حرب أوكرانيا تعزز صفقات الطاقة المتجددة في 4 دول عربية
أحمد بدر
حفّزت حرب أوكرانيا كثيرًا من دول العالم، وبينها دول عربية، على تسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة، بعضها بهدف التخلص من الاعتماد بشكل كبير على إمدادات النفط والغاز الروسية، وأخرى استفادت من الدرس وقررت عدم الركون إلى الوقود التقليدي وحده.
وبحسب تحليل أجرته منصة الطاقة المتخصصة، بمناسبة مرور عام على الحرب الأوكرانية، فقد تصدّرت 4 دول عربية القائمة العالمية، من بين الأكثر اعتمادًا على المصادر المتجددة، وتنميتها وتطويرها، على الرغم من أن هذه الدول تملك مقومات هائلة من النفط والغاز، تتيح لها تأمين الطاقة لمدة طويلة من الزمن.
يشار إلى أن الحرب في أوكرانيا -التي بدأت في 24 فبراير/شباط من العام المنصرم (2022)- كشفت عن أزمة عميقة في أوروبا، التي تعتمد على النفط والغاز الروسيين لتلبية ما يزيد عن 40% من احتياجاتها من الطاقة، في توقيت كانت كل من الإمارات ومصر وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية تعمل على تنمية قدراتها من الطاقة المتجددة.
في هذا التقرير، ترصد منصة الطاقة ما أنجزته الدول الـ4 في هذا المجال، والتقدم الذي حققته في تطوير الطاقة المتجددة، وأهدافها من هذا التطوير، بالإضافة إلى ما ينتظر هذا النوع من المشروعات خلال المرحلة المقبلة.
الطاقة المتجددة في السعودية
على الرغم من كون المملكة العربية السعودية واحدة من أكبر منتجي النفط حول العالم، فإنها تتبنّى رؤية تجعلها تنوع مصادر اقتصادها بحلول عام 2030، تتضمن تطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين، وهي الرؤية التي أسهمت الحرب في أوكرانيا وما تبعها من تطورات اقتصادية عالمية في تسريعها.
وكان تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول أوابك، صدر في 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، قد كشف عن استهداف المملكة إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق بمعدل 2.9 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، وسط مساعٍ لزيادة هذا الإنتاج إلى 4 ملايين طن سنويًا بحلول 2035، و11 مليون طن سنويًا من الأمونيا الزرقاء بحلول عام 2030.
وفي يوليو/تموز 2022، أعلنت شركة أكوا باور السعودية، الرائدة في الطاقة النظيفة، توقيع مذكّرة تفاهم مع شركة بوسكو الكورية، لدراسة فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
كما وقّعت المملكة اتفاقيات تعاون بمجال الهيدروجين والأمونيا مع اليابان، في 25 ديسمبر/كانون الأول 2022، وذلك لاستعمالها محليًا وثنائيًا، والتصدير إقليميًا ودوليًا.
وبالنسبة للطاقة المتجددة، طرحت السعودية 5 مشروعات جديدة خلال العام الماضي، لتوليد الكهرباء من المصادر النظيفة، بقدرة إجمالية تبلغ 3300 ميغاواط، منها 3 محطات طاقة رياح بقدرة إجمالية 1800 ميغاواط، ومشروعان للطاقة الشمسية بقدرة 1500 ميغاواط.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، أبرز مشروعات الطاقة المتجددة الجديدة في السعودية بعد أشهر من حرب أوكرانيا:
وبعد مرور عام على حرب أوكرانيا، من المنتظر إقامة مشروعات طاقة الرياح موزّعة على 3 مدن سعودية، إذ ستقام محطة في مدينة ينبع بقدرة 700 ميغاواط، ومحطة بمدينة الغاط بقدرة 600 ميغاواط، والثالثة في مدينة وعد الشمال بقدرة 500 ميغاواط.
أمّا محطتا الطاقة الشمسية، فمن المنتظر إقامتهما في مدينة الحناكية بقدرة 1100 ميغاواط، ومدينة طبرجل بطاقة 400 ميغاواط.
وفي يونيو/حزيران 2022، وقّعت شركة إينووا للطاقة والمياه والهيدروجين (إحدى أذرع شركة نيوم)، مذكرة تفاهم مع شرك إيتوتشو اليابانية وفيوليا الفرنسية، لتطوير أول محطة لتحلية المياه بالطاقة المتجددة، في مدينة نيوم، والتي من المقرر بدء إنتاجها في 2024.
الطاقة المتجددة والهيدروجين في الإمارات
دفعت الحرب في أوكرانيا دولة الإمارات إلى العمل على زيادة توجهها نحو المصادر المتجددة، إذ نجحت شركة مصدر الإماراتية، المتخصصة في المشروعات النظيفة، بفرض وجودها عالميًا خلال 2022، لتصبح واحدة من وأسرع شركات الطاقة المتجددة نموًا حول العالم، بمشروعات في أكثر من 40 دولة، باستثمارات 20 مليار دولار.
وشهد العام الماضي عددًا من المشروعات والاتفاقيات لتطوير أنشطة في عدد من الدول، من بينها مصر والأردن وأذربيجان وتركمانستان وإندونيسيا وقازاخستان وسيشل ودول أخرى، بالإضافة إلى مشروعات داخلية لتحقيق هدف الحياد الكربوني في الدول بحلول عام 2050.
ويوضح الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، آفاق سعة الطاقة المتجددة في الإمارات حتى عام 2025:
ويشمل طموحات شركة مصدر -التي تمتلك 3 من أبرز شركات الإمارات (أدنوك، طاقة، مبادلة) حصصًا فيها- أن تحتلّ مكانة رائدة وطنيًا في مجال الطاقة الطاقة النظيفة داخل الدولة، من خلال رفع قدراتها الإنتاجية إلى 100 غيغاواط من الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2030.
وكانت الطاقة المتجددة في الإمارات قد سجلت رقمًا قياسيًا في 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي 2022، مع إعلان توفير أكثر من 60% من الطلب الإجمالي على الكهرباء بجميع أنحاء الدولة، من المصادر النظيفة، وفق ما أعلنت شركة كهرباء ومياه الإمارات.
وتسعى الشركة إلى تحقيق إنجاز كبير، بتنفيذ مشروع محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي من المنتظر أن تكون أكبر محطة مستقلة في العالم، بسعة إنتاج 1.5 غيغاواط، إذ ستقلل بمجرد دخول مرحلة التشغيل التجاري بالكامل نحو 2.4 مليون طن متري سنويًا من الانبعاثات الكربونية.
بالإضافة إلى ذلك، وضعت الدولة خطة إستراتيجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر من المصادر المتجددة، ضمن خطتها للاستحواذ على 25% من سوق صادرات الوقود المستقبلية، وفق تحليل أجرته منصة الطاقة المتخصصة.
وخلال شهر فبراير/شباط الجاري 2023، أي بعد مرور عام على حرب أوكرانيا، وقّعت شركتا بروج للطاقة وسيمنس الألمانية مذكرة تفاهم لتطوير مشروع الهيدروجين الأخضر والأمونيا، وهو المشروع الذي يدعم الإستراتيجية الوطنية للهيدروجين، لوضع البلاد ضمن أعلى 10 دول منتجة ومصدّرة للهيدروجين بحلول 2031.
وأعلنت الإمارات حزمة مشروعات تتعلق بالهيدروجين الأخضر خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022 مع شركات كورية ويابانية، إذ وقّعت شركة بترولين كيمي الإماراتية اتفاقية مع تحالف مكون من 3 شركات كورية لبناء محطة تنتج الهيدروجين الأخضر، بقدرة 200 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء.
وفي السياق نفسه، وقّعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" مع شركتي "ميتسوي" و"إينوس" اليابانيتين مذكرة تفاهم لدراسة جدوى بشأن فرص إنشاء سلسلة توريد للهيدروجين بين الإمارات واليابان، بطاقة إنتاجية تبلغ 200 ألف طن سنويًا.
كما تخطط الإمارات لتطوير أول محطة لإنتاج الهيدروجين من النفايات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بهدف تحويل نفايات الخشب والبلاستيك إلى خلايا هيدروجين أخضر، لاستعماله في صورة وقود.
الهيدروجين والطاقة المتجددة في مصر
شهد إنتاج الطاقة المتجددة في مصر تقدمًا كبيرًا خلال العام الأول من اندلاع شرارة الحرب في أوكرانيا، إذ تمكنت الدولة من توليد الكهرباء من المصادر المتجددة بنسبة 20%، تمهيدًا لخفض الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري.
وتسعى القاهرة إلى رفع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء بحلول عام 2035 إلى 42%، الأمر الذي يجعلها قادرة على توفير الوقود وتقليل فاتورة استيراده، بالإضافة إلى تحقيق تقدّم في مجال خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويكشف الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، عن حجم إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة في مصر خلال عام 2022:
في يوليو/تموز الماضي، اتفقت مصر والإمارات على الاستثمار في مجالات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بالإضافة لمصادر الطاقة المتجددة، إذ أبدت شركة "كيه آند كيه" الإماراتية رغبتها للاستثمار في هذا القطاع.
وبعد شهر واحد من الحرب في أوكرانيا، أبدت شركة سيمنس رغبتها في الاستثمار في مصر بمجال الطاقة النظيفة، والهيدروجين بشكل خاص، إذ أعلن المدير التنفيذي للشرق الأوسط والإمارات في الشركة الألمانية، ديتمار سيرسدوفير، أن التوجه الآن للاستثمار وتنمية الأنشطة.
ولدعم قطاع الطاقة المتجددة في مصر، وقّعت وزارة الكهرباء، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، عددًا من الاتفاقيات مع مطوّرين ومستثمرين من القطاع الخاص المحلي والعالمي، من بينها مشروعات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرات تصل لنحو 28 ألف ميغاواط، باستثمارات محتملة 34 مليار دولار، وتوفر 50 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
يشار إلى أن مصر تمكنت خلال استضافتها لقمّة المناخ كوب 27، في مدينة شرم الشيخ، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، من جمع نحو 83 مليار دولار من الاستثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة، التي من المتوقع بدء تنفيذها خلال العام الجاري.
بالإضافة إلى ذلك، ما زالت هناك مشروعات قيد التنفيذ والتطوير، منها مشروع محطة الضخ والتخزين بجبل عتاقة، بقدرة 2400 ميغاواط، وتكلفة 2.7 مليار دولار، ومشروعات الهيدروجين الأخضر، إذ وُقِّعَت 9 اتفاقيات إطارية باستثمارات أجنبية 85 مليار دولار، وفق تقرير لمجلس الوزراء المصري.
كما تصدّرت طاقة الرياح مشروعات الطاقة المتجددة في مصر بعد الحرب في أوكرانيا، لا سيما محطة خليج السويس، بقدرة 1170 ميغاواط، وكذلك مشروعات طاقة شمسية تحت الإعداد في المنطقة نفسها، بقدرة أكثر من 1170 ميغاواط.
ويشير الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، إلى إستراتيجية مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مصر:
وبحسب البيانات، ارتفع إجمالي توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في مصر، بعد انطلاق الحرب في أوكرانيا خلال 2022، إلى 25.59 ألف غيغاواط/ساعة، في مقابل 23.97 ألف غيغاواط/ساعة في 2021، إذ تصدرت الطاقة الكهرومائية هذه المصادر، بإجمالي 15 ألف غيغاواط/ساعة، مقابل 14.05 ألف غيغاواط/ساعة في 2021.
وبعد الطاقة الكهرومائية، تأتي طاقة الرياح، التي شهدت ارتفاعًا من 5.39 ألف غيغاواط/ساعة في 2021 إلى 6.1 ألف غيغاواط/ساعة، في حين سجلت الطاقة الشمسية تراجعًا إلى 4.4 ألف غيغاواط/ساعة، مقابل 4.51 ألف غيغاواط/ساعة في 2021.
وبالنسبة لأبرز المشروعات التي دشّنتها مصر في أعقاب بدء الحرب في أوكرانيا، جاءت محطة الزعفرانة الشمسية بقدرة 50 ميغاواط، بجانب مشروع خلايا فوتوفلطية بسعة 20 ميغاواط، ونظام تخزين بالبطاريات في مدينة الغردقة، بالإضافة إلى مشروعات طاقة رياح منتظرة في محافظات مطروح وسوهاج وأسوان، خُصصت أراضيها بقرار حكومي لتنفيذها خلال العام الجاري 2023.
الطاقة النظيفة في سلطنة عمان
على الرغم من مساعيها عبر سنوات لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين، فإن سلطنة عمان سرّعت تحولها إلى الطاقة النظيفة بعد الحرب في أوكرانيا، إذ تسعى إلى استثمار 30 مليار دولار في الهيدروجين الأخضر.
وكانت سلطنة عمان قد أعلنت إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين في فبراير/شباط 2020، والتي تتضمن إنتاج الهيدروجين الأخضر بمعدل 1 إلى 1.25 مليون طن سنويًا بحلول 2030، وزيادته إلى 3.25 و3.75 مليون طن سنويًا بحلول 2040، والوصول إلى 8.5 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050.
وكانت مجموعة أوكيو العمانية قد وقّعت، في يونيو/حزيران 2022، اتفاقية للتطوير المشترك مع شركة "أكوا باور" السعودية، وآير برودكتس الأميركية، لمشروع ضخم لإنتاج الهيدروجين في ظفار، لتطوير مصادر الطاقة البديلة والتكامل المبتكر لمصادر الطاقة المتجددة، الشمسية والرياح.
في الوقت نفسه، حققت سلطنة عمان أرقامًا قياسية وتنافسية عديدة في مجال الطاقة المتجددة، إذ أعلنت هيئة تنظيم الخدمات العامة العمانية، في منتصف يناير/كانون الثاني 2023، أن البلاد حققت المركز الأول خليجيًا والأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسادس عالميًا في مؤشر تنظيم الطاقة المتجددة، وفق منظمة رايز التابعة للبنك الدولي.
وتعدّ الطاقة المتجددة في سلطنة عمان الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، إذ وقّعت الدولة، على مدار خلال الأشهر الـ4 الأخيرة من العام الماضي 2022، اتفاقيات مع ألمانيا وبريطانيا والإمارات، لدعم توليد الكهرباء النظيفة من المصادر المتجددة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت سلطنة عمان وبريطانيا عزمهما الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، خلال منتدى الاستثمار العُماني البريطاني، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ووقّعت شركة تتبع "أوكيو" العمانية، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، مذكرة تفاهم مع الجامعة الألمانية للتكنولوجيا (جيوتك)، لدعم مشروعات الطاقة النظيفة، في حين وقّعت الحكومة العمانية مع المجر اتفاقًا في ديسمبر/كانون الأول، لدعم استعمالاات الطاقة المتجددة والهيدروجين في توليد الكهرباء النظيفة.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة في الإمارات.. توقعات مضيئة حتى 2025 (إنفوغرافيك)
- الطاقة المتجددة في السعودية تنتعش بمناقصات جديدة خلال 2022-2023
- أبرز أرقام الطاقة المتجددة في مصر خلال 2022 (إنفوغرافيك)
- الطاقة المتجددة في ظفار بوابة سلطنة عمان للتوقف عن توليد الكهرباء من الوقود
- الحرب في أوكرانيا.. هكذا حافظ أوبك+ على استقرار سوق النفط خلال 10 أشهر (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قدرات التكرير في أفريقيا عام 2023.. هذه الدولة تتحول لأكبر مركز خلال عامين
- 5 دول تستحوذ على نصف إنتاج الغاز في أفريقيا بحلول 2038.. المغرب وموريتانيا بالقائمة
- أسعار الوقود في مصر تحمل مفاجأة بقرار من السيسي (خاص)