أنس الحجي: أسعار النفط تنهار بسبب "سيليكون فالي".. وهذا المتوقع من أوبك+ (صوت)
أحمد بدر
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أسعار النفط انهارت مع انهيار بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر في الولايات المتحدة.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدمها الدكتور أنس الحجي على موقع تويتر بعنوان "آثار الاتفاق السعودي-الإيراني في أسواق الطاقة.. وأثر انهيار بنك (إس في بي) الأميركي في استثمارات الطاقة المتجددة".
وأضاف الحجي، أن البعض لا يتفقون مع وصف "انهيار" لما حدث، ولكن أسعار النفط الآن بلغت نحو 75 دولارًا للبرميل، أي أن ما حدث بصفة واضحة هو انخفاض الأسعار بقيمة نحو 10 دولارات خلال نحو 10 أيام تقريبًا.
وأوضح أن أحد الأسباب الرئيسة في انهيار أسعار النفط -بالطبع- هو أزمة بنك سيليكون فالي، التي خلقت تخوفًا كبيرًا من حدوث أزمة مالية عالمية، قد تؤدي إلى ركود اقتصادي، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب على النفط، وبالتالي تراجع الأسعار.
هل تتراجع أسعار النفط؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن التخوف من تراجع أسعار النفط بصورة أكبر محدود الآن، فلو أن العالم يتجه إلى هذه النقطة الآن، لكانت الأسعار في حدود 60-69 دولارًا للبرميل في الوقت الحالي.
وبالتالي -حسب الحجي- فإن إدراك حجم هذه المخاوف يحتاج إلى نحو يومين في الأسواق، لمعرفة ما إذا كانت الأسعار ستعود إلى الارتفاع مرة أخرى هذا الأسبوع، أم أنها ستواصل الانخفاض، بما يعني أن المشكلة أكبر بكثير مما نتصوره.
وأوضح الحجي أن تطمينات وزارة الخزانة الأميركية يجب التعامل معها بحذر شديد، فالمشكلة أن وزيرة الخزانة الحالية لديها كثير من المشكلات، فهي قد أنفقت جزءًا كبيرًا من وقتها في موضوع سقف أسعار النفط الروسي، وتجاهلت ما يحدث داخل الولايات المتحدة من أزمات مالية وأزمات البنوك.
وأضاف: "بالنسبة إلى بنك سيليكون فالي، لمن يريد الاطلاع بصورة أكبر، تدخل فيه كل من الصين وإسرائيل بحصص كبيرة جدًا، وله آثار كبيرة في موضوعات الطاقة المتجددة، لأنه يدعم الشركات المطورة للطاقة المتجددة من جهة، ويدعم التقنيات الجديدة الناشئة".
وأشار الحجي إلى أن بنك سيليكون فالي خصص 5 مليارات دولار للإنفاق على الطاقة المتجددة، وهذه كلها تبخرت الآن، وتوجد مبالغ كبيرة بالطبع مقدمة إلى شركات الطاقة المتجددة المختلفة والتقنية أيضًا، كلها ستتأثر وتؤدي إلى انكماش وتسريح العاملين في هذا المجال.
وأكد الدكتور أنس الحجي أن هذا الانكماش وتسريح العاملين في المجال يمكن أن يشكل ضربة قوية لمشروع الرئيس الأميركي جو بايدن المتعلق بالطاقة المتجددة، مضيفًا: "ولكن المشكلة التي نواجهها الآن هي أنه حتى إذا كان الأثر ضعيفًا، فإن انخفاض الاستثمارات يعني ضرورة إيجاد بديل".
هل يتدخل تحالف أوبك+؟
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن الكثيرين تساءلوا عن إمكان تدخل تحالف أوبك+ أو منظمة أوبك لإنقاذ أسواق النفط، بعد تراجع الأسعار إلى 75 دولارًا.
وأضاف: "لا أعتقد أنه سيكون هناك أي تدخل حسب الأسعار الحالية، ولكن قد يكون هناك تدخل إذا انخفضت الأسعار إلى الستين، وطبعًا أحد الأسباب التي قد تكون أدت دورًا كبيرًا في عدم التدخل عندما انخفضت الأسعار إلى الثمانين هو الارتفاع المستمر في الدولار".
وأوضح الحجي أن دول الخليج ودول أوبك تتسلم ثمن النفط بالدولار الذي يرتفع، وهم يشترون البضائع من الدول الأخرى، ومن ثم فإن القيمة الحقيقية لبرميل النفط زادت بصفة كبيرة مع ارتفاع الدولار، فهذا عوّض جزءًا من انخفاض أسعار النفط.
وشدد الحجي على أنه ما دام الدولار يرتفع وأسعار النفط تتراجع بصفة متقاربة فقد لا يكون هناك سبب مباشر لخفض الإنتاج، ولكن تراجع الأسعار إلى مستويات 60 دولارًا، قد يؤدي إلى إعلان تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط.
ولفت إلى أن أوبك لا تركز على أسعار النفط علنًا، وإنما لأسباب تتعلق بمشروع قانون لا أوبك في الكونغرس الأميركي، لذلك دائمًا يتكلمون عن المعروض والمخزون ولا يتكلمون عن الأسعار.
وحول موافقة الرئيس الأميركي جو بايدن على مشروع ويلو النفطي الضخم في ولاية ألاسكا، قال الدكتور أنس الحجي إن المشروع متوقف الآن، وسيظل متوقفًا بسبب القضايا المتعلقة به في المحاكم.
ولكن -حسب الحجي- إذا خسر الطرف الآخر القضايا وجرى تطوير المشروع، فسينتج 180 ألف برميل يوميًا، وهي كمية ليست كبيرة، ولكن البعض عدها عيبًا بالنسبة إلى بايدن، الذي ينادي بمحاربة شركات النفط والتغير المناخي ثم يدعم المشروع.
انهيار في صالح روسيا
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن "الأزمة الحقيقية فيما يخص انهيار بنك سيليكون فالي هي أن انخفاض الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة عما كان مقررًا يعني أنه يجب إيجاد بديل".
وأضاف: "لكن أين هو هذا البديل؟ بالنسبة إلى الولايات المتحدة لا توجد مشكلة، لأن لديها احتياطيات ضخمة من الغاز، وهو رخيص، لذلك يمكن استعماله لتوليد الكهرباء، ولكن بالنسبة إلى بقية دول العالم هناك مشكلة، لأن هناك أزمة غاز في الأصل".
ولفت مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى أن انهيار بنك سيليكون فالي الأميركي على المديين المتوسط والطويل يصب بصورة عامة في صالح روسيا، لذلك عند القول إن إسرائيل والصين تشاركان بقوة في البنك، ومع ربط الأمر بالطاقة المتجددة وروسيا، يمكن استنتاج نظرية مؤامرة.
وتابع الدكتور أنس الحجي: "طبعًا أنا لا أقترح ذلك، ولكن هناك تاريخًا طويلًا لهذه الدول في هذه المشروعات، فإذا قلنا باختصار إن أزمة البنك تؤثر في الطلب على النفط، لأنه يؤثر في وجود أزمة مالية وركود اقتصادي".
وأوضح أن هذا الأثر قد يقود إلى أزمة مالية تصل إلى حد الركود الاقتصادي من جهة، ومن جهة أخرى يؤثر في الطاقة المتجددة، بسبب انخفاض الاستثمارات في هذا المجال، وكذلك ضرب الشركات التي تعتمد على بنك سيليكون فالي.
أزمة سيليكون فالي وسيغنتشر
من جانبه، قال المستشار الاقتصادي السابق لدى الصندوق السعودي للتنمية، رئيس المركز العربي الأفريقي للاستثمار والتسهيلات الدكتور عيد العيد، إن أزمة بنكي سيليكون فالي وسيغنتشر تكمن في عجزها بدرجة كبيرة عن رد الوائع، إذ إن رد 86% من هذه الودائع غير ممكن.
وأرجع المستشار الاقتصادي السعودي هذا العجز إلى ما تم بعد رفع أسعار الفائدة 8 مرات حتى بلغت نحو 4.75 نقطة، إذ إن جزءًا كبيرًا من البنوك حولت هذه المبالغ إلى سندات في الخزانة الأميركية، نظرًا إلى المكاسب التي تتحقق بهذه الطريقة بأقل مخاطر ممكنة.
وأشار العيد -خلال مشاركته في حلقة برنامج "أنسيّات الطاقة" التي يقدمها مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي- إلى أن استثمار البنوك في سندات الخزانة الأميركية جعل معظمها غير قادرة على تلبية طلب المودعين بسحب أموالهم.
وأضاف: "منذ عام 2015 حتى 2022، هناك أكثر من 23 بنكًا ومصرفًا أعلنت إفلاسها، وهذا يؤدي إلى تضاعف عدم الثقة في القطاع المصرفي الأميركي، فالبنك الثاني "سيغنتشر" يعد واحدًا من أكبر 16 بنكًا في أميركا، بموجودات تتجاوز 1800 مليار دولار، وهو رقم كبير ومؤثر بدرجة كبيرة".
وتابع: "هذا الأمر أسفر عن تداعي عنصر الثقة في الأسواق المالية، وهو أمر يؤثر بصورة مباشرة في المؤسسات المالية الأخرى، وهو ما شاهدناه بالفعل، عندما نتحدث عن بعض الانهيارات في بورصات عالمية في آسيا وأوروبا، وكذلك بعض البنوك".
وبالنسبة إلى دول الخليج والدول العربية، بحسب المستشار عيد العيد، فإن التأثير لن يكون بنفس ما حدث في أوروبا، والسبب في ذلك أن الارتباط بين المؤسسات المالية في الخليج مع المؤسسات المصرفية الكبرى في الولايات المتحدة، وليس مع البنوك الصغيرة التي أعلنت إفلاسها.
لذلك شدد العيد على أن التأثير لن يكون ملحوظًا، إلا في حالة استمرار الأزمة المالية الحالية في الولايات المتحدة، ما يدفع عددًا كبيرًا من البنوك إلى إعلان إفلاسها، متأثرة بهذه المشكلة والانهيار الذي يحدث.
موضوعات متعلقة..
- خسائر أسعار النفط تتواصل.. والسعودية والجزائر تحذران من انهيار السوق
- انهيار سيليكون فالي يضغط على أسعار النفط.. هل تنخفض إلى 50 دولارًا؟
- إدارة معلومات الطاقة تخفض توقعات أسعار النفط في 2023
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع تسارع نمو الطلب على النفط في الربع الأخير من 2023
- حقن الكربون يشهد تنافسًا بين السعودية والإمارات.. ما القصة؟
- عقوبات النفط الروسي والإيراني تغيّر قواعد لعبة التجارة في آسيا