خبراء يشككون في التزام الصين بتمويل صندوق التعاون المناخي
نوار صبح
- • الصين قدّمت 10% فقط من تعهداتها لصندوق التعاون المناخي بين بلدان الجنوب
- • تمويل الصين المناخي لصندوق جنوب الكرة الأرضية لا يفي بتعهدها
- • الدولة الغنية مسؤولة عن نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التاريخية على مستوى العالم
- • نظرًا لأن الصين تعدّ دولة نامية فهي ليست ملزمة بتوفير التمويل المناخي
- • الصين قدّمت المساعدات من خلال التبرع بالمواد وتبادل المعرفة وتقديم برامج التدريب
يكتنف الغموض تعهد الصين بتمويل صندوق التعاون المناخي، الذي أعلنته منذ ما يقرب من 8 سنوات لتوفير التمويل المناخي، بهدف دعم بلدان نصف الكرة الجنوبي في مواجهة أزمة تغير المناخ، إذ كانت وتيرة تمويل الصندوق بطيئة ومحدودة، في الوقت الذي لم تقدّم فيه بكين سوى ما يصل إلى 10% فقط من تعهداتها.
وقال بعض الخبراء، إنه سيكون من "الصعب تحديد مقدار التعهد الذي تمّ الوفاء به بسبب عدم وجود تحديثات رسمية"، وفق ما نقل عنهم موقع كلايمت هوم نيوز (Climate Home News).
ووصف كبير مستشاري السياسة العالمية لدى منظمة السلام الأخضر "غرينبيس" في شرق آسيا، لي شو، تفاصيل الصندوق بأنها "مربكة"، مشيرًا إلى أن الصين "لم تقدّم ما وعدت به"، وفق التقارير التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
التمويل المناخي "غير واعد"
خلال زيارة إلى الولايات المتحدة، في عام 2015، أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الصندوق، قبل أشهر من التعاون المناخي غير المسبوق بين الولايات المتحدة وبلاده، الذي مهّد للموافقة على اتفاقية باريس للمناخ.
في ذلك الوقت، قال الرئيس شي، إن الصين "ستوفر" 20 مليار يوان (3.1 مليار دولار) لمساعدة البلدان النامية الأخرى على معالجة تغير المناخ، دون أن يحدد موعدًا نهائيًا لتمويل الصندوق.
وخلال انعقاد قمة المناخ كوب 27، قال مبعوث بكين لشؤون المناخ، شي تشن هوا، إن بلاده قدّمت مليارَي يوان (310 ملايين دولار) إلى دول نامية أخرى، تُعرف باسم الجنوب العالمي، لتقليل انبعاثاتها والتكيف مع تغير المناخ.
وعلى الرغم من أن شي تشن هوا لم يعطِ مزيدًا من المعلومات بشأن هذا الرقم، فسّر مركز الأبحاث إي 3 جي، وهو مؤسسة فكرية تركّز على سياسة تغير المناخ، كلمات شي على أنها تحديث بشأن الصندوق الصيني للتعاون المناخي بين بلدان الجنوب.
وأوضحت مؤسسة إي 3 جي، في تحليل جديد، أن تمويل بكين لمواجهة تغير المناخ في بلدان جنوب الكرة الأرضية "لا يفي" بتعهدها، لأن الدولة قدّمت عُشر المبلغ فقط في 7 سنوات.
وقال كبير مستشاري السياسة في مؤسسة إي 3 جي، بيفورد تسانغ، لموقع كلايمت هوم نيوز، إنه "بالوتيرة الحالية، أعتقد أن الأمر سيستغرق من الصين وقتًا طويلًا للوفاء بتعهدها".
وأقرّ بأن الصين، بصفتها دولة نامية، ليست ملزمة بتقديم أيّ تمويل رسمي للمناخ.
وتابع تسانغ قائلًا: "على الرغم من إمكان منح بكين "دفعة" للصندوق لتسريع تمويله، "بناءً على ما تمّ تحقيقه حتى الآن، لم يكن ذلك واعدًا كما كان يعتقد الناس خلال البداية."
التحديات المؤسسية
أشار كبير مستشاري السياسة في مؤسسة إي 3 جي، بيفورد تسانغ، إلى "التحديات المؤسسية" بصفتها سببًا للتقدم البطيء للصندوق الذي تديره وزارات مختلفة، ما يجعل فكّ ارتباطها أمرًا معقدًا، حسبما نشره موقع كلايمت تشيج نيوز (climatechangenews).
وتشارك "الإدارات المتعددة" التابعة لوزارة البيئة والإيكولوجيا الصينية في أنشطة تعاون الصين مع بلدان نصف الكرة الجنوبي بشأن تغير المناخ، وفقًا للدراسة التي نشرها المركز الوطني الصيني لإستراتيجية تغير المناخ والتعاون الدولي (إن سي إس سي).
وأفادت الدراسة: "بصرف النظر عن وزارة البيئة والإيكولوجيا المنشأة حديثًا (التي تأسست عام 2018)، فإنها تضم الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، ووزارات التجارة والمالية والشؤون الخارجية، فضلًا عن اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح".
وأضافت أن التعاون المناخي بين بلدان الجنوب وبكين لم يتأسس بعد لأسباب مختلفة، بما في ذلك الافتقار إلى التنسيق، وهذا "أثّر بتقدّم التعاون في مجال مواجهة تغير المناخ بين بلدان الجنوب والصين.
وقال مستشار السياسة العالمية لدى منظمة السلام الأخضر شرق آسيا، لي شو، لموقع كلايمت هوم نيوز، إن الوضع العام "غير واضح"، لأن الصين لم تبلّغ عن تقدّم الصندوق بانتظام. وأضاف: "من ناحية أخرى، فإن الصين ليست ملزمة بتقديم مثل هذه التقارير دوليًا".
وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الأكاديمية الصينية للعلوم، دوان هونغبو: "إن سياسات ومواقف البلدان المتلقّية المحتملة، ومعظمها من أقلّ البلدان نموًا في العالم، تؤدي دورًا أيضًا".
على سبيل المثال، تقوم بعض البلدان باستمرار بتغيير جهات الاتصال لديها وبعضها الآخر "يهتم بالمشروعات التي من شأنها تعزيز اقتصادها أكثر من مكافحة تغير المناخ"، وقال: "إن جائحة كوفيد-19 عرقلت التعاون العالمي".
في المقابل، يحثّ بعض المراقبين بكين على اتخاذ خطوات أكبر، وقالت مستشارة السياسة في مؤسسة إي 3 جي، بليندا شيب، لموقع كلايمت هوم نيوز: "لم تضع بكين جدولًا زمنيًا للصندوق، ولكن لكي يكون لها تأثير فعلي، يجب أن تسارع إلى القيام بذلك".
وأضافت أنه نظرًا لأن الصين ترى التعاون المناخي بين بلدان الجنوب وسيلة "لتصوير نفسها على أنها الدولة القيادية المسؤولة"، وللحفاظ على قيادة العالم النامي ومصداقيته بصفته قائدًا لمعالجة شؤون المناخ، فإن تسريع تقديم صندوق المناخ لديها يُعدّ "الخطوة العقلانية التالية."
مشروعات (10-100-1000)
لم تحدد الحكومة الصينية طريقة إنفاق الصندوق، لكن خبراء من مركز الأبحاث الصيني التابع للدولة، المركز الوطني لإستراتيجية تغير المناخ والتعاون الدولي، قالوا، إن بكين تموّله من خلال ما يسمى بمشروعات "10-100-1000" التي أعلنها الرئيس شي جين بينغ في حفل افتتاح محادثات المناخ بباريس 2015.
وقال الرئيس شي جين بينغ، إنه بدءًا من عام 2016، ستطلق بكين "مشروعات تعاون لإنشاء 10 مجمعات صناعية تجريبية منخفضة الكربون والبدء في 100 برنامج للحدّ من الانبعاثات و التكيف مع تغير المناخ في البلدان النامية الأخرى وتزويدها بـ 1000 فرصة تدريب على أن المناخ يتغير".
وقال المحلل لدى المركز الوطني لإستراتيجية تغير المناخ والتعاون الدولي، لي يان، في تقرير عام 2020، إن بيان الرئيس أوضح نطاق الصندوق.
في أحدث نسخة من تقريرها التوجيهي بشأن تغير المناخ، أوضحت بكين أنها وقّعت بحلول يوليو/تموز 2022، 43 اتفاقية بشأن التعاون في مجال تغير المناخ مع 38 دولة نامية، ووافقت على بناء مجمعات صناعية منخفضة الكربون في لاوس وكمبوديا وسيشيل،
وأضاف التقرير أن الصين نفّذت 40 اتفاقية بشأن خفض الانبعاثات ومشروعات للتكيف مع تغير المناخ في أكثر من 30 دولة.
وأفاد التقرير أن الصين خصصت 1.2 مليار يوان (170 مليون دولار) للتعاون في مجال تغير المناخ بين دول الجنوب بحلول يوليو/تموز الماضي، لكنها لم توضح ما إذا كانت الأموال قد وُزِّعَت من خلال الصندوق.
صندوق "حُسْن النية"
تعرّضت البلدان المتقدمة -بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان والكثير من دول أوروبا الغربية- لانتقادات بسبب فشلها في الوفاء بوعدها الطويل الأمد بتقديم 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية بحلول عام 2020، لمساعدة هذه الأخيرة على التكيف مع تأثير تغير المناخ.
تمّ التعهد في عام 2009 ليعكس المسؤولية التاريخية للدول الغنية عن التسبب في تغير المناخ خلال التصنيع.
وتُعدّ هذه الدول مسؤولة عن نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التاريخية على مستوى العالم، على الرغم من كونها دائمًا أقلية صغيرة من سكانها، حسبما نشره موقع كلايمت تشيج نيوز (climatechangenews).
ونظرًا لأن الصين تعدّ دولة نامية، فهي ليست ملزمة بتوفير التمويل المناخي، وفقًا لمبدأ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي أساس مفاوضات المناخ الدولية التي انطلقت في عام 1992.
ويرى بعض المحللين أن الصين تعدّ، من الناحية النظرية، مؤهلة لتلقّي المساعدة من الدول المتقدمة.
في محادثات المناخ في كوبنهاغن عام 2009، أعلنت الصين أن الدول الجُزُرية الصغيرة وأقلّ البلدان نموًا والدول الأفريقية يجب أن تحظى "بالأولوية" في تلقّي الدعم المالي، مشيرة إلى أنها لن تكافح من أجل تمويل المناخ الذي تدفعه الدول المتقدمة.
إضافة إلى ذلك، أطلقت بكين آلية التعاون بين بلدان الجنوب بشأن تغير المناخ في عام 2011 لدعم البلدان النامية الأخرى، ومنذ ذلك الحين، قدّمت الصين المساعدات بشكل رئيس من خلال التبرع بالمواد، وتبادل المعرفة، وتقديم برامج التدريب.
وقال الأستاذ بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الأكاديمية الصينية للعلوم، دوان هونغبو، لموقع كلايمت هوم نيوز، إنه من "الأهمية بمكان" أن يفهم أيّ تقييم للصندوق أن موقف بكين والتزاماتها تختلف عن موقف الدول المتقدمة.
وأشار دوان إلى أن "بكين ليست مسؤولة عن تقديم أيّ تمويل للمناخ للدول النامية"، "إن التزامها طوعي تمامًا وناتج عن حسن النية. لذلك، ينبغي النظر إلى أي مساهمة على أنها أثر إيجابي".
وفيما يتعلق "بالحسابات المربكة" لتمويل المناخ، قال دوان: "ليس فقط بكين، ولكن مجتمع المناخ العالمي بأسره" يواجه هذه المشكلة.
وأوضح أن "هناك طرقًا مختلفة لحساب تمويل المناخ اعتمادًا على طريقة تحديد الدولة لنطاقها ومدى الضغط الواقع عليها لتقديمه".
موضوعات متعلقة..
- تعهدات الرئيس الصيني بالحياد الكربوني تنعش أسهم شركات الطاقة
- التغير المناخي.. كيف تستطيع الدول النامية مواجهة تحديات خفض الانبعاثات؟
- توقف محادثات تغير المناخ بين الصين وأميركا يُضعف الطموحات العالمية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الغاز المسال في أفريقيا يترقب طفرة ضخمة بقيادة الكونغو والغابون
- تيسلا تؤهل محطات شحن السيارات الكهربائية للحصول على الإعانات الفيدرالية الأميركية
- المحطات الشمسية العائمة في بنغلاديش تتفوّق على نظيرتها المركبة على اليابسة (تحليل)