غازالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الغازتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةوحدة أبحاث الطاقة

معضلة قياس انبعاثات غاز الميثان قد تُحَل عبر أقمار صناعية متخصصة قريبًا (تقرير)

الواقع يتجاوز بيانات الحكومات والشركات بنسبة 70% على الأقل

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • معايير القياس التقليدية ضعيفة في رصد واقع الانبعاثات
  • الدراسات المستندة إلى صور الأقمار الصناعية ذات دقة عالية
  • غاز الميثان خطير رغم تبدُّده من الغلاف الجوي أسرع من الكربون
  • تكاليف التخلص من الميثان منخفضة مقارنة بغيره من غازات الاحتباس الحراري

ما زالت انبعاثات غاز الميثان تؤرّق الجهود الدولية لمكافحة غازات الاحتباس الحراري في قطاع النفط والغاز، أحد أكبر القطاعات الملوثة للمناخ عالميًا.

وتواجه الجهود الدولية معضلة في قياس معدل انبعاث الميثان في الغلاف الجوي بصورة دقيقة، مع ضعف البيانات الصادرة عن الدول والشركات، وفقًا لتقرير حديث صادر عن منتدى الطاقة الدولي.

وأظهرت بيانات حديثة استمرار معدلات انبعاثات غاز الميثان في حدود مرتفعة جدًا خلال عام 2022، على خلاف المأمول والتوقعات العالمية، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

خطورة غاز الميثان

يُعَدّ غاز الميثان ثاني أكبر مساهم في الاحتباس الحراري بعد ثاني أكسيد الكربون، ويمثّل 30% من مسؤولية ارتفاع درجة الحرارة العالمية منذ الثورة الصناعية.

ويُصنَّف الميثان من غازات الدفيئة القوية قصيرة العمر، لسرعة تبدُّده من الغلاف الجوي مقارنة بثاني أكسيد الكربون، لكن درجة تأثيره المحتمل في الاحتباس الحراري أعلى بمعدل 84 مرة من الكربون.

وتحذّر الهيئة الحكومة الدولية المعنية بتغيّر المناخ، المؤسسة عام 1988، من مخاطر استمرار زيادة انبعاثات غاز الميثان عالميًا وتداعياتها السلبية على المناخ.

ويرصد الرسم التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، إجمالي انبعاثات الميثان وكثافته لمجموعة من الدول المنتجة للنفط والغاز عام 2021:

انبعاثات الميثان

وزادت انبعاثات غاز الميثان الصادرة من صناعة الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) بنسبة 35% خلال الـ19 عامًا الممتدة من عام 2000 إلى عام 2019، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

وهدأت مستويات الانبعاثات في عامي 2020 و2021 بصورة كبيرة، لظروف جائحة كورونا والإغلاق التاريخي الذي تعرضت له أغلب اقتصادات العالم.

ولم يَدُم كُمون انبعاثات غاز الميثان كثيرًا، حتى عاودت الارتفاع مجددًا بمعدلات قياسية في عام 2022، وفقًا لبيانات الوكالة التي أعربت عن قلقها من مستوى العودة المرتفعة وتداعياته.

تكلفة التخلص من الميثان معقولة

رغم خطورة انبعاثات غاز الميثان في الغلاف الجوي، فإن تكلفة التخلّص منها ما زالت أرخص نسبيًا من بين مجموعة الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في صناعة الوقود الأحفوري على الأقلّ.

وتعتقد وكالة الطاقة الدولية أن صناعة النفط والغاز تستطيع التخلّص من انبعاثات غاز الميثان بنسبة 75%، بتكلفة منخفضة، عبر استعمال التكنولوجيا الحالية المطروحة في الصناعة.

كما تروّج الوكالة الدولية لإمكان تخلّص القطاع من 45% من انبعاثات الميثان دون تكلفة صافية على الشركات أو الحكومات، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ولهذا السبب يشعر العلماء والمتخصصون وبعض الهيئات الدولية بالقلق من استمرار زيادة مستويات غاز الميثان في اللغاف الجوي بمعدلات قياسية، عامًا بعد عام، مع توافر التكنولوجيا الرخيصة للتخلّص منه بتكلفة معقولة.

معضلة معايير القياس

تواجه انبعاثات غاز الميثان معضلة أخرى في معايير القياس المستعملة في حسابها على مستوى الدول والشركات، وسط شكوك علمية قوية بمدى مصداقيتها وتعبيرها عن الواقع.

ويعتقد الباحثون أن الأرقام الحكومية الرسمية المعلَنة عن انبعاثات غاز الميثان تقلّ بنسبة 70% عن الواقع لأسباب مختلفة، بعضها سياسي واقتصادي متعمّد، وبعضها فني خارج عن الإرادة؛ لاعتماده على معايير قياس تقليدية لا تقوى على رصد حجم الانبعاثات الفعلي من الصناعة.

وتروّج بعض مراكز الأبحاث البيئة في أوروبا وأميركا إلى أن البيانات المجمّعة عبر صور الأقمار الصناعية أكثر دقة في احتساب حجم الانبعاثات الفعلية الصادرة من صناعة الوقود الأحفوري عالميًا.

وأسهمت الدراسات العلمية المتراكمة المستندة إلى بيانات الأقمار الصناعية في تحريك مبادرات عالمية لتطوير تقنيات قياس جديدة للاستعمال في الصناعة.

مبادرات الأقمار الصناعية

أطلق منتدى الطاقة الدولي وشركة كيروس الأميركية (Kayrros) مبادرة لتطوير منهجية جديدة لقياس انبعاثات الميثان من قطاع الطاقة في عام 2021.

وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين دقة البيانات المتصلة لتمكين الدول الأعضاء في المنتدى من وضع أهداف واقعية لخفض انبعاثات غاز الميثان بقطاع النفط والغاز العالمي.

وتهتم شركة كيروس الأميركية برصد أثر النشاط البشري في البيئة عالميًا، كما تشجع على نشر التقنيات المستندة إلى صور الأقمار الصناعية في مجال رصد الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم.

وتعمل كيروس مع وكالة الفضاء الأوروبية على مشروع موازٍ لجمع البيانات المتصلة بغاز الميثان وتحليلها ضمن مبادرة المرصد الدولي لانبعاثات غاز الميثان التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وتخطط كيانات أخرى لإطلاق أقمار صناعية متخصصة في أعمال مراقبة الانبعاثات على مستوى العالم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

إطلاق قمر ميثان سات

جانب من صناعة أحد الأقمار الصناعية
جانب من صناعة أحد الأقمار الصناعية- الصورة من Time

من المرتقب إطلاق قمر صناعي متخصص يحمل اسم ميثان سات (MethaneSat) في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو مشروع أميركي نيوزيلندي مشترك، ويتبع صندوق الدفاع البيئي في الولايات المتحدة "إي دي إف".

وتدرس شركة "كاربون مابر" -مقرّها ولاية كاليفورنيا- إطلاق سلسلة من الأقمار الصناعية المتخصصة في مراقبة غاز الميثان والكربون خلال السنوات المقبلة.

وتتزايد جودة البيانات المصوّرة عبر الأقمار الصناعية -عامًا بعد عام- مع تزايد الاهتمام البحثي بأساليب تحليلها ومقارنة نتائجها بالبيانات المعتمدة على معايير القياس التقليدية.

وتستطيع الأقمار الصناعية التقاط الصور على بعد أمتار قليلة من الأرض بدقة عالية، ما يزيد من ثقة العلماء للاعتماد عليها في أبحاثهم الفنية المتخصصة بمجالات مختلفة، من بينها مجال البيئة.

أقمار صناعية ترصد على بعد 5 أمتار

استطاعت 3 أقمار صناعية متخصصة تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية رصد وتحديد أعمدة الانبعاثات بدقة عالية على بعد 5 إلى 10 أمتار من سطح الأرض، وفقًا لدراسة رصدها منتدى الطاقة الدولي.

ويمكن لهذا المستوى من الدقة أن يُستعمل في رصد تسريبات آبار الغاز الطبيعي على مستوى العالم، ويساعد في التنبؤ المبكر بالانفجارات المحتملة في القطاع، ما سيمكّن الحكومات والشركات من تجنّب كوارث ذات تكاليف باهظة على مستوى الصناعة.

ووقّعت أغلب بلدان العالم في مؤتمر المناخ كوب 26 تعهدًا عالميًا بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30% على الأقلّ بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2020.

وتوفر الأقمار الصناعية المتخصصة فرصة هائلة للحكومات والشركات لرسم خطط مواجهة الانبعاثات بدقة فائقة، استنادًا إلى بيانات عالية الدقة، ما يجنّبها أيّ تكاليف مهدرة بناءً على معلومات غير دقيقة.

ويعتقد منتدى الطاقة الدولي، الذي يضم في عضويته 72 دولة، أن تقنيات المراقبة الجوية للانبعاثات قادرة على دفع مبادرات خفض الانبعاثات العالمية إلى الأمام على المدى القصير، ما يمثّل فرصة للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية في أسرع وقت ممكن، إلى جانب الخطط متوسطة و طويلة الأمد.

موضوعات متعلقة...

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق