هل تأثر استهلاك الكهرباء في أوروبا بإجراءات الخفض الطارئة خلال الشتاء؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
كانت مخاوف الطلب المتزايد على الكهرباء في أوروبا، خلال فصل الشتاء (2022-2023)، تؤرّق الحكومات بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، لكن بفضل تدابير خفض الاستهلاك تمكّنت القارة العجوز من الخروج إلى بر الأمان.
في سبتمبر/أيلول 2022، اتخذت المفوضية الأوروبية تدابير طارئة لمواجهة أزمة الطاقة؛ تتضمن خفضًا طوعيًا لاستهلاك الكهرباء بنسبة 10% حتى 31 مارس/آذار 2023، إلى جانب 5% أخرى بصورة إلزامية خلال أوقات الذروة.
كما أقرّت المفوضية سقفًا لأسعار الكهرباء في أوروبا عند 180 يورو (196.5 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة؛ لتوفير مصادر تمويل -من الإيرادات الزائدة- تستغلها في تخفيف عبء فواتير الطاقة المرتفعة على المستهلكين والشركات، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتوضّح شركة الأبحاث وود ماكنزي، في تقرير حديث، مدى فاعلية تدابير خفض استهلاك الكهرباء في أوروبا خلال فصل الشتاء المنتهي.
انخفاض استهلاك الكهرباء في أوروبا
أظهرت بيانات وود ماكنزي انخفاض الطلب على الكهرباء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 6%، خلال مدّة الأشهر الـ4، التي استهدفتها الإجراءات (من 1 ديسمبر/كانون الأول 2022 إلى 31 مارس/آذار 2023)؛ ما يمثّل انخفاضًا قدره 60 تيراواط/ساعة عن متوسط السنوات الـ5 الماضية.
كما انخفض الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة بجميع أنحاء المنطقة؛ حيث تجاوز العديد من الأسواق التخفيض الإلزامي البالغ 5%، وفق التقرير.
وفي السياق نفسه، أشارت بيانات وكالة الطاقة الدولية إلى أن تداعيات خفض استهلاك الكهرباء في أوروبا نجحت في تقليص الطلب على الغاز في المنطقة بوتيرة قياسية بلغت 13% أو 55 مليار متر مكعب خلال العام الماضي (2022).
وأرجعت الوكالة الدولية ذلك -أيضًا- إلى تركيب سعة قياسية بنحو 50 غيغاواط من الطاقة الشمسية والرياح في الاتحاد الأوروبي؛ ما أسهم في توفير 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، فضلًا عن تدابير كفاءة الطاقة وتركيب المضخات الحرارية.
ويُظهر الرسم البياني التالي، الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة، توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي في أوروبا تاريخيًا:
فاعلية الإجراءات على مستوى الدول
بينما انخفض الطلب الموسمي في معظم الدول الأوروبية؛ فقد تمكّنت سلوفاكيا ورومانيا واليونان فقط من تجاوز عتبة التخفيض البالغة 10%.
وعلى النقيض من ذلك، شهدت أيرلندا زيادة كبيرة في الطلب على الكهرباء مقارنة بمتوسط السنوات الـ5 الماضية، مع النمو الاقتصادي والطلب المتزايد من مراكز البيانات.
ونفّذت الحكومات المختلفة مجموعة من التدابير الوطنية للمساعدة في إدارة الطلب، بداية من ضبط درجات الحرارة في الأماكن العامة والمباني السكنية إلى التشجيع على تركيب مصابيح ليد "إل إي دي".
كما أدّت درجات الحرارة المعتدلة خلال فصل الشتاء دورًا رئيسًا في تقليل الطلب على الكهرباء بغالبية الدول الأوروبية.
وفي سلوفاكيا ورومانيا واليونان -الدول التي حققت هدف خفض الطلب- ارتفع متوسط درجات الحرارة اليومية 1.2 و1.4 و0.7 درجة مئوية على التوالي، مقارنة بفصول الشتاء الـ5 الماضية.
مستقبل أسواق الكهرباء في أوروبا
بفعل تداعيات خفض الطلب على الكهرباء، تمكّنت أوروبا من تجنب أسوأ آثار أزمة الطاقة خلال الشتاء (2022-2023)؛ إذ أدّى الطقس المعتدل إلى تقليل استهلاك الغاز والكهرباء؛ ما أثر في أسعار السلع الأساسية وحافظ على مستويات وفيرة لمخزونات الغاز.
وعادت أسعار الكهرباء في أوروبا إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في يوليو/تموز 2021، وفق التقرير، الذي اطلّعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم هذا الهدوء في أسواق الكهرباء الأوروبية؛ تظل التكاليف المرتفعة للمستهلك مصدر قلق يؤرق صناع السياسات.
وبغض النظر عن تأثيرات الطقس والسعر، يشير حجم واتساق تخفيضات الطلب -على الرغم من أن معظمها أقل من هدف 10%- إلى أن تنفيذ تدابير توفير الطاقة كان ناجحًا على نطاق واسع، كما سيعزز اعتمادها الثقة بإمكان تحقيق أهداف كفاءة الطاقة الطموحة في الاتحاد الأوروبي لعام 2030.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه كفاءة الطاقة في خفض الطلب على الوقود الأحفوري:
بالنظر إلى مستقبل تقوده مصادر الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتغيّرة ستصبح الحاجة إلى المرونة في الاستجابة للطلب أكثر أهمية.
وفي هذا الإطار، أظهرت الأشهر القليلة الماضية أنه في ظل ظروف الطوارئ، يكون المشاركون في السوق على استعداد لتعديل الاستهلاك استجابةً للحوافز المناسبة أو إشارات الأسعار.
موضوعات متعلقة..
- مقترح سقف أسعار الكهرباء في أوروبا يصطدم بـ10 عقبات (تقرير)
- مقترحات لتعديل سوق الكهرباء في أوروبا.. هل تنجح في الحد من ارتفاع الأسعار؟
- توسيع شبكة الكهرباء في أوروبا يدعم الطاقة المتجددة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- انخفاض حفارات النفط والغاز في 3 دول عربية.. وزيادة بالجزائر
- حصة أوابك من احتياطيات النفط والغاز العالمية (6 رسوم بيانية)
- مشروعات الغاز المسال الأميركية تفسد التزام المصارف بالحياد الكربوني (تقرير)