أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية يقترحون منظمة على غرار أوبك
الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي رواد الفكرة
رجب عز الدين
يدرس أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية فكرة إنشاء منظمة إقليمية متخصصة للخام النادر، على غرار منظمة أوبك الشهيرة بقطاع النفط العالمي.
ويتزعم طرح هذه الفكرة عدّة دول لاتينية، في مقدّمتها الأرجنتين وتشيلي وبوليفيا والبرازيل، وفقًا لموقع مايننغ المتخصص (mining).
وتستهدف الفكرة تعزيز قدرات معالجة خام الليثيوم في دول أميركا اللاتينية، وتطوير صناعة البطاريات المطلوبة بشدة في قطاع السيارات الكهربائية ومشروعات الطاقة المتجددة عالميًا.
ملامح الفكرة
تقول الأرجنتين المتحمسة للفكرة بشدة، إن هذه المنظمة المقترحة ستحاكي منظمة البلدان المصدّرة للنفط "أوبك"، في التنسيق بين أعضائها من حيث معدلات الإنتاج والتسعير والممارسات الجيدة للصناعة.
وطُرحت هذه الفكرة لأول مرة في مؤتمر وزراء خارجية مجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (سيلاك) في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس يوليو/تموز 2022.
وحازت الفكرة استحسان أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية، لا سيما بوليفيا و الأرجنتين وتشيلي، لكن معالمها التنظيمية ما زالت غير واضحة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتشكّل الدول اللاتينية الـ3 ما يُعرف بمثلث الليثيوم في العالم، الذي يحوي 56% من حجم الاحتياطيات المؤكدة في العالم حتى الآن.
كما بلغ إنتاج الدول الـ3، بوليفيا والأرجنتين وتشيلي، قرابة 29.5% من إجمالي الناتج العالمي لخام الليثيوم في عام 2020.
ويرصد الإنفوغرافيك التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- قائمة أكبر الدول من حيث حجم احتياطيات الليثيوم في العالم:
تعدّ بوليفيا أكبر دول العالم من حيث امتلاكها لاحتياطيات الليثيوم بما يتجاوز 21 مليون طن متري، تليها الأرجنتين بـ19 مليون طن، تليهما تشيلي بـ9.8 مليون طن.
بينما تأتي الولايات المتحدة في المركز الرابع بـ9.1 مليون طن، تليها أستراليا في المركز الخامس بـ7.3 مليون طن، ثم الهند التي أعلنت احتياطيات ضخمة تصل إلى 5.9 مليون طن في فبراير/شباط 2023، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتستحوذ الصين على 5.1 مليون طن، ومن ثم تأتي في المركز السابع عالميًا، تليها الكونغو بـ3 ملايين طن، بينما تأتي كندا في المركز التاسع بـ2.9 مليون طن، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
بينما تمتلك ألمانيا احتياطيات بـ2.7 مليون طن متري، تليها المكسيك بـ1.7 مليون طن، ثم التشيك بـ1.3 مليون طن، وصربيا بـ1.2 مليون طن، وأخيرًا روسيا بمليون طن متري.
منجم البرازيل
لا تتمتع البرازيل باحتياطيات كبيرة من الليثيوم حتى الآن، إلّا أن لديها خبرة واسعة في صناعة السيارات منخفضة الكربون، عبر تشغيلها بالغاز الطبيعي والإيثانول والوقود الحيوي.
وتعوّل البرازيل على مشروع منجم "غروتا دو سيريلو" لإنتاج الليثيوم بولاية ميناس جيرايس، لحجز مقعد ريادي في أسواق الخام اللاتينية والعالمية.
ويدير مشروع المنجم -المتوقع افتتاحه في أبريل/نيسان 2023- شركة سيغما ليثيوم الكندية المدرجة في بورصة ناسداك الأميركية.
وتعتمد الشركة الكندية على تقنيات بيئية جيدة في تعدين الليثيوم وإنتاجه ومعالجته، ما قد يجعل المنجم البرازيلي نموذجًا عالميًا يُحتذى به في قطاع تعدين الموارد الأرضية النادرة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الأرجنتين مرشحة
تخطط الأرجنتين و أكبر منتجي الليثيوم في أميركا اللاتينية لتعزيز قدراتهم التقنية بمجال معالجة خام الليثيوم والصناعات المرتبطة به عالميًا، لا سيما صناعة البطاريات، وفقًا لوكيلة وزارة التعدين الأرجنتينية فرناندا أفيلا.
وتعتمد الأرجنتين سياسة منفتحة على الاستثمارات الأجنبية في قطاع التعدين وغيرها منذ تسعينيات القرن الماضي، خلافًا لتشيلي وبوليفيا، إذ تترددان في السماح للأجانب باستغلال احتياطياتها المعدنية لمدة طويلة لغلبة التوجهات اليسارية على النخب السياسية المتعاقبة في حكم البلاد.
ويتوقع بنك جي بي مورغان ارتفاع مساهمة الأرجنتين في إنتاج الليثيوم عالميًا من 6% في عام 2021، إلى 16% بحلول عام 2030.
وإذا صحّ هذا التنبؤ، فيمكن للأرجنتين أن تختطف المركز الثاني في إنتاج الخام عالميًا من تشيلي المرجّح احتفاظها به حتى عام 2027.
جذب 5 مليارات دولار
نجحت الحكومة الأرجنتينية خلال العامين الماضيين في جذب ثاني أكبر شركة تعدين في العالم "ريو تينتو" إلى قطاع المناجم، إضافة إلى شركة الصلب الكورية الجنوبية "بوسكو".
وتجاوزت الاستثمارات الجديدة في قطاع الليثيوم الأرجنتيني حاجز الـ1.5 مليار دولار خلال العام الماضي (2022)، وفقًا لبيانات رابطة شركات التعدين الأرجنتينية "سي إيه إي إم".
وتتوقع الرابطة ارتفاع حجم الاستثمارات في القطاع إلى أكثر من 5 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة، وسط تقديرات بدخول 20 مشروعًا مقترحًا إلى مراحل التطوير المختلفة تدريجيًا.
شيرى الصينية تبني مصنعًا
كشفت شركة "شيري" الصينية، في فبراير/شباط 2023، خططًا طموحة لبناء مصنع للسيارات الكهربائية والبطاريات في الأرجنتين باستثمارات تصل إلى 400 مليون دولار.
كما تبحث شركة "غوشن هاي تك" لصناعة البطاريات التعاون مع حكومة خوخوي، إحدى المقاطعات الـ3 المنتجة لليثيوم في الأرجنتين، بناء معمل لتكرير كربونات الليثيوم في المنطقة.
ودفع الطلب العالمي المتزايد على البطاريات وجنون أسعار الليثيوم خلال الأعوام الماضية إلى ثورة تعدينية في مجال البحث والتنقيب عن الليثيوم في الأميركتين الشمالية والجنوبية باتجاه خلق تكتلات إقليمية ذات ثقل في القطاع عالميًا.
ودخلت المكسيك -على سبيل المثال- في شراكة مع جيرانها بالقارة الشمالية، الولايات المتحدة وكندا، لتعزيز روابط الاستثمار في مجال تعدين ومعالجة الليثيوم، بالتوازي مع خطوات أخرى للشراكة مع جيرانها الجنوبيين.
المكسيك تهاجم الشركات
تمتلك المكسيك احتياطيات ليثيوم تصل إلى 1.7 مليون طن، ولديها اتفاقات مع 12 شركة أجنبية عاملة في تطوير الرواسب المحتملة الحاوية للخام الأرضي النادر.
ويشنّ الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز هجومًا على الشركات الأجنبية العاملة في القطاع منذ أبريل/نيسان 2022، ويطالب بمراجعة العقود المبرمة معهم كافة، وتأميم ما تحت أيديهم من مناجم ومشروعات وأصول، ومنحها لشركة تعدين حكومية متخصصة.
ويروّج الرئيس لمقولة "إن الليثيوم معدن إستراتيجي تعود ملكيته لعموم الشعب مثل النفط، ولا يجوز أن يخضع للقطاع الخاص"، ما قد يهدد بتجميد الاستثمار الخاص في القطاع خلال السنوات المقبلة.
كما يحتمل أن تواجه البلاد مخاطر الدخول في مسار دعاوى التحكيم الدولي لسنوات طويلة، في حالة إقدام السلطات على تنفيذ تهديداتها بتأميم أصول الشركات الأجنبية العاملة في القطاع، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات الليثيوم في أميركا اللاتينية..توقعات بأن يتخطى قيمة الذهب خلال سنوات
- تأميم الليثيوم.. مشروع قانون جديد أمام البرلمان المكسيكي
- الهند تكتشف احتياطيات ضخمة من الليثيوم في مناطق نزاع مع باكستان
اقرأ أيضًا...
- تفجيرات نورد ستريم..تقرير أميركي يكشف تورط مجموعة تابعة لأوكرانيا
- إيرادات قناة السويس تسجل قفزة كبيرة في أول شهرين من 2023
- زلزال تركيا يؤجل خطط إنتاج الغاز من البحر الأسود