حرق الفحم في الصين الحل المُر لمعضلة شح الكهرباء (تقرير)
السيارات الكهربائية تفاقم الوضع
محمد عبد السند
يمثّل حرق الفحم في الصين السلاح الأوحد الذي يمكن أن تستفيد منه السلطات -على الأقلّ الآن- لتدبير معدلات الطلب المحلية المتنامية على الكهرباء المستعملة لأغراض متعددة.
وتدقّ أزمة نقص الكهرباء ناقوس الخطر في الصين، في حين تمضي البلد الكائن شرق آسيا على قدم وساق صوب برنامج تحول الطاقة.
وفي هذا الصدد، أضحى التوسع في حرق الفحم في الصين "الخيار الحقيقي والوحيد على المدى القصير" لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء، بما في ذلك ما تحتاجه السيارات الكهربائية، حسبما أوردت شبكة "بلومبرغ".
وقال المحللان في مجموعة "إيه إن زد غروب هولدنغ" المالية الأسترالية "دانييل هاينز" و"سوني كوماري" في تقرير صدر اليوم الخميس 20 أبريل/نيسان (2023): "النقص في الكهرباء على الأرجح سيعاود الظهور، في حين يواصل تسريع وتيرة تحول الطاقة الضغط على شبكات الكهرباء".
سوق الكهرباء مُجهدة
تُظهر سوق الكهرباء في الصين علامات على الإجهاد، في الوقت الذي تقوّض فيه مستويات المياه المنخفضة توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية في المقاطعات الواقعة جنوب البلاد، ما يعجّل بالجهود المبذولة للتوسع في حرق الفحم في الصين.
وبالنظر إلى أن التغيرات المناخية تقود إلى موجات متكررة من الحرارة، أصبح اعتماد المنطقة على الطاقة الكهرومائية -أكبر مصدر للكهرباء النظيفة في الصين- موضع تساؤل.
وللتغلب على هذا التحدي الصعب، بادرت الحكومة الصينية إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التحوطية، من بينها تعزيز الإنتاج المحلي من الفحم، مع زيادة الواردات من هذا الوقود الأحفوري.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- خطة الصين لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060:
السيارات الكهربائية تضغط
تبرز السيارات الكهربائية التي يُنظر إليها على أنها حل فاعل في إبطاء وتيرة التغيرات المناخية، عامل ضغط على الشبكة الكهربائية، ما يجعل التوسع في حرق الفحم في الصين مسألة لا غنى عنها لمجابهة وضع الكهرباء المأزوم -على الأقلّ في الوقت الراهن-.
ووفقًا لتقديرات "إيه إن زد غروب"، من المتوقع أن يحلّ أسطول السيارات الكهربائية في العالم محلّ 600 ألف برميل يوميًا من الوقود الأحفوري هذا العام (2023).
وتمثّل الصين التي تقود النمو العالمي في مبيعات السيارات الكهربائية، ما يصل إلى 60% من الـ600 ألف برميل يوميًا المذكورة، بحسب البيانات ذاتها.
وتابعت "إيه إن زد غروب": "معظم هذا التحول يقود إلى زيادة الطلب على الكهرباء المولدة من المحطات العاملة بالفحم".
الصين تقود المبيعات العالمية
تواصل مبيعات السيارات الكهربائية التحليق عالميًا، لتمثّل ما نسبته 13% من أنواع السيارات الجديدة كافة التي تسير على الطرقات، حسبما ذكر موقع "ويسترن ستاندارد".
ولامست مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا 10.5 مليون وحدة في العام الماضي (2022)، بزيادة من 8.3 مليون وحدة في العام السابق (2021)، و 4.2 مليون وحدة في عام 2020، وفق التقديرات التي نشرتها شبكة "بلومبرغ".
وحسب البيانات ذاتها، بلغت مبيعات سيارات محركات الاحتراق الداخلي ذروتها على ما يبدو في عام 2017، مسجلة حينها 69 مليون وحدة، لكنها تمضي –الآن- في مسار هبوطي.
ومثّلت الصين، البلد الأكثر تعدادًا للسكان في العالم، أكبر تلك الزيادات، إذ شكّلت السيارات الكهربائية ما نسبته 26% من إجمالي مبيعات السيارات، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم 30% في العام الجاري (2023).
وحتى بعد الأخذ في الحسبان تزايد شعبية السيارات الهجينة التي تستعمل البطاريات ومحركات الاحتراق الداخلي -معًا-، لامست مبيعات السيارات التي تعمل بالبنزين ذروتها، بحسب تقديرات بلومبرغ.
وتشير التوقعات إلى أن مبيعات سيارات الاحتراق الداخلي ستبقى ثابتة نسبيًا قبل أن تهبط في عام 2026، وفق ما أظهرته الأرقام ذاتها.
وبوجه عام، من المتوقع أن يصل إجمالي الطلب على النفط من قطاع النقل ذروته بحلول عام 2027، ويتوقف هذا على استهلاك المركبات التجارية.
وفي هذا الصدد، أشارت التقديرات إلى أن السيارات الكهربائية مثّلت 7% من مبيعات المركبات التجارية كافة في الصين، من بينها 5% للشاحنات الثقيلة.
تحفيزات سخية
جاء تزايد الطلب على السيارات الكهربائية مدعومًا من التحفيزات السخية، إذ تدعم الحكومة الصينية السيارات الكهربائية منذ عام 2009، لتحذو بلدان أخرى، مثل أميركا وكندا، الحذو نفسه.
يأتي هذا في الوقت الذي تتجه فيه حكومات الدول إلى حظر سيارات الوقود الأحفوري.
فعلى سبيل المثال، حظر الاتحاد الأوروبي بيع سيارات الوقود الأحفوري بين الدول الأعضاء بحلول عام 2035.
ولا تملك الولايات المتحدة الأميركية مستهدفات رسمية في هذا الخصوص، لكن هناك 13 ولاية تطبّق برنامج الحياد الكربوني المعمول به في كاليفورنيا، والذي يهدف للتخلص من السيارات العاملة بالغاز بحلول عام 2035، من بينها نيويورك وأوريغون وفيرمونت وواشنطن.
موضوعات متعلقة..
- حرق الفحم في الصين يضعها بين مطرقة أزمة الطاقة وسندان الانبعاثات
- حوادث مناجم الفحم في الصين تحصد أرواح 129 عاملًا في 2022
- دعوات رسمية إلى زيادة إنتاج الفحم في الصين
- سياسات الفحم في الصين تنبئ بقلب موازين الأسواق العالمية
اقرأ أيضًا..
- مصر تخطط لزيادة قطع الكهرباء في الصيف توفيرًا للغاز (خاص)
- قطر تعزز مكانتها العالمية بإستراتيجية لتوسعة إنتاج الغاز وزيادة التصدير (تقرير)
- غازات الاحتباس الحراري في صناعة النفط والغاز.. نصفها من الميثان (تقرير)