توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا.. السلاح الآمن في معركة الحياد الكربوني (تقرير)

أضحى توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا هو فرس الرهان بالنسبة للحكومة في تعزيز حصة الكهرباء النظيفة بمزيج الطاقة الوطني، في إطار خطط أنقرة، الرامية إلى الوصول لأهداف الحياد الكربوني.

ويتحول التركيز على الطاقة المتجددة في تركيا من الولايات الشرقية الغنية بموارد الطاقة الكهرومائية، إلى الولايات الغربية التي تزخر بموارد الرياح والطاقة الشمسية.

فقد برهنت مُدَّتا جفاف شهدتهما تركيا خلال 5 سنوات على حقيقة مفادها أن مصادر الطاقة المتجددة غير الكهرومائية هي كلمة السر في تحول الطاقة بالبلد العابر للقارات، حسب نتائج تقرير صادر مؤخرًا عن مركز أبحاث الطاقة النظيفة "إمبر".

وخلال عامي 2021 و2022، تراجعت سعة الطاقة الكهرومائية في تركيا، لتحلّ محلّها مصادر الطاقة المتجددة الأخرى -الطاقة الشمسية وطاقة الرياح- في توليد الكهرباء النظيفة، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وبناءً عليه، ينبغي أن تصبح مسألة تعزيز توليد الكهرباء من المصادر المتجددة الأخرى، القاعدة -وليست الاستثناء- المُتّبعة لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وسجلت ولاية قونية نموًا بأكثر من 3 أضعاف في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا على مدار 5 سنوات، بحسب التقرير.

ويتعين أن تواصل الولايات الجنوبية التي تتّسم بأجواء مشمسة، ومن ثم درجة سطوع عالية، ريادتها إذا رغبت أنقرة في تحقيق أهدافها بشأن الكهرباء المتجددة.

10 ولايات تستحوذ على نصيب الأسد

خلال العام الماضي (2022)، تصدّرت ولايات قونية وشانلي أورفا وأنقرة وقيصري وإزمير المراكز الـ5 الأولى بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا، علمًا بأن ولايات تركيا الـ81 كافة قد أنتجت بعض الكهرباء من الطاقة الشمسية خلال عام 2022 في أعقاب تطبيق تلك التقنية النظيفة في الولايات الـ11 المتبقية منذ عام 2018، وفق التقرير.

وتتمثل إحدى مزايا الطاقة الشمسية بتركيا بإمكان إنتاجها في المكان الذي تُستهلَك فيه، ما يقلّص الاعتماد على شبكة الكهرباء الوطنية.

ورغم هذا، يظل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا مسألة مُركّزة في مناطق جغرافية محددة.

وفي هذا الصدد، استحوذت الولايات الـ10 الكبرى على أكثر من نصف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا في العام الماضي (2022).

أكبر محطة للطاقة الشمسية في أوروبا

منذ عام 2018، مثّلت قونية ما نسبته 33% من سعة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في تركيا، ولامس إنتاج الولاية ذاتها من الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية 2.9 تيراواط/ساعة في عام 2022، ما يزيد عن خُمس توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية على المستوى الوطني، بحسب ما أورده تقرير "إمبر".

وتأتي تلك الزيادة في سعة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في قونية، مدعومة بمحطة كارابينار للطاقة الشمسية التي تمثّل ما نسبته 63% من إجمالي توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية المرخصة في تركيا في عام 2022، والبالغة 2.7 تيراواط/ساعة.

وبحلول أكتوبر/تشرين الأول (2022)، بلغت السعة المُركبة لمحطة كارابينار للطاقة الشمسية 90%، إذ مثّلت الأخيرة ما نسبته 57% من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في قونية ذلك العام.

وعند وصولها إلى سعة التشغيل القصوى خلال العام الحالي (2023)، سيصل إجمالي سعة محطة كارابينار للطاقة الشمسية 1350 ميغاواط، ما يجعلها أكبر محطة من نوعها في عموم أوروبا.

إمكانات غير مستغلة

بينما تُعقد الآمال على محطة كارابينار للطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء النظيفة في قونية، تبدو الصورة مهتزة -نوعًا ما- في ولايات أخرى.

فالوضع الحالي لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا يعكس عدم تطابق بين إمكانات الطاقة الشمسية، وتوزيعها الحقيقي.

وتستحوذ قونية وشانلي أورفا وإزمير وأنقرة ووان -تمثّل مجتمعة نصف الزيادة في معدل توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا- على نصيب الأسد من النمو بتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية خلال 5 أعوام.

ورغم أن ولايات قونية وشانلي أورفا ووان تحظى بإمكانات طاقة شمسية عالية، هناك ولايات مشمسة أخرى كان من الممكن أن تتفوق في الأداء على كل من أنقرة وإزمير.

الولايات الجنوبية غير مستغلة

تبرز ولاية أنطاليا مثالًا بارزًا على إمكانات غير مُستغلة، فرغم امتلاكها واحدة من أعلى معدلات السطوع في عموم البلاد، صُنِّفت أنطاليا في المركز الـ10 في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا خلال العام الماضي (2022).

وبحسب التقرير، تُنتج أنطاليا 3% فقط من إجمالي توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا.

ورغم أن شانلي أورفا كانت ثاني أكبر ولاية في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا خلف قونية خلال عام 2022، تتخلف ولايات أخرى في جنوب شرق البلاد كثيرًا عن الركب، وفي مقدّمتها ولاية وان.

وبينما سجلت وان خامس أكبر زيادة في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا خلال المدة من 2018 إلى 2022، فهي ما تزال تحتلّ المركز الـ9 في قائمة أكثر الولايات توليدًا للكهرباء من الطاقة الشمسية في عام 2022، وتظل بعيدة جدًا عن ولايات أمثال أنقرة التي تحتلّ المركز الـ3 وإزمير التي تصنَّف في المركز الـ5.

أمّا في شرق تركيا، فتجعل التضاريس الجبلية من الصعب بناء محطات طاقة شمسية على مستوى المرافق، لكن المناطق التي تتمتع بدرجة عالية من السطوع، مثل تلك تكون ملائمة لإقامة المشروعات الصغيرة، التي يمكن أن تساعد المنطقة في استغلال إمكاناتها بهذا الخصوص.

ويمكن أن تعمل الطاقة الشمسية بجانب الطاقة الكهرومائية للمساعدة على تخفيف المخاطر الناجمة عن الجفاف.

فتعزيز توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا من شأنه أن يقلل الطلب على الطاقة الكهرومائية إبان أشهر الصيف، ما يتيح درجة أكبر من المرونة لاستغلال الطاقة الكهرومائية في الشتاء، وتقليص الحاجة للغاز المستورد من الخارج بأسعار مرتفعة.

وتتيح الإمكانات العالية التي تتمتع بها الولايات الواقعة جنوب شرق تركيا، والتي تزخر بالطاقة الكهرومائية، فُرصًا لحلول الطاقة الشمسية العائمة -أيضًا-.

وفي هذا الشأن، تُصنَّف تركيا تاسع أكبر دولة عالميًا في إمكانات الطاقة الشمسية العائمة، بواقع 171 تيراواط/ ساعة سنويًا، بأعلى 10 أضعاف من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية -حاليًا-.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر الولايات التركية إنتاجًا للطاقة الشمسية خلال المدة من 2018-2022:

مشروعات غير مرخصة

عززت مشروعات الطاقة الشمسية غير المُرخصة في تركيا، التوسع في سعة الكهرباء النظيفة، بدلًا من مشروعات الطاقة الشمسية المرخصة.

ويُعزى هذا -أساسًا- إلى إجراء تركيا مزادًا لسعة الطاقة الشمسية المرخصة، قدرها 1 غيغاواط فقط سنويًا.

وبالنظر إلى تعذُّر بناء سعة الطاقة الشمسية المرخّصة خارج هذا المزاد، تتألف معظم سعة الطاقة الشمسية في تركيا من محطات الكهرباء غير المرخصة.

وفي العام الماضي (2022)، بلغت سعة الطاقة الشمسية غير المُرخصة في تركيا 8 غيغاواط، ما يعادل 84% من إجمالي سعة الطاقة الشمسية في البلاد.

ويشير مصطلح الكهرباء غير المُرخصة إلى المشروعات التي تستهدف تلبية احتياجات الاستهلاك الذاتي بدلًا من بيع الكهرباء إلى الشبكة الوطنية.

ورغم غياب شروط التراخيص، ما يزال يتعين على مقدّمي الطلبات الخضوع لعملية بيروقراطية تتضمن مؤسسات عدّة، من أجل الحصول على الموافقة لإقامة مشروعات طاقة شمسية غير مُرخصة.

إمكانات عالية وتقدم بطيء

تستهدف خطة الطاقة الوطنية التي تتبنّاها تركيا تحويل البلاد إلى مركز للطاقة الشمسية، على أن تصل سعة الكهرباء المولدة منها إلى 9.4 غيغاواط في عام 2022، قبل أن ترتفع إلى 32.9 غيغاواط في عام 2030، و 52.9 غيغاواط في عام 2035.

وسيتعين مضاعفة سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية في تركيا بواقع 3 مرات من المستويات الراهنة لتحقيق هذا المستهدف.

ومع ذلك، ما تزال سعة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية من قبل الحكومة أقلّ من السعة التي توصي بها "إمبر" في تقريرها من أجل تقليص واردات الوقود الأحفوري المستعملة في توليد الكهرباء بمعدل النصف بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، والبالغة 40 غيغاواط.

وعلاوة على ذلك، سيتعين مضاعفة سعة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا بواقع 4 أضعاف لتحقيق هذا المُستهدف.

ورغم أن تركيا تحظى بإمكانات أعلى في الطاقة الشمسية، مقارنة بنظيراتها من الدول الأوروبية، لم تتجاوز سعتها من الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية 15.3 تيراواط/ساعة، أو ما يعادل نسبته 4.7% من إجمالي توليد الكهرباء في عام 2022.

وبوجه عام، أصبح توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في تركيا يعادل نظيره في البلدان ذات الإمكانات الأقلّ بالطاقة الشمسية، مثل بولندا وأوكرانيا.

طاقة الرياح في الولايات الغربية

على صعيد آخر، تتركز طاقة الرياح جغرافيًا في تركيا، إذ تمثّل الولايات الـ5 التي تنتج أكبر قد من طاقة الرياح ما نسبته 53% من إجمالي توليد الكهرباء من الرياح، علمًا بأن هناك 34 ولاية تركية، أو ما يعادل 42% من إجمالي ولايات البلاد، لا تُنتح كهرباء من طاقة الرياح على الإطلاق.

وتتصدر إزمير قائمة الولايات التركية في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهي تضم مدينة تقع على ساحل بحر إيجة الزاخر بموارد الرياح.

ولامس معدل توليد الكهرباء من طاقة الرياح في إزمير 5.9 تيراواط/ساعة خلال عام 2022، ما يمثّل 17% من إجمالي توليد الكهرباء من طاقة الرياح في تركيا.

وخلف إزمير، تأتي ولايات بالق أسير، وجناق قلعة، ومانيسا (محافظات توجد -أيضًا- في منطقة إيجة).

وتشكّل ولايات إزمير وجناق قلعة وإسطنبول ما يزيد عن ثُلث سعة توليد الكهرباء من طاقة الرياح.

واحتلّت إزمير وجناق قلعة وإسطنبول المراكز الـ3 الأولى في قائمة الولايات التي سجلت أعلى زيادات في توليد الكهرباء من طاقة الرياح خلال المدة بين 2018 و 2022.

وعززت تلك الولايات الـ3 مجتمعة معدلات توليد الكهرباء بطاقة الرياح بواقع 5.9 تيراواط/ ساعة، ما يمثّل 39% من نمو طاقة الرياح في البلاد.

وسجلت إزمير أكبر زيادة في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، إذ ارتفع إنتاجها من الكهرباء على أساس سنوي من 3.8 تيراواط/ساعة في عام 2018، إلى 5.9 تيراواط/ساعة في عام 2022، بزيادة نسبتها 56%.

وشهد شهر يوليو/تموز (2022) زيادة قياسية في توليد الكهرباء من طاقة الرياح، إذ ارتفع معامل السعة لطاقة الرياح -الذي يقارن بين السعة المُركبة والتوليد الفعلي- بنسبة 51%، وهي القراءة الأعلى في 5 سنوات.

وقادت تلك الزيادة القياسية إلى وصول معدل توليد الكهرباء من طاقة الرياح إلى 800 غيغاواط/ساعة في إزمير، ما يزيد عن ضعف المتوسط الشهري لسعة طاقة الرياح في المحافظة خلال 5 أعوام.

وعلى الصعيد الوطني، شهد شهر يوليو/تموز (2022) زيادة قياسية على أساس شهري، لامست 4.18 تيراواط/ساعة.

موضوعات متعلقة..

• ألواح شمسية تعمل 1000 ساعة متواصلة بكفاءة.. أين تُستعمَل؟
• إنتاج النفط في الجزائر يهبط للمرة الأولى في 3 أشهر
• أسعار النفط الخام تتراجع.. وبرنت قرب 87 دولارًا

اقرأ أيضًا..

• بالأرقام.. خلافات مالية تؤجل شراء الإمارات شركة وقود وطنية التابعة للجيش المصري (خاص)
• الغاز المغربي يترقب حفر بئر استكشافية جديدة خلال أيام
• سونلغاز: توربينات الغاز الجزائرية تتجه إلى دولة في الشرق الأوسط (فيديو)