تقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

حظر بيانات النفط الروسي و"أزمة الشفافية".. هل ينفد صبر السعودية؟

دينا قدري

برزت أزمة حظر بيانات النفط الروسي بوصفها مصدر قلق رئيسًا في الأسواق العالمية، نظرًا إلى نقص الشفافية في نقل أحجام الإنتاج الحقيقية، ما يعرقل جهود تحالف (أوبك+) -على وجه الخصوص- في تحقيق الاستقرار والتوازن، بعد تخفيضات طوعية استجابةً إلى التغيرات التي تطرأ في أسواق النفط.

فقد تعهدت روسيا بخفض الإنتاج طوعيًا بمقدار 500 ألف برميل يوميًا، بدءًا من شهر مايو/أيار حتى عام 2023، بالتنسيق مع السعودية و7 دول أخرى في التحالف، فيما وُصف بأنه إجراء احترازي يهدف إلى دعم استقرار السوق.

وقررت الدول الـ9 الأعضاء في أوبك+، خلال الاجتماع الأخير في 4 يونيو/حزيران الماضي، تمديد خفضها الطوعي حتى نهاية عام 2024.

كما تحدد إنتاج النفط الروسي عند 9.828 مليون برميل يوميًا خلال عام 2024 (دون حساب الخفض الطوعي)، وهو مستوى الإنتاج المطلوب لشهر فبراير/شباط 2023، ويخضع للمراجعة بحلول يونيو/حزيران 2023، وفق ما جاء في بيان صحفي أصدره تحالف أوبك+ واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

إلا أنه لا يوجد أي دليل مادي على التزام موسكو بخفض إنتاج النفط الروسي، وهو ما يهدد بنفاد صبر السعودية التي تحمل على عاتقها -وحدها- مسؤولية خفض الإنتاج.

تعليق السعودية على حظر بيانات النفط الروسي

أعلنت روسيا توقّفها عن نشر الإحصاءات الرسمية لإنتاج النفط والغاز الطبيعي ومكثفات الغاز حتى 1 أبريل/نيسان 2024، وفق ما أعلنته الحكومة في مرسوم نُشر في 28 أبريل/نيسان 2023، ونقلته وكالة أنباء تاس الروسية.

وأوضحت أن تعليق نشر المعلومات يبدأ من مارس/آذار 2023 والربع الأول من العام، إذ لم تنشر دائرة الإحصاء الفيدرالية الروسية بيانات إنتاج النفط ومكثفات الغاز في تقريرها لشهر مارس/آذار 2023 والربع الأول.

وتعليقًا على حظر بيانات النفط الروسي، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر صحفي عقب اجتماع أوبك+ الأخير: "ليس لديّ أي شيء آخر سوى تصديقهم، لأننا رأيناهم يلتزمون. انظر إلى أدائهم خلال السنوات الـ3 الماضية، سترى أنهم قد أوفوا بالتزاماتهم".

وأضاف وزير الطاقة السعودي -في تصريحات متلفزة-: "إلى الآن، لا نعرف كم أنتجت روسيا في مايو/أيار"، مشيرًا إلى مطالبة الروس بأن يتحملوا مسؤولية الوضوح والشفافية في إعطاء المعلومات.

كما قال: "هم أخذوا من مدة قرارًا بعدم نشر المعلومات.. أعتقد أنهم الآن يعرفون أن عدم نشر المعلومات أدى إلى ظهور هذه الظاهرة الجديدة، منها التشكيك في أرقامهم".

ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج روسيا من النفط والوقود السائل، منذ يناير/كانون الثاني 2022 حتى فبراير/شباط 2023:

إنتاج روسيا من النفط والوقود السائل منذ حرب أوكرانيا

السعودية تتحمل العبء.. وصبرها يُختبر!

أعلنت المملكة العربية السعودية خفضًا أحادي الجانب لإنتاج النفط، وهي المرة الثالثة التي تتصرف فيها بمفردها منذ القيود التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا في أبريل/نيسان 2020.

وبحلول شهر يوليو/تموز 2023، ستكون حصة إنتاج البلاد أقل من 9 ملايين برميل يوميًا، إذ أعلنت المملكة خفض إنتاجها طواعيةً بمقدار 500 ألف برميل يوميًا من مايو/أيار 2023 حتى نهاية عام 2024، بالإضافة إلى خفض طوعي إضافي بمليون برميل يوميًا في الشهر المقبل قابلًا للتمديد.

ويوضح الجدول التالي حصص إنتاج أوبك+ في عام 2024، مع مراعاة أن منصة الطاقة أخذت في الحسبان تخفيضات الإنتاج الطوعية من قبل 9 دول أعضاء في التحالف:

حصص إنتاج النفط لدول أوبك+ في عام 2024

وإذا لم يبدأ الطلب الصيني على النفط في التسارع، فسيتعيّن مراجعة التوقعات بشأن شح إمدادات السوق في النصف الثاني من العام الجاري (2023).

وبالتالي، تحمّلت المملكة العربية السعودية، مرة أخرى، عبء خفض إمدادات النفط بالكامل، إلا آن الصبر السعودي قد يُختبر مرة أخرى، إذا تبيّن أن توقعات سوق النفط مفرطة في التفاؤل، وفق ما نقلته وكالة بلومبرغ.

وإذا ظلت الأسعار عالقة في نطاق يتراوح بين 70 و80 دولارًا للبرميل، ودون دليل مستقل على التخفيضات الروسية الموعودة، فقد يبدأ التسامح السعودي في التلاشي.

ولن يكون لخفض إنتاج النفط الروسي أي تأثير في التوازنات العالمية، إذا لم يؤثر في مستويات التصدير، سواءً من النفط الخام أو المنتجات النفطية.

مخزونات النفط كلمة السر

في هذا السياق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن السعودية لوّحت بصورة غير مباشرة بضرورة أن يوضح الروس أرقامهم بشفافية.

مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي
مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي

وأضاف -خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة، بعنوان "قرار السعودية تخفيض الإنتاج.. بين التحوط وأخذ زمام المبادرة في السوق"-: "هذا ما فهمناه على أنه تهديد مبطن للروس؛ لذلك فإن أهم أمر يمكن النظر إليه خلال الأيام المقبلة هو معلومات المخزون".

وشدد الحجي على ضرورة النظر إلى معلومات المخزون والتصرفات الروسية، لأنه إذا فهم الروس الإشارة، فعليهم أن يخفضوا الإنتاج.

وأضاف خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي: "من وجهة نظرنا، سيكون الطلب في 2024 أعلى من الإنتاج، وسيكون هناك ضغط على المخزونات، وستكون الأسعار أعلى"، مشيرًا إلى وجود إشكالية تتمثّل في مستوى المخزون الإستراتيجي في الصين.

وأكد الحجي أن السعودية هي من تحدد الأرضية السعرية لسوق النفط بعد تخفيضات الإنتاج الحالية، في حين ستحدد الصين سقف أسعار النفط، نظرًا إلى أنها تستعمل مخزونها الإستراتيجي لمنع الأسعار من الارتفاع.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كلما خفضت السعودية إنتاجها انخفضت الأسعار.. للأسف الشديد، بينما تسابق الدول من خارج أوپك الزمن للتخلص من احتياطياتها الضخمة من النفط في ظل التحول العالمي للطاقة النظيفة، فإن السعودية لا تزال تراهن على الحصان الخاسر.. لقد مضى زمن الطاقة الأحفورية كسلاح وهذا ما لا يستطيع السعوديون استيعابه.. وروسيا مع العقوبات القاسية المفروضة عليها من الغرب لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها إزاء شركائها في أوپك+.

  2. كلما خفضت السعودية إنتاجها انخفضت الأسعار.. للأسف الشديد تسابق الدول من خارج أوپك الزمن للتخلص من احتياطياتها من النفط بينما لا زالت السعودية تراهن على الحصان الخاسر.. لقد مضى زمن الطاقة الأحفورية كسلاح وهذا ما لا يستطيع السعوديون هضمه.. وروسيا مع العقوبات القاسية المفروضة عليها من الغرب لا تستطيع الإيفاء بالتزاماتها إزاء شركائها في أوپك+.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق