شبكة الكهرباء في جنوب أفريقيا تترنّح.. والانهيار التام مستبعد
الحكومة مُتهَمة بتأزيم الموقف
أحمد أيوب
تتوالى أنباء كثيرة مفادها أن مرفق الكهرباء في جنوب أفريقيا يمضي في طريقه منحدرًا إلى ظلام دامس، ويبدو أن هذا الانحدار مدفوع بأزمات الأعطال والانقطاعات المتكررة التي تضرب شبكة الكهرباء الحكومية بصورة مستمرة.
من هنا يبرز سؤال مهم للغاية حول حقيقة الأزمة، فهل هي حقًا كارثة من المنتظر أن تُغرق البلاد في الظلام، أم إن هذه مجرد أقاويل لا تستند للإمكانات الحقيقية لمرفق الكهرباء الجنوب أفريقي؟
يؤكد خبراء على أن الانهيار التامّ لشبكة الكهرباء في جنوب أفريقيا ليس بهذه السهولة، لكنهم لا ينفون وجود أزمة في الكهرباء، ويقدّمون حلولًا لتجاوز هذه المعضلة، بحسب المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتسبَّب ما يُنشر حول انهيار مرفق الكهرباء في جنوب أفريقيا بانخفاض قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي؛ ليتجاوز الدولار الأميركي 19 راندًا جنوب أفريقي، بحسب ما نشره موقع بيزنس تك المحلي (Business Tech).
انهيار الشبكة مستبعد
قال أحد كبار المسؤولين في شركة الكهرباء الحكومية إسكوم، هين فوسلو، إن انهيار الشبكة التام قد يحدث فقط بسبب ظروف استثنائية، وفق ما ذكره لموقع تايمز لايف.
وأوضح فوسلو أن انهيار الشبكة تمامًا يمكن أن يحدث فقط إذ فقدت إسكوم العديد من الخطوط الكهربائية مرة واحدة، أو إذا تعطلت جميع محطات الكهرباء المحلية في الوقت ذاته.
وتابع: "انهيار الشبكة تمامًا يعني تعطُّل جميع محطات الكهرباء العاملة بالديزل في كيب تاون، أو توقُّف إمدادات الكهرباء المتولدة من سد "كوهارا باسا" في موزمبيق، ووحدتي محطة "كويبيرغ" للطاقة النووية، فضلًا عن إفراغ سدود محطات الضخ من مياهها".
وقال: "إذا حدثت هذه الكارثة، من المؤكد أن يحدث انقطاع في التيار الكهربائي، وفي الغالب من المستحيل إصلاحه بشكل عاجل؛ لأنه في هذه الحالة لن يكون لدينا قدرات كهربائية لإعادة تشغيل النظام مرة أخرى، ويمكن أن يتسبب ذلك في انقطاع التيار الكهربائي لأسابيع ".
السوق هي الخاسر الأكبر
تسببت المخاوف المثارة مؤخرًا بسبب انقطاعات الكهرباء بإحداث تأثير عكسي في عملة البلاد، إذ ارتفع سعر الدولار الأميركي إلى 19 راندًا جنوب أفريقي.
وقال مركز الأبحاث إي تي إم أناليتكس، إن عناوين الأخبار المضللة حول انهيار الشبكة الكلي تسبَّبت في خسارة كبيرة للسوق، إذ أعطت انطباعًا أن شركة إسكوم، المشغّل الرسمي لمرفق الكهرباء في جنوب أفريقيا، فقدت السيطرة على الشبكة.
ويؤيد الأستاذ بجامعة الشمال الغربي، جان دي كوك، الرأي القائل، إن الانهيار التامّ للشبكة لا يمكن أن يحدث إلّا في ظل ظروف استثنائية للغاية، موضحًا أن آخر مرة حدث فيها انقطاع للتيار الكهربائي بجميع أنحاء البلاد في جنوب أفريقيا كان عام 1974.
وأضاف: "يوجد في المتوسط 6 وحدات في كل محطة كهرباء، ووقوع عطل تامّ في الشبكة يحدث إذا تعطلت 8 وحدات -لا تقلّ قدراتها عن 600 ميغاواط لكل منها- في الوقت نفسه أو بتتابع سريع".
ومع ذلك، قال، إن الانهيار الكلّي للشبكة لن يحدث بالضرورة إذا حدث ذلك.
الحكومة سبب تأزُّم الموقف
قال المحلل لدى إنتليدكس، بيتر أتارد مونتالتو، إن مخاوف المستثمرين من أن جنوب إفريقيا ستعاني من انهيار الشبكة يرجع إلى فشل الحكومة في التواصل مع الجمهور.
وأوضح أن الحكومة وشركة إسكوم هما من يقع عليهما اللوم في تأزُّم هذا الموقف، إذ تجاهلتا إمكان انهيار الشبكة في الماضي، وكذلك لم يكن ضمن جدول أعمالهما خطط للمستقبل لتفادي حدوث ذلك.
وأضاف أنه رغم عقد العديد من الاجتماعات بين الحكومة وأصحاب المصلحة في قطاع الكهرباء، فإن حكومة جنوب أفريقيا لم تقدّم خططًا واضحة لحلّ الأزمة مثلما تفعل أيّ دولة.
وتابع: "نحن بحاجة إلى توخّي الحذر الشديد، وهناك العديد من الحلول التي يمكن أن تقوم بها إسكوم غير تخفيف الأحمال"، موضحًا أن هناك مخاطرة كبيرة إذا ساءت الأمور وفُقدت السيطرة على الشبكة.
وتطرَّق إلى أن انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد يعدّ أقلّ احتمالًا بكثير من انقطاع التيار الكهربائي المؤقت، ولكن لم تُوضَع خطة طوارئ لأيٍّ منهما.
وأكد ضرورة إمداد الحكومة مواطني جنوب أفريقيا بالمعلومات التي تساعدهم على فهم الأوضاع الحالية، فغياب المعلومة يتسبب بحالة من الذعر.
الكهرباء في جنوب أفريقيا
بدأت أزمة الكهرباء في جنوب أفريقيا منذ عام 2007، وتفاقمت على مدار الأعوام التالية بشكل انقطاعات متكررة وأعطال في الشبكة الوطنية، اتَّبعت على إثرها السلطات سياسة فصل الأحمال بصورة مطّردة.
وخلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، دخلت عملية فصل الأحمال مرحلتها السادسة نتيجة سوء أوضاع المحطات، حسب المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومنذ اضطلاعه بالمسؤولية، يكافح وزير الكهرباء الجديد كجوسينتشو راموكجوبا للخروج من الأزمة، إلى الحدّ الذي جعله يبحث عن إمكان حلّ هذه المعضلة عبر التعاون مع عدد من الدول الخارجية.
ويتمثل أحد الحلول أمام الحكومة في إنتاج 9 آلاف ميغاواط من الكهرباء من 100 مشروع لتوليد الكهرباء من مصادر مختلفة، في حين تُدرس آليات لخفض الضرائب المفروضة على الألواح على الأسطح.
كما تخطط حكومة الرئيس سيريل رامافوزا لشراء فوائض مشروعات الطاقة المتجددة من المواطنين والشركات، كما تسعى لسدّ الفجوة لديها عبر مصادر الطاقة الأخرى مثل الهيدروجين الأخضر والغاز الطبيعي المسال.
موضوعات متعلقة..
-
أزمات الكهرباء في جنوب أفريقيا تتواصل بعد أيام من طرد الرئيس رقم 13 لـإسكوم
-
مسؤول: الكهرباء في جنوب أفريقيا يجب أن تستمر.. وسنضمن معظم ديون إسكوم
-
انهيار جديد بشبكة الكهرباء في جنوب أفريقيا.. وقطع التيار حتى نهاية الأسبوع
اقرأ أيضًا..
-
تقرير ألماني: المغرب يفتقد إمكانات تخزين كهرباء الطاقة المتجددة
-
إكوينور النرويجية تفتتح حقل غاز مهمًا لإمدادات أوروبا
-
بعد بيان مثير للجدل.. هل مصر دولة مصدّرة للسولار؟