النفط الروسي يجد مُبتغاه في السعودية والإمارات.. ما موقف أميركا؟
أسماء السعداوي
أعادت شحنات النفط الروسي تغيير دفّتها اضطرارًا، بعد عقوبات غربية قاسية أعقبت الحرب على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ورغم أن الغرب كان يرمي من وراء تلك القيود إلى تجفيف منابع تمويل الحرب الروسية بقيادة فلاديمير بوتين، نجحت موسكو -على غير المتوقع- في تحقيق أقصى استفادة من الوضع الجديد، وجذبت أسواقًا بديلة متسلحة بأسعارها الرخيصة.
وكانت أبرز تلك الدول السعودية والإمارات، اللتين وجدتا فرصة سانحة لاستيراد النفط الروسي وتخزينه وإعادة تصديره، رغم جهود أميركية قوية لإقناعهما بالانضمام للحملة الغربية على موسكو، بحسب تقرير نشره موقع "أويل برايس" (Oil Price)، واطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وكشفت بيانات تعقّب السفن وخدمات السلع أن السعودية والإمارات (رغم أن لديهما احتياطي ضخم) اتّجهتا لاستيراد الديزل والنافثا وزيت الوقود من روسيا.
الإمارات
دخل حظر، أقرّه الاتحاد الأوروبي على واردات المنتجات النفطية الروسية المكررة المنقولة بحرًا، حيز التنفيذ في 5 من فبراير/شباط المنصرم.
وبعدما سدّت أوروبا الأبواب في وجهه، اضطر نحو مليون برميل يوميًا من الديزل الروسي والنافثا وأنواع أخرى من الوقود إلى البحث عن دول أخرى لاستقباله.
برزت الإمارات بوصفها مركزًا دوليًا رئيسًا لاستيراد وتجارة وإعادة توزيع النفط الروسي، بعد فرض الدول الغربية قيودًا وسقفًا للأسعار على النفط الخام والمنتجات النفطية الروسية الأخرى.
إذ سجلت صادرات النفط الروسي إلى الإمارات رقمًا قياسيًا في عام 2022 المنصرم، وتضاعفت 3 مرات مقارنة بعام 2021، لتسجل 60 مليون برميل، بحسب بيانات شركة كبلر لتعقّب بيانات السفن التي رصدتها صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتستقبل حاليًا الفجيرة -أكبر مركز تجاري في الإمارات- الكثير من المنتجات النفطية الروسية، التي تحتلّ أحجامها الآن المركز الثاني بعد زيت الوقود القادم من السعودية، بحسب تقديرات وكالة "آرغوس ميديا" المعنية بأخبار الطاقة.
كانت المديرة التجارية في مرافئ (في تي تي آي) الفجيرة، مها عبدالمجيد، قد قالت في مارس/آذار الماضي، إن ميناء الفجيرة -ثالث أكبر مركز للتزوّد بالوقود في العالم- شهد تدفقًا كبيرًا للنفط الروسي، وبخاصة خام الأورال والنافثا.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إنتاج روسيا منذ بدء غزو أوكرانيا:
السعودية
السعودية هي أكبر مُصدّر للنفط الخام في العالم، وتشكّل مع روسيا جبهة قيادة منظمة الدول المصدّرة للنفط أوبك وتحالف أوبك+، الذي يضطلع بدور تنسيق إمدادات النفط الخام إلى السوق العالمية منذ أكثر من 6 سنوات.
وبدأت روسيا تصدير الوقود إلى السعودية في مطلع العام الجاري (2023)؛ إذ تشير بيانات كبلر إلى أن موسكو أرسلت للآن نحو 100 ألف برميل من الوقود إلى السعودية، مقارنةً بصفر واردات قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
كما يبدو أن صادرات الديزل الروسية إلى السعودية تشهد تسارعًا، سواء عبر الشحنات المباشرة أو عمليات النقل من سفينة لأخرى.
تلجأ موسكو لعمليات نقل النفط الروسي من سفينة لأخرى، لتقصير مسارات الناقلات المتجهة إلى أفريقيا وآسيا، بحسب التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وبدأت روسيا تصدير الديزل إلى السعودية في شهر فبراير/شباط الماضي، حسبما نقلت وكالة رويترز عن تجّار وبيانات تتبّع السفن.
دول عربية أخرى
تستقبل دول أخرى تدفقات الوقود الروسي إلى دول ثالثة من خلال سقف أسعار، إذا نُفِّذت الصفقة عبر شركات التأمين الغربية.
ويبلغ الحدّ الأقصى للديزل الروسي 100 دولار أميركي للبرميل بموجب سقف الأسعار، في حين تحدد سعر المنتجات النفطية منخفضة التكلفة عند 45 دولارًا أميركيًا للبرميل.
وقفزت صادرات الديزل الروسي بنسبة 33% في مارس/آذار، واتجهت شحنات خرجت من موانٍ روسية مطلة على البحر الأسود إلى مناطق في شرق وغرب البحر المتوسط، مثل ليبيا ومصر وتونس.
وقالت كبيرة محللي السوق في شركة فورتكسا، باميلا مونغر، إن صادرات مواني بحر البلطيق "تحولت إلى حصص مئوية متساوية إلى البرازيل والسعودية ومصر والمغرب".
وأشارت رئيسة قسم التحليلات الخاصة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة فورتكسا، سيرينا هوانغ، إلى أن "بعض أنماط تداول النفط الروسي تتعزز، مع استمرار تغير المشهد".
"فقد برزت الهند والصين بوصفهما أكبر شريكين تجاريين إستراتيجيين لروسيا، وشكّل كل منهما ثلث إجمالي واردات النفط الروسي في مارس/آذار"، بحسب هوانغ.
كما قالت هوانغ: "بالنظر إلى الأسواق البديلة للنفط الروسي بعد حظر الاتحاد الأوروبي، نرى تميزًا مثيرًا للاهتمام لصادرات النفط الخام والنافثا والوقود، إلى دول في آسيا والشرق الأوسط، في حين شهدت صادرات الديزل مزيدًا من التنوع، لتتجه نحو السعودية وتركيا والبرازيل وغيرها".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- إيرادات صادرات النفط الروسي منذ بدء غزو أوكرانيا:
موقف أميركي ضعيف
فشلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع حلفائه الإستراتيجيين في الخليج بالعدول عن استيراد النفط الروسي المغري، والانضمام لتحالف غربي مناهض لروسيا.
وتُعدّ صادرات الوقود الروسي إلى السعودية والإمارات دليلًا دامغًا على ضعف النفوذ الأميركي على حلفائها الرؤساء في الشرق الأوسط.
إذ سافر وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات المالية بريان نيلسون إلى الشرق الأوسط وتركيا في مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري.
وخلال زياراته إلى سلطنة عُمان وأبوظبي ودبي وتركيا، "بحث نيلسون جهود وزارة الخزامة لإحباط المحاولات الروسية لتفادي سهم العقوبات الدولية وقيود التصدير المفروضة في أعقاب حربها الوحشية على أوكرانيا".
موضوعات متعلقة..
- الهند تعلن موقفها من شراء النفط الروسي بأعلى من السقف السعري
- انهيار صادرات النفط الروسي المنقولة بحرًا.. هل انقلب السحر على الساحر؟
- صادرات النفط الروسي ترتفع لأعلى مستوى في 3 سنوات
اقرأ أيضًا..
- الطلب على النفط عالميًا ينمو 4.5 مليون برميل يوميًا خلال فبراير
- هبوط حاد في واردات أوروبا من الغاز عبر خطوط الأنابيب.. والجزائر ثاني الموردين
- تأمين سلاسل إمدادات المعادن مدخل رئيس لتحول الطاقة (تقرير)
- أفضل أنواع الألواح الشمسية والعاكسات.. معايير تتيح لك الاختيار بعناية