المقالاتسلايدر الرئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

هل تصبح أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية مع روسيا اتفاقًا مُلزِمًا؟ (مقال)

أومود شوكري – ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • من المتوقع أن تعزز هذه الاتفاقيات البنية التحتية للطاقة وقدرات الإنتاج الإيرانية
  • استمرار القيود والعقبات التكنولوجية يجعل من الصعب تنفيذ هذه الطموحات
  • مذكرات التفاهم بين إيران وروسيا توفر منصة لتحسين التعاون في التنقيب عن النفط وإنتاجه
  • يُعتقد أن الشراكة بين روسيا وإيران ظَرفية وتعتمد على مدى توافق إيران والغرب
  • أظهرت روسيا مرونة وقدرة على التكيف من خلال استكشاف أسواق وشراكات بديلة

تعوّل طهران على أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية التي وقعتها خلال العام الماضي (2022) مع روسيا على دعم صادراتها من الهيدروكربونات، بما يدعم اقتصادها الوطني الذي يعاني تحت وطأة العقوبات الأميركية.

وتُسهم الآليات الجيوسياسية المتغيرة والترابطات المعقدة في رسم ملامح قطاع الطاقة، وتمثّل مذكرات التفاهم أساسًا للشراكات المستقبلية، وتمكين الدول من استكشاف الإمكانات، وتحديد المصالح المشتركة، وإنشاء أطر للتعاون في مجال الطاقة.

في يوليو/تموز 2022، وقّعت شركتا النفط الوطنية الإيرانية وغازبروم الروسية مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار، وصفتها وسائل الإعلام بأنها أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية.

وحددت المذكرة مجالات مختلفة للتعاون، مثل تطوير حقول النقط والغاز، ومبادلة الغاز والمنتجات، ومشروعات الغاز الطبيعي المسال، وإنشاء خطوط أنابيب لتصدير الغاز، والتعاون العلمي والتكنولوجي.

ومن المتوقع أن تعزز اتفاقيات أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية، البنية التحتية للطاقة وقدرات الإنتاج الإيرانية مع توفير فرصة لروسيا لتوسيع موقعها وتأثيرها في سوق الطاقة الإيرانية، ما يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين.

ويُعتقَد أن احتمال نشوء اتحاد لمنتجي غاز عالمي بسبب هذه الشراكة قد أثار مخاوف، ومع ذلك فإن استمرار القيود والعقبات التكنولوجية يجعل من الصعب تنفيذ هذه الطموحات.

مذكرات التفاهم بين إيران وروسيا

توفر مذكرات التفاهم بين إيران وروسيا العديد من المزايا والفرص المحتملة، وتمثّل منصة لتحسين التعاون في التنقيب عن النفط وإنتاجه، ما يمكّن كلا البلدين من الاستفادة من مواردهما وخبراتهما.

وسيمنح نقل التكنولوجيا الميسّر إيران إمكان الوصول إلى التقنيات والمعرفة الروسية المتطورة في صناعة النفط، بالإضافة إلى ذلك، تعزز مذكرات التفاهم إمكانات المشروعات المشتركة والاستثمارات، ما يسمح لكلا البلدين بتنويع محافظ الطاقة لديهما وجذب رأس المال الخارجي.

جانب من الاجتماع الـ16 للجنة الاقتصادية الإيرانية الروسية المشتركة – المصدر: وكالة شانا الإيرانية
جانب من الاجتماع الـ16 للجنة الاقتصادية الإيرانية الروسية المشتركة - المصدر: وكالة شانا الإيرانية

رغم ذلك، فإن تنفيذ مذكرات التفاهم بين إيران وروسيا وبنود أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية يتأثر بالصراع المستمر في أوكرانيا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية بسبب الصراع، ما لفت الانتباه إلى عمليات الطاقة الروسية.

وقد فرضت الدول الغربية، لا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عقوبات على روسيا، ما قد يؤثر في تنفيذ مذكرات التفاهم، إذ يمكن للعقوبات أن تعرقل الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل والتعاون الدولي، ما قد يعوق تطوير الاتفاقات وفاعليتها، وهو ما يهدد بفشل أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية.

على الرغم من العداء التاريخي بينهما، فقد تفهمت روسيا وإيران بعضهما بعضًا، لأنهما تتعاملان مع المخاوف الغربية.

وعاقت سنوات من العزلة، والتفضيلات الغربية للموردين الآخرين، محاولات إيران لتصدير الغاز إلى أوروبا، ما جعل روسيا شريكًا مرغوبًا.

على صعيد آخر، فإن نوعيات الأنابيب الدقيقة اللازمة لمشروعات الغاز الكبيرة مقيدة بالعقوبات ولا يمكن استيرادها، وفي ظل القيود التكنولوجية ونقص الخبرة، يكافح كلا البلدين لبناء مرافق الغاز الطبيعي المسال.

المشاركة الروسية في قطاع الطاقة الإيراني

من الأهمية بمكان إجراء تحليل نقدي للنيات والسياق التاريخي للمشاركة الروسية في قطاع الطاقة الإيراني، وكذلك أهدافها من جراء توقيع أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية التي تصل استثماراتها لنحو 40 مليار دولار.

وقد أثيرت تساؤلات بشأن توقيت مذكرات التفاهم هذه وغياب اتفاقيات مماثلة عندما لم تكن شركات النفط والغاز الروسية خاضعة للعقوبات.

ويثير انسحاب بعض العقود -مثل مشاركة شركة زراوبيج نفط الروسية في تطوير حقل جنغوله، بسبب مزاعم بأن إيران تخضع للعقوبات- شكوكًا بشان اتساق النيات الروسية وموثوقية التزاماتها.

ومن منظور تقني، تعتمد روسيا على مانحي التراخيص الدوليين للحصول على الخبرة في منصات تعزيز الضغط وبناء وحدات الغاز الطبيعي المسال.

وهذا يثير تساؤلات بشأن قدرتها على نقل التكنولوجيا وتقديم مساعدة كبيرة في هذه المجالات، بالإضافة إلى ذلك، فإن التحدي المالي الكبير بنحو 80 مليار دولار لمنصات تعزيز ضغط الغاز المطلوبة في جميع مراحل تطوير حقل بارس الجنوبي يفاقم التعقيد.

وأكدت زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إلى طهران، أهمية مشروعات البنية التحتية المشتركة في النقل والطاقة، التي تخضع للسيطرة الشخصية لقادة روسيا وإيران.

من ناحيته، تحدث وزير النفط الإيراني جواد أوجي، عن الاجتماعات الجارية في إطار لجنة مشتركة لتحديد أسعار النفط، وأعرب عن ثقته في التوصل إلى اتفاق بشأن أسعار الخام في المنطقة.

وعلى الرغم من التحديات المشتركة التي تفرضها العقوبات، فإن كلًا من إيران وروسيا تؤمنان بقدرتهما على التغلب عليها من خلال الدعم المتبادل.

ومع أن مذكرات التفاهم بقيمة 40 مليار دولار في أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية تحمل فوائد محتملة لموسكو وطهران فيما يتعلق بالتعاون في مجال الطاقة والعلاقات الاقتصادية، فمن الضروري معالجة التحديات والشكوك للاستفادة الكاملة من الفرص التي توفرها.

ويندرج التعامل مع التعقيدات الجيوسياسية، والتغلب على العقوبات، وتأمين الموارد المالية والخبرة الفنية اللازمة في إطار الاعتبارات الحاسمة.

تأثير العقوبات في قطاع الطاقة الروسي

أثرت العقوبات بصورة كبيرة في قطاع الطاقة الروسي، ما انعكس على عملياته واستثماراته وتطوراته التكنولوجية، إذ استهدفت عقوبات الدول الغربية -بسبب التوترات الجيوسياسية والمخاوف بشأن تصرفات روسيا في أوكرانيا والشؤون الدولية الأخرى- صناعة الطاقة.

ويتمثل أحد التأثيرات المهمة للعقوبات على قطاع الطاقة الروسي في تقييد الوصول إلى التقنيات والمعدات الغربية.

تُجدر الإشارة إلى أن الشركات الغربية غالبًا ما تطور التقنيات المتقدمة اللازمة للاستكشاف والإنتاج والتكرير.

وحدّت تلك العقوبات من قدرة روسيا على الحصول على هذه التقنيات، ما أدى إلى إبطاء التقدم التكنولوجي ومن المحتمل أن يؤثر في كفاءة وإنتاجية مشروعات الطاقة لديها.

بالإضافة إلى ذلك، استهدفت العقوبات وصول روسيا إلى أسواق رأس المال الدولية، ما زاد من صعوبة شركات الطاقة الروسية في تأمين التمويل لعملياتها ومشروعاتها الاستثمارية.

وأدت القيود المفروضة على تمويل الديون والاستثمارات في رأس المال إلى الحد من توافر الأموال للاستكشاف والتطوير ومشروعات البنية التحتية.

وقد أثر ذلك في وتيرة التطورات الجديدة وإمكانات النمو الإجمالية لقطاع الطاقة الروسي، وكان للعقوبات تأثير في الشراكات الدولية والتعاون في قطاع الطاقة.

من جهتها، كانت الشركات الغربية حذرة بشأن الدخول في مشروعات مشتركة جديدة أو شراكات مع نظيراتها الروسية، بسبب مخاوف بشأن المخاطر القانونية والسمعة المحتملة المرتبطة بالعقوبات، وقد حدّ هذا من فرص نقل التكنولوجيا، وتبادل المعرفة، والاستثمار الأجنبي في مشروعات الطاقة الروسية.

إيجاد أسواق بديلة

ردًا على التحديات، سعت روسيا إلى إيجاد أسواق بديلة وشركاء، لا سيما في آسيا، للتخفيف من تأثير القيود الغربية.

وأُعيد توجيه صادرات الطاقة الروسية وإستراتيجيات الاستثمار، مع تركيز أقوى على التعاون مع دول مثل الصين والهند.

وعلى الرغم من أن هذا التنويع قد وفّر بعض الراحة، فإنه لم يعوض بالكامل فقدان الشراكات والأسواق الغربية.

الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة يستعرض 5 تحديات تواجه أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية:

صناعة النفط الإيرانية

طبيعة الشراكة بين روسيا وإيران

يُعتقد أن الشراكة بين روسيا وإيران ظَرفية، وتعتمد على مدى توافق طهران والغرب، فبالنظر إلى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها كلا البلدين ونقص الضمانات، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت المشروعات المدرجة في أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية ستكون مجدية ومربحة.

إن استمرار عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا وإيران يجعل فرص نجاح اتحاد منتجي الغاز العالمي قاتمة. وتلقي هذه الملاحظات الضوء على التفاعلات المعقدة بين روسيا وإيران والغرب في قطاع الطاقة.

ومن الضروري دراسة الصعوبات والشكوك الكامنة وراء تعاونهما في مجال الطاقة، من أجل فهم التداعيات الجيوسياسية والاقتصادية لهذه التطورات بصورة كاملة، إذ شكلت العقوبات تحديات كبيرة لقطاع الطاقة الروسي، ما أثر في إمكانات نموه وإحراز التقدم التكنولوجي وإتاحة فرص السوق.

مع ذلك، فقد أظهرت روسيا مرونة وقدرة على التكيف من خلال استكشاف أسواق وشراكات بديلة، وعلى الرغم من أن مذكرات التفاهم بين إيران وروسيا في قطاع الطاقة توفر فرصًا لتعزيز التعاون والتنويع، فإنه يجب التعامل معها من منظور نقدي.

ويُعدّ تقييم السياق التاريخي والقيود التقنية والمصالح الإستراتيجية للأطراف المعنية أمرًا بالغ الأهمية لضمان الجدوى والتطبيق العملي للتعاون المقترح في قطاع الطاقة الإيراني.

* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصّة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق