نقل النفط الروسي على سفن قديمة يهدد بكارثة بيئية (تقرير)
أسماء السعداوي
يبرز النفط الروسي بوصفه مصدر قلق عالميًا بعد غزو أوكرانيا؛ فمنذ حظر الاتحاد الأوروبي شراءه، وتحديد 60 دولارًا حدًا أقصى لسعر البرميل، ردّت موسكو بحظر توريد الخام للدول التي تطبّق السقف السعري، وبالرغم من العقوبات، أبدت إمدادات موسكو مرونة، ولكن كان لذلك آثارًا سلبية على البيئة والعاملين بصناعة الشحن البحري.
وكشف تقرير حديث ازدياد عدد السفن الناقلة للنفط الروسي على متن سفن قديمة متهالكة؛ ما يكشف عن مخاطر بيئية أبرزها احتمالات تسرب النفط في البحار والمحيطات وتلويث المياه، بحسب تقرير نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأظهرت بيانات شركة برايمار، وهي سمسارة سفن مدرجة في بورصة لندن، ارتفاع حصة الصادرات البحرية لخام الأورال الروسي، المحمولة على متن سفن يزيد عمرها عن 15 عامًا منذ اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط من العام الماضي (2022).
كومة من الخردة
تضاعف استعمال مصدّري النفط الروسي للسفن القديمة منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية؛ ما يثير مخاوف داخل صناعة الشحن البحري، بشأن سلامة البيئة والعمال الذين ينقلون الإمدادات على متن "كومة من الخردة"، حسب التقرير.
وعلى مدار الأشهر الـ6 التي سبقت الغزو، كان متوسط نسبة السفن القديمة 33.6%، وارتفعت النسبة إلى 62.6% منذ شهر ديسمبر/كانون الثاني 2022.
وعادة ما تتجه شركات النفط الكبرى إلى تخريد الناقلات بعد 15 عامًا من عملها، لكن ملّاك سفن "معدومو الضمير" يشترون عددًا متزايدًا من تلك السفن "الأرخص" بهدف تحقيق الأرباح. وفق ما ذكر التقرير.
وصاحبَ القرار الأوروبي بقطع إمدادات النفط الروسية، صعوبة في الوصول إلى شركات التأمين على شحنات النفط وناقلاته، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومع تزايد عمليات التصدير بسبب الخصومات على النفط الروسي وخاصة إلى الصين والهند القريبتين نسبيًا، انتهى الأمر بعمليات النقل في يد مجموعة من التجّار وملّاك الناقلات الذين يعملون "دون حماية من المخاطر"، ومنها حوادث التصادم والتسرب النفطي.
وتجري عمليات الشراء في الخفاء، وهناك تنعدم فرص الفحص الدقيق للسفن المباعة من قبل ذوي الخبرة، وهو ما يزيد احتمالات وقوع الحوادث، وتسرب النفط، ووقوع وفيات.
يقول رئيس قسم الأبحاث في شركة بريمار هنري كورا: "يكثر الحديث عمّا إذا كانت تلك السفن متوافقة مع المعايير الدولية من عدمه"، "والافتراض أنها ليست كذلك".
وبحسب تقديرات شركة بريمار لخدمات الشحن، من المتوقع أن ترتفع نسبة السفن التي يزيد عمرها على 20 عامًا فأكثر ضمن أسطول الناقلات العالمي، إلى ما بين 6 و16% بحلول عام 2025.
أرباح ضخمة على حساب المخاطر
تسببت العقوبات الغربية على روسيا في زيادة كلٍ من مخاطر وأرباح أعمال نقل النفط إلى الخارج.
فلقد أصبحت شركة هندية كانت تنقل النفط الروسي، سريعًا، إحدى أكبر ناقلات العالم في غضون عامين فقط، ويضم أسطولها حاليًا نحو 60 ناقلة.
يقول كورا: "أصبحت فحوصات "اعرف عميلك" التي تُجريها بريمار لربط البائعين بالمشترين "أكثر صرامة".
ويتفق مع كورا أحد المحامين المقيمين في لندن، ويقول: "يجب أن يتحلى العملاء بالحذر الشديد، إذا كانوا يبيعون سفينة أو يرسلونها لإعادة التدوير؛ وذلك بسبب المخاطر الشديدة التي قد تنطوي عليها عمليات شراء تلك الناقلات من قبل ملّاك سفن أو وسطاء من معدومي الضمير".
وأضاف المحامي: "عندما تنتقل السفينة لأسطول مظلم، تصبح المعايير العالمية طيّ النسيان".
ويشير مصطلح "الأسطول المظلم" إلى السفن التي تخرق العقوبات وتحمل النفط المحظور سرًا، ويتجاوز عددها 600 سفينة، وتتسبَّب في كثير من الحوادث حول العالم.
كوارث بيئية
يأتي التقرير بعد وقت ليس ببعيد من ورود تقارير عن انفجار على متن ناقلة نفط في بحر الصين الجنوبي، وقالت السلطات الأسبوع الماضي، إن 3 أفراد من طاقم الناقلة القديمة "بابلو" مازالوا في عداد المفقودين.
والناقلة بابلو من نوع "أفراماكس"، اعتادت حمل شحنات من النفط الإيراني، كانت في طريقها من الصين إلى الإمارات، عندما اندلعت فيها النيران قبالة سواحل ماليزيا.
كما أعرب عاملون من داخل الصناعة عن قلقهم من تبديد بعض التقدم المحرَز في تطوير المعايير البيئية.
فلقد تراجع عدد البقع النفطية المتسربة من الناقلات بصورة كبيرة منذ سبعينيات القرن الماضي، بحسب بيانات صادرة عن الاتحاد الدولي حول التلوث لمالكي ناقلات النفط.
وقال الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر شركات التأمين على السفن في العالم "غارد" النرويجية، رولف ثور روبستاد: "إنها كارثة اجتماعية وبيئية على وشك الحدوث".
وحول تعويضات التأمين في حال تعرُّض إحدى تلك الناقلات لأيّ حادث، قال روبستاد: "لن يكون هناك أحد مسؤولًا عن الدفع إذا وقعت كارثة".
تجدر الإشارة هنا إلى أن صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا ارتفعت بنسبة 8% خلال شهر أبريل/نيسان المنصرم، في زيادة هي الأعلى منذ 12 شهرًا، بحسب بيانات تعقُّب الناقلات الصادرة عن منصة إس آند بي غلوبال.
وتوجّهت 90% من صادرات النفط الروسي إلى آسيا، وبسبب الخصومات المغرية، استوردت الهند وحدها مليوني برميل من النفط الخام الروسي خلال أبريل/نيسان 2023، بزيادة 14% عن شهر مارس/آذار 2023.
موضوعات متعلقة..
- أول شحنة من النفط الروسي إلى باكستان تصل ميناء كراتشي
- واردات الصين والهند من النفط الروسي تهبط بحصة الشرق الأوسط وأفريقيا
- تقرير يكشف انخفاض إنتاج النفط الروسي 300 ألف برميل يوميًا
اقرأ أيضًا..
- روسيا.. قوة عالمية كبرى في صناعة النفط والغاز (10 رسومات بيانية)
- أول مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في ناميبيا يحدد المشترين المحتملين
- الجزائر تكشف أسباب انسحاب "توتال" من مشروع البتروكيماويات الضخم