نقل الكهرباء بالقارة لاستقبال الطاقة المتجددة بنحو 584 مليار يورو (540.7 مليار دولار أميركي) بحلول عام 2030، وفق الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
طموح الطاقة الخضراء
تنشغل الدول بوضع خطط طموحة في مجال الطاقة الخضراء، مثل دول الاتحاد الأوروبي، التي حددت، في مارس/آذار الماضي، نسبتها من استهلاك الكهرباء بـ42.5% في 2030.
وفي أبريل/نيسان التالي، أعلنت مجموعة الدول الصناعية الـ7 أنها ملتزمة بزيادة سعة طاقة الرياح البحرية إلى 150 غيغاواط، والطاقة الشمسية إلى أكثر من تيراواط في 2030.
ومن المرجح أن تصبح تلك المستهدفات مُلزمة للدول في قمة المناخ كوب 28، التي تنعقد في الإمارات، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
ومع ضجيج الساسة حول طموحات الطاقة المتجددة، لا يوجد إلّا أصوات قليلة وخافتة تتحدث عن شبكات نقل الكهرباء، وهي جزء من البنية الأساسية، التي دونها لن يكتمل حلم خفض درجة الحرارة، أو تحقيق الحياد الكربوني.
وقال عضو مجموعة "رينيوابل غريد إنشاتيف" غير الربحية ستيفن باتجر: "شبكات نقل الكهرباء ليست جزءًا من وعي الجميع.. جميعنا يعلم أننا نحتاج طاقة الشمس والرياح مستقبلًا، لكن جميعنا لا يدرك أهمية الشبكات في المنظومة".
حمام سباحة سوناك
ربما أدرك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قبل الكثيرين، مشكلة شبكات نقل الكهرباء، إذ اضطر إلى دفع مستحقات تعديل للشبكة من جيبه الخاص لتسخين مياه حمامات السباحة في منزله.
وأثار هذا الموقف أعضاء منظمة "غرينبيس" لحماية البيئة في لندن، ونظّموا احتجاجات مرتدين ملابس السباحة بالقرب من منزل سوناك، مطالبين بتطوير شبكات الكهرباء، لتوصيل الطاقة الخضراء للجميع.
وقال مدير منطقة آسيا في مجلس الرياح العالمي مارك هوتشيسون: "تتمثل إحدى المشكلات الكبرى في عدم وجود شبكات كافية لتلبية احتياجات تغيير أنطمة الطاقة".
وكانت "بلومبرغ نيو إنرجي فايننس" -وهي وحدة أبحاث الطاقة التابعة لوكالة بلومبرغ- قد قدّرت طول شبكات نقل الكهرباء المطلوبة لتحلّ مكان الحالية بحلول عام 2050، بنحو 80 مليون كيلومتر مربع عالميًا.
وقال الأستاذ في أنظمة الكهرباء بجامعة إكستر بيتر كروسلي: "إن وجود شبكات نقل الكهرباء في الأماكن الخطأ يحتاج لتدشين وصلات بينها وبين محطات الطاقة المتجددة".
ارتفاع التكلفة
من بين العقبات التي تواجه توصيل الكهرباء المولدة من مشروعات الطاقة الشمسية والرياح إلى المنازل، ومضخات التسخين، إضافة إلى السيارات الكهربائية، هو ارتفاع تكلفتها على المستهلك.
ويعاني القائمون على تطوير وتدشين شبكات نقل الكهرباء المناسبة لتحوّل الطاقة من نقص العمالة، في وقت تصاعُد الطلب، وفق ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة "ألايت" السويدية هارالد أوفرهولم.
ويوجد في كل من المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا أكثر من 150 غيغاواط من كهرباء الطاقة الشمسية والرياح معلّقة على الربط مع شبكات الكهرباء في كل منها، بحسب أرقام "بلومبرغ نيو إنرجي فايننس".
ووجدت دراسة حديثة لمختبر بيركلي الوطني في أميركا أن طلبات الاتصال بشبكات الكهرباء في الولايات المتحدة نمت بنسبة 40% في 2022.
كما وجدت الدراسة أن 2000 غيغاواط من طاقة الشمس والرياح وبطاريات التخزين تقف في طابور انتظار الربط مع شبكات الكهرباء، خاصة أن الشبكات ذات الأطوال الطويلة والجهد العالي بعيدة عن موقع محطات الطاقة المتجددة في البلاد.
ولذلك، لن يبني المستثمرون المزيد من المشروعات المستهدفة، وفق الباحث الرئيس بالدراسة جوزيف راند.
تنفيذ خُمس الطلبات
قال الباحث الرئيس لدراسة مختبر بيركلي الوطني في أميركا جوزيف راند، إنه لم يُنفَّذ سوى خُمس طلبات ربط مشروعات الطاقة المتجددة بشبكات نقل الكهرباء في الولايات المتحدة بين عامي 2000 و2017، وفق ما أظهرته الدراسة، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأشارت الدراسة إلى أن جزءًا من مشكلة الانخفاض الحادّ لتنفيذ عمليات الربط هو محدودية البيانات لدى المستثمرين حول سعة الشبكة، أو سعة المشروعات التي يمكن استيعابها.
كما تعوق التكلفة الإضافية للربط مع الشبكة إقامة المشروعات.
وعلى سبيل المثال، ذكر شريك في شركة الاستشارات القانونية "تي إل تي" نيك بينكوت أن مستثمرًا تخلّى عن مشروع طاقة متجددة في المملكة المتحدة، عندما أخطرته السلطات بضرورة دفع 19 مليون جنيه إسترليني (23.8 مليون دولار أميركي)، إضافة إلى إجمالي تكلفة المشروع، لتحديث الشبكة.
ويرى مؤسس "كليمت بارليمانت" -وهي مجموعة تدعو الساسة إلى التصرف حيال ارتفاع حرارة الأرض- نيك دونلوب أن سبب إحجام الإنفاق على تحديث وتطوير شبكات نقل الكهرباء، في الوقت الذي تبدي الحكومات فيه اهتمامًا كبيرًا بمشروعات الطاقة المتجددة، "هو عدم أخذ مسألة تغير المناخ بجدّية".
الصين تتفوق
أظهرت بيانات وكالة الطاقة الدولية أنه رغم نمو استثمارات تحديث شبكات الكهرباء عقب توقيع اتفاقية باريس للمناخ في 2015، فإنها تراجعت في المدة بين عامي 2017 و2020، وبلغت 330 مليار دولار في عام 2022.
وبلغت الاستثمارات في أوروبا بين 2015 و2020، 50 مليار دولار سنويًا، ونمت بنسبة طفيفة في العامين اللاحقين.
في حين ارتفعت استثمارات شبكات الكهرباء في الصين بنسبة 16%، وبلغت 83 مليار دولار في 2022، بعد تراجعها بين عامي 2019 و 2021.
وكما تفوقت الصين في استثمارات شبكات نقل الكهرباء، تتربع بكين على عرش صناعة مكونات مشروعات الطاقة المتجددة، إضافة إلى أن القدرة المركبة لتوليد الكهرباء من مصادر غير الوقود الأحفوري تجاوزت 50% مؤخرًا، وفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
إلّا أن "آيرينا" أكدت أنه لكي يحافظ العالم على زيادة حرارة الأرض أقلّ من 1.5 درجة مئوية، فوق مستواها قبل الثورة الصناعية، فهناك ضرورة لاستثمار 550 مليار دولار سنويًا في تطوير وتحديث وتأهيل شبكات نقل الكهرباء سنويًا حتى عام 2030.
درجة حرارة 1.5
اتفق معظم الدول على العمل على تحقيق مستهدف الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، في قمة المناخ كوب 26، التي انعقدت في غلاكسو الإسكتلندية، 2021.
وقال الأستاذ في أنظمة الكهرباء بجامعة إكستر، بيتر كروسلي، إن المستثمرين مترددون في ضخ تمويلات بشبكات نقل الكهرباء، لأنها ستمرر جزئيًا على الأقلّ إلى فواتير كهرباء المستهلكين.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة مرفق كهرباء كهرباء إسكتلندا كيث أندرسون، والتي ترتبط بمشروعات طاقة شمسية ورياح، أن الحصول على إذن لإحلال الشبكات بين مدينتي بولي وديني الإسكتلنديتين استغرق 10 سنوات، مشيرًا إلى أن الشبكات هي العملاق المنسي لإزالة الكربون وتحقيق الحياد الكربوني.
موضوعات متعلقة..
- توسيع شبكة الكهرباء في أوروبا يدعم الطاقة المتجددة (تقرير)
-
الطاقة المتجددة في الهند تترقب استثمارات بـ30 مليار دولار لدعم شبكة الكهرباء
-
شبكة الكهرباء في جنوب أفريقيا تواجه شبح الانهيار.. هل تنقذها الطاقة المتجددة؟
اقرأ أيضًا..
- عدد المركبات الكهربائية على الطرق قد يصل إلى 100 مليون وحدة بحلول 2026 (تقرير)
-
أنس الحجي: السعودية لا تستطيع مواصلة خفض إنتاج النفط.. وهناك "طلقات أخرى" (صوت)
-
الجزائر تكشف أسباب انسحاب "توتال" من مشروع البتروكيماويات الضخم