الطاقة المتجددة في أميركا تستحوذ على 84% من سعة الكهرباء في 2023
محمد عبد السند
تخطو الطاقة المتجددة في أميركا خُطوات غير مسبوقة بدعم من السياسات التي تتبناها حكومة الرئيس جو بايدن والتي تستهدف من خلالها التحول إلى الكهرباء النظيفة.
وتضطلع الولايات المتحدة بدور غير تقليدي في تنفيذ أهداف اتفاقية باريس للمناخ التي وقّعت عليها مجموعة من الدول في 2015؛ أملًا في الوصول إلى الحياد الكربوني.
وفي هذا السياق، من المتوقع أن تستحوذ الطاقة المتجددة في أميركا على ما نسبته 84% من سعة الكهرباء الجديدة، خلال العام الجاري (2023)، بزيادة ملحوظة عن العام الماضي (2022)، حينما لامست النسبة 78%، وفق موقع "كاناري ميديا".
في المقابل يُتوقع أن تمثل محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري ما نسبته 16% من إضافات السعة الجديدة في 2023، بحسب أرقام يناير/كانون الثاني (2023)، الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ارتفاع ملحوظ
ظلّت مصادر الطاقة المتجددة في أميركا تمثل حصة صغيرة نسبيًا من إجمالي سعة الكهرباء المولدة في البلاد في السنوات الماضية، وفق المعلومات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
لكن ارتفاع تلك الحصة إلى 84% في عام 2023 يُظهر أن الطاقة المتجددة في أميركا قد صارت الخيار الرئيس لمحطات الكهرباء الجديدة، في إطار مساعٍ وطنية للتحول التدريجي عن الوقود الأحفوري ضمن خطة أشمل لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.
وعلاوة على ذلك شهدت بطاريات تخزين الكهرباء طفرة كبيرة؛ حيث ارتقت من وضع التهميش قبل سنوات قليلة، لتحتل المركز الثاني في قائمة مصادر الطاقة المتجددة الأكثر استعمالًا كمصدر للكهرباء في 2023.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- مزيج توليد الكهرباء في الولايات المتحدة وحصة الطاقة الشمسية:
الطاقة الشمسية الأولى
كالعادة تحل الطاقة الشمسية على رأس القائمة لتمثل نصف سعة الكهرباء الجديدة المولَّدة هذا العام (2023)، علمًا بأن محطات الطاقة الشمسية لا تولد الكهرباء على مدار الساعة، كما هو الحال مع محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز، أو حتى محطات الطاقة النووية.
وقد أدى هذا القيد إلى تزايد في تركيب البطاريات لتخزين فوائض إنتاج الكهرباء واستعمالها وقت الحاجة.
ومن الممكن -أيضًا- شحن البطاريات من الشبكة، والتي ربما قد تتسبب في انبعاثات غازات الدفيئة في أماكن أخرى، لكن تشغيلها لا يتطلب حرق الوقود الأحفوري.
أما سعة الكهرباء الجديدة المولَّدة بالطاقة النووية؛ فتأتي من محطة فوجلي الكائنة في ولاية جورجيا، وتحوي على مفاعلين لا يزالان قيد الإنشاء منذ عام 2009، ومن المتوقع بدء تشغيلهما بجانب مفاعلين آخرين قائمين بالفعل.
وأعلنت شركة "يوتيليتي ساذرن"، هذا الأسبوع، أن الوحدة 3 في محطة فوجلي قد وصلت إلى ما يُطلق عليه "الحرجية"، وتعني أن تفاعل الانشطار قد بدأ.
وذكرت الشركة أن الوحدة 3 تلك ستشرع في إنتاج الكهرباء في مايو/أيار (2023) أو يونيو/حزيران (2023)، مشيرة إلى أن تشغيل المحطة 4 من الممكن إرجاؤه إلى 2024.
ويسيطر استعمال الطاقة المتجددة في أميركا على محطات الطاقة الجديدة التي يجري بناؤها في الوقت الراهن، لكن لا تزال ثمة حاجة لتسريع وتيرة عمليات البناء تلك بهدف الوصول إلى مُستهدف الرئيس الأميركي جو بايدن في خفض انبعاثات غازات الدفيئة بمعدل النصف، مقارنة بمستويات عام 2005.
وقد طُورت محطات الكهرباء التي بدأت التشغيل هذا العام (2023) قبل تمرير قانون خفض التضخم في شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2022). لكن الطاقة المتجددة في أميركا تكتسح الصناعة حتى قبل تخصيص الكونجرس ما إجمالي قيمته 369 مليار دولار لتشجيع التحول إلى استعمال مصادر الطاقة المتجددة.
وتوقعت دراسة تحليلية حديثة أن تصير الطاقة المتجددة في أميركا أرخص ثمنًا، من أي محطة كهرباء جديدة تعمل بالغاز من المُخطط بناؤها خلال الأعوام الممتدة إلى 2035.
هبوط سعة الطاقة الشمسية
شهدت إضافات سعة الطاقة الشمسية هبوطًا كبيرًا في الولايات المتحدة، خلال العام المنصرم (2022)، نتيجة قيود المعروض التي فرضتها السياسات الأميركية واختناق سلاسل الإمدادات العالمية.
ولامست السعة الجديدة للطاقة الشمسية التي أضافتها الولايات المتحدة 20.2 غيغاواط في 2022، بتراجع نسبته 16%، قياسًا بالعام السابق (2021)، بحسب ما خلصت إليه نتائج تقرير أفرجت عنه وود ماكنزي، مجموعة عالمية لأبحاث واستشارات الطاقة، وجمعية صناعات الطاقة الشمسية الأميركية في 9 مارس/آذار (2023).
ويرجع الانخفاض في وتيرة تركيبات الطاقة الشمسية في أميركا أساسًا إلى اضطرابات سلاسل الإمدادات، إضافة إلى التحقيق الذي فتحته وزارة التجارة الأميركية بشأن مزاعم التحايل على رسوم مكافحة الإغراق الخاصة باستيراد الخلايا الشمسية من جنوب شرق آسيا، قبل أن يُعلق الرئيس جو بايدن الرسوم الجمركية لمدة عامين.
ليس هذا فحسب، بل تضررت سعة الطاقة الشمسية -أيضًا- جراء عدم اليقين بشأن الامتثال لقانون منع العمالة القسرية لأفراد أقلية الإيغور المسلمة، الذي مرره الكونغرس في ديسمبر/كانون الأول (2021)، ودخل حيز التنفيذ يونيو/حزيران 2022، ويُجرم استيراد المنتجات الصينية المصنوعة في إقليم شينغيانغ.
ضوء في نهاية النفق
لم تؤثر بيانات الانخفاض القوي في سعة الطاقة الشمسية في أميركا عام 2022، في آفاق التوقعات التي تشير إلى تعافٍ قوي بدءًا من 2023 بمتوسط نمو سنوي 19% حتى عام 2027.
واستندت تلك الأنباء الإيجابية إلى قانون خفض التضخم الأميركي -الذي يوفّر حوافز ضخمة لصناعة الطاقة الشمسية وغيرها من التقنيات النظيفة- مع توقعات بنمو السعة المركبة الأميركية بنحو 41% خلال 2023.
ويدعم قانون خفض التضخم الأميركي الإنتاج المحلي الذي تعزز بإضافة ما يزيد على 1.8 غيغاواط من سعة تصنيع الوحدات الشمسية الجديدة في الولايات المتحدة خلال عام 2022، لتعزز بذلك السعة الإجمالية إلى 9 غيغاواط.
ويتوقع التقرير أن تسهم حوافز قانون خفض التضخم في رفع إجمالي قدرة تصنيع الطاقة الشمسية في أميركا إلى 25 غيغاواط بحلول نهاية العام الجاري (2023)؛ ما يحفز بدوره إضافات السعة في البلاد، ويحد من اختناقات سلاسل الإمدادات.
ووفقًا لتوقعات وود ماكنزي، ستضيف الولايات المتحدة أكثر من 570 غيغاواط من السعة الشمسية الجديدة خلال العقد المقبل، لترتفع بذلك السعة الشمسية المركبة من 141 غيغاواط -حاليًا- إلى أكثر من 700 غيغاواط بحلول عام 2033.
موضوعات متعلقة..
- تركيب الألواح الشمسية في بريطانيا يتضاعف خلال 2022 (تقرير)
- سعة الطاقة الشمسية في أميركا تهبط 16% خلال 2022
- الطاقة الشمسية.. الصين تقود زخمًا كبيرًا حول العالم
- أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في العالم.. دولتان عربيتان ضمن قائمة الـ10
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الغاز الطبيعي في سلطنة عمان يقفز أكثر من 14% خلال يناير
- قفزة في أسطول حفارات أدنوك الإماراتية.. ضمن الأكبر عالميًا (رسم بياني)
- حقل غاز أنشوا المغربي يشهد تطورات مهمة لبدء الإنتاج.. ورقم ضخم محتمل