موازنة الهند الجديدة تتجاهل حوافز الطاقة النظيفة.. هل تنجح خطة التحول؟

تتمتع الهند بأهمية كبيرة بالنسبة لمستقبل الطاقة العالمية، وقد حددت موازنة السنة المالية 2023-2024 مخصصات جديدة لدعم التحول الأخضر إلى مصادر الطاقة النظيفة، خصوصًا بعد التزام البلاد بتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070.

ويرجّح المحللون أن يشهد العالم تحوّلًا في الطلب على الطاقة، إذ إن الاحتياجات العالية من الطاقة التي تدعمها "الاقتصادات المتقدمة" لم تعد صحيحة، وفقًا لتقرير نشرته مؤخرًا صحيفة ذي إيكونوميك تايمز الهندية (The Economic Times).

وتشهد العديد من البلدان المتقدمة، وخصوصًا في أوروبا، انتكاسة في الطلب على الطاقة؛ بسبب التركيبة السكانية وتراجع التصنيع إلى حدّ كبير، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويرجّح المراقبون أن تصبح دول آسيا وأفريقيا الصاعدة مراكز نشطة جديدة لاستهلاك الطاقة.

توقعات الطاقة في الهند

تُعدّ الهند ثالث أكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم، فقد تضاعف استعمال الطاقة منذ عام 2000، مع استمرار تلبية 80% من الطلب عن طريق الفحم والنفط والكتلة الحيوية الصلبة.

وتحدد موازنة الاتحاد في الهند نمط السياسة المتعلقة بالطاقة النظيفة، وتمس معظم مجالات العمل، ولكنها تنطوي على بعض القصور في تدابير تغيير قواعد اللعبة لتكثيف تحوّل الطاقة والحفاظ على أمنها.

على أساس نصيب الفرد، يقِلّ استعمال الطاقة في الهند وانبعاثاتها عن نصف المتوسط العالمي، وهذه الفجوة تتقلص بشكل تدريجي.

وعلى الرغم من مخاوف التباطؤ الاقتصادي العالمي، لا توجد مخاوف كبيرة على الاقتصاد الهندي في هذا الوقت.

وستشهد الهند نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.0% إلى 6.8% في 2023-2024، اعتمادًا على التطورات الاقتصادية والسياسية العالمية، وفقًا للمسح الاقتصادي لعام 2023.

وقد يصبح توافر إمدادات الطاقة الموثوقة أحد القيود التي يجب على الهند، وخاصة صانعي السياسات، توخّي الحذر بشأنها، إذ يأتي أكثر من نصف الطاقة الأولية في الهند من الفحم.

بالنسبة للمشتقات النفطية التي تشكّل الجزء الأكبر من الباقي، فإن الهند ضعيفة للغاية على صعيد أمن الطاقة.

في المقابل، يأتي أكثر من 85% من إمدادات النفط ونصف الغاز الطبيعي في الهند من خلال الاستيراد. وبقيت الواردات الهائلة من المشتقات النفطية على حالها، بالرغم من الجهود الحكومية المستمرة.

بالنسبة لمصادر الطاقة النظيفة المتجددة، فإن البلاد معرّضة للخطر إذ تُستَورَد معظم معدّات ومكونات الطاقة الشمسية، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وسيؤدي الاعتماد على تخزين الطاقة، بما في ذلك البطاريات، إلى تكريس الضَّعف بسبب المواد الأساسية التي يكون الاعتماد عليها مرتفعًا للغاية، وتَرِد من الصين.

ولا يقتصر الأمر على هيمنة الصين على المعادن فحسب، بل تمتلك أيضًا مرافق المعالجة، بحصّة تُقدَّر بنحو 60% من قدرة العالم على المعالجة والتكرير.

التزام الهند بهدف الحياة الكربوني

التزمت الهند بتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2070، ولكي يتحقق ذلك، يجب مراعاة جميع التغييرات في الحافظة واعتبارات أمن الطاقة والتكاليف.

وقد أطلقت الأزمة الجيوسياسية رسالة تذكير في الوقت المناسب بأن إدارة قابلية تأثُّر الطاقة لا تقلّ أهمية عن إدارة قابلية التأثر بتغير المناخ.

ومع أن أمن الطاقة والحياد الكربوني ليسا هدفين متعارضين، فإن تنظيم المسارات يُعدّ مهمة شاقة.

وخصصت موازنة الهند للسنة المالية 2023-2024 مبلغًا إجماليًا مقداره 35 ألف كرور روبية (4,253 مليار دولار) لاستثمارات رأس المال ذات الأولوية نحو التحول إلى الطاقة النظيفة وأهداف الحياد الكربوني وأمن الطاقة من جانب وزارة التخطيط والتعاون الدولي الهندية.

وأُعلِن تمويل فجوة الجدوى (في جي إف) لنظام تخزين طاقة البطارية بسعة 4 آلاف ميغاواط/ ساعة، وطرح إطار تخزين طاقة الهيدروجين التي تُضَخّ.

ومُدِّدت مدة الإعفاء من الرسوم الجمركية لاستيراد السلع الرأسمالية والآلات اللازمة لتصنيع خلايا الليثيوم أيون للبطاريات المستعمَلة في السيارات الكهربائية.

وستعمل مراكز التميز للذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأكاديمية ومختبرات الجيل الخامس الجديدة على تنشيط النظام الإيكولوجي للابتكار، وجرى تمديد الجداول الزمنية لتسجيل الشركات الناشئة وزيادة مدة ترحيل الخسائر من 7 سنوات إلى 10 سنوات، مما سيساعد المبتكرين.

وتضمنت بنود الموازنة تمويل تطوير تفريغ الطاقة ودمج شبكة 13 غيغاواط من الطاقة النظيفة المتجددة في منطقة "لداخ" باستثمارات إجمالية قدرها 20 ألفًا و700 كرور روبية (2,515 مليار دولار)، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ذي إيكونوميك تايمز الهندية (The Economic Times) في 2 فبراير/شباط الجاري.

وسيوفر استمرار حيز الاقتراض الإضافي (0.5%)، من الأمانة العامة للتخطيط التنموي المرتبط بإصلاحات قطاع الكهرباء، بعض الراحة للمرافق الهندية المعنية.

جوانب القصور في الموازنة

لم تعلن موازنة الهند 2023-2024 مخططات حوافز مرتبطة بالإنتاج فيما يخصّ الطاقة النظيفة.

وسُحِبَت ميزة استيراد المشروع من الرسوم الجمركية، الأمر الذي سيخيّب آمال مطوّري الطاقة النظيفة.

ولم تتطرّق الموازنة لمشاركة القطاع الخاص في توزيع الطاقة، التي وردت في مشروع قانون تعديل الكهرباء رقم 22، المتوقع أن يدعم التحول إلى الطاقة النظيفة، وتحسين الخدمات الاستهلاكية والكفاءة والجدوى المالية في القطاع، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ولم تذكر وثيقة الموازنة الجوانب الحيوية للتخطيط وصياغة السياسات لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، وإصلاحات السوق لتحسين صمود شبكة الكهرباء، واعتماد التقنيات الرقمية لمواجهة التحديات الحرجة، والمرونة السيبرانية والمناخية.

علاوة على ذلك، يقتصر الإعفاء من الرسوم الجمركية على خلايا الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية، وليس لتطبيقات الشبكة.

وبالنظر لارتفاع أسعار البطاريات، كان من المتوقع إعلان تخفيض معدلات الرسوم الجمركية الأساسية و ضريبة البضائع والخدمات الحالية لبطاريات الليثيوم أيون.

ارتفاع مخصصات الطاقة الشمسية

خصصت موازنة الإنفاق لعام 2023-2024، في الهند، 4970 كرور روبية لمشروعات الطاقة الشمسية التفاعلية على الشبكة، و 1,996 كرور روبية (242.56 مليون دولار) لمشروعات بي إم- كوسوم، و361 كرور روبية لمشروعات الطاقة الشمسية خارج الشبكة.

(كرور روبية = 121 ألفًا و252 دولارًا)

وتمثّل هذه المخصصات زيادة بنسبة 48%عن 4 آلاف و979 كرور روبية سابقة المنصوص عليها في التقديرات المعدلة في وثيقة الموازنة.

وستُنَفَّذ المرحلة الثالثة من برنامج الطاقة الشمسية الكهروضوئية خارج الشبكة، الذي يشمل تركيب 3 مصابيح شوارع تعمل بالطاقة الشمسية، وتوزيع 25 ألفًا من مصابيح الدراسة الشمسية، وتركيب حزم الطاقة الشمسية، بقدرة إجمالية مجمعة 100 ميغاواط.

في المرحلة الثانية من مبادرة "أجاي"، سيُرَكَّب أكثر من 3 مصابيح شوارع شمسية، وأفادت وثيقة الموازنة أنه "ستُنَفَّذ 20 ميغاواط أخرى من مشروعات الطاقة الشمسية الحرارية المركزة".

ويبلغ إجمالي مخصصات مشروعات طاقة الرياح للسنة المالية الحالية 1,214 كرور روبية، وهو انخفاض بنسبة 14% من 1,413 كرور روبية المخصصة في التقديرات المعدلة، وفقًا لصحيفة ذي إيكونوميك تايمز الهندية (The Economic Times) في 2 فبراير/شباط الجاري.

خُصِّصَ مبلغ 279 كرور روبية للبعثة الوطنية للهيدروجين الأخضر، وفقًا لوثيقة موازنة الإنفاق 2023-2024.

إعداد نظام تخزين طاقة البطارية

خلال تحديد أولوية الحكومة تجاه التنمية المستدامة، أعلنت وزيرة المالية الهندية نيرمالا سيترامان تطوير أنظمة تخزين طاقة البطاريات بسعة 4 آلاف ميغاواط/ساعة، مدعومة بتمويل فجوة الجدوى.

قال الرئيس التنفيذي الشريك المؤسس لشركة فين موبيليتي، فيساك ساسيكومار: "إن الإعفاء الجمركي للسلع الرأسمالية والآلات لبطاريات الليثيوم سيقلل من تكلفة البطاريات لكل كيلوواط/ساعة، ومن ثم تسريع اعتماد السيارات الكهربائية في القطاعين الشخصي والتجاري".

وستركّز موازنة 2023-2024 بشكل متزايد على الوقود الأخضر والطاقة الخضراء والتنقل الأخضر لدى مختلف القطاعات الاقتصادية للمساعدة في تقليل كثافة الكربون في الاقتصاد، وخلق فرص عمل خضراء واسعة النطاق.

وقال رئيس العمليات لدى شركة (إي آر إي إن كيو) الهندية المعنية بتصنيع وتوزيع بطاريات التخزين الأكثر كفاءة لجميع الصناعات، في جي أنيل، إن الخطوات المتخذة ستعزز نمو إضافات سعة الطاقة المتجددة واستقرار الشبكة.

على صعيد آخر، يمكن أن يؤدي تمويل فجوة الجدوى لسعة تخزين البطارية إلى تحقيق نفقات رأسمالية تبلغ نحو 15 ألف كرور روبية، مما يؤدي إلى خفض الرسوم الجمركية لعطاءات المشروعات المرتبطة بالتخزين.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة لوهوم كلينتك، راجات فيرما: "إن تمويل فجوة الجدوى لأنظمة تخزين طاقة البطارية سيجعل بالتأكيد تخزين الطاقة المتجددة حقيقة واقعة".

في خطاب الموازنة، أعلنت الوزيرة نيرمالا سيترامان خطة لتخصيص أموال كافية لإلغاء المركبات القديمة وسيارات الإسعاف، ما سيساعد بشكل أكبر في خلق الطلب على السيارات الكهربائية.

موضوعات متعلقة..

• الهند تجبر محطات الكهرباء العاملة بالفحم على الإنتاج بكامل طاقتها
• استخدام غاز النفط المسال في النقل سلاح الهند لتحقيق أمن الطاقة
• انتقال الطاقة في الهند.. "التمويل" سلاح تعزيز المصادر المتجددة والتخلي عن الفحم

اقرأ أيضًا..

• 10 من أثرياء الطاقة يربحون 13 مليار دولار منذ نهاية 2022
• هكذا تقود عمليات غسل النفط شحنات الخام الإيراني والروسي للصين (تقرير)
• قصف صاروخي يضرب خط أنابيب دروجبا قبل نقل النفط القازاخستاني إلى ألمانيا