هل يتغير سقف أسعار النفط الروسي في مارس؟ خبيران يجيبان
ووزيرة الخزانة الأميركية: الوضع معقد
هبة مصطفى
يخضع مستوى سقف أسعار النفط الروسي المنقول بحرًا للمراجعة في مارس/آذار المقبل، عقب شهر كامل من موعده المقرر سلفًا بحلول فبراير/شباط 2023، بحسب وزارة الخزانة الأميركية.
ويأتي إعلان إرجاء مراجعة مستوى الأسعار وسط استعداد لضمّ المشتقات النفطية والمواد المكررة إلى القرار ذاته في 5 فبراير/شباط، في أعقاب شهرين من سريان قرار السقف السعري ضمن نطاق 60 دولارًا للبرميل.
ووفق الوزارة، يهدف تحالف السقف السعري (الذي يضم مجموعة الدول الـ7، والاتحاد الأوروبي، وأستراليا) إلى منح الأسواق مهلة عقب إدراج المشتقات النفطية تحت مظلة القرار؛ للاستقرار حول مستويات أسعار المنتجات المكررة، بحسب ما نقلته رويترز.
لماذا الإرجاء؟
يميل تحالف سقف أسعار النفط الروسي لتأجيل مراجعة نطاقه إلى شهر مارس/آذار 2023، بدلًا من فبراير/شباط، لإمهال الأسواق مدة "التقاط الأنفاس" عقب شمول القرار للمنتجات النفطية المكررة في 5 من الشهر المقبل، مثل الديزل وزيت الوقود.
وأشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن مراجعة مارس/آذار تنتظر تقييمًا للأسواق في أعقاب فرض حدّ أقصى على مشتقات الخام الروسي، بالنظر إلى اعتبارات تداول تلك المنتجات بنطاق أسعار واسع من سوق لأخرى.
وقالت الوزارة، إنه بالنظر إلى أن السقف السعري ما زال يلبي أهدافه؛ فإن إرجاء مراجعة مستويات أسعار الخام الروسي إلى مارس طبقًا لسعر الخام حينها كان محل موافقة.
ووفق الخطط المعلنة قبيل سريان القرار ودخوله حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول نهاية العام الماضي (2022)، كان التحالف يخطط لإجراء أولى مراجعات سقف أسعار النفط الروسي في فبراير/شباط، عقب شهرين من بدء تطبيقه.
وتسمح عملية الإرجاء بأخذ نتائج المراجعة الفنية التي سيجريها الاتحاد الأوروبي لأسعار النفط الخام بالحسبان، جنبًا إلى جنب مع تقييم تطورات الأسواق العالمية.
وسعى ائتلاف السقف السعري -عبر قرار نطاق أسعار الخام الروسي- إلى محاصرة نفوذ موسكو وتقليص عائداتها، بجانب ضمان استمرار تدفقاتها إلى الأسواق، في ظل اتّباع تحالف أوبك+ خطة خفض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري (2023).
سوق معقدة
وصفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين حالة الأسواق في الآونة الحالية بـ"المعقدة"، ما يقلل فرص نجاح تطبيق السقف السعري للمنتجات النفطية المكررة الروسية وفق الخطط الموضوعة، بحسب ما نقلته عنها رويترز.
وأضافت أن الدول الغربية هدفت لاستمرار تدفقات الديزل الروسي وزيت الوقود للأسواق، لكن مع الالتزام بالسقف السعري الذي يجري العمل عليه الآن تمهيدًا لبدء تطبيقه في 5 فبراير/شباط المقبل، تزامنًا مع الحظر الأوروبي لتلك الواردات.
واعترفت يلين، في تصريحات صحفية على هامش رحلتها إلى العاصمة السنغالية داكار، بأن تحديد حد أقصى للمنتجات النفطية المكررة من موسكو أمر معقّد بصورة تفوق تحديد سقف لسعر النفط الروسي، إذ يتعين على ائتلاف السقف السعري مراعاة تنوّع المشتقات وتباين أسعارها وضمان استمرار تدفقات الديزل الروسي للأسواق في الوقت ذاته.
وقالت، إن الأسواق خضعت للدراسة بعناية لضمان تحقيق أهداف السقف السعري للمنتجات النفطية الروسية المكررة، كما تحقق مع الخام، مشيرة إلى إمكان إضافة تعديلات على تلك الحدود بين الحين والآخر.
وعلى النقيض من الشكوك حول السقف السعري للمنتجات النفطية من روسيا، رأت يلين أن تطبيق حدود قصوى على النفط الروسي حقق نجاحًا بالنظر إلى ما قالت عنه "انخفاض العائدات النفطية لموسكو".
خصومات أكبر وتأثر أوروبي
توقّع كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة في واشنطن، الدكتور أومود شوكري، أن خطوة إدراج المنتجات المكررة ضمن قرار تحديد سقف النفط الروسي، شهر فبراير/شباط المقبل، ستلقي بتبعاتها الاقتصادية على موسكو.
وأضاف -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن موسكو ستضطر إلى منح خصومات أكبر للمشترين لزيادة المبيعات وتقليص تأثير قرار ائتلاف السقف السعري عليها.
وقال، إنه من الصعب أن تجد روسيا منافذ بديلة عن أوروبا لصادراتها النفطية؛ إذ كانت دول القارة العجوز أكبر عملائها في وقت سابق، مرجّحًا أن تداعيات حزمة العقوبات الأخيرة على روسيا ستبدأ في الظهور بدءًا من شهر مارس/آذار المقبل، مع إضافة الديزل وغيره من المشتقات إلى قائمة الحظر الأوروبي لمنتجات الطاقة الروسية.
وأرجع ذلك إلى أن السيارات التقليدية العاملة بالديزل ما زالت تشكّل الغالبية في أوروبا؛ ما يؤثّر بصورة مباشرة في القطاع الاقتصادي بالقارة، بداية من أسعار تزويد سيارات الاستعمال الشخصي، مرورًا بشاحنات نقل البضائع وتشغيل المعدّات الزراعية وغيرها.
مستويات الأسعار
يرجّح أومود شوكري أن أسعار النفط الروسي لن تشهد ارتفاعًا، بل قد ترى تخفيضًا بالنظر إلى مدى توافره في السوق العالمية وسهولة الوصول للشحنات رغم العقوبات، مشيرًا إلى أن إضافة مسارات جديدة لتسليم الشحنات قلّصت من زيادات الأسعار المتوقعة من قبل ،وأضفَت حالة من التوازن.
ودلّل على ذلك بطرح منافذ بديلة لاستقبال شحنات الخام الروسي عقب بدء سريان حزمة العقوبات الأخيرة، ومن بين تلك المنافذ مواني سنغافورة والفجيرة بالإمارات.
وقال، إن مبدأ "إعادة التصدير" سيصبح معتادًا في الآونة المقبلة، لا سيما بالمواني السابق ذكرها، لتجنّب الشراء المباشر من روسيا والوقوع تحت نطاق العقوبات، وخصّ شوكري بالذكر القائمين على صناعة البلاستيك أكبر مستهلكي النافثا.
وبصورة إجمالية، حذّر كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة في واشنطن -بتصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- من تداعيات تحديد سقف لأسعار المشتقات النفطية الروسية على اقتصاد موسكو.
ويرى أن المنافذ البديلة أمام موسكو في أعقاب حظر منتجاتها النفطية المكررة أوروبيًا وسريان السقف السعري عليها الشهر المقبل ستزداد، مشيرًا إلى أن روسيا ستجد منفذًا لصادراتها النفطية لدى الدول العربية، وكذلك يتعين على كل من الهند وتركيا زيادة وارداتهما من تلك المنتجات.
ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عن حجم الصادرات الروسية من النفط إلى دول الاتحاد الأوروبي، خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام الماضي (2022)، بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة:
خطوة لم تُلبِّ أهدافها
شكّك مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، بصحة ما تتداوله وزارة الخزانة الأميركية حول سقف أسعار النفط الروسي، ودلّل على ذلك بقصر المدة التي طُبِّق بها قرار السقف السعري (40 يومًا فقط حتى الآن).
وقال -خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيات الطاقة" بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، وحملت عنوان "العالم بين التطرف والعقلانية.. بين الأسقف السعرية والضرائب الاستثنائية.. بين النمو الاقتصادي والركود"-، إن تلك المدة غير كافية لتقييم تداعيات سقف الأسعار وعائدات روسيا.
وأضاف أن تقدير الائتلاف سقف سعر الخام الروسي عند 60 دولارًا للبرميل يفوق سعر السوق الذي يدور بين 37 و45 دولارًا للبرميل.
وأكد الحجي أن مستويات أسعار النفط الروسي المنقول بحرًا تراجعت متأثرة بانخفاض الأسعار العالمية بنسبة 20% مؤخرًا، بجانب أن وزارة الخزانة الأميركية لم توضح المعايير التي أعلنت على أساسها انخفاض عائدات موسكو النفطية.
حجم العائدات
كشف مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي عن أنه بالنظر إلى العائدات عقب تطبيق سقف أسعار النفط الروسي ومقارنتها بالبيانات السابقة، نجد أنها ارتفعت ولم تنخفض؛ إذ سبق أن قدّر الحجي زيادة عائدات روسيا النفطية بنحو 35%، بينما قدّرها نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، بنحو 27%.
واستشهد الحجي أيضًا بارتفاع متوسط سعر النفط الروسي خلال العام الماضي (2022) عن العام السابق له؛ ما عزز عائدات موسكو، وبرهن على أن مزاعم وزارة الخزانة الأميركية حول انخفاض العائدات الروسية من النفط بعيدة عن الواقع.
ورأى أن عملية شراء النفط الروسي في ظل تلك الاعتبارات ليست أمرًا صعبًا؛ إذ من اليسير شحنه، مع تقديم إثبات حول ماهيته فقط، ولا سيما أن سعره الحقيقي يتراوح بين 37 و42 دولارًا للبرميل.
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: اتهام أوبك بممارسة الاحتكار أكبر أخطاء الغرب.. وهذه توقعات 2023
- أكثر 5 شخصيات تأثيرًا في أسواق الطاقة العالمية خلال 2022
- الغاز الجزائري يترقب صفقة جديدة خلال زيارة رئيسة وزراء إيطاليا
- إنتاج السعودية من النفط الخام يسجل مستوى قياسيًا في 2022 (رسم بياني)