أزمة بقطاع النفط والغاز في إيران خلال أشهر (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح
- • اعتمدت إيران تقليديًا على النفط والغاز لتلبية معظم احتياجاتها من الطاقة
- • يوجد طلب متزايد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح
- • اعتماد إيران المفرط على صادرات النفط والغاز هو مصدر قلق كبير
- • تحتاج الحكومة إلى وضع سياسات وحوافز تشجع على استثمار القطاع الخاص في الطاقة المتجددة
- • تعتمد إيران بشكل كبير على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء والإنتاج الصناعي والاستعمال المنزلي
بدأ العام الجديد في إيران بعد أن واجه شعبها العام الماضي (2022) تضخمًا هائلًا، رغم ما تملكه الدولة من النفط والغاز، في ظل وجود حكومة مقصِّرة بجميع المجالات الاقتصادية.
على صعيد الطاقة، وعلى الرغم من امتلاكهم ثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، فقد عاش الإيرانيون شتاءً صعبًا.
وزعمت إدارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، مرارًا وتكرارًا، أنه من خلال دبلوماسية الطاقة النشطة، تمكنت من زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط وكمية الصادرات النفطية، على الرغم من العقوبات، إلى مستوى مدة خطة العمل الشاملة المشتركة، وفي مدة معينة إلى مستوى ما قبل الخطة.
بالطبع، فإن التحقق من مثل هذا الادّعاء ليس بالمهمة الصعبة؛ لأنه على الرغم من ادّعاء زيادة مبيعات النفط الإيراني، فإن الظروف المعيشية للشعب الإيراني لم تتحسّن.
وبالنظر إلى أن تصدير النفط يُعدّ المصدر الرئيس لدخل إيران من العملات الأجنبية، في عام 1402 الإيراني، الممتد بين (مارس/آذار 2023 – مارس/آذار 2024)، ستواجه صناعة الطاقة الإيرانية العديد من التحديات.
التحديات التي تواجهها إيران
كانت إيران واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، وكانت صادرات الطاقة التقليدية مصدرًا رئيسًا لإيرادات البلاد.
ومع ذلك، واجهت إيران العديد من التحديات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أخرى، فضلًا عن التحديات المحلية، مثل البنية التحتية القديمة والطلب المتزايد على الطاقة.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد وحدة أبحاث الطاقة، حجم صادرات إيران من النفط الخام خلال المدة بين 2015 و2022:
وتتمثل إحدى التحديات الرئيسة لقطاع الطاقة التي تواجهها إيران في الحاجة إلى تحديث بنيتها التحتية لإنتاج النفط والغاز في البلاد، التي عفا عليها الزمن، وتحتاج إلى إصلاح أو إبدال.
وقد أدى ذلك إلى انخفاض الإنتاج والصادرات، فضلًا عن زيادة تكاليف الصيانة والإصلاح.
ويكمن التحدي الآخر الذي يواجه إيران في الحاجة إلى تنويع مزيج الطاقة لديها، فقد اعتمدت البلاد تقليديًا على النفط والغاز لتلبية معظم احتياجاتها من الطاقة، رغم الطلب المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
من المتوقع أن تستمر إيران في العام الإيراني الجديد بمواجهة العديد من تحديات الطاقة التي تتطلب اهتمامًا عاجلًا من الحكومة وصنّاع القرار، وعلى الرغم من أن قطاع الطاقة في إيران كان مساهمًا أساسيًا في النمو الاقتصادي والتنمية، فإنه عرضة لعوامل داخلية وخارجية مختلفة.
اعتماد مفرط على صادرات النفط والغاز
يمثّل اعتماد إيران المفرط على صادرات النفط والغاز مصدر قلق كبير، وتمتلك إيران احتياطيات هائلة من النفط والغاز، ولكن هناك حاجة لتنويع مصادر الطاقة الأخرى وتطويرها، بما في ذلك الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتحتاج الحكومة إلى وضع سياسات وحوافز تشجع على استثمار القطاع الخاص في الطاقة المتجددة.
في المقابل، ما يزال دعم الطاقة يمثّل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الإيراني، وقد أدت الإعانات إلى ارتفاع استهلاك الطاقة، والاستعمال غير الفعّال للموارد، والهدر.
لذلك، تحتاج الحكومة الإيرانية إلى تنفيذ إصلاحات تقلل الدعم تدريجيًا، وتعيد توجيه المدخرات نحو الاستثمار في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، ودعم قطاع الكهرباء، الذي يشهد أزمة بسبب عدم كفاية الاستثمار في البنية التحتية والمرافق القديمة.
ويعدّ انقطاع التيار الكهربائي أمرًا شائعًا، وأصبح منتظمًا، خصوصًا خلال أوقات ذروة الطلب، وتحتاج الحكومة إلى إعطاء الأولوية للترقية العاجلة لشبكة النقل والتوزيع لضمان الموثوقية والسلامة والقدرة على تحمّل التكاليف.
أعباء العقوبات والتوترات الجيوسياسية
لا تزال العقوبات والتوترات الجيوسياسية تلقي بثقلها على قطاع الطاقة، فقد قُلِّصَت صادرات النفط الإيرانية بشكل كبير بسبب العقوبات الدولية، ما حدّ من قدرة الحكومة على توليد الإيرادات.
على صعيد آخر، أدت التوترات في المنطقة إلى عدم الاستقرار، ما قد يعطّل سلاسل إمداد الطاقة، وتحتاج الحكومة الإيرانية إلى اعتماد نهج استباقي لإدارة هذه التحديات، بما في ذلك استكشاف أسواق وشراكات جديدة.
جدير بالذِّكر أنه تمّ بناء الكثير من البنية التحتية لإنتاج الطاقة في إيران منذ عدّة عقود، وتحتاج إلى إصلاح أو إبدال، وقد أدى ذلك إلى انخفاض القدرة الإنتاجية، ما أثّر بدوره في قدرة البلاد على تصدير النفط والغاز.
وتبرز قضية أخرى تتمثل في الطلب المتزايد على الطاقة داخل إيران نفسها، ونتيجة لاستمرار نمو سكان البلاد، تزداد احتياجات البلاد من الطاقة، وقد أدى ذلك إلى ضغوط على أنظمة إنتاج وتوزيع الطاقة في البلاد، التي تكافح لمواكبة الطلب.
في السنوات الأخيرة، كان هناك دفع لتطوير مصادر الطاقة المتجددة في إيران، ويعود ذلك جزئيًا للحاجة إلى تنويع مزيج الطاقة في البلاد، وبسبب المخاوف بشأن تلوث الهواء وتغير المناخ.
نقص الغاز الطبيعي
تعتمد إيران بشكل كبير على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء والإنتاج الصناعي والاستعمال المنزلي، وبالنظر إلى انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي، تواجه البلاد نقصًا في الغاز الطبيعي، خصوصًا خلال أشهر الشتاء، عندما يكون الطلب مرتفعًا.
وأدى ذلك النقص إلى تقنين الغاز الطبيعي في المنازل والشركات والصناعات، ما تسبَّب في اضطرابات في الاقتصاد وحياة الناس اليومية.
لمواجهة هذه التحديات، تنفّذ إيران تدابير مختلفة، بما في ذلك الاستثمار في حقول غاز جديدة، وتحسين الكفاءة في توليد الكهرباء، وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، وتحديث البنية التحتية للكهرباء.
ومع ذلك، تواجه هذه الجهود عقبات مختلفة، مثل العقوبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية وعدم الاستقرار السياسي الداخلي.
ويرجع انخفاض ضغط الغاز إلى تراجُع طبيعي في الحقل بمرور الوقت، ولم تتمكن إيران من ضخّ ما يكفي من الغاز في الحقل للحفاظ على الضغط.
وقد أدى ذلك إلى انخفاض في إنتاج الغاز من الحقل، ما أثّر في قدرة إيران على تحقيق إيرادات من صادراتها من الغاز.
علاوة على ذلك، كانت صادرات الغاز مصدرًا مهمًا للإيرادات للبلاد، وقد أثّر انخفاض الإنتاج من حقل بارس الجنوبي بشدة في اقتصاد البلاد، وانخفضت صادرات الغاز الإيراني إلى تركيا والعراق في السنوات الأخيرة.
ويعزى هذا الانخفاض في الصادرات إلى عدّة عوامل، بما في ذلك انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي، ومشكلات صيانة خطوط الأنابيب، والتوترات السياسية مع البلدان المجاورة.
لمواجهة تحديات الطاقة، تستثمر إيران في مصادر الطاقة البديلة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، وتتطلع البلاد إلى تطوير صناعة البتروكيماويات لديها، وزيادة قدرتها على التكرير.
وتهدف هذه الإجراءات إلى تقليل اعتماد البلاد على صادرات النفط والغاز وتنويع مزيج الطاقة لديها وضمان أمن الطاقة على المدى الطويل.
وإذا لم يقترن العام الجديد بتطبيق سياسة خارجية لخفض التصعيد والتفاعل مع الشرق والغرب، ودبلوماسية الطاقة النشطة، فسوف تنتظر صناعة الطاقة الإيرانية عامًا صعبًا ومليئًا بالتحديات.
وقد تسببت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أخرى على البلاد في عرقلة إنتاج النفط والغاز الإيراني.
وقد حدّت هذه العقوبات من وصول إيران إلى التكنولوجيا والتمويل المطلوب لتطوير قطاع الطاقة لديها، نتيجة لذلك، تكافح إيران للحفاظ على مستويات إنتاج الطاقة لديها.
وزاد انخفاض الضغط في حقل بارس الجنوبي من التحديات الإيرانية، وكان إنتاج الغاز هذا الحقل يتناقص على مرّ السنين، وأدى انخفاض الضغط إلى تفاقم هذه المشكلة.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- استهلاك الغاز الإيراني منزليًا يهدد صناعة الطاقة في البلاد (مقال)
- إيرادات صادرات إيران من النفط تتضاعف 11 مرة خلال عام فقط
- صادرات الغاز الإيراني تضع تركيا في ورطة بعد تراجعها 70%
اقرأ أيضًا..
- رئيس أرامكو: ندعم أمن الطاقة الصيني عبر 3 إستراتيجيات رئيسة
- أنس الحجي: أوبك+ يتأثر بسوء بيانات النفط.. ما دور الشائعات؟ (تقرير)
- كرواتيا تخطط لتصبح مركزًا إقليميًا لتجارة الغاز في أوروبا (تقرير)
- الجزائر تخطط لتصدير مليون طن هيدروجين إلى أوروبا (فيديو)