الهيدروجين في الجزائر يشهد الانطلاقة الأولى نحو الريادة عالميًا (فيديو)
الجزائر - عماد الدين شريف
من المتوقع أن يشهد قطاع الهيدروجين في الجزائر انطلاقة قوية خلال المدة المقبلة، وسط تحركات حكومية للاستحواذ على حصة من سوق هذا المورد الحيوي الذي يُنظر إليه بوصفه وقودًا للمستقبل.
ووضعت الجزائر الخطوة الفعلية الميدانية لتطوير قطاع الهيدروجين، من خلال طرح خريطة طريق لإستراتيجية وطنية، وفتح النقاش مع الفاعلين لتحديد الإمكانات والأطر القانونية والأهداف المراد بلوغها.
وفي هذا الصدد، قال وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، اليوم الخميس 23 مارس/آذار (2023)، خلال افتتاح ورشة الإستراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين في الجزائر -التي شاركت منصة الطاقة في تغطيتها-، إنّ هذا القطاع يُعد أحد الحلول الواعدة في مجال الطاقة عالمًيا.
وأشار إلى أنّ ورشة اليوم -التي تأتي تنفيذًا لما جاء في مخرجات الاجتماع- تكشف إمكانات تطوير قطاع الهيدروجين في الجزائر الحكومي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، موضحًا أنّ الخطوة تؤكد الإدارة القوية والرؤية السياسية لتبني هذا الخيار.
مرجعية قانونية
قال عرقاب إنّ الإستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الهيدروجين في الجزائر تُعد المرجع لكل الأطراف الفاعلة سواء الوطنية والدولية، ومنحهم صورة دقيقة واستشرافية فيما يتعلق بالإجراءات والتدابير التي تتبناها الجزائر في مجال تطوير القطاع.
وشدد على التكيّف مع التوجهات العالمية، والاستجابة في الوقت نفسه للطلب المحلي المتزايد على الطاقة، مع الإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، من خلال التوصل إلى إيجاد بدائل جديدة للطاقة نظيفة وغير مكلفة، والإسهام في الجهد العالمي لحماية البيئة، بصفته جزءًا من التزام الجزائر باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس.
وقال عرقاب إنّ تطوير قطاع الهيدروجين في الجزائر إحدى أولويات الحكومة في إطار برنامج الانتقال الطاقي، إذ من شأنها تسريع تحول الطاقة في البلاد وتعزيز الأمن الطاقي، بحسب كلمته التي شاركت منصة الطاقة في تغطيتها.
وأوضح أنّ بلاده تمتلك كل المقومات لتصبح رائدة على المستوى العالمي في إنتاج الهيدروجين، بالنظر إلى الإمكانات والمزايا التنافسية في المجال.
وأشار وزير الطاقة الجزائري إلى إمكانات هائلة للطاقة الشمسية والشبكات الواسعة المندمجة لنقل الغاز والكهرباء، وطاقات كبيرة في تصفية مياه البحر، بالإضافة إلى القدرات العلمية وكفاءة الموارد البشرية، وهي القاعدة التي تسعى للقيام عليها للتأسيس لانتقال طاقوي سريع، وسيكون قطاع الطاقات الصناعات التحويلية أحد أهم المجالات لاستهلاك الهيدروجين في الجزائر، بالإضافة إلى تحويل الأمونيا والميثانول أو صناعة الحديد والصلب.
رؤية 2040
تهدف الجزائر إلى أن تصبح رائدة إقليميًا ودوليًا في إنتاج وتسويق الهيدروجين ومشتقاته المتجددة والنظيفة.
وتطمح إلى الاستفادة من إمكاناتها التقنية ومزاياها التنافسية لإنتاج وتصدير ما بين 30 و40 تيرواط/ساعة في شكل الهيدروجين الغازي والسائل ومشتقاته وتزويد السوق الأوروبية بنحو 10 % بحلول عام 2040 وبسعر بيع تنافسي للغاية.
ويمكن للجزائر تحقيق إيرادات بنحو 10 مليارات دولار سنويًا، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
خريطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين في الجزائر
تهدف خريطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين في الجزائر إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية التالية:
- تنويع الإمدادات وتسريع الانتقال الطاقي، بالإضافة إلى تعزيز أمن الطاقة في البلاد على المديين المتوسط والطويل، والحد من البصمة الكربونية لمختلف القطاعات.
- تخفيض الاستهلاك المحلي للوقود الأحفوري خاصة الغاز الطبيعي والحفاظ على موارد الطاقة للبلاد.
- إنشاء نظام بيئي ملائم ومناسب لتطوير الهيدروجين المتجدد والنظيف، بما في ذلك التكامل الصناعي.
- التحكم التكنولوجي والتقني لسلسلة قيمة الهيدروجين بأكملها، لا سيما تنمية رأس المال البشري (البحث والتطوير والتدريب - إنشاء مراكز الامتياز).
- التأسيس التدريجي للاقتصاد الوطني الهيدروجين ومشتقاته (الأمونيا والميثانول والوقود الاصطناعي).
- إنشاء مركز لإنتاج الهيدروجين وتصديره.
أنواع الهيدروجين في الجزائر
تأخذ خريطة الطريق الوطنية لتطوير الهيدروجين المتجدد والنظيف في الاعتبار نوعيْن من الهيدروجين، هما:
- الهيدروجين الأزرق الذي يتم الحصول عليه من عملية تحويل الميثان، إذ يجري التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه أو التقاطه واستعماله.
- الهيدروجين الأخضر الذي يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي للمياه باستعمال الكهرباء من مصادر متجددة.
ويواجه القطاع الجديد عددًا من التحديات والفرص، في مقدمتها التحكم التكنولوجي، وإزالة الكربون تدريجيًا من نظام إنتاج واستهلاك الطاقة، والتصدير، والتطوير التدريجي لنسيج صناعي فعال، والتمويل.
شروط تطوير الهيدروجين
يمر تطوير قطاع الهيدروجين في الجزائر بـ3 مراحل: مرحلة البدء والتعلم، ثم مرحلة التوسيع، وبعد ذلك مرحلة التصنيع والتصدير.
ومن المتوقع إبرام شراكات دولية إستراتيجية تغطي كامل سلسلة القيمة للهيدروجين، كما سيتم إجراء برامج تكوينية، بحثية وتطويرية مهمة لإرساء الأسس للقطاع الصناعي للهيدروجين، وبالتالي الإسهام في الجهود لمكافحة التغير المناحي.
وتكشف ملامح الإستراتيجية عن أن الجزائر لا بد لها من الحصول على فرص للتمويل والمنح الدولية، من أجل تجسيد هذه المشروعات في الواقع، التي ستكون فوائدها ملموسة اقتصاديًا، اجتماعيًا وبيئيًا.
ومع ذلك، فإنّ تطوير الهيدروجين في الجزائر سيعتمد على عدة عوامل، لا سيما انخفاض تكلفة إنتاج الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح وتعزيز الشبكة الكهربائية لزيادة معدل إدماج العلاقات المتجددة، وأيضًا انخفاض تكلفة إنتاج أجهزة التحليل الكهربائي (1000 دولار/كيلوواط إلى 400 دولار كيلوواط) التي ستتبع تطور تقنيات التحليل الكهربائي.
كما سيعتمد على تطوير تقنيات التخزين والنقل والبنى التحتية وتطوير أسواق الهيدروجين التنافسية.
دور الهيدروجين في تقليص الانبعاثات
من جانبها، قالت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فايزة دحلب، إنّ الاستيراتيجية الوطنية لتطوير الهيدروجين، تهدف إلى تقليص انبعاثات غازات الدفيئة، بالإضافة إلى اقتصاد الوقود الأحفوري بهدف تثمينها للتصدير وترك متسع للأجيال المقبلة.
واعتبرت الوزيرة أنّ قطاع البيئة والطاقات المتجددة يقع على عاتقه مسؤولية للسهر على تنفيذ التزامات الجزائر على المستويين الوطني والدولي، فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وتغير المناخ، وتطوير أنماط جديدة للاستهلاك.
وأكدت أنّ الهيدروجين حل واعد للاقتصاد الأخضر، إذ يمثل فرصة حقيقية للتنمية في الجزائر، قائلة: إنّ "الهيدروجين وخاصة الأخضر، دخل السباق العالمي، في مجال البحث عن بدائل نظيفة، سرعت منه الأحداث الجيوسياسية الأخيرة".
وأضافت أنّ تطوير الهيدروجين بديلا انتقاليا على المديين القصير والمتوسط، وبديلا مستداما على المدى الطويل، باعتباره وسيلة المستقبل لتطوير الطاقات المتجددة على نطاق واسع، لاسيما ذات الطبيعة المتقطعة مثل طاقتي الشمس والرياح، بالإضافة إلى كونه وقودًا نظيفا للقطاعات الثقيلة والقطاعات الصناعية.
وعلى الرغم من تصريح الوزيرة بأنّ هذا الأمر لا يعني الاستغناء عن الوقود الأحفوري، إلاّ أنها أكدت في المقابل ضرورة التفكير في الحلول الانتقالية من خلال إدماج الهيدروجين الأخضر.
وشددت على أن الجزائر تطمح إلى تسريع انتقالها الطاقوي للحاق بالركب العالمي في هذا المجال، قائلة، إنّ "التحدي العالمي في مجال الطاقة مرتبطة مباشرة بإشكالية التغيرات المناخية، ما يفرض على قطاع البيئة والطاقات المتجددة تكثيف العمل مع قطاع الطاقة القطاعات الوزارية الأخرى، للحد من تحديات آثار السلبية للتغييرات المناخية".
موضوعات متعلقة..
- تطورات عاجلة بمشروع سولار 1000 والهيدروجين في الجزائر (خاص)
- الهيدروجين الأخضر في الجزائر يستحوذ على مخصصات مليارية من الحكومة
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب غاز شرق المتوسط يشهد تطورات قد تحرم مصر من مليارات الدولارات
- هل يحفز هبوط أسعار الغاز تعافي الطلب في أوروبا وآسيا؟
- صندوق تحوط دولي: أسعار النفط ستصل إلى 140 دولارًا