صفقة توريد غاز النفط المسال الجزائري مع الصين.. هل تفرض اعتماد تسعير جديد؟ (تقرير)

دينا قدري

2023-05-25

0 2٬251

مراسم توقيع عقد تصدير غاز النفط المسال الجزائري إلى الصين — مراسم توقيع عقد تصدير غاز النفط المسال من الجزائر إلى الصين - الصورة من سوناطراك (16 مايو 2023)

تجذب صفقة توريد غاز النفط المسال الجزائري مع الصين اهتمام الكثير من المحللين والتجار في الأسواق العالمية، بوصفها نقطة تحول مهمة لتدفقات الوقود من البلاد إلى آسيا، وسط جدل حول تسعير العقود.

وكشفت شركة سوناطراك الجزائرية -في 16 مايو/أيار 2023- عن اتفاقية تاريخية مع شركة البتروكيماويات الصينية العملاقة "وانهوا كيميكال"، بما يضمن إمدادات غاز النفط المسال المنتظمة إلى آسيا، مع زيادة اعتماد أسعار العقود الخاصة بها.

وأوضحت سوناطراك -في بيانها- أن العقد يتعلق بالإمداد المنتظم للسوق الآسيوية بغاز النفط المسال الجزائري، كما يسمح بإدراج مرجع سعر غاز النفط المسال الجزائري في أكبر سوق إقليمية لغاز النفط المسال في العالم.

وأضافت: "تؤكد الشركتان من خلال هذه الاتفاقية رغبتهما في إقامة علاقة تجارية دائمة ومثمرة في مجال غاز النفط المسال، والبتروكيماويات بصفة عامة"، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ارتفاع صادرات غاز النفط المسال الجزائري إلى آسيا

لم تكشف "وانهوا كيميكال" عن تفاصيل أحجام غاز النفط المسال الجزائري الشهرية والسنوية بموجب عقد التوريد، وفق ما نقلته منصة "إس آند بي غلوبال بلاتس" (S&P Global Platts).

مراسم توقيع عقد تصدير غاز النفط المسال من الجزائر إلى الصين - الصورة من سوناطراك (16 مايو 2023)

وقال مسؤول في وانهوا: "لسنا في وضع يسمح لنا بالكشف عن مزيد من التفاصيل حول الصفقة، لكن وانهوا وسوناطراك أقامتا تعاونًا واسع النطاق، وستستكشفان المزيد من الأعمال معًا، وغاز النفط المسال جزء من ذلك".

وتلبي سوناطراك بصورة أساسية الطلب على غاز النفط المسال في البحر الأبيض المتوسط، وتصدر على أساس فوري أو بموجب العقود إلى شمال غرب أوروبا والأميركتين، وتُباع بعض الأحجام الفورية إلى آسيا عن طريق المتداولين.

وصدّرت الجزائر نحو 2.57 مليون طن متري من غاز النفط المسال حتى الآن في عام 2023، مع توجه نحو 78% إلى البحر المتوسط و16% إلى آسيا، وفق ما كشفت عنه بيانات شركة "كبلر".

وأظهرت البيانات أن صادرات غاز النفط المسال الجزائري في مايو/أيار 2023 بلغت 446 ألف طن متري، إذ بلغ إجمالي الشحنات إلى البحر الأبيض المتوسط 245 ألف طن متري، والأحجام إلى جنوب شرق آسيا عند 139 ألف طن متري، ارتفاعًا من 47 ألف طن في أبريل/نيسان.

وتذبذبت صادرات غاز النفط المسال الجزائري الشهرية إلى آسيا خلال المدّة 2014-2022، بمتوسط 678.89 ألف طن متري، وفقًا لما أظهرته بيانات شركة كبلر للشحن.

إلا أن الشحنات ارتفعت 265% على أساس سنوي إلى 1.23 مليون طن متري في عام 2022، ووصلت الأحجام إلى 468 ألف طن متري حتى الآن في عام 2023، أي ما يعادل إجمالي عام 2021.

وكان من المتوقع أن تصل صادرات غاز النفط المسال الجزائري في مايو/أيار 2023 إلى 189 ألف طن متري، وهو أعلى مستوى منذ يوليو/تموز 2022.

واردات الصين من غاز النفط المسال الجزائري

في سياقٍ متصل، ارتفعت واردات الصين من غاز النفط المسال الجزائري بنسبة 16.6% على أساس سنوي إلى 75 ألف طن متري خلال المدّة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان، وفقًا لبيانات جمركية صينية.

وهو ما يجعل الجزائر تاسع أكبر مُصدر للصين، التي تُعد أكبر مستورد لغاز النفط المسال في العالم.

وجاءت صفقة "وانهوا" مع شركة سوناطراك، بعد أن جلبت الأولى أول وحدة تكسير مائي في العالم تستعمل ما يقرب من 100% من غاز النفط المسال بوصفه مادة أولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

كما تدير "وانهوا" مصنعًا لنزع الهيدروجين من البروبان بسعة 750 ألف طن سنويًا في يانتاى بمقاطعة شاندونغ، الذي يستعمل -أيضًا- غاز البوتان بوصفه مادة وسيطة.

ويؤكد عقد سوناطراك سعي "وانهوا" لتنويع الإمدادات لتأمين أفضل الأسعار والكميات، في الوقت الذي تتفاوض فيه شركة البتروكيماويات الصينية على تجديد أجل العقود مع الموردين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

تسعير سوناطراك أم أرامكو؟

يشكك المحللون في الأسواق العالمية حول مدى تأثير هدف سوناطراك المتمثل في توسيع اعتماد سعر العقد الخاص بها، وسط مشهد تهيمن عليه أسعار عقود أرامكو السعودية ومؤشر أرغوس للشرق الأقصى.

من المرجح أن يعتمد تسعير العقد على أسعار سوناطراك للشحنات على أساس التسليم على ظهر السفينة، وفق ما نقله تقرير "إس آند بي غلوبال" عن مصادر تجارية.

فقد تطلب سوناطراك من المشترين أخذ أي فائض تمتلكه خارج المنطقة، وبيعه بخصومات، بحسب مصدر تجاري غربي.

وأضاف التقرير أن سوناطراك تبيع عادةً على أساس صافي العائد، وعادةً ما يكون أقل من أسعارها، مضيفًا أن الخصم قد لا يكون كبيرًا في حالة صافي العائد على أساس التكلفة والشحن.

وتبيع أرامكو السعودية -عبر شركة أرامكو للتجارة التابعة لها- على أساس التكلفة والشحن، وليس على أساس التسليم على ظهر السفينة، وربما تحاول سوناطراك الاستفادة من ذلك لتصبح صانع الأسعار.

إلا أن نظام سوناطراك كان أقل شفافية وأقل حجمًا، إذ تُعد أسعار الجزائر مقيدة في كثير من الأحيان بسبب سوء الأحوال الجوية وتأخير الشحنات، وفق تصريحات المصدر التجاري التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال: "لا أرى أن هذا يصبح خيارًا قابلًا للتطبيق"، مشيرًا إلى أن الأحجام أصغر من أن تصبح البلاد بمثابة "صانع أسعار" لبقية المنطقة.

ولن يؤثر ذلك كثيرًا في استعمال أسعار سوناطراك بشرق السويس، بحسب مصدر من شمال آسيا، إذ يعتقد أن حجم الصادرات من بطيوة يتراوح بين 7 و8 ملايين طن سنويًا.

وأضاف: "لقد رأينا ما لا يزيد على 4 شحنات شهريًا قادمة إلى الشرق هذه الأيام.. لست مقتنعًا حقًا أن هذا التدفق سيغير توازن قوة التسعير في الشرق، إنه يعتمد حقًا على حجم العقد".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..